صفحات الثقافة

“الكتّاب السوريين”: نوري الجرّاح رئيساً بالإجماع

 

 

مع انتهاء موعد التصويت لانتخاب رئيس “رابطة الكتاب السوريين” عند العاشرة من مساء اليوم الأحد بتوقيت دمشق، والذي انطلق في الثالث من الشهر الجاري، يُنتظر خلال الأيام الثلاثة المقبلة، بناء على تعليمات النظام الداخلي للرابطة، إعلان الشاعر نوري الجرّاح رئيساً، باعتباره المرشّح الوحيد في ظلّ عدم وجود اعتراضات رغم تمديد باب الترشّح ثلاثة أيام إضافية.

صاحب “صعود أبريل” افتتح بيانه الانتخابي بالحديث عن “العمل على تفعيل دور جميع أعضاء الرابطة من مختلف التخصّصات والأجيال، من خلال إنشاء وحدات عمل متخصّصة للدفع بأحوال الرواية والشعر والقصة والمسرح والفكر والكتابة الصحافية، وتكليف الأعضاء بقيادتها وتكوينها والمشاركة في وضع برامجها”.

ورأى أن “هذا يصبّ مباشرة في المعنى الدقيق للعمل الجماعي، الذي رأينا أنه يشكّل إحدى معضلات العمل السوري بشكل عام، بعد عقود بشعة من حكم الاستبداد للناس، أفقدتهم معنى العمل المشترك، وجدوى التفاعل بين المجموعات المتساوية في واجباتها، والمتمايزة في كفاءاتها ومهاراتها”.

العمل المشترك عبر توسيع صلاحيات المكاتب، وإنشاء وحدات عمل وتقديم أفكار مبتكرة لنشاطاتها هي عناوين أساسية ومركّزة في بيان الجرّاح. في هذا السياق، طرح “العربي الجديد” على عدد من الكتّاب من أعضاء الرابطة تساؤلات حول ما يريدونه من الرابطة في المرحلة المقبلة، وكيف ينظرون إلى ترشيح نوري الجراح خلفاً لصادق جلال العظم (1934 – 2016)، وما الذي ينتظرونه من رئيس الرابطة ومكتبها التنفيذي في دورة عملها المقبلة لتكون منبراً ثقافياً ديموقراطياً طليعياً في مستقبل الشعب السوري.

الباحث والكاتب الفلسطيني سلامة كيلة، عضو الرابطة، يؤكّد في حديثه لـ”العربي الجديد” أن “نوري الجراح كان دينامو تشكيل الرابطة، حيث بذل مجهوداً كبيراً لكي تقوم، ورفض الترشّح حينها رغم كل ذلك. ولقد تشكّلت الرابطة ونشطت في ظل رئاسة المفكّر الراحل صادق جلال العظم، وأصدرت مجلتها أوراق، وقامت بنشاطات متعدّدة”.

ويوضّح بأن “هدف تشكيل الرابطة هو كبديل عن “اتحاد الكتاب العرب” الذي يخضع لسطوة النظام، وأن تكون عوناً للثورة في الأساس، من خلال الدور الثقافي الفكري الذي يمكن أن تلعبه من أجل بلورة أفق يسمح بأن تتقدّم الثورة، وأن تكون عبر أعضائها مكاناً للنقد والتوضيح، ما دامت قامت كجزء من الثورة، وليست كأية رابطة كتّاب”.

يقول صاحب “النهضة المجهضة” إن “الرابطة بلا شكّ حاولت لعب هذا الدور، رغم الاختلاف في الرؤى بين أعضائها، والميل الذي حكَم الوضع في إطار المعارضة للإغراق في التبعية لسياسات وأفكار “القوى الفاعلة” فيها. وهذا ربما كان قد أضعف دور الرابطة في مواجهة تيارات كانت تنمو في الثورة هي في الواقع مضادّة للثورة، وأقصد هنا الأصولية، و”الطائفية”، وتقديس العفوية، وتبرير العلاقات مع دول إقليمية ودولية”.

“ربما أكون قد حمّلت الرابطة أكثر مما تحتمل، لكن بصفتها تضمّ “النخب” التي وقفت في صف الثورة كان عليها أن تُفعّل “عين الناقد” لها، وليس لسان المبرّر لما يطفو على السطح”، وفق كيلة الذي يرى أنه “في كل الأحوال كان وجود الرابطة مهمّاً، ولا شك أن الهيئة التي قادتها ورئاسة العظم لها كان إضافة مفيدة”.

وينبّه صاحب “الثورة السورية” أن “المرحلة الجديدة تفرض أن تلعب الرابطة دوراً كبيراً في تحفيز الكتّاب والمفكرين لتوضيح طبيعة الثورة السورية في عالم حاول تشويهها، وتحالف من أجل سحقها تحت حجج متناقضة. وأن تكون بؤرة ضرورية لإعادة تقييم سنوات ستّ من عمر الثورة، وممارسة النقد الأقسى لكلّ المسارات الخاطئة التي شابتها”، مؤكّداً أن “للفكر دوراً كبيراً هنا، وكذلك للرواية والشعر. لهذا أظن أن أعباء أكبر باتت تواجه الهيئة الجديدة يجب أن تقوم بها. وآمل للصديق نوري الجراح أن يوفّق في ذلك، وهو النشط وذو العلاقات الواسعة، والنقدي أيضاً”.

من جهته، يرى الشاعر والصحافي السوري علي سفر في حديثه لـ” العربي الجديد” أن “الرابطة هي إطار يجمع الكتّاب السوريين ضمن مسار يجعل حضورهم فاعلاً ومؤثّراً وبما يكرّس الثقافة والإبداع السوريين في ظلّ الوضع الذي تعيشه البلد. ضمن هذه الرؤية يُفترض أن تنهض الرابطة بالأنشطة وأن تعمل على دفع مساهمات الأعضاء وغير الأعضاء إلى الواجهة، وهذا لا يتحقّق إلا بالعمل وبناء علاقات جيدة مع المؤسسات المشابهة”.

ويتابع “نوري الجراح شاعر وصحافي مشهود له بالنشاط الذي كرّسه لصالح القضية السورية، وقد عرض تصوّره للمرحلة المقبلة ضمن بيان انتخابي، يتضمّن هذه التفاصيل ولهذا فإن الأعضاء الذين استنكفوا عن ترشيح أنفسهم للمنصب رأوا أن الرؤية التي تقدّم بها تستحقّ أن تُعطى فرصة للتنفيذ على أرض الواقع”، مشيراً إلى أن “المرحلة القادمة ستكون جيدة سيما وأن الكلّ يدرك أن عاتق النهوض بوضع الرابطة لا يقع على رئيسها فقط بل على الجميع”.

أما الكاتب والصحافي السوري الكردي هوشيك أوسي، فيقول إن “ما نريده هو نفسه ما كنّا نريد منها في المرحلة السابقة؛ بأن تحقّق الرابطة أهدافها في أن تكون مؤسّسة ثقافيّة جامعة لكلّ الكتّاب والأدباء السوريين، المعبّرين عن الطيف السوري الغني والثري، المؤيدين لثورة الحريّة والكرامة في سورية ضد نظام الاستبداد والبراميل والكيماوي الأسدي. مؤسسة حاضنة للتجارب الإبداعيّة والفكريّة والنقديّة التي تقف على الضفّة المناهضة لكل إرث الاستبداد والقمع والخرافات الأيديولوجيّة التي من شأنها تأليب المجتمع على مكوّناته. مؤسسة تنتصر للحرية والعدالة والكرامة وتحاول، قدر استطاعتها، تعزيز وتحفيز هذه القيم في الحياة الثقافية والإبداعية السورية، داخل الوطن وفي الشتات والمهجر”.

ويضيف عضو المكتب التنفيذي للرابطة وعضو لجنة الانتخابات، أوسي “طبقاً للنظام الداخلي للرابطة، فإن انتخاب رئيس لها هو حقّ ومن صلاحيّات المكتب التنفيذي. هذا الحق أو الصلاحيّة، تنازل المكتب عنها، بهدف تعزيز العملية الديمقراطية وإفساح المجال أكثر أمام كلّ عضو من أعضاء الرابطة، ممن يجد في نفسه الكفاءة والقدرة على أن يكون خلفاً للمفكّر الراحل صادق جلال العظم”.

ويلفت إلى أن “المكتب التنفيذي أصدر بياناً بهذا الخصوص، يدعو كلّ الزميلات والزملاء الأعضاء إلى المشاركة في العملية الانتخابية عبر تقديم طلبات الترشّح، طبقاً للسقف الزمني المحدّد بأسبوعين بدءاً من تاريخ نشر البيان، وضمن معايير محددة مضبوطة، وبناء عليه شُكّلت لجنة انتخابيّة مستقلّة تماماً عن المكتب التنفيذي، تمتلك التفويض والصلاحيات الكاملة لتسيير العمليّة الانتخابيّة، كان لي شرف المشاركة فيها”.

يتابع “كي نُفسح المجال أكثر أمام الزميلات والزملاء، قمنا بتمديد مدّة تقديم طلبات الترشّح وقبولها، ثلاثة أيّام. كان هنالك نوع من المتابعة اللافتة للبدء في العمليّة الانتخابيّة من كلّ الزملاء والزميلات من داخل الرابطة ومن خارجها أيضاً، ولكن، لم يصلنا سوى طلب واحد فقط، يستوفي الشروط المعلن عنها في البيان المذكور آنفاً، قدّمه الزميل، الشاعر السوري نوري الجرّاح”.

“الزميل نوري الجرّاح، من مؤسسي الرابطة الأوائل. وهو شاعر سوري وعربي مهمّ. له خبرة وتجربة مشهودة لها في حقول عديدة من حقول الكتابة والصحافة الثقافيّة”، بحسب أوسي الذي يضيف: “على قدر أهل الأمل والثقة، تأتي الآمال أيضاً. وكذا الحال مع نوري الجرّاح وباقي أعضاء المكتب التنفيذي في رابطة الكتّاب السوريين”.

يُبيّن أوسي: “نحن نعلم أننا سنكون عرضة إلى التهجّم والإساءة والتشويه، إلاّ أننا ننظر إلى الأمام، ولا نتطلّع إلى الخلف وما قيل. رابطة الكتّاب السوريين، ربما هي التعبير الثقافي الوحيد الذي ما زال محافظاً ومدافعاً عن قيم وأخلاق ومبادئ ثورة الحرية والكرامة في سورية، ومن الطبيعي أن يكون استهداف رابطة الكتّاب السوريين، تفصيلاً بسيطاً جداً في سياق استهداف ثورة الشعب السوري، بمختلف مكوّناته”.

ويختم بالتأكيد على أن “النقد الخالي من الكيديّة والنَفَس العدواني والابتذال والتشويه، هو ضالّة الرابطة. أما خلاف ذلك، فمتروك رهن ما تحقّقه الرابطة، وما تبذله من جهد وكدّ ثقافي وإبداعي ومؤسساتي، هو الكفيل بالردّ عليه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى