صفحات سوريةغسان المفلح

المجلس الوطني السوري وتركيا و(PYD الكردي)


غسان المفلح

بعد أن قامت مجموعة من مقاتلي حزب العمال الكوردستاني التركي بزعامة عبد الله اوجلان، بعملية عسكرية ضد الجيش التركي، وأدت غلى جرح ومقتل العشرات من أفراد الجيش التركي، قامت الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري، والذي لم تكتمل هيئاته بعد!! بتوجيه رسالة تشبه رسالة تعزية للحكومة التركية، محاولة منها في التعبير عن أن هذه العملية جاءت بإيحاء من النظام السوري!!وبالتالي على تشجيع الحكومة التركية لكي يكون موقفها أكثر صرامة مع هذا النظام، قراءة متسرعة في غير مكانها. وجاءت ردود كثيرة على هذه الرسالة، ولكنني اتبنى موقف الكتلة الكوردية داخل المجلس والذي جاء فيه” إن الرسالة الموقعة بإسم الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري بتاريخ 21/10/2011 الموجهة الى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، و تمت فيها إدانة العملية الأخيرة ضد الجيش التركي، و وصفها “بالعمل الإرهابي الغادر”، لا تمثل رأينا ككتلة كردية في المجلس الوطني السوري، لا من قريب و لا من بعيد، و نعبر في الوقت نفسه عن إستغرابنا الشديد حيال مضمون الرسالة، خاصة على صعيد تجاهل واقع القضية الكردية في تركيا، كما نبين أنه لم تعرض علينا أي إتفاقات بين المجلس و أية جهة إقليمية، و نعتبر أنفسنا غير مسؤولين عن أي إتفاق.

و نرى أنه كان من الأجدى بالأمانة العامة للمجلس الوطني السوري أن لا تقحم نفسها في قضية حساسة و شائكة من هذا القبيل، على ألأقل حرصاً على مشاعر الشعب الكردي في سوريا الذي، لا يشك في عدالة القضية الكردية في تركيا، و ضرورة حلها بشكل ديمقراطي سلمي عبر الحوار، و نتمنى من الأمانة العامة عدم تكرار هكذا أخطاء في المستقبل، و إلا فسيكون موقفنا حازماً تجاه أية إساءات و تجاوزات حيال شراكة الكرد و عدالة قضيتهم في منطقة الشرق الأوسط.”

هذا الموقف الذي أراه موقفا متقدما بالمعنى السياسي إلا انني أيضا أراه منقوصا، وهذا ما سوف اتعرض له في هذه المقالة كرسالة الموجهة للأصدقاء في حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية(PYD) والذي هو الشق السياسي السوري من حزب العمال الكوردستاني التركي(PKK) قال لي أحد الأصدقاء الأكراد السوريين مازحا” لاتتعرض بالنقد كثيرا لحزب العمال وشقه السوري، لأن احتمال تصفيتك وارد” فقلت له الأصدقاء يعرفون موقفي وحرصي على عدالة القضية الكردية في الشرق الأوسط عموما، لكنني بالمقابل تساءلت لماذا هذا الانطباع موجود لدى غالبية الحركة الكردية السورية بأن المختلف مع حزب العمال يمكن أن يتم اغتياله، وأن هذا الصديق المازح إنما ينطق تعبيرا عن هذا الانطباع، سؤال أوجهه للأصدقاء في الاتحاد الديمقراطي؟

ولما يحدث الآن كنت منذ البداية استشرف هذا الأمر لهذا كنت منذ انطلاق الثورة ضد عقد اي مؤتمر للمعارضة السورية في تركيا، لمعرفتي بطبيعة الاحتدام الإقليمي بين تركيا وسوريا، وخاصة بقضية حزب العمال، مع ذلك ما كان من المجلس ولا هو مطلوب من أمانته العامة الحديثة النشأة والتي لم تكتمل بعد، أن ترسل هذه الرسالة ودون ان تستشير الكتلة الكوردية السورية في المجلس، التي عبرت عن موقف ناضج حقيقة من هذه القضية.

أعود الآن إلى الأصدقاء في الاتحاد، ولن أطيل عليهم، موقفكم من الثورة السورية يتلمسه كل مواطن عارف كورديا أم عربيا سوريا، أنه موقف في العمق منحاز للنظام، لماذا؟

كما أنه هنالك تصريحات لقادة عسكريين في حزب العمال، تؤكد هذا الأمر سبق وأن تعرض لها الصديق الباحث السوري صبحي حديدي في مقاله عن نفس العملية”صبحي حديدي: حزب العمال الكردستاني والنظام السوري.. وكالة أم عمالة؟ المنشورة في القدس العربي.

نحن نتفهم منذ زمن علاقة حزب العمال بالنظام السوري، باعتباره يبحث عن قاعدة لوجستية، ولكن للساحة السورية كوردا وعربا خصوصيتها، وهذه الخصوصية يجب أن تفرض حالة من الخصوصية على نضالكم السياسي في سورية، لا أن يكون ملحقا كله بموجبات الساحة التركية كما يراها حزب العمال هناك. وانتم مثلنا تعرفون النظام السوري جيدا بأنه نظام زبائني، ويتعامل مع الجميع بسلعية رخيصة، وليس أدل على ذلك هو تسليمه لأوجلان، بغض النظر عن المناورات، استمرار وجود مئات المعتقلين من حزب العمال في السجون السورية!! ما فاجأني في الواقع وسعدت به أيضا هو وجودكم داخل هيئة التنسيق، وأعتقد انها المرة الأولى التي تنخرطون فيها في تحالف سوري معارض وعريض، رغم ان بعضهم قال أن وجودكم داخل هذه الهيئة، هو لأن التيار الغالب في الهيئة يريد الحوار مع النظام واستمرار آل الأسد. مع ذلك اعتبرتها فاتحة خير لانخراطكم الكوردي السوري في العمل المعارض السوري، إن كل من يعرف حلب ويعرف أحياءها الكوردية بدء من الشيخ مقصود وانتهاء بالاشرفية والسريان يعرف مقدار شعبيتكم فيها، ومع ذلك لم تشارك هذه القطاعات في الثورة وسبب ذلك يعود لموقفكم السياسي أقصد لموقف الحزب القائد في تركيا، والذي أرى أنه حان الوقت لكي يتحول إلى الوسائل السلمية من أجل نيل الحقوق الكوردية في تركيا. وأيضا في عفرين وبلداتها وقراها تواجدكم ليس قليلا وهذا التواجد لم يبرز بوصفه جزء من الثورة السورية والحراك السوري، ايضا لماذا؟

وأنا لا استند فقط في رسالتي هذه على موقف بقية أطراف الحركة الكوردية السورية من نضالكم، وبأنكم تحاولون إفراغ الساحة الكوردية السورية من مناضيلها وإرسالهم للنضال في تركيا، هذا لسان حال أغلبية القوى الكوردية سواء صرحوا بذلك أم لم يصرحوا…وفق معرفتي المتواضعة بشؤون الحركة الكوردية السورية.

ليعطيكم حزب العمال هامشا سوريا، هذا ما أتمناه، مع انكم أيضا تستندون إلى موقف بعض الاحزاب الكوردية والتي لايزال قادتها ينتظرون ما سيقدمه النظام السوري القاتل لشعبه من حلول وحوار وتنازلات على الصعيد الكوردي!

أتمنى أن تتقبلوا ملاحظاتي بصدر رحب، وأن تفتحوا حوارا في وسائل إعلامكم حولها وحول غيرها من وجوب تمتعكم بهامش سوري يجعلكم جزء من هذه الثورة السلمية العظيمة.

فالاتحاد الديمقراطي مهما حاول أن يكون كورديا تركيا، من زاوية المهمة الرئيسية للحزب الأم، يبقى في النهاية حزبا سوريا ما رأيكم؟ ألا تقتضي الديمقراطية مثل هذا الهامش الخاص سوريا في عملكم ونضالكم؟

وتقبلوا تحياتي..

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى