رزان زيتونةصفحات الناس

المساعدات الدولية في سوريا: أرقام جوفاء وسلعٌ يبيعها النظام/ رزان زيتونـة

دمشق – يروي نشطاء ومواطنون في مناطق توجد فيها مراكز إغاثية تابعة للهلال الأحمر السوري والصليب الأحمر وسواها من المنظمات الإنسانية الدولية، الكثير عن طريقة تعامل النظام السوري مع توزيع المساعدات التي يفترض وصولها عبر تلك المنظمات إلى المحتاجين في الداخل السوري.

 

يتّصل أحد المسؤولين في النظام بشعبة الهلال الأحمر مثلاً لطلب وجبات غذائية من حصص الأهالي. ولا يملك القائمون على الشعبة خيار الرفض أو القبول، وليس لديهم إلا الامتثال للأوامر تحت طائلة “تقرير أمني” قد يودي بحريتهم وربما بحياتهم.

أما القوائم بأسماء المستفيدين من تلك الإعانات، فتُسلّم بالكامل للأجهزة الأمنية إنْ لم يكن رضاء فقسراً، وتحت التهديد والوعيد. وفي حالات عديدة تقوم أجهزة الأمن بالضغط على العائلات المستفيدة، خاصةً من النازحين من المناطق الثائرة إلى مناطق تحت سيطرة النظام، للإدلاء بمعلومات عن ثوار ونشطاء في مناطقهم التي نزحوا منها مقابل استمرار الحصول على المعونة.

وبات أمراً متكرراً أن يجري بيع المخصصات الإغاثية لأشخاص محسوبين على النظام بأسعار بخسة. بل إن حوادث سُجِّلت جرى فيها مصادرة قسم من محتويات سيارات الإغاثة التابعة للهلال من قبل متعاونين مع حواجز النظام، لتشاهد المواد فيما بعد على تلك الحواجز وهي معروضة للبيع.

هذا عدا الفساد والمحسوبيات التي تحكم عملية التوزيع الإغاثي، حيث أن جزءا ليس ببسيط ممن يجري توزيع المعونات عليهم ليسوا من ذوي الحاجة، بل أدرجت أسماؤهم لأنهم أقرباء فلان أو علان، أو لصلاتهم الأمنية والعسكرية.

يتحجج القائمون على العملية بأنهم بذلك يتجنبون “شر” الأجهزة الأمنية مقابل توصيل جزء من الإغاثة للمحتاجين إليها. لكن هل يدخل ذلك بحسابات المنظمات الدولية التي تقدم تلك الأموال؟ هل عندما تطالعنا بأرقامها الخيالية بعشرات ملايين الدولارات التي صرفت وتصرف على الإغاثة في سوريا، تكون مدركة لما يذهب منها إلى جيوب النظام ومرتزقته من غير حسيب أو رقيب؟

وإذا أخذنا بالاعتبار المناطق المحررة والمحاصرة التي يمنع النظام دخول المنظمات الانسانية إليها، لعرفنا النسبة الحقيقية من المعونات التي تذهب فعلا للمحتاجين بواسطة مكاتب تلك المنظمات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

لا يفيد في كل مرة يجري الحديث فيها عن الوضع الانساني المزري للسوريين في الداخل، أن تبرز لنا الحكومات والمنظمات الدولية أرقاما جوفاء حول ما تقوم به للمساعدة. وأن تستمر بالتعامل مع نظام متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في الوقت الذي ترفض فيه التعامل مع جهات ممثلة للثورة بحجة الحياد، هو أمر يدعو للسخرية فعلا.

تصر معظم الحكومات الغربية على تخصيص أموال الإغاثة للسوريين في الداخل عن طريق تلك المنظمات حصراً. وهي تعلم جميع المثالب سابقة الذكر وليست خافية عليها. وهو ما يعني بشكل من الأشكال، ان تلعب تلك المنظمات دورا غير مباشر في الاعتراف بشرعية نظام مجرم وعدم الاعتراف بشرعية المعارضة وتمثيلها للمناطق المحررة. وهو ما يزيح عن كاهل النظام عبئا في المناطق الخاضعة لسيطرته ويرمي بمقابله عبئا أكبر على المعارضة في المناطق المحررة.. وماذا يعني ذلك سوى الإمعان في إضعاف الثورة وتقوية النظام حتى في الجانب الإغاثي.

كما أن قصر المعونات على العينية منها مع اعتراف تلك المنظمات بالعجز الكامل عن دخول المناطق المحررة المحاصرة من قبل النظام، أمر يدعوها لإعادة النظر بآليات عملها حيث أن الأغلبية العظمى من المحتاجين لتلك المعونات يتمركزون في تلك المناطق.

من المؤسف أنه حتى الجانب الإنساني البحت يتم التعامل معه من منطلق السياسة الدولية وتوازناتها ومصالحها بعيدا عن الاعتبارات الإنسانية التي يفترض أن تحكم عمل تلك المنظمات ومموليها.. مؤسف ولكنه يتسق تماما مع سياسة المجتمع الدولي تجاه الثورة السورية منذ بداياتها وحتى اللحظة.

موقع لنان ناو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى