صفحات الناس

اللاجئات السوريات في الأردن.. حرب لقمة العيش/ كامل لطفي

 

 

 

تتعرض غادة (اسم مستعار)، اللاجئة السورية العشرينية، التي تعمل في محل لبيع مواد التجميل والإكسسوارات، في مدينة إربد الأردنية، للتهديد المباشر بالفصل من عملها، والخصم من الأجر، إذا أبدت أدنى اعتراض على صعوبات العمل ومشقاته، أو طالبت على الأقل، بحقوقها العمالية المشروعة، وإيجاد بيئة صحية ونظيفة في المكان الذي تعمل فيه.

تبرر الشابة السورية في حديثها لـ”جيل”، التي لجأت للأردن مع أفراد من عائلتها عام 2012، نتيجة الحرب المستعرة في سورية، تحملها كل المتاعب التي تلحق بها في عملها، بالقول إنها مضطرة لذلك “حتى أعيل أهلي وأؤمن لهم الطعام في المساء.. المفوضية خذلتنا مرارًا، وما تقدمه للسوريين الآن، لا يكفي لتسديد أجرة المنزل”.

تعمل المتحدثة لمدة 12 ساعة متواصلة يوميًا، برفقة لاجئة أخرى، رفضت الحديث لـ”جيل”، ونادرًا ما يحصلن على إجازة أسبوعية، وكل ذلك مقابل أجرة لا تتجاوز 160 دينارًا، أي دون الحد الأدنى للأجور في الأردن.

كل ما ذكر، لا يعدو “ذرة في بحر”، من الأذى والألم، يرافق آلاف الفتيات السوريات اللاجئات في الأردن، في رحلة العمل التي يجبرن على خوضها في المملكة، نتيجة الظروف القاسية والمأساوية، التي عانتها المرأة السورية داخل وطنها الأم، والتي أجبرتها على اللجوء، إضافة لفقدها أحد أفراد الأسرة، كل ذلك وغيره، دفعها للالتحاق بسوق العمل الأردني، رغم ظروفه الصعبة.

والانتهاكات بحق المرأة السورية، من مثل، “عدم دفع الأجور، أو الطرد من العمل بعد عدة أيام دون مقابل، لتصل المعاناة في بعض الحالات، أن يتعرضن للتحرش الجنسي، سواء لفظيًا أو جسديًا، من قبل رب العمل”، تعتبر أمورًا من مستلزمات العمل بالنسبة للكثير من السوريات، خاصة الشابات منهن، بحسب اللاجئة غادة.

ولأن أحد أهم نتائج الحرب الدموية وانعكاساتها على العائلات السورية، هو فقدان العائلة اللاجئة في الأساس، معيلها ورجلها، فإن 35% من العائلات السورية اللاجئة في الأردن، تقودها امرأة، وتعمل على إعالة أفراد الأسرة، ما أجبرهن على العمل، حتى كعاملات تنظيف في منازل الأردنيين”.

وفي سياق الحديث عن الخدمة داخل البيوت، لعل السوريات اللاجئات، اللواتي تم إخراجهن من مخيمات اللجوء في الأردن، هن أكثر المتضررات من كونها عاملة. فمع قبولهن العمل بهذه الطريقة، تجبر اللاجئة بالعمل في منزل ساعات طويلة بأجور زهيدة، فيما لا تجرؤ أي منهن على الشكوى من صاحب المنزل، إن تعرض لها بسوء، من مثل التحرش، خشية أن تعيدها الشرطة إلى مخيم اللاجئين السوريين، لا سيما أن صاحب المنزل، هو من تكفل بإخراجها من المخيم لدى الأجهزة الأمنية.

تشير الدراسات المتخصصة، والتي اطلع عليها “جيل”، إلى أن 60% من اللاجئات السوريات العاملات في سوق العمل الأردني، تقل أجورهن عن الحد الأدنى للأجور، البالغ 190 دينارًا، ويتقاضين ما بين 100 و150 دينارًا أردنيًا، فيما تتقاضى 23% منهن، أجورًا تتراوح ما بين 150 و200 دينار، و10%، يتقاضين ما بين 200 و300 دينار، في حين تتقاضى 7 % منهن فقط، أجورًا تتجاوز الـ300 دينار.

ليس مستغربًا أن تعلم أنه ومع هذه الأجور المتدنية جدًا، يعملن هؤلاء اللاجئات مقابل عملهن لساعات طويلة، ومن غير إعطائهن مقابلًا ماديًا عن عملهن الإضافي، أو شملهن حتى بمظلة الضمان الاجتماعي، لتحرم أكثر من 71 % من اللاجئات السوريات من الضمان، ما يعد مخالفة صريحة للقانون الاردني، وفق أرقام تقرير صادر أخيرًا عن مركز “تمكين” الأردني، المعني بتقديم المساعدة والدعم القانوني.

ينص قانون العمل الأردني، في المادة 57 منه، على أن “عدد ساعات العمل اليومية هي 8 ساعات فقط”، وتنص الفقرة الأولى من المادة 59 من القانون نفسه، على أنه “يجوز تشغيل العامل بموافقته أكثر من ساعات العمل اليومية أو الأسبوعية، على أن يتقاضى العامل عن ساعة العمل الإضافية، أجرا لا يقل عن 125 في المئة من أجره المعتاد”.

من جانبها، ردت وزارة العمل الأردنية على هذه الملاحظات والانتهاكات، المرتكبة من قبل أرباب العمل، بالقول، وعلى لسان أمينها العام فاروق الحديدي، إن “دور مفتشي وزارة العمل، متواصل، للكشف عما تتعرض له السوريات اللاجئات العاملات في سوق العمل من انتهاكات”.

نفى الحديدي، في حديثه لـ “جيل”، أن تكون الوزارة متقاعسة في متابعة أي ملاحظة ترد إليها من قبل العمالة السورية، أيًا كانت جنسيتها، خاصة اللاجئات السوريات، مؤكدًا في ذات الوقت، أن الوزارة ستتخذ، في حال تم ضبط مخالفات بحق أرباب العمل تجاه اللاجئات السوريات، أقسى درجات العقوبة، وبما يتماشى مع القانون الأردني في هذا الجانب.

بدوره، طالب مركز “تمكين” الأردني، بـ “تفعيل دور مفتشي المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وبشكل أكبر، لتأمين اللاجئات السوريات العاملات باشتراكات في الضمان، إضافة إلى ضرورة تطوير قاعدة بيانات دقيقة، تشمل جميع هؤلاء العاملات وقطاعات عملهن، وتوسيع مظلة التأمينات الاجتماعية الواردة في قانون الضمان، ليشمل التأمين الصحي، والمنصوصة في قانون العقوبات الأردني أو القوانين الجزائية الأخرى، على نحو صريح يجرم العمل القسري”.

جيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى