صفحات سورية

المبادرة المقبلة لحل الأزمة السورية


جمعة عكاش

لاشك أن مبادرة الجامعة العربية في سوريا فشلت، بل وتورطت بشكل من الأشكال في قتل أكثر من 500 سوري ، كان يفترض ألا تراق لهم نقطة دم واحدة بضمان العمل العربي المؤسوف على استمراره حتى الآن.

ومع الإدراك بحجم التورط العربي في سفك دماء السوريين تحت حجة “تقليل الخسائر” قد تغطي الدول العربية على فشلها بمبادرة جديدة، بدت الدعوة إليها على مستوى غير رسمي مع حديث أمير قطر بادخال قوات عربية أو الحديث عن مبادرة خليجية – تركية قد تنهي الأزمة السورية.

ومع التسريبات الحالية عن تلك المبادرات من الواضح أنها لن تقل سوءاً أيًّ كانت عربية -عربية أو عربية -تركية أو “عربية ايرانية روسية” من المبادرة العربية الجارية ولن تلق سوى نفس المصير وهو الفشل.

والحقيقة أن الفشل الذي سيطارد أي مبادرة مستقبلية مصدره أن هذه المبادرات تركز على الأزمة السورية الراهنة وتتغافل خلفيتها والأسباب التي أدت اليها كما انها لاتقترح ما يريده السوريون وتنطوي على مجاملة ومسايرة مريبة للنظام.

فالمشكلة مع النظام ليس في أنه قتل 5 آلاف سوري منذ منتصف آذار الماضي، بل لأنه قتل نحو 70 ألفا منهم منذ استلامه السلطة عام 1963، كما أن المشكلة ليس في أن أهل الرئيس يسرقون البلاد منذ حكم بشار الأسد منذ 10 سنوات، بل لأن المقربون منه ونظامه يسرقون أموال وحريات السوريين منذ 40 عاماً و أكثر.

كما أن مطلب السوريين يتعدى اسقاط بشار إلى محاكته وعائلته ونظامه وفق القوانين الوضعية والإلهية، فهل هناك أي مبادرة من الدول الخليجية أو تركيا لحل المشكلة السورية تتناغم مع مطالب السوريين.

المبادرة الناجحة هي التي تطرحها الجهة التي تتسق مواقفها المعلنة مع موقف الثوار المعلن في اسقاط النظام واقامة دولة ديمقراطية تعددية، وهذه المواقف للأسف لم نسمعها في الدوحة والرياض والقاهرة بل سمعناها في لندن و واشنطن وباريس بقوة وجرأة ، لذا فهي القوة الأجدر على تحقيق التغيير المنشود بالنسبة للسوريين، واذا كانت لاتزال تلك العواصم التي قدمت الكثير من المساندة تريد أن تواصل دعمها الإنساني على الأقل فعليها أن تسحب مراقبيها من سوريا وترفع يدها عن الملف.

لم يمتلك العرب الخبرة الكافية في التعامل مع الأسدين الأب و الإبن وهو يقتل اللبنانيين ويزج بهم في محارقه لأكثر من 28 عاماً بينما الأوروبيون اخرجوه بازلال من مستعمرته العربية في غضون أشهر، ولم يمتلك العرب اي مقومات لادارة الأزمة السورية أو مواجهتها في حين كان للغرب و الامريكيين مواقف متقدمة ولو جاءت متاخرى مقارنة بغيرها من الثورات العربية والغريب ان تقود المواقف الضامرة المواقف المعلنة بل أنها ادت إلى تاخير بلورتها على الأرض حينما جعل العرب سوريا ميدانا لمراقبيها الذين يقتقدون في مراقبتهم كاميرا حقيقية أو حتى قلماً وقرطاساً جيدين للتدوين.

الخلاصة في أن طرح المبادرات غير النافعة، غير مقبول والمسألة ليست لهواً أو ترويجا سياسياً او تديراً لموضع الجرح، فالنظام الذي رفض دخول صحفيين وكاميرات كيف له أن يسمح بدخول جيوش ودبابات، إنها مسألة شعب يقتل ويذبح بهمجية لم تشهدها البشرية منذ الحرب الكونية الثانية تقابلها ثورة ستقدم للحرية والكرامة في هذا العالم ما لم تكن تتوقعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى