صفحات الناس

القابون: انتقام من الأطفال

 

سعاد يوسف

خرجت طائرة الميغ الحربية يوم الأحد 14 نيسان لتقصف وللمرة الأولى منذ بدء الثورة السورية حي القابون الدمشقي، في منطقة تدعى “الحفيرية” ضمن حي القابون وقرب حي تشرين. ألقت الطائرة ثلاثة صواريخ على فسحة حوّلها الأطفال ملعباً لهم، مخلفة 11 طفلاً شهيداً، وعشرات المصابين. امتلأت على إثرها صفحات فيسبوك والإعلام الثوري بصور الأطفال، ومقاطع فيديو تصور الأهل وهم يودعون فلذات أكبادهم غير مدركين ما الذي دفع النظام لارتكاب تلك المجزرة.

وعند ظهيرة اليوم التالي، قامت الطائرة أيضاً بإلقاء صاروخين مدمرين وسط الحي نفسه، وأتبعتها قوات النظام بقصف عنيف براجمات الصواريخ ومدافع الهاون، وصفه أهالي الحي بأنه “أعنف قصف شهدوه منذ بدء الثورة”. دمار هائل، خمسة شهداء وعشرات الجرحى، ونزوح أغلب سكان الحي، كانت هي حصيلة ذلك اليوم الدموي.

 أما يوم الثلاثاء، فقد نادت جوامع القابون على السكان بعدم مغادرة منازلهم مؤكدة بأن الهدوء سيعود إلى الحي. قال من تبقى من قاطني الحي إن حواجز الجيش النظامي كانت تمنع قدر الإمكان حركة النزوح الكبيرة، وإن سمحت بخروج السكان فمن دون أية حاجيات أو أثاث. وشهد الحي يومي الأربعاء والخميس عودة أغلب النازحين، ورحب بهم عناصر الحواجز النظامية، وعناصر الجيش الحر على حد سواء!

 يعتقد الكثير من سكان حي القابون بأن سبب تلك الحملة العنيفة ربما يكون مقتل ابن قائد شرطة دمشق اللواء مالك صلوح والذي يشغل مركز مدير إدارة السجون في وزارة الداخلية على يد أفراد من الجيش الحر في القابون، حيث انتشر يوم السبت 13 نيسان خبر مقتله والعثور على جثته مقطوعة الرأس في نهر بردى وتم تشييعه إلى مقبرة الدحداح في دمشق.

 يروي أحد المقربين من “الجيش الحر” والذي رفض ذكر اسمه، تفاصيل ما حدث: “قام أفراد من الجيش الحر “باختطاف” مالك صلوح من منزله في أول حي القابون، وسبب ذلك هو عمله كـ”شبيح”. كان يحمل سلاحاً ونتيجة مقاومته أثناء عملية الاختطاف أصيب بطلق ناري في فخذه. قام أفراد الجيش الحر بإسعافه إلى أحد المشافي الميدانية طالبين من الطبيب أن يقوم بتضميده بشكل سريع كي ينقلوه إلى السجن التابع لهم، إلا أن الطبيب رفض ذلك بسبب خطورة الإصابة حيث قال إن “الشريان والوريد الفخذي مقطوعان مما سيؤدي غالباً إلى بتر القدم” وأصر على إجراء عملية معقدة استمرت عدة ساعات إلا أنها حالت دون البتر”.

 يكمل المصدرما حدث قائلاً بأن اللواء مكث يومين في المشفى في انتظار تحسن حالته ثم طلب أفراد “الجيش الحر” نقله إلى السجن في نية منهم لإجراء عملية مبادلة قد تساعدهم في إخراج مجموعة من المعتقلين، إلا أن الطريق إلى السجن والذي يمر بنهر تورا وأوتوستراد دمشق-حمص الدولي لم يسمح لهم بالعبور الآمن، فقناص الجيش النظامي المتواجد هناك أطلق النار عليهم مما أدى إلى وقوع المصاب من أيديهم وعودة جرحه إلى النزف الشديد مسبباً وفاته بعد ساعات. ويؤكد المصدر بأنه تم تسليم الجثة لأهل القتيل مع جثتين أخريين والإفراج عن معتقلة من أهالي القابون مقابل ذلك.

 ويبقى سؤال أهالي الحي معلقاً: هل ما حدث كان ردة فعل، أم استعراضاً لقوة النظام وبطش آلته العسكرية، أم أنها محاولة من محاولاته المستمرة من أجل ضرب الحاضنة الشعبية للجيش الحر والتي لا تزال داعمة له في الكثير من الأماكن على الرغم من حجم القتل والدمار والذي لا يدفع ثمنه على الأغلب سوى المدنيين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى