صفحات مميزةفلورنس غزلان

المجلس الوطني السوري، الأخوان المسلمين، وروسيا!

فلورنس غزلان
مايجمع هذا الثلاثي في طرحنا هو مصلحة سوريا وثورتها، هو مناقشة نقاط الإعاقة واللبس في المواقف ومحاولة إلقاء الضوء على مواقف هذه الأطراف الثلاثة وعلاقتها ببعضها ، ومن ثم تأثيرها على الأرض وعلى الثورة بالذات ومستقبل الوطن السوري.
ــ ينعقد اليوم المجلس الوطني في ” استانبول” تحت هدف توحيد صفوف المعارضة أوـ على الأقل ـ توحيد مواقفها كي تكون بمستوى الثورة ومستوى المسؤولية المطلوبة منه على الصعيد الداخلي والمعارض والتمثيلي للوطن في المحافل العربية والدولية، وكي يتمكن من الحصول على الاعتراف به كممثل شرعي للشعب السوري. وليتم له هذا أرى أن عليه:ــ
1ــ أن يعيد النظر بتركيبته ، وبرامجه المطروحة والتي ظلت حتى الآن حبراً على ورق.
2 ــ أن يتمكن من لم شمل معظم الأطياف المعارضة المتصارعة لا على المواقف الوطنية بقدر صراعها على المراكز، وأن يتسامى المجتمعون ويترفعوا عن الصغائر من أجل الوطن المنكوب بنظامٍ قمعي ديكتاتوري وبمعارضة مريضة، تتجاوز الخلافات الأيديولوجية ، أو تؤجلها إلى أن يتم النصر وتحقق الثورة غاياتها في التغيير والانتقال بالبلد من نظام استبدادي لنظام ديمقراطي مدني يحكمه القانون المختار من الشعب، قانون لايميز على أي أساس مذهبي أو عرقي أو جنسي بين مواطنيه، قانون ينصف نصف المجتمع ” المرأة”، التي ساهمت وتساهم جنباً إلى جنب مع الثورة وفيها، وأن الشعب وحده مصدر السلطات.
3 ــ أن يخرج المؤتمر ببيان ختامي مدعوم ببرنامج عمل واضح وصريح وتفصيلي للمرحلة الحالية الانتقالية، وبرؤيا مستقبلية أكثر وضوحاً لوجه سوريا الديمقراطية، التي قامت الثورة من أجلها، ثورة كرامة وعدالة اجتماعية، وحرية فردية ومجتمعية .
4 ــ أن يؤسس المؤتمر للبديل عن النظام الساقط البائد، بوضع صيغة لحكومة وحدة وطنية تشكل البديل المرحلي وتبدأ بدراسة كل الخطط الاقتصادية، والاجتماعية والتربوية، والسياسية، من خلال تشكيل مؤسسات وطنية مشهود لها بنزاهتها حسب الكفاءة والاختصاص.
5 ــ أن يحدد موقفه ويتخذ قرارت حاسمة لاعودة عنها ولالبس فيها من الجيش السوري الحر، وأن يتم التنسيق العسكري مع المجلس لتأطيره سياسياً والإشراف على تمويله لوجستياً وعسكرياً وحصر التمويل بالمجلس كوسيط بين الدول المانحة والجيش الحر، وبنفس الوقت بين الدول المانحة والاغاثة للمنكوبين والمهجرين داخل الوطن وخارجه، حتى لانسمح للعبث والفوضى والتمييز أن ينفذا من خلال أيدي تعبر هنا وهناك وتمرر لهذا الطرف على حساب الطرف الآخر ولهذه المنطقة على حساب المنطقة الأخرى.
6 ــ أن يتم تشكيل كل هذه الهيئات والمؤسسات ديمقراطياً، وبالتنسيق مع الهيئات الأممية والمنظمات الحقوقية ، التي يمكنها الدخول والمشاركة في الاغاثة والتحقيق على الأرض السورية.
7 ـ أن تطرح على الملأ وبوضوح كل الخطوات المتخذة وكل البرامج الموضوعة على الطاولة ويتم تداولها وطرحها على الشعب السوري من أعضاء المجلس نفسه، من هيئاته..إعلامياً ودورياً دون تباطؤ كما حصل حتى الآن.
8 ــ أن تعرض كل المواقف بشكل صريح على مؤتمر” أصدقاء الشعب السوري” الثاني المزمع عقده، وأن يطالب المؤتمرين وخاصة الدول الكبرى بمواقف واضحة من إمكانية نجاح مهمة كوفي أنان، والتي ستأخذ شهوراً تطول معها معاناة الشعب السوري وتمنح النظام المزيد من الوقت واستخدام البطش والقتل، إن لم تبادر لوضع مدة زمنية محددة وسقف سياسي واضح يتناسب مع الممكن ويسارع في خطوات الحل، وأهمها وقف العنف وإيصال عمليات الإغاثة، وسحب القوات العسكرية من المدن والقرى، وأن يضمن المجلس سحب قوات الجيش الحر ، كي لانمنح للنظام حجة التلكؤ في الحل.
ــ أما موقف الأخوان المسلمين وموقعهم في المجلس وهم الأكثرية حتى الآن!!ــ وهذا بحد ذاته يعتبر خللاً يجب تداركه ــ فماصدر مؤخراً عنهم كعهد وميثاق ، لاشك أن علينا اعتباره تطوراً ملحوظاً وموقفاً جيداً ، لكن ومن خلال تجربتنا وعلاقاتنا مع الأخوان كطرف معارض، ولايحق لنا إلا الاعتراف بهم وبحقهم في الوجود، وحقهم في لعب دورهم السياسي، إنما التساؤل المشروع لماذا انتظروا حتى الآن وبعد مرور عام على الثورة؟!، وبعد الكثير من الأصوات والأخبار التي غمزت من ممارساتهم ودورهم الذي لعبوه داخل الثورة ، إن من خلال المال أو من خلال العزف على الوتر المذهبي، فجاء بيانهم ـ برأيي متأخراًــ بعد أن صدرت تصريحات من أميركا ” كلينتون تحديداً ” ، من وجود لأطراف القاعدة أو السلفية أو الاسلام السياسي ، وكلها يؤثر سلباً على كسب الدعم العالمي للثورة.
ناهيك من أن الماضي القريب للذبذبة ، التي اتسمت فيها مواقف الأخوان تدفعنا ألا نثق طويلاً في حسن النوايا، طالما أنها تنقلب وتتغير حسب الهوى والمكاسب السياسية ، وكي لانظلم نعود قليلاً للوراء.
ـ فعندما صدر إعلان دمشق عام 2005 كان الأخوان أول الموقعين والمرحبين واعتبروا جزءاً من الإعلان وطرفاً معارضاً فيه، مالبثوا بعد أشهر قليلة أن أعلنوا إنضمامهم” لجبهة الخلاص” إلى جانب السيدعبد الحليم خدام” النائب السابق لبشار الأسد ولوالده لمدة لاتقل عن 35 عاماً” ــ وهنا لايجوز لنا أن ننسى أن أحد نقاط التلاقي مع خدام هو عدم اعتذار خدام للشعب السوري عن خدمته الطويلة لديكتاتور العصر حافظ الأسد وعدم كشفه لما يعرفه من خفايا خاطئة ــ ربما تمسه شخصياً ! ــ وخاصة أنه المسؤول الرئيس عن الملف اللبناني خلال مايقارب الثلاثة عقود وخلالها تم تصفية الكثير من الوطنيين اللبنانيين! ، وكذلك الأخوان المسلمين، لم يعترفوا ولم يعتذروا للشعب السوري عن أعمال عنف ارتكبوها فترة الثمانينات أدت لتأجيج سعار حافظ الأسد وتم اغتيال شخصيات وأعمال قتل لايمكننا تسميتها إلأ بأنها أعمال طائفية جاءت كرد فعل مشابه لما فعله الأسد وخاصة حادثة المدفعية وغيرها ــ، كل هذا وغيره رموه خلف ظهورهم وأبقوا على عضويتهم في إعلان دمشق!!، فوضعوا قدماً في جبهة الخلاص وأخرى في الإعلان دون أي ضير أو تناقض!..ثم مالبثوا أثناء حرب 2006 ضد لبنان أن وقفوا إلى جانب حسن نصر الله وحزبه باعتباره حزباً مقاوماً ممانعاً!، ولم يكتفوا بذلك، بل أوقفوا معارضتهم للنظام كلياً وانسحبوا من كل أنواع المعارضة معلنين ذلك على الملأ أثناء غزوة إسرائيل على غزة، ووصل بهم الأمر إلى الغزل مع النظام الإيراني وراحت مساعي الصلح بينهم وبين النظام تلعب دورها التقريبي سواء عن طريق الشيخ القرضاوي أو مرشد أخوان مصر آنذاك السيد عاكف وغيرهم!، باعتبار أنهم رأوا في بشار الأسد ونظامه” نظاماً وطنياً يدعم المقاومة ” !.
بعد الثورة فوجئنا بحماس منقطع النظير لدى الأخوان المسلمين، خاصة وأن رفاقهم في مصر وتونس التفوا على الثورة وغنموا حصة الأسد، مما شجعهم أن يلعبوا نفس الورقة في الثورة السورية، التي لم تقم إلا من أجل كل السوريين سواء..لا أنطلق هنا من دافع التشويه ــ معاذ الله ـ بل من دافع الحرص والتوضيح ، آملة أن أكون مخطئة ، وآملة أن يكون الأخوان المسلمين في سوريا قد اتعضوا من درس ثمانينات القرن الماضي ومن دروس الربيع العربي، وأن فهموا الثورة السورية وغاياتها كما يجب وبوضوح يصب في مصلحة الوطن ومستقبل سوريا المركب..سوريا الملونة لكل أبنائها، ومايرفع من نسبة ظنوني السلبية هنا، هو علاقة الأخوان بالأنظمة العربية ذات التأثير الأول اليوم على الثورة السورية باعتبارها الداعم الأول كالسعودية وقطر وتركيا كذلك ، وجميعها لها علاقات سياسية ومصلحة مذهبية ــ مع الأسف ـ تجعلنا نخشى من تأثيرها على استقلالية القرار في المجلس الوطني.
ــوباعتقادي أن لكل مامر ذكره علاقة يجب أن تكون واضحة وصريحة من الموقف الروسي ، الذي عبر عنه بكل صفاقة السيد لافروف وكأني به الناطق الرسمي للسلطة السورية، حين أبدى تخوفه قائلاً” في حالة انهيار النظام الحالي في سوريا، فإن هذا سيغري بعض البلدان في المنطقة لإقامة نظام سني في البلاد”!!!.
هذه اللغة التي تنضح طائفية من فم المتشدق لافروف..وتني عن خشية تقرأ المنطقة من باب التخوف من الإسلام السني تحديداً، ومن المساس بمصالح مايسمونها ” الأقليات” أي المساس بأخوتنا السوريين المختلفين بعقائدهم الموروثة لا بعقيدتهم الوطنية، فأسأل السيد لافروف إن كان يقيم نظام بلده على أساس الأكثرية الأرثوذكسية ونقاء هويتها الوطنية! ، وأن الحل الأسدي هو نفسه الحل الروسي المستخدم في الشيشان، ويريد لنا حاكماً أبلهاً مريضاً، معزولاً عن شعبه ومفصولاً عن همومه كبشار الأسد ، أو صديقاً وفياً لبوتين موالياً لروسيا الاتحادية كالرئيس الشيشاني ( رمضان قادروف )، مع الفارق بين سلطة الأول الدموية الأمنية وسلطة الثاني الشكلية المنفذة للسلطة الروسية ليس أكثر، أم أنه من الممكن أن يستبدل بشار بماريونيت مرتبط بموسكو وضامناً لمصالحها في المنطقة؟..وهنا يحضرني السؤال: هل جاء الميثاق والعهد الأخواني ليطمئن لافروف أم كلينتون؟!.
روسيا لم تغير من سياستها ولا من دفاعها عن بشار الأسد، وإن غيرت الصيغ والمفردات ونمط قولبتها بما يخدم دورها في المنطقة وفي إدارة العالم كدولة قوية ذات نفوذ، لن تسمح بمرور حل إلا عبر بصماتها، أما حقوق الانسان السوري خاصة ، فلايأبه لها زعيم عالمي أو عربي، لأنها ترتفع وتنخفض حرارتها حسب الترمومتر المصلحي التنافسي، ومن دفع فاتورته حتى الآن ومنذ سنة ونيف هو الدم السوري…
لم يبق في الختام إلا القول كأمهاتنا” اتقوا الله في وطنكم وثورتكم وشعبكم، وكفوا عن النفخ بقرب مقطوعة ، كفوا عن تسليح الأطفال ولا تدفعوا باتجاه حرب أهلية سندفع ثمنها باهظاً من دمائنا واقتصادنا ووحدتنا الوطنية، وهي اليوم على المحك..لاتدعوا خطط النظام تأخذ دربها للنجاح في شرذمتنا وفي قتلنا بعضنا لبعض…فدم السوري على السوري حرام”.
ــ باريس 27/3/2012

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. تحية طيبة..
    هذا المقال للأسف ينضح بالتناقضات والافتراءات لاسيما بحق جماعة الإخوان المسلمين.. وهو لا يخفي أن عوامل طائفية تلعب في تحريك أقلام بعض المحسوبين على المثقفين في سورية.. وأعتقد أن هذا النَفَس في التعامل مع مكونات المجتمع السياسي والمذهبي في سورية هو نَفَس فاشل ومدمِّر.. ولا نعلم لماذا تستمر الحملات المغرضة على الجماعة ويجري تحريف خطواتها والتشكيك بنواياها على الدوام.. لدينا تفسيرات قد تزعج الكاتبة وأمثالها، لذلك لن نفصل فيها.. هناك أمثلة بسيطة على التضليل الذي أوردته السيدة غزلان هنا، فمثلاً الإخوان لا يشكلون أكثر من نسبة 15% من المجلس الوطني، بينما هي تزعم أنهم أكثرية في المجلس.. أنا عضو أمانة عامة في المجلس وأعرف تماماً الإحصائيات داخله!.. ومن الأمثلة أيضاً: تزعم الكاتبة غزلان أن الإخوان أيدوا حزب الله؟.. متى كان ذلك يا غزلان؟. فالإخوان السوريون مضرب المثل بكشفهم لحقيقة حزب الله؟.. وحتى أقطع على غزلان طريق الجدال أقول: أنا أمين سر جماعة الإخوان وعضو قيادة منذ أكثر من سبع سنوات، وعضو مكتب سياسي منذ سنين طويلة، ولا أعلم أن موقفنا السياسي كان فيه أي نقطة التقاء مع حزب الله.. ومن بابٍ أولى مع إيران التي تزعم السيدة غزلان أن جماعتنا كانت تغزل مع إيران!! أقول: مررت بالصدفة إلى هذا الموقع، ولفت نظري عنوان هذا المقال، لكن بعد اطلاعي عليه، وجدته محشواً بالمغالطات والتضليل، بحيث لا تكاد تخلو فقرة منه من مغالطة أو معلومة لاتمت إلى الحقيقة بأية صلة. والكاتبة الكريمة تتعرض لمسائل بالغة الحساسية والخطورة، من غير أن تتأكد من معلوماتها الخاطئة. أليس نظام أسد قد رسخ في عقلية السوريين بعض المغالطات فأصبحت بدهيات في أذهان بعضهم؟.. إن كان ذلك يصح على العوام أو أبناء البلد البسطاء فكيف يصح على مثقفي سورية من مثل السيدة غزلان؟.. سؤال ممتزج بالمرارة حقاً. لقد مددنا أيدينا منذ سنواتٍ طويلة وحتى الآن بكل صدقٍ ومسؤوليةٍ لنتشارك معاً في وطننا، وذلك منذ أن أطلقنا ميثاق الشرف الوطني عام 2001م، ثم المشروع السياسي لسورية المستقبل عام 2004م.. ثم وثيقة العهد الأخيرة، التي تتساءل غزلان عن سبب تأخيرها!.. وتفسر ذلك تفسيراتٍ مضحكة مجافية للواقع، إذ كان عليها أن تعرف -وهي المثقفة- أن هذه الوثيقة ليست جديدة في مضمونها بل مستمدة من ميثاق الشرف الوطني الذي أطلقناه منذ أكثر من عشر سنوات!.. أقول: لماذا كلما مددنا أيدينا للبناء يأتي دائماً مَن يغالط ويغزل بعكس ما نرمي إليه من وحدةٍ وطنيةٍ وبناء الدولة المدنية التي نطمح إليها جميعاً؟!! ماذا تريدون منا؟.. إن استمرار هذا النهج له أكثر من مدلول لاسيما عندما يصدر عن بعض المثقفين كالسيدة غزلان؟!.. ونرجو ألا يكون وراء الأكمة ما وراءها. التي تنسي بعض معارضينا نظام أسد المجرم، ويشتغلون بالذين يسعون منذ عشرات السنين لإسقاطه عن كاهل سورية والسوريين!.. مع خالص التحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى