صفحات سوريةفلورنس غزلان

الكأس الأخيرة في علقم الموت السوري بيد المعارضة

 

فلورنس غزلان

نموت في المنفى…أو نموت في الوطن المنفي ،المرهون..أو المخطوف…فالأمر سيان،  من سرداب البيت المهدم فوق الرأس أو من ارتفاع ضغط الدم وتسارع خفقات قلب يعيش محنة ذعرالأهل تحت سياط مسلسل الرعب وارتعاشات الزحف نحو الموت أكثر من زحف الحياة….كلها تقود لموت محتوم لالبس فيه.

أحس بأني أكثر حماقة حين أصدق التعليل والتفسير والخطاب الإنشائي المحشو بالحماس والتشبث بالموقف ، والمزاودة على نزيف الدم يوماً بعد يوم ممن اعتقدنا أنهم يحملون عبء الوطن ومسؤولية إنهاء مأساته، لكنا نكتشف كل يوم زيف الخطاب …وكأن الغايات هي مبارزة للوصول إلى إنهاء سوريا…مع أنها فعلاً انتهت…كدولة وكاقتصاد …وكوطن يمكن للشعب أن يعيش ويتعايش فيه كما كنا عبر التاريخ…بعد أن زرع أصحاب المصالح وعابري سبيل السياسة كل أنواع الحقد والطائفية…بين كيانات بالأساس لعب على أنغام ضعفها نظام الأسدين،  وتسيدوا من خلال الاصطياد في مياه التطييف والفروق والتفريق، فمابالك بعد أن اشتدت أعواد الأصابع الخفية وتَمَوضَعت فوق الأرض السورية وتمركزت في مواقع رسمت حدودها كدويلات …لها صفات الإنتماء المذهبي…فمن يستطيع سواي وسوى من يعاني هناك قراءة تدفق الدم في شراييني حين يرتفع منسوب الأدرينالين ويغزو قمة رأسي…حين يرتفع منسوب العداد في كل مدينة من مدن وطن هو الأقدم والأعرق في تاريخ البشرية…

فمن يوقف هذا الانحدار .؟ من يوقف هذا العداد؟…نريد توقف القتال…نريد توقف آلة الحرب …هذه هي نقطة الفصل في كل خطاب وفي كل مبادرة…بادروا بعدها …حاولوا…لكنا نريد وقف الذبح …وقف التدمير…فإن لم تقدروا عليه…بئست قدراتكم إذن..

يتوق السوري لحياة طبيعية…يتوق أن يفكر كما يفكر الانسان…أن ينام كما تنام البشر دون عويل …دون قذائف…دون رحيل…دون نزوح..دون عذاب ودم وجرحى وتقطيع أوصال ونواح لايتوقف…دون مشاهد رعب يتفنن القتلة في صنعها …وتتفننون في تغذيتها بخطبكم الحولاء….هل ايقاف الموت تنازلاً؟ هل وقف آلة الذبح تعني بقاء الطغيان؟…حاصروا الأسد …حاصروه وامسكوه من اليد التي تؤلمه وتدعمه…نعم هو لايريد حلاً سياسياً…لايريد …لكننا نريد حلاً على مراحل أولها وأهمها وقف إطلاق النار، وقف دمار سوريا …نريد إنقاذ مابقي من سوريا…فعلى أي سوريا تتناحرون؟! ..إن لم يبق من مدنها إلا الأطلال…إن لم يبق من شعبها سوى المرضى والمنكوبين والمعاقين والمعذبين…والمصابين والمفقودين…والمهجرين؟؟؟..على أي سوريا تتصارعون…وكل ماستحمونه …إن وقفت آلة الموت…هو شبح وطن…خراب للجسد وخراب للخلق وخراب للرابط الوطني وخراب للعقل وخراب في البنى التحتية…وأجيال ستظل تعاني وتعاني…ولن تنسى …فأي نوع من الشعب بقي لكم..وأين هو الحلم الموعود بوطن للجميع؟؟؟؟؟

من يكسر طوق المزاودة ويقول كلمة جريئة…تنطق بمعاناة أم …تريد أن تحتضن من بقي على ظهر الأرض من عائلتها..كي لاتقول أن سلالتي انقرضت؟…هذا الجريء هو لسان سوريا ..هو ضميرها، هو من يرى مستقبلها بعين جسورة وعين غيورة…لامصلحة أيديولوجية تلعب بأهوائها ولا مصلحة كراسي وتمويل تغير من موقفها الوطني…فهل ظل بين ظهرانيك يامعارضة من يتحلى بهذه الصفة؟

…باريس 22/ 02/2013.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى