صفحات الحوار

المؤرخ الروسي البارز أندريه زوبوف:نحن مع شعب سوريا

 

 

 

بسام مقداد

حل أندريه زوبوف مكان الكاتب الروسي الكبير، الراحل سولجنتسين، حين تنحى عن رئاسة لجنة من 40 مؤرخاً وعالم اجتماع وعالم آثار، تتولى كتابة تاريخ روسيا في القرن العشرين. هو معارض ليبرالي-ديموقراطي متمرس في معارضة نهج القيادة السياسية الروسية الراهنة، التي فصلته عام 2014 من منصبه كمدرس في الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الروسية. وزوبوف، هو ناشط سياسي كبير في المجتمع المدني الروسي، كثير المحاضرات، غزير الندوات واللقاءات الثقافية-الفلسفية والتاريخية.

دخل زوبوف المعترك السياسي اليومي في الإنتخابات الأخيرة في مجلس الدوما مرشحاً عن منطقة الكرملين، وسط موسكو، حيث يقيم. كسبته المعارضة مثقفاً روسيا كبيراً في صفوفها، بعد أن خسرت زعيمها بوريس نمتسوف، الذي اغتيل على جدار الكرملين تقريباً، عام 2015. وانتسب إلى المعارضة في قيادة حزب نمتسوف بالذات.

وكان لـ”المدن” هذا الحوار معه:

بداية، لو سمحت، نبذة قصيرة عنك وعن نشاطاتك

أنا مؤرخ، متخصص في تاريخ الأديان، عملت سنوات طويلة في مسألة التأقلم مع الديموقراطية البرلمانية في بلدان الشرق. في كتابي “الديموقراطية البرلمانية والتقاليد السياسية في الشرق” الصادر العام 1990، أوليت اهتماماً لتركيا ولبنان. وقد أصبحت، بالنسبة لي الديموقراطية اللبنانية متعددة الطوائف وكيف أخذت تتشكل منذ العام 1860، نموذجاً في حل الصراعات بالطرق السياسة في المجتمعات معقدة التركيب. منذ ربع قرن وأنا أدرِّس “تاريخ العقائد الدينية”، الذي وضعته بنفسي بدءاَ من العام 1988، وأوليت فيه إهتماماً كبيراً بالأديان الإبراهيمية الثلاث وكافة العقائد الدينية الهامة للبشرية، وليس الإبراهيمية فحسب. في العام 2009 صدر، بإشرافي ومشاركتي، كتاب “تاريخ روسيا في القرن العشرين” في مجلدين ضخمين، تُرجِم إلى لغات عديدة وتُعاد طباعته باستمرار في بلادنا. هو المحاولة الأولى في روسيا للنظر إلى تاريخنا القريب من دون الإلتفات إلى الأيديولوجية الشيوعية والكليشهات الأيديولوجية السوفياتية. منذ العام 1994 أحاول مع أصدقائي توجيه بلادنا نحو طريق “نزع الشيوعية” (decommunisation) المنهجي، على غرار ما حدث في بلدان أوروبا الوسطى من إستونيا وبولونيا إلى الصرب وبلغاريا. في 2015 دخلت معترك السياسة الإنتخابية للمرة الأولى في حياتي، إذ رشحني “حزب الحرية الشعبية” على لائحته الفدرالية في منطقة وسط موسكو، مدينتي. وكما تعرفون، تعرضت هذه الإنتخابات للتزوير الجلف، لكنني أعتقد أن التجربة كانت مهمة جداً. انتسبت إلى صفوف “حزب الحرية الشعبية”، وانتخبت في 17 كانون الأول/ ديسمبر (2016) نائباً لرئيس الحزب وعضواً في مكتب الحزب. عمري 65 عاماً، متزوج ولي أربعة أولاد وأربعة أحفاد.

كيف ترى المبادرة السلمية الروسية-التركية الحالية بشأن سوريا؟

أجد صعوبة في التصديق أن هذه المبادرة سوف تنجح. فروسيا، ومنذ بداية الثورة السورية عام 2011، لم تكن تدعم الشعب السوري في حريته بالإختيار، بل تدعم نظام الأسد، تدعم الديكتاتورية الإستبدادية الموروثة. ومنذ ايلول/سبتمبر عام 2015  تشارك روسيا بقواتها المسلحة في الحرب السورية إلى جانب الأسد. ومن المعروف أن الحليف الرئيسي للأسد هو إيران، التي تستخدم الدوافع الطائفية الشيعية في الإيديولوجية، مستهدفة إخضاع هذا البلد لها. تركيا تدعم في سوريا أبناء مذهبها السنة. والرئيس التركي السيد أردوغان يستند في بلاده إلى الدوائر ذات التوجهات الدينية والإمبراطورية (العثمانية)، ويقف ضد تلك القوى، التي تسعى للإتحاد مع الديموقراطيين الغربيين، وتسعى إلى تكامل أوروبي أساسي. وإذا وافق أردوغان على إعطاء جزء أساسي من سوريا إلى الأسد وإيران، فسوف يفقد أنصاره في تركيا نفسها، ومساندته هي أبعد من أن تكون شاملة، الأمر الذي أظهرته جيداً محاولة الإنقلاب الفاشلة، لكنها عميقة التنظيم. أعتقد أن أردوغان سوف يسعى، عبر القوى السنية المناهضة للأسد، إلى بسط سيطرته على كل سوريا، لكن روسيا سوف تعارض هذا الأمر. عدا عن أن العرب السنة من الصعب أن يوافقوا على دور يقوده أردوغان وينفذون رغبته. والإمبريالية العثمانية، على ما أعرف، لا تتمتع بشعبية في سوريا. ولذلك، أفترض أن آفاق مبادرة تركيا وروسيا بشأن سوريا ليست جيدة. ينبغي أن يقرر السوريون أنفسهم مصير بلدهم، وليس الدول الإقليمية العظمى، وأقل ما يمكن أن تفعله هذه الدول هو الخروج من سوريا والمساعدة في إعادة بناء البلاد، التي دمرها الأسد وروسيا وإيران.

تعد روسيا مع إيران وتركيا خريطة جديدة للشرق الأوسط، تلعب فيها إيران دوراً كبيراً. ألا تضع روسيا نفسها، عبر نهجها هذا، في مواجهة العالم الإسلامي السني، بمن فيهم المسلمون في روسيا نفسها؟

طبعاً، إن محاولة إعادة رسم خريطة المنطقة هذه لا تُنبىء بأي شيء جيد. لاسيما وأنها تقوم من وراء ظهر السوريين أنفسهم. شديد الدلالة تصريح وزارة الدفاع الروسي في 29 كانون الأول/ديسمبر (2016) بأن جميع منظمات المعارضة، التي لا توقع الخطة المقترحة في الأستانة، سوف تعتبر إرهابية ويتم القضاء عليها. هذا ضغط غير مسبوق من جانب روسيا والأسد على الشعب السوري. مسلمو روسيا يعرفون جيداً ماذا يدور في سوريا، وعلى الرغم من أنهم لا يرفعون الصوت احتجاجاً حتى الأن، إلا أنهم مستاؤون جداً. وهم يملكون صلات بأبناء دينهم في سوريا، عبر المسجد وعبر المراكز الثقافية، متخطين وسائل الدعاية الروسية. وأخشى أن هذا الإستياء يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة جداً في روسيا. تَصرًف السيد بوتين بأقصى التهور وقصر النظر حين أخذ يساعد ديكتاتوراً غير شعبي، مثل بشار الأسد، ودخل في تحالف مع نظام بغيض لهذه الدرجة، مثل “آيات الله” في إيران.

وما الذي قاد روسيا إلى سوريا؟ وأي مصالح للشعب الروسي تدافع عنها هناك؟

سؤال جيد. لا أتمكن من تقديم إجابة وحيدة الجانب عليه. إلا أن ما هو جلي وواضح، هو أن مشاركة روسيا في الحرب السورية ليس لها أي علاقة بمحاربة الإرهاب. هذا غطاء لدعم الأسد بكلمات عن محاربة الإرهاب الدولي. إنني أفترض، أنه بعد الإطاحة بالقذافي في ليبيا وصدام حسين في العراق، فقدت روسيا حلفاءها، الذين ورثتهم من عهد الإتحاد السوفياتي. كانوا في الكي.جي. بي والمخابرات الخارجية السوفياتية يملكون صلات وثيقة بهذه الأنظمة الديكتاتورية، كما مع نظام آل الأسد. نحن نعرف ذلك على وجه الدقة. كان بوتين مستاءً حين وافق ميدفيديف، الذي كان رئيس روسيا في حينه، على العمليات الجوية للدول الغربية في ليبيا. وقرر بوتين عدم تكرار مثل هذا “الخطأ” في سوريا والمحافظة على حليفه الأخير في الشرق الأدنى. ويبدو أنه في ظل عدم فهم مطبق لميزان القوى في سوريا وأهمية العامل المذهبي، وفي ظل تفكير بدائي “على الطريقة السوفياتية”، قرر بوتين التدخل في الحرب. لاسيما وأن إيران والأسد كانا يقنعانه بأنهما سوف ينتصران في الحرب خلال مئة يوم في ظل مساندة القوات الجوية الروسية. وتبين أن كل شيء مختلف. هو بالتأكيد لم يفكر بالصدى وسط المسلمين في روسيا حين اتخذ القرار بإرسال القوات إلى سوريا في العام 2015. كان يريد الحصول على ورقة رابحة في الصراع مع الغرب، بما في ذلك مقابل أوكرانيا، لكنه في المحصلة دمر سمعته كلياً في العالم أجمع. كثيرون الآن يسمونه مباشرة مجرم حرب، ويقولون أن مكانه في محكمة لاهاي على مقعد المتهمين. ومن الواضح أن العسكريين الروس لا يدافعون في سوريا عن أي مصالح للشعب الروسي، وإن كانوا يقنعونهم بالعكس. فهم رهائن طموحات السيد بوتين واستراتيجيته اللاأخلاقية.

في بيان حزبكم بشأن الحرب الروسية في سوريا، قلتم بأنها “حرب مجهولة” بالنسبة للشعب الروسي. كيف تفسرون ذلك؟

جميع وسائل البروباغندا الرسمية في روسيا تُقنع مواطنينا أن بوتين يخوض الحرب في سوريا حتى لا يأتي الإرهاب مجدداً إلى روسيا، وبأنه يحارب الدولة الإسلامية والجماعات الإسلامية الراديكالية الأخرى، وأن نظام الأسد شرعي و علماني، على عكس المعارضة المناهضة للأسد. ومواطنو روسيا من غير المسلمين يصدقون ذلك. لكن حتى الآن. وهم لا يطلعون الروس على (أعداد) الضحايا المخيفة وسط السكان المدنيين في سوريا. ويعرضون لهم صور”المعركة البعيدة”، وكيف تحلق الطائرات، وكيف تسقط القنابل وتصيب الصواريخ الهدف، وكلها تصيب “الإرهابيين”. أما أن ما يجري في الواقع هو هولوكوست الشعب السوري، وأن ربع السكان السوريين قد فروا من البلاد خوفاً من الموت الرهيب وظروف الحياة، التي لا تحتمل، عن هذا كله ولا كلمة. والمهاجرون، بالمناسبة، مفيدون للكرملين. فهو يأمل بواسطتهم من زعزعة استقرار الإتحاد الأوروبي وإثارة رهاب الرعب من الأجنبي والتعصب القومي ولو في عدد من البلدان، وسيؤدي ذلك ، كما يأمل بوتين، إلى إلغاء العقوبات ضد روسيا والقبول باحتلال القرم والدونباس من قبل روسيا.

ألا تكرر سلطة الكرملين الحالية نهج القيادة السوفياتية، التي استطابت الوجود في منطقة الشرق الأوسط سنوات طويلة، مسانِدَة لجميع الأنظمة الديكتاتورية، وكانت مجبرة في نهاية المطاف على تركهم حين أصبحت عاجزة عن إطعام شعبها؟

للأسف، هي تكرر. روسيا نفسها، التي تحررت من الطغيان التوتاليتاري الشيوعي نهاية الثمانينات، كان عليها أن تدعم النضال من أجل الديموقراطية وكرامة المواطن في البلدان العربية، و”ربيعكم العربي”. هكذا كان يمكن أن يكون في عهد الرئيس يلتسين. لكن، حتى بداية الربيع العربي، كان بوتين قد أعاد روسيا نفسها كلياً إلى شتاء الديكتاتورية. فقد أصبح، وعلى نحو متزايد، يخرق الدستور ويزور الإنتخابات البرلمانية، ويعطل الحكم الذاتي المحلي، واستبدل الفيدرالية بعمودية السلطة. ولذا كانت أقرب إليه في العالم أجمع، كل من فنزويلا وسوريا وزيمبابوي، أي الديكتاتوريات، وليس الشعوب المحبة للحرية. لقد حاول الإتحاد السوفياتي في يوم من الأيام أن يخلق تصوراً، بأنه يدعم الديموقراطية أين ما كان ضد الإستعمار. لكن ذلك كذب. فقد كان يساند، ليس الديموقراطية، التي غالباً ما كانت تدعمها الدول الإستعمارية السابقة والولايات المتحدة، بل كان يساند الديكتاتوريين، وناضل ضد الإستعمار القديم من أجل تحويل الممتلكات السابقة لبريطانيا وفرنسا والبرتغال إلى ملحقات به. تأملوا في أنغولا وموزامبيق وفيتنام  وكمبوديا وسوريا. فقد خرج الإتحاد السوفياتي منها ليس فقط لأن النقود نفدت لديه. فقد تغير نظام الأولويات أيضاً. فقد كان غورباتشوف يسعى، فعلياً، لبناء مجتمع حر في روسيا، ولذلك تخلى عن زرع الطغيان في البلدان الأخرى. وقد أنهى الحرب في افغانستان، وخرج من المستعمرات البرتغالية السابقة في إفريقيا ومن الشرق الأدنى. وحينئذ تزعزعت أنظمة الأسد وصدام.

أعلن السيد بوتين عن إنسحاب جزئي من سوريا. بما تعود روسيا من هناك؟

تعود روسيا من سوريا بسمعة مدمرة للآخر، محملة بهزيمة دبلوماسية. لكن بوتين لم يدرك ذلك بعد. فهو يأمل من المحادثات في الأستانة تقسيم سوريا أيضاً. عملياً، هم يريدون أن يعرضوا على سوريا إتفاق مولوتوف-روبنتروب، الذي عرضوه عام 1939 على بولونيا. لكن من المستبعد أن يمر هذه المرة. وحتى آنذاك لم ينجح سوى لسنة ونصف السنة، ومن ثم كلف روسيا أشد الحروب هولاً في تاريخها. آمل أن يأتي مكان بوتين ساسة جدد، يتمكنون من إبعاد بلدنا عن حافة الهاوية، التي أوصل بلادنا إليها بأعماله المجرمة غير العقلانية.

استخدمت روسيا سوريا منصة للحوار مع الغرب، أملاً في إجباره على الإعتراف بها دولة عظمى. كيف ترون.. ما هي النتيجة، التي حصلت عليها روسيا من هذه الحرب؟

حصلت على العكس تماماً. في عام 2013-مطلع عام 2014 مرت لحظة كان بوسع روسيا أن تلعب فيها دور الدولة العظمى في تسوية الصراع السوري. فقد أُقر حينها الإعلان، الذي طالب بتدمير السلاح الكيماوي في سوريا. وكان يمكن أن تبدأ العملية السلمية بذلك. إلا أنه كان ينبغي التضحية بالأسد. لم يُقدم بوتين على ذلك، بل أقدم على الدعم العسكري للأسد. ونتيجة لذلك أصبحت روسيا الآن بلداً منبوذاً، بما في ذلك بسبب الحرب السورية، وبسبب العدوان في أوكرانيا. هذا محزن جداً. فقد أصبح سبيلنا إلى المجتمع المتمدن طويلاً جداً الآن، والصداقة مع الأنظمة المشبوهة في إيران وسوريا أمر غير آمن، تماماً كما الصداقة مع الصين الشيوعية وكوريا الشمالية.

جمدت روسيا بند الإنفاق في موازنتها حتى عام 2019. ويعلن دائماً رئيس الحكومة الروسية السيد ميدفيديف، أنه ليس من نقود تُنفق على الحاجات الإجتماعية. وخلال السنوات الماضية افتقر الشعب الروسي كثيراً. وفي هذا الحين غرقت روسيا في المقتلة السورية الرهيبة. كيف تفسر قيادة البلاد الأمر للشعب الروسي؟

تشرح الأمر بضرورة محاربة الإرهاب: لكن ينخفض باستمرار عدد الذين يصدقون ذلك. والمأساة الأخيرة، سقوط طائرة النقل العسكرية التي كانت متجهة إلى سوريا والتي كان على متنها 92 شخصاً، أجبرت الكثيرين من الروس على التفكير ملياً بجدوى هذه الحرب.

تكتب وسائل الإعلام المؤيدة للكرملين، أن “العام الماضي أضاف تفاؤلاً إلى المجتمع الروسي. كيف تعلق على ذلك؟

أبداً، ينظر الناس إلى المستقبل الآن بقلق على كفايتهم اليومية وبخوف على حياتهم. كثيرون يخافون الحرب، وكثيرون يخافون الإرهاب. وأعتقد أن الآمال المعقودة على “الزعيم القومي” الحكيم بوتين، بأن يأتي بالسعادة، تتلاشى لدى الروس. أنا لا ألاحظ وجود تفاؤلٍ أبداً.

أنت تقود حملة نزع الشيوعية عن روسيا. كيف ستنعكس ذكرى مئوية الثورة الروسية، التي تحل مع إطلالة العام الجديد 2017؟

أعتقد أن مئوية الثورة الروسية هي الوقت المناسب للقيام بجردة حساب. فقد كانت روسيا تَعِدُ بأن تصبح واحداً من أقوى بلدان العالم وأكثرها ازدهاراً في مطلع القرن العشرين، ولكن إذا بها في مطلع القرن الحادي والعشرين بلد فقير، مرمية بعيداً خلف البلدان المتطورة في مستوى العلوم، والتأمين الإجتماعي للمواطنين، والحريات المدنية والسياسية. لقد خسرنا خلال هذا القرن بين 60 و100 مليون إنسان، بين قتلى، ومن لم يولدوا بسبب ظروف الحياة الصعبة للأهل المفترضين، ومن ماتوا بسب الجوع والأمراض سهلة العلاج في البلدان المتطورة (التيفوئيد، الكوليرا). لم يعد مواطنونا يجيدون حيازة ملكية تعود عليهم بدخل، والأكثر نشاطاً من بينهم وتعلماً، إما أنهم أبيدوا من قبل النظام الشيوعي، وإما أنهم هاجروا. هذه هي حصيلة المئة سنة. وإذا شئنا القول باختصار، فإن الناس يأتون من كافة جهات العالم للعيش في البلد المزدهر، ويفرون إلى جهات الأرض الأربع من البلد غير المزدهر. وها هي روسيا يفر منها الناس منذ 19 و20 و50 سنة مضت، إلا أنهم كانوا يمنعونهم من الهجرة بالقوة في بعض الفترات. وهذا أفضل ما يشهد على أن المئة سنة، التي مرت على روسيا بعد عام 1917، كانت سيئة، بل جد سيئة. وبالمناسبة، قبل العام 1917 كان كثيرون يسعون للعيش في روسيا من بلدان عديدة في أوروبا.. من ألمانيا والنمسا والمجر وبلغاريا، وحتى من إيطاليا وفرنسا والسويد…

جزيل الشكر على الوقت والإهتمام اللذين خصيتنا بهما. ونأمل أن تمنح المعارضة الديموقراطية الليبرالية الروسية الكارثة السورية اهتماماً أكبر في برامجها السياسية ووسائل الإعلام.

نحن في “حزب الحرية الشعبية” لا نخص الأحداث في سوريا “إهتماماً” وحسب، بل نحن نتألم من أن حكومة روسيا تخوض باسمنا حرباً ضد شعب سوريا. وأنا، كنائب لرئيس الحزب، أريد أن أقول عشية العام 2017: نحن معكم، أيتها الأخوات وأيها الأخوة في سوريا وفي كل العالم العربي، نحن نخوض معكم النضال من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، نحن نستلهم المبادئ الرفيعة عينها في الإيمان بالله، والأمل بالحقيقة. الحرية الشعبية ليست تسمية بالنسبة لنا فحسب. ليكن حراً شعب سوريا والشعب في البلدان العربية الأخرى. وليعثر الناس أنفسهم على السبيل إلى المستقبل. وليكتسب من جديد شعب روسيا، الذي ننتمي إليه، الحرية والكرامة. وحينئذ سوف نلتقي معاً، ليس في ساحة المعركة، بل في ساحة إبداع الحياة. نحن نؤمن أن هذا ممكن، وسوف نقوم بكل ما يتعلق بنا لنجعله ممكناً.

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى