صفحات العالم

القيصر والامير وأوباما

موناليزا فريحة

لم يكن اللقاء المفاجئ لبوتين والامير بندر بن سلطان في موسكو الاسبوع الماضي، بعيدا من الدينامية المتحركة في المنطقة، لا بل هو يدخل في صلبها. وأيا تكن نتيجته، فان الولايات المتحدة المربكة من كل ما يتصل بشؤون المنطقة وأزماتها، ستكون الخاسر الاكبر في أي تقارب سعودي – روسي محتمل.

ليست الخلافات، القديمة منها والجديدة، قليلة بين الرياض وموسكو. وقد اتخذت منحى تصاعديا في الازمة السورية، مع اتهام الروس السعوديين بدعم “الارهابيين” الذين يحاربون نظام حليفهم بشار الاسد، واتهام السعوديين الروس بتمكين الجيش السوري من ارتكاب “جرائم ضد الانسانية” بمده بالاسلحة. لذلك، لن يكون تقارب الجانبين في هذه المرحلة الحساسة حدثا عابرا، ولا شك في أنه ينطوي على مصلحة لكليهما.

في مقابل الانكفاء الطوعي لواشنطن، وافتقارها الى سياسة واضحة حيال سوريا، أظهرت روسيا، على رغم انحيازها الفاضح الى النظام، التزاما لهذا الملف، وفرضت نفسها لاعبا أساسيا فيه. ولا شك في أن السعودية التي استعادت دورها على خط الازمة، تبحث في موسكو عن مبادرات دولية ملموسة تنهي الخراب السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تشهده سوريا منذ أكثر من سنتين.

ولكن في مقابل التقاء المصالح هذا، لن يكون سهلا على السعودية اقناع الكرملين بتخفيف دعمه للأسد. ومع انه سبق للرياض أن اعتمدت مع روسيا في حقب ماضية، مقاربة المساعدات في مقابل التعاون،فليس مضمونا نجاحها هذه المرة في استغلال مواردها المالية الواسعة للتأثير على موسكو التي باتت تتمتع باقتصاد هو الاسرع نموا في أوروبا، استناداً الى صندوق النقد الدولي، وقت لا يزال الطلب على صادراتها من الطاقة كبيراً.

وكما في سوريا، ثمة مصلحة مشتركة للجانبين ايضا في مصر. ففي حين تواجه واشنطن رفضا من فريقي النزاع في البلاد، تنزل السعودية بثقلها خلف الجيش المصري وجهوده لطي حكم “الاخوان المسلمين”، وتعتبر موسكو حليفا طبيعيا لها على هذه الجبهة. كذلك، يمكن أن تغتنم المملكة هذا “الحلف” للتأثير في سوريا والعمل معا للخروج من الأزمة.

منذ زيارة بندر لموسكو، يكب المراقبون على البحث عن مؤشرات لنتيجة التقارب السعودي-الروسي، وتتجه الانظار الى الزيارتين المحتملتين لبوتين لمصر وايران هذا الشهر.

وفي هذا المشهد المثقل بالدلالات والذي تغيب عنه واشنطن، يتوقع أن يكون للقاء “القيصر” والامير أثر واضح في الجهود الديبلوماسية الرامية الى عقد مؤتمر “جنيف – 2” ، فاما أن يساهم في تقريب المواقف المتباعدة وإما أن يزيد التشرذم ويطلق العنان لمزيد من الاقتتال.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى