صفحات سوريةغسان المفلح

المبادرة العربية فصل سوري جديد


غسان المفلح

الحرص على وحدة المعارضة السورية يدفعنا في كثير من الاحيان إلى تجاوز كثير من الامور، لبلوغ هذا الهدف، والذي هو في النهاية ليس هدفا بل وسيلة، وحدة المعارضة هي وسيلة من أجل انجاز مهام أخرى، وليس غاية بحد ذاتها ولذاتها، وحدة المعارضة كانت مطلب الشارع المنتفض منذ بداية الثورة، ومع ذلك لم يحدث هذا الأمر، منذ الاجتماع الأول لهيئة التنسيق وأنا اتلمس خطورة الطرح الذي تم تداوله آنذاك، حيث لم يكن قد تشكل المجلس الوطني السوري، ومع ذلك كنت أقول في نفسي هنالك مناضلين لايشك بنزاهتهم وتوقهم للحرية، وإن الامر لايعدو مناورة خوفا من القمع، ومن التصفيات والاعتقالات، لكن مع مرور تبين أن هنالك فرز حقيقي، وحتى تاريخ حادثة القاهرة التي كتبت عنها، ورفضتها كأسلوب في التعاطي مع وفد الهيئة الذي ذهب للقاهرة لتمديد المبادرة العربية، نعم الثورة قامت وتقوم بالفرز اليومي لقوى المجتمع السوري عموما وللمعارضة خصوصا، وبعد ان اتى وفد الهيئة للقاهرة وبدأت تصريحات أعضاءه، ورموزه تتوالى على وسائل الاعلام، اتضح بما لايقبل الشك، أن الفرز قد حدث وانتهى الأمر، ومهما كانت مبررات هيئة التنسيق في تبنيها لوجهات نظر محددة، فإن الموضوع في النهاية له نتيجة واحدة، هو استمرار آل الأسد في حكم سورية!

وأقول للاصدقاء في الهيئة جميعا، لا تضحكوا على أنفسكم ما تقومون به وما تتبنونه من خطاب سيخدم هذا الهدف الواضح بدون لبس وتردد، وسأبدأ من حيث انتهيتم، كل أعضاء هيئة التنسيق واحزابها لم تكن يوما تؤمن لا بالجامعة العربية ولا بما يمكن أن تقوم به من حلول، الآن تحولوا الشباب بقدرة قادر إلى مؤمنين بدور الجامعة وأي دور؟ هو فقط الدور الذي يصب في خانة استمرار آل الأسد في الحكم. وما تبقى من حديث هو من باب اللعب على الرأي العام السوري والعربي والعالمي. ودعوني أقول بوضوح تام: إن نظاما يعتقل أطفال درعا، لمجرد كتابتهم على الجدران ويقلع أظافرهم، كيف يسمح لمعارضة تخرج وتدخل متى تشاء؟ لا والاطرف من ذلك الآن، أن تلفزيونات النظام تحتفي برموز هيئة التنسيق وتصريحاتهم في القاهرة. وأنا منذ اللحظة لا يمكن أن أكون حريصا على وحدة معارضة مع حسن عبد العظيم ومجموعته الثورية!! تصريحاتهم في القاهرة، كانت مخيفة في الواقع، وبدون لف ودوران إنها تصريحات تقول للجامعة العربية وبكل وضوح وصلف وعنجهية وووو عليكم أن تغطوا آل الأسد لفترة أخرى وهم يقتلون شعبنا السوري. لكن حساب البيدر لم يطابق حساب الحقل..

فقد أتى قرار الجامعة العربية بتجميد عضوية النظام وسحب السفراء العرب من دمشق، زفرض عقوبات، والتحاور مع المجلس الوطني، ليدق أسفينا جديدا في هيئة التنسيق التي لا تتفق على شيئ سوى: استمرار آل الأسد في السلطة.

وهذه الامور ذكرتني بخلافي الدائم مع ابن العم المناضل رياض الترك واصراره السابق على التحالف مع حسن عبد العظيم ومجموعته. ما قبل إعلان دمشق وخلاله. كنت أقول أن هذا الرجل وفريقه هم اصلاحيين من داخل النظام، وليسوا معارضين، لكن ابن العم كان حريصا على وحدة المعارضة. لأن ما سمعته في القاهرة أيضا يؤكد هذا الاتجاه، لاحظوا أن السيد عبد العظيم وفي مقابلته مع صحيفة الشرق الاوسط اللندنية، 11.11.2011 يؤكد على أن تجميد عضوية نظام الأسد في الجامعة العربية هو حلا دوليا، بينما استمرار غطاء الجامعة العربية عبر إعطاء مهلة اضافية للقتل هو حلا عربيا، والدليل بيان وزير خارجية روسيا الذي أكد على مطلب حسن عبد العظيم في عدم تجميد العضوية.

وبالطبع بيان وزير خارجية روسيا ليس تدويلا فقط لأن الغاية منه حماية عصابة القتل في سورية!! تلفزيونات النظام تحتفي برموز هيئة التنسيق!! هذا العنوان لوحده أعتقد انه يكفي لمعرفة أين تسير الهيئة وماهو طبيعة خطابها ومطالبها والغاية منه. لن أدخل على طريقة بعض المتحمسين واتحدث عن ولاء استخباراتي وما شابه أبدا، وهذه ليست من اختصاصي، لكنني في الواقع اتحدث عن خطاب بات مكشوفا ولم تعد يافطة الخوف من الحرب الاهلية وتدويل الازمة السورية والتدخل الخارجي قادرة على تغطيته.

هيئة التنسيق لم يعد لها من قوة تستند عليها سوى عسكر السلطة!! فأي معارضة هذه؟ الشارع لم يعد معها، ومن لم يخرجوا في التظاهرات، هم وإن لم يخرجوا لأسباب كثيرة لكنهم أيضا ليسوا مع هيئة التنسيق..لأنهم حاولوا إخراج بعض التظاهرات لكنهم فشلوا، لهذا نتوقع أن ينجحوا بإخراج تظاهرات من جماهير الشبيحة، وبالتالي يجبر النظام الناس في الخروج في تظاهرة لدعم هيئة تنسيقه هذه!! لا أحد يستغرب هذا الاحتمال بعد زيارتهم للقاهرة، وتصريحاتهم! الرفيق الدكتور عبد العزيز الخير يصرح بالفم الملآن أمام مبنى الجامعة العربية مطالبا”الجامعة العربية بارسال مراقبين عرب لمناطق العنف في سورية خلال مؤتمره الصحفي العاجل!” سورية لم يعد فيها ثورة ولم يعد فيها جرائم نظام، فيها مناطق عنف فقط. أعتقد ان هذا التصريح لم يعد يحتاج لتعليق. يجب على المجلس السوري الوطني الآن الكف عن المراهنة على الوحدة مع هيئة التنسيق ككتلة سياسية، الفرز حدث وانتهى الأمر. وهذا يقودني أيضا للحديث عن المجلس مرة أخرى” يبدو أن هنالك في المجلس من لايزال متأثرا بهيئته التنسيقية، ويبدو أن هنالك من لايزال يراهن على حلول سحرية، لتجنبه المطالبة بحماية المدنيين، لهذا هم يتأخرون في تشكيل هيكيلة المجلس واعلانها واعلان وثائقها، ويتقاعسون عن ذلك!! وهنالك أيضا من تهمه صورته أكثر من المجلس ذاته وأهدافه، وبكل حزن أقول” رضينا بالبين كرمى لدم شهدائنا والبين يبحث عن ذاتياته…وأنا اتحدث هنا من داخل هذا المجلس وأروقته…ولايزال رهاني قائما وهو يمثلني، ولكن كفى…وكفوا عن هذه الحكايات وما فوقها وما تحتها…!

وهذه رسالتي اعتبروها صرخة اخيرة لكم. لأننا وإن كنا في المجلس لكن أبدا لن نتوقف عن متابعتكم ككتاب على الأقل…فلا تخذلوا شعبنا الذي رفعكم لتمثلوه، وتتبنوا مطالبه.. ومن لم يجد نفسه منسجما مع ما يريده شعبنا فليتوقف عن التظاهر بعكس ذلك، ولينسحب من المجلس السوري الوطني. المجلس الوطني كان وسيبقى مفتوحا للجميع، بما فيهم أعضاء هيئة التنسيق، لكن وفق المعطيات الجديدة..وفق الكف عن المراهنة من جديد على النظام..

وبعد قرار الجامعة العربية بدأ فصل جديد من تاريخ سورية، ولسنا مضطرين في المجلس لتكرار معزوفة أننا ضد التدخل الخارجي، إرضاء لهيئة التنسيق أو بعضا من أفرادها. فماذا ستفعل الامانة العامة للمجلس من أجل حماية المدنيين لأن النظام سيكون أشرس وأكثر فتكا بشعبنا بعد قرار الجامعة العربية؟ وماذا سيفعل مكتبها التنفيذي؟ أريد جوابا….

غسان المفلح

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى