مراجعات كتب

“المسألة الطائفية”: استعمالات التديّن في السياسة

 

 

تُظهر المقاربات السياسية للانقسام الطائفي والمذهبي في العالم العربي وجهتي نظر متضادتين يُنكر المنحازون لكلّ منهما الآخر؛ الأولى تناقش تسلّط الأنظمة الذي خلق وعياً زائفاً يقوم على الصراع بين مكوّنات المجتمع، والثانية تذهب إلى فقط إلى تحميل المسؤولية وراء ذلك إلى قوى خارجية.

يضمّ كتاب “المسألة الطائفية وصناعة الأقليات في المشرق العربي”، الذي صدر مؤخّراً عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” ثمانية وعشرون بحثاً قُدّمت في “المؤتمر السنوي لقضايا الديمقراطية والتحوّل الديمقراطي” الذي عقده المركز بعنوان “المسألة الطائفية وصناعة الأقلّيات في المشرق العربي الكبير”، خلال الفترة 13-15 أيلول/ سبتمبر 2014 في عمّان.

تقدّم الأبحاث رؤية معمّقة وتساجل في طيف واسع من العوامل والأسباب التي قادت إلى هذه الانقسامات ضمن سياقها التاريخي، حيث يُفتتح الكتاب بورقة المفكّر عزمي بشارة التي ألقاها في المؤتمر بعنوان “طروحات حول المسألة الطائفية: إطار نظري”، منطلقاً من أنّ الطائفية ظاهرة حديثة بمعناها الذي يتميّز من العصبية والطوائف التي عرفها الاجتماع العربي ما قبل الحديث.

يضيف بشارة “يُثبت تاريخ المشرق العربي أنّ التديّن السياسي، بغضّ النظر عن نشوئه، إذا وقع في مجتمعات متعددة الطوائف وتعاني أصلاً عدم استقرار في هويتها الوطنية أو القومية، فإنه يؤول بالضرورة إلى طائفية سياسية، حاملاً معه فكره السياسي الديني، أكان سلفياً أم أصولياً أم إصلاحياً […] ويستخدم الطائفية في التحشيد خلفه”.

ويلفت صاحب “أن تكون عربياً في أيامنا” (2009) إلى “أنّ الطائفية لا تتعلّق بالدين، بل بالجماعة، وفيها المؤمن وغير المؤمن والملتزم دينياً وغير الملتزم. وليست الطائفية حالةً تبشيريةً ودعويةً، بل هي تعصبٌ لحدود الطائفة، وأنه “حين تجري الدعوة إلى اعتناق المذهب في حالة الطائفية، كما في حالات التشييع والتسلفن التي تقوم بها كل من إيران والسعودية، بنجاح متفاوت، فهي تقوم بذلك لأسباب سياسية وليس دينية”.

يتألف القسم الأول “مداخل ومقاربات نظرية” من ستة فصول، هي: “للطائفية تاريخ: في تَشكُّل الطوائف وَحَداتٍ سياسيةً” للباحث اللبناني أحمد بيضون، و”طوائف الخوف: تأملات في أساطير التخويف وصناعة التقسيم الطائفي” للباحث السوداني عبد الوهاب الأفندي، و”من الطائفية الاجتماعية إلى الطائفية السياسية للباحث الفلسطيني إميل بدارين، و”الطائفية بناء أم تكوين مجتمعي؟” للباحثة المصرية مروة البدري، و”الدولة النيوباتريمونيالية في المشرق العربي” للباحث السوداني أشرف عثمان محمد الحسن، و”آليات إنتاج النظام الطائفي وإعادة إنتاجه” للباحث الجزائري زين الدين خرشي.

أما القسم الثاني “الطائفية والعلاقات الإقليمية والدولية”، فيتألّف من أربعة فصول؛ الأول بعنوان “أثر البيئة السياسية في الفتاوى الطائفية إبان الحرب العثمانية – الصفوية”، للباحث الأردني أحمد صنوبر، ويليه “الطائفية أداة للسياسة الخارجية” للباحث الجزائري محمد حمشي، و”الطائفية بين الهوية والسياسة الدولية”، للباحث السوري ياسر درويش جزائرلي، و”الطائفية في المشرق العربي الكبير” للباحثة الجزائرية سامية إدريس.

يحمل القسم الثالث عنوان “الموقف من الآخر ومسألة الأقليات الدينية والمذهبية” وفيه خمسة فصول، هي: “عن المسيحيين في المشرق العربي” للباحث اللبناني طارق متري، و”الدولة المصرية – صناعة الأقليات والمواطنة: الثورة المستحيلة”، للباحثة المصرية لورا جرجيس، و”الحركات الإسلامية ومقاربتها مسألة الطوائف والمذاهب” للباحث الفلسطيني حسن عبيد، و”الموقف من الآخر في الفكر الإسلامي” للباحث التونسي حمّادي ذويب، و”الأقليات الدينية في الوعي الفقهي” للباحث السوري معتز الخطيب.

يناقش القسم الرابع “في الطائفية السياسية والصيرورة السياسية للهويات الطائفية” في ثلاثة فصول؛ “الميثاقية الطوائفية وأزمة بناء الدولة” للباحث اللبناني وجيه كوثراني، و”الطائفية السياسية في العراق إنكاراً واعترافاً” للباحث العراقي حيدر سعيد، و”الهوية الشيعية في صيرورة سياسية” للباحث السعودي أحمد سعد العوفي.

يتكوّن القسم الخامس “الدولة والطائفية والمواطنة” من خمسة فصول، هي: “الدولة – الأمّة: الطائفية والفضاء العمومي في العالم العربي” للباحث الجزائري نوري إدريس، و”بناء الدولة – الأمّة ومشكلة الانشطارات الدينية/ المذهبية من التسييس إلى العسكرة” للباحث العراقي فالح عبد الجبار، و”أزمة دولة المواطَنة بعد الحراك العربي” للباحث المغربي محمد سعدي، و”الفدرالية الإثنية وعدم الاستقرار السياسي في العراق” للباحث العراقي جلال حسن مصطفى، و”التعددية الإثنية واللغوية والدينية في عُمان وعلاقتها بالاستقرار السياسي” لالباحث العّماني أحمد الإسماعيلي.

يتضمّن القسم السادس “الفانتازم والواقع وأسئلة النهضة في الحالة السورية” خمسة فصول؛ “الصورة النمطية وصناعتها للطوائف والأقليات في بلاد الشام في كتب الرحّالة الفرنسيين في القرن التاسع عشر” الباحث اليمني عبد الملك الزوم، و”الطائفية والطبقية والوطنية في تاريخ سورية الحديث والمعاصر” للباحث السوري عبد الله حنا، و”موقف الفكر العربي النهضوي في بلاد الشام من الطائفية والوحدة الوطنية” للباحثة الأردنية فدوى نصيرات، و”الطائفة العلوية بين الفانتازم والواقع” للباحث السوري أكرم كشي، و”الطائفية من منظور علم النفس الاجتماعي” للباحث السوري عزام أمين.

العربي الحديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى