صفحات سورية

المجلس الوطني السوري الموسع… أنتقادات بنيوية


هيبت بافي حلبجة

القاعدة الرياضية العامة أصبحت : من لايطالب بإزاحة النظام السوري كاملاُ عن السلطة لايحتسب من المعارضة الشعبية الحقيقية، ومن ثم تقديمه إلى محكمة الجنايات الدولية، ولا أستثناء في هذه القاعدة.

وحديثي هنا يخص فقط، وينحصر ب – هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني والمجلس الوطني الموسع، الذي أنعقد مؤتمره الأول يوم السبت الفائت في منطقة دريج شمال شرقي دمشق حوالي أربعين كيلو متراُ منها، والذي ترأسه السيد حسين العودات.

وما وددت قط الحديث عن – التنسيقيات – أو عن – المجالس – لأربعة أسباب رئيسة. الأول : لكل شخص الحق النسبي في التعبير عن رفضه لقمع سلطة الأمر الواقع في دمشق بالطريقة التي يرتأيها، ويجتبي أهدافها. والثاني : إن قمع السلطة السورية أمسى كارثة حقيقية في عملية القتل والأعتقال إلى درجة إن مسؤولية أسقاطها تجاوزت مفهوم فرض كفاية وتحولت إلى مفهوم فرض عين. والثالث : إن أختلاف مشارب ومسارب المعارضة والشخصيات الوطنية العامة، والظروف الخاصة للثورة السورية، والموقع الشخصي أو الجمعي، والحيثيات المباشرة لنوعية أستخلاص رؤيا جديدة تخص مستقبل سوريا، فرضت على كل – مجموعة، فئة، أحزاب، جمعيات، أطراف، شخصيات – هاجساُ معيناُ أقتضى نوعاُ معيناُ من التصرف ورد الفعل. والرابع : لاأبالغ أن أكدت إن الشعب السوري يملك أعداداُ هائلة من شرائح مثقفة وواعية قادرة على تحمل المسؤولية التاريخية الملقاة على كاهلها ومستعدة لتنفيذها، وأعداد خطط مستقبلية رائعة، علمية ومعرفية، ديمقراطية تعددية، سياسية وأقتصادية، منهجية منظمة، لتحديد مسار وآفاق العملية السياسية في سوريا.

ورغم أعتقادي المطلق إن كل – تنسيقية – أو – مجلس – يحتوي بالضرورة عوامل إيجابية تخدم أحداثيات الثورة السورية، ألا أنه أنبغى علي توضيح جملة قضايا تخص – المجلس الوطني الموسع – توافقاُ مع منظومة قاعدية في المنطق مفادها : في كل مرحلة معينة من التاريخ ثمت معطيات أصلية تنسجم معها لأنها منها ومن أدواتها، وثمت فرضيات تتباغض معها وتعاكسها لأنها تقاوم تطورها سلبياُ. أو كما يقول غوستاف لوبون : التاريخ مثل العملية الجنسية. لذلك أنظروا معي أيها السادة:

أولاُ : ركز المؤتمر على لاءات ثلاثة أولاها – لا للتدخل الأجنبي – في البداءة نؤكد ثمت فرق قاتل ما بين، المطالبة بالتدخل الأجنبي، أو الأمتناع عن أبداء رأي، أو رفض التدخل الأجنبي. كما أنه توجد مفارقة قاتلة ما بين، التدخل الأجنبي ( بكل أنواعه )، وطلب الحماية الدولية للمدنيين بتفويض من الأمم المتحدة..

وعودة إلى مفهوم التدخل الأجنبي، ياترى مما تخاف السلطة السورية الآن تحديداُ ؟ وما هي القوة الحقيقية الرادعة لقمع النظام السوري وبالتالي إزاحته عن سدة السلطة ؟ أليس هذا النظام أكثر دموياُ ووحشية من – معمر القذافي وكتائبه – ؟ ألم يكن هناك تقرير يؤكد من إن – القذافي، بشار، علي الصالح – لن يتخلوا عن السلطة إلا إذا تم القبض عليهم باليد ؟ إذن، ولمليون سبب، إن التشدق برفض التدخل الأجنبي، هو ضمانة أخرى لبقاء هذه السلطة، ومنحها المزيد من الوقت، وبالتالي المزيد من القتلى والمعتقلين والأغتيالات.

ثانياُ : وكذلك ركز المؤتمر على ما سموه – تفكيك شمولية النظام – وأسقاط نهجه الأستبدادي والفساد وبناء نظام ديمقراطي ودولة مدنية حديثة. كل هذا في الظاهر رائع، بل أكثر من الرائع، لكن طالما هو نظام شمولي فكيف يمكن تفكيكه !! هل تسمح النظم الأستبدادية أن يتم تفكيكها، وما هي القاعدة التاريخية المؤيدة لهذه الفكرة الخرقاء ؟ ثم، كيف سنفهم مدى التفكك والتلفزيون الرسمي حضر الجلسات ونحن نرى بأم أعيننا القتل العشوائي والأعتقالات بالجملة والتنكيل بالجثث ومحاصرة مدينة قصير ب 136 آلية عسكرية ؟

ثالثاُ : ثم يركز على مفهوم الوطنية ومفهوم التدخل الأجنبي. أليس من سخرية العمل السياسي البقاء على الديكتاتورية بحجة مفهوم أصبح بليداُ ؟ ثم اليست الوطنية اليوم تحديداُ هي المشاركة الفعلية في إزاحة هذه السلطة ؟ ثم، ولنتكلم بوضوح، أليس مقدرات الدولة السورية منهوبة من قبل النظام أما لزيادة ثروتها أو أعداد صفقات خبيثة أو لتقديمها لبعض الجهات كي تستمر في الحكم ؟ ثم ياترى ألم يتغير الوطنية بعد حيثيات الربيع العربي ؟ ثم أليس من الوطنية، وعلى كل فرد منا، أن نمنع أراقة دم هؤلاء الأبطال الأشاوس ؟

رابعاُ : ثم أكد أنه ضد العقوبات الأقتصادية. لأن الأمر حسبما يرونه سيزيد من معاناة الشعب السوري ولن يؤثر على السلطة السورية إلا قليلاُ، لو كان الوضع على هكذا شاكلة لما لجأت السلطة السورية إلى تزوير عملتها الخاصة، سيما فئة الخمسمئة، وكذلك ماوفدت وزير خارجيتها إلى فيينا، وشخصيات رسمية أخرى، للقاء جهات اسرائيلية لتخفيف الضغط الدولي عليها، ناهيكم عن الدور الإيراني الذي فشل في إيصال مبلغ قدره عشرة مليارات من الدولار من بنك الرافدين في العراق للسلطات السورية. كما إن المسألة ليست أقتصادية بحتة فثمت جوانب عسكرية وكذلك الروح المعنوية للثورة السورية. وعلاوة على ذلك إن هذه العقوبات قد تصل في حجمها الحقيقي إلى مسألة، تسمى في عرف علم السوسيولوجي للثورة – أنهيار مرتكزات القمع – التي لابد من أحداثها.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى