ابراهيم حميديرستم محمودسمير العيطةصفحات مميزةفايز سارهفواز حدادمروان قبلان

المعارضة السورية –الحلول السياسية- مجموعة مقالات

 

 

 

السوريون ورحلة الحل السياسي/ فايز سارة

رسم مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة مؤخراً خريطة طريق الحل السياسي للقضية السورية، فأوضح مرجعية الحل السياسي باستنادها إلى بيان جنيف الصادر في حزيران 2012، وما تبعها من تطورات تتصل بذات المرجعية، ولاسيما مؤتمر جنيف2 الذي عقد في اوائل العام 2014، وانطلق المؤتمر من فكرة هيئة الحكم الانتقالي التي نص عليها قرار مجلس الامن الدولي الخاص، حيث يفترض ان تتشارك السلطة السورية مع المعارضة لاعطاء الهيئة كامل الصلاحيات بما فيها سيطرتها على الجيش والامن، ورسم المؤتمر الخطوات التمهيدية اللازمة لبدء مفاوضات، تقود الى تشكيل الهيئة، قبل ان يشير الى ما يمكن ان تشكله الهيئة من مؤسسات، تتولى ادارة المرحلة الانتقالية، واولها المجلس الوطني الانتقالي المعني بالرقابة والتشريع، ثم الحكومة الانتقالية، التي تتولى المهام التنفيذية بمساعدة مجلس عسكري انتقالي ومجلس قضائي، يساعدان في سد الثغرات، التي يمكن ان تظهر في مهمات المرحلة الانتقالية، وهدفها نقل البلاد من حالة الحرب ونظام الاستبداد الى حالة السلم والنظام الديمقراطي التعددي الذي سيوفر حرية وعدالة ومساواة لكل السوريين، دون ان يكون للاسد وبطانته مكان في مستقبل سوريا.

وتضمنت خارطة الطريق التي أقرها مؤتمر القاهرة حيثيات وتفاصيل كلها ذات اهمية في المسار المقترح للحل السياسي في سوريا. لكن ما يزيد اهميتها هو رغبة السوريين او غالبيتهم في حل سياسي، مدعومة برغبة الاغلبية الاقليمية والدولية بالحل واشتغالها، ولو كان محدوداً عليه، وقد توافقت على مرجعيته ومحتواه، وها هي امام مقترح لخريطة طريق سورية، توافقت عليها اغلبية من المعارضة بينها سياسيون ومدنيون وعسكريون من تنظيمات وشخصيات، ما يجعل دفع الحل السياسي بصورة عملية اسهل، اذا ذهب الراغبون اليه عملياً، وتوفرت لديهم ارادة لفعل ذلك.

وبالعودة الى اساس خريطة الطريق السورية الى الحل السياسي، يمكن القول، ان فكرتها ظهرت مع انطلاقة الثورة في آذار من العام 2011، ومع بدء النظام بدفع آلته العسكرية الامنية لمواجهة المتظاهرين والمحتجين قتلاً واعتقالاً وتدميراً لهم ولحواضنهم الاجتماعية، وهو نهج ترافق مع عمليات تضليل، قام بها رموز النظام ومقربون منه مع شخصيات في المعارضة واخرى في مناطق التظاهر والاحتجاج لسماع آرائهم بما يحصل ووضع مقترحاتهم وتصوراتهم عن الحل الممكن اللجوء اليه لوقف تداعيات الوضع السوري الجديد، وعبر مئات اللقاءات سمع رموز النظام بمن فيهم رأس النظام بشار الاسد والمقربون منه، مطالب، تنتمي لفكرة الحل السياسي القائمة على التهدئة وتحقيق اصلاحات جوهرية وعميقة في النظام، توقف مسيرة الدم والاعتقال والتدمير، وتنقله من الاستبداد والفساد، الى الحرية والديمقراطية. ورغم اظهار الموافقات الكلية او الجزئية على تلك المطالب من جانب رموز النظام ومقربيه، فان النظام أصر عملياً وبالوقائع على الذهاب الى اعماق حله الامني العسكري ضارباً عرض الحائط برغبة السوريين بحل سياسي وبالجهود الاقليمية والدولية الساعية الى الحل.

وأذكر أني كنت في الوفد الاخير الذي قابله المبعوث العربي الدولي كوفي عنان بدمشق في آخر زياراته لها ولقائه الاخير مع بشار الاسد، وأكد لنا المبعوث الدولي، ان بشار رد على مقترحات كوفي عنان لحل الازمة، والتي كانت تمثل جزءاً من مطالب السوريين في حينها، والتي شكلت اساس بيان جنيف في حزيران 2012، ان الاسد رفض المقترحات كلها مجتمعة، ورفض تنفيذ اي منها منفرداً ومنها سحب الجيش والامن واطلاق المعتقلين، وانه رفض التظاهر السلمي، لان وصول المتظاهرين الى احدى ساحات دمشق سوف يسقط النظام، ما أصاب كوفي عنان بالإحباط ودفعه لمغادرة دمشق، التي لم يعد اليها ثانية، ولم يلتق الأسد بعدها.

ورغم اصرار النظام على اعتماده الحل الامني العسكرية طريقاً وحيداً لمعالجة الوضع السوري وسط مناوراته الكاذبة في التعامل مع المساعي الاقليمية والدولية لمعالجة الوضع وكلها قامت على اساس حل سياسي، فان السوريين اصروا بدورهم ورغم ما اصابهم من كارثة متعددة الابعاد على الحل السياسي، ولعل مؤتمر جنيف2 الذي عقد بداية العام 2014، مثال أكد رغبة السوريين تلك، حيث اجتمع وفدا النظام والمعارضة للبحث في حل يقوم على بيان جنيف 2012، عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي، تقود البلاد في فترة انتقالية، يتشارك فيها النظام والمعارضة، التي كان يمثلها وفد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بدعم سياسي سوري شبه كامل، وقد رفض وفد النظام اي مقترحات في مسارات الحل، وعمل على افشال المؤتمر، ووصول اعماله الى حائط مسدود بشهادة المجتمع الدولي وتحت سمعه وبصره.

 

السوريون في مسعاهم للحل السياسي في المحطات المختلفة، انما اختاروا الحل السياسي بالاستناد الى وعيهم بالمصالح العليا للشعب السوري ومستقبل بلادهم. فالحل السياسي، يعني وقف مسار الدم والتدمير والتهجير الذي اختاره النظام، ومضت على طريقه جماعات التطرف والارهاب من «داعش» واخواتها في القاعدة، والحل السياسي يرسم طريقة سلمية في معالجة مشاكل السوريين وقضاياهم سواء البسيطة أو المعقدة، وهو يخلق فرصاً افضل للحفاظ على الوطن السوري بكل مكوناته وامكانياته، وهذه في الاسباب، التي جعلت وتجعل السوريين يصرون على السير باتجاه طريق الحل السياسي في سوريا.

المستقبل

 

 

 

ما السبيل لعملية انتقالية في سوريا؟/ سمير العيطة

بات البيان الصادر عن مجموعة العمل الدوليّة من أجل سوريا في 30 حزيران 2012 مرجعيّة تصرّ على الالتزام بها جميع الدول المعنيّة بالصراع القائم لأيّ مفاوضات مقبلة لحلّ سياسيّ. جميع الدول مع استثناء واحد هو إيران، بسبب رفض مشاركتها حينها في الاجتماع وفي صياغة هذا البيان، فأطلقت فيما بعد مبادرتها الخاصّة. في المقابل، أقرّت السلطة السوريّة مرجعيّة البيان عندما قبلت بالمشاركة في مفاوضات «جنيف 2» أو في جولتي موسكو. والأكثر مطالبةً بهذه المرجعيّة اليوم هي أطياف المعارضة السياسيّة، بعدما كانت قد رفضت الإشارة إليها بتاتاً في الوثائق الأساسيّة التي صدرت عنها بعد ذلك بيومين، في مؤتمرها في القاهرة في 2 تموز، عندها أصرّ «المجلس الوطنيّ» كما «هيئة التنسيق» على هذا الرفض.

وفي الحقيقة، لم يصبح هذا البيان مرجعيّة دوليّة إلاّ عندما تمّت الإشارة إليه في القرار 2118 لمجلس الأمن في 27 أيلول 2013 الخاصّ بنزع الأسلحة الكيميائيّة في سوريا، الذي «أيّد تأييداً تامّاً» (هذا البيان) والذي «دعا إلى القيام، في أبكر وقت ممكن، بعقد مؤتمر دولي من أجل تنفيذ هذا البيان»، مع دعوة جميع الأطراف السوريّة إلى المشاركة فيه بجديّة وعلى نحوٍ بنّاء، والتشديد على «ضرورة أن تمثّل هذه الأطراف شعب سوريا تمثيلاً كاملاً، وأن تلتزم ببيان جنيف وبتحقيق الاستقرار والمصالحة».

هذا التمثيل الكامل لم تتمّ مراعاته في جولات المفاوضات التي عقدت في مونترو في كانون الثاني وشباط 2014، والتي تعثّرت من جرّاء تفسير منقوص لنصّ البيان. لقد تمّ تغافل ما يخصّ المبادئ والخطوط التوجيهيّة للعمليّة الانتقاليّة التي يجب أن «تتيح منظوراً مستقبلياً يمكن أن يتشاطره الجميع، يمكن أن تنفَّذ في جو يكفل السلامة للجميع ويتسم بالاستقرار والهدوء، يمكن بلوغها بسرعة، من دون مزيد من إراقة الدماء، وتكون ذات مصداقية».

كذلك تعثّرت بسبب تفسير الفقرة المتعلقّة بجسم الحكم الانتقالي بعيداً عن النصّ. إذ كان البيان قد أشار حرفياً على «إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية، وأن تمارس هيئة الحكم الانتقالية كامل السلطات التنفيذية. ويمكن أن تضمّ أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأخرى، ويجب أن تُشكّل على أساس الموافقة المتبادلة». ما يعني أنّه لم يشترط أن تشارك المعارضة والحــكومة الحالية في هذا الجسم، بل موافقــتهما المــتبادلة، في حين اشترط أن تستطيع هيئة الحكم المعنيّة أن تهيّئ بيئة محايدة.

السؤال الجوهريّ اليوم هو عن طبيعة جسم الحكم الانتقالي الذي قد يخلق بيئة محايدة، مع وجوب استمراريّة الدولة ومؤسساتها، وضرورة أخذ المستجدّات منذ 2012 بعين الاعتبار: خاصّة انقسام المعارضة السياسيّة بشكلٍ حادّ ونهاية وهم «الممثل الشرعي» ـ وحيداً كان أم لا ـ للشعب، وابتعادها عن المعارضة المسلّحة، وبروز التنظيمات المتطرّفة، خاصّة «داعش» و «النصرة»، وسيطرتها على جزء من الأرض السوريّة.

لا يمكن اليوم خلق بيئة محايدة من دون توافق إقليميّ دوليّ جديد، يتضمّن إيران والسعودية وتركيا خاصّة، يعمل على إيقاف صراعها عبر السوريين، ويوجّه جميع الجهود لإيقاف تمدّد «داعش»، المستفيد الوحيد من استمرار هذا الصراع. كما لا يُمكن لهذه البيئة أن تكون من دون التوصّل إلى تعريف توافقيّ للإرهاب، الذي لم يذكره بيان جنيف، يتضمّن إرهاب التنظيمات المتطرّفة كما إرهاب الدول، بما فيها السلطة السوريّة وقصفها للمدنيين بالبراميل. كذلك لا بدّ من توضيح مفهوم الحياديّة نسبة لما تشهده سوريا من شرذمة في المواقف والتــطوّرات المــيدانيّة، عرباً وكرداً، وضمن كلّ المكوّنات العرقيّة والدينيّة والطائفيّة، بل والسياسيّة.

وربّما يكمُن هنا مضمون المشاورات التي أطلقها المبعوث الأمميّ ستيفان دي ميستورا وفريقه، بغية إعداد تقريره للأمين العام. فما الذي يضمن خلق بيئة حياديّة في صراعٍ لم يعد فقط صراع سلطة ومعارضة، بل أضحى متعدّد الأطراف سياسيّاً وعسكريّاً ومدنيّاً؟ وكيف السبيل لإيجاد أسس وآليّات لتطبيق بيان جنيف اليوم؟

السفير

 

 

 

ماكدونالدية النُخب السياسية السورية/ رستم محمود

في شكل نسبي، يُعد الائتلاف السوري المظلة السياسية الأكثر شرعية لتمثيل القوى الاجتماعية والسياسية السورية المناهضة للنظام، ليس فقط بسبب خطابه وسعة انتشاره وضمه أكبر طيف من القوى السياسية المتنوعة، ولكن بالضبط لأنه الأكثر جدية في مناهضته الفعلية لنظام الأسد، والأقدر على المماحكة وخلق التوازن السياسي الحقيقي معه.

ضمن هذا السياق، ما الذي يفسر مشاركة الكثير من «الشخصيات» السياسية التأسيسية والمركزية في هذا الائتلاف في اجتماع القاهرة الأخير للمعارضة، والذي كان واضحاً بجلاء ميله لسحب شرعية التمثيل، أو جزء منها، من الائتلاف، وخلق استقطاب إقليمي مواز أو مضاد للائتلاف المتهم من رعاة الاجتماع بالميل للقطب التركي.

كيف تُفسر تلك المشاركة، فيما تعرف الشخصيات التي شاركت أن تحطيم الائتلاف وخلق استقطاب مع قوة إقليمية غير واضحة الموقف من النظام، لن يساهما سوى بالمزيد من التعكير والاضطراب في وحدة الصف في المواجهة الجدية للنظام.

من التعليل الذي ساقه هؤلاء المشاركون («نشارك بصفة شخصية») تبدو واضحة طبيعة الدافع النفسي والسلوكي وراء سلوكهم. فالميل القوي للظهور، بمعزل عن النتائج والأثمان، هو ما يشكل دافعاً. وهذا يطابق ما كانت دراسات علم الاجتماع قبل ربع قرن في أوروبا والولايات المتحدة قد أسمته «النزعة الماكدونالدية»، حيث يسيطر الشغف بالأكل والحضور في الأماكن العامة والتصوير والنشر وممارسة البهجة الجماعية خارج المنزل، من دون أي اهتمام بالأضرار الصحية بسبب نوعية الأطعمة، واللامبالاة بمساوئ تلك السلوكيات على روح العائلة وتواصلها وتضامنها أثناء وجباتها اليومية المنزلية.

قد يبدو ذلك مبرراً إلى حد ما بالنسبة ليافعين سوريين كثيرين تراكب انخراطهم في «الحياة العالمية» مع اندراجهم في الثورة، حيث شكل «فرط» الرغبة بالسفر والحضور والعلاقات العامة إغراء عاماً ومفهوماً لديهم. لكن أن تغدو هذه النزعة مجالاً وشكلاً حياتياً و «روحياً» وإيديولوجياً شاملاً لنُخب سياسية من المفترض أنها تمثل ملايين المواطنين الذين يخضعون لأفظع عملية إبادة آدمية في العصر الحديث، ففي ذلك مؤشر خطير إلى خلل شرعية هذا التمثيل وصحية هذه العلاقة.

يشكل سوء العلاقة بين القواعد الاجتماعية السورية، سواء في الداخل أو دول اللجوء الإقليمية، محدداً أولياً لفهم هذا النمط من السوء. فهذه النُخب بغالبيتها معزولة ومغتربة عن القواعد، وأغلبها صعد إلى المراكز التي هو فيها راهناً نتيجة لواحدة من ثلاث ديناميات ناتجة عن سوء تعبير أو تمثيل لهذه القواعد. فإما هي نُخب صعدت نتيجة كثافة ظهورها في الإعلام، وبالذات في الفترات الأولى للثورة. أو هي نُخب اغتربت أو كانت مغتربة بالأساس مع عائلاتها، ثم استخدمت جملة قدراتها وعلاقاتها العامة لتصل إلى ما هي عليه، حيث لا تشكل سورية ومأساة السوريين منغصاً حياتياً ووجودياً لهم، وعلاقتهم بالشأن السوري أقرب ما تكون إلى امتهان تجاري، وربما ترفيهي، الغرض المركزي منه تحقيق الذات والحضور والسلطة المادية والرمزية. أما الدينامية الثالثة فتتعلق بشبكة علاقات هذه النُخب بالأجهزة السياسية والاستخباراتية للدول الإقليمية.

مجموع تلك الدوافع يشكل مصدراً لسوء التمثيل والتضامن، مما يربط هذه النُخب بالقواعد الاجتماعية السورية.

لكن البعد الآخر لفهم تلك النزعة «الماكدونالدية» يتعلق بسوء العمق الأيديولوجي/ العصبوي الذي يشكل سلطة عليا لسلوكيات هذه النُخب. فالعصبوية الوطنية السورية التي يُفترض أن تشكل أعلى تجلٍ أخلاقي وسلوكي لديها، ليست كذلك، وهذا تبعاً لاختلافها عن المركبات العصبوية الجهوية أو الأيديولوجية أو الطائفية أو الإثنية وصولاً إلى الحاراتية. فهذه النخب تشعر بسوء ولاء عميق لسورية، والكثير منها لا يتورع في التعبير عن ازدرائه لمجتمعاتها الوطنية الداخلية. ولم ينتج ذلك عن اغتراب وسوء تمثيل وتبنٍ من قبل هذه النُخب فحسب، بل لطبيعة النظام الطغياني العنيف الذي حكم سورية لفترة مديدة، وأغرق المجتمعات الداخلية بالتحطيم الممنهج والزبائنية وسلوكيات التقية السياسية، ما أفقدها القدرة على توليد الممثلين المطابقين السياسيين أو الاجتماعيين.

أثناء مؤتمر القاهرة الأخير للمعارضة، نشر أحد المشاركين صورة «سِلفي» لنفسه مبتسماً، وخلفه كثيرون من شركائه/ خصومه السياسيين المفترضين، معلقاً: «من قلب المعركة»!

فما يبدو، في المسألة السورية راهناً، أن ثمة «معارك» من أنماط مختلفة تماماً، وأن ثمة «محاربين» من عوالم أكثر اختلافاً.

* كاتب سوري

الحياة

 

 

 

موسكو ومفاتيح الحل في سورية/ مروان قبلان

تدل مجمل التحركات السياسية الأخيرة بشأن المسألة السورية على بداية ظهور إجماع إقليمي ودولي على نقطتين جوهريتين، طالما كانتا محل خلاف في السنوات الأربع الماضية، وشكلتا عقبتين كؤودين في وجه الحل. الأولى، طبيعة الدور الروسي وحجمه في الأزمة السورية. والثانية، ضرورة إيجاد حل لعقدة بقاء الرئيس بشار الأسد في سدة الحكم. اذ طالما شكّل الدور الروسي، في رأي جزء لا يستهان به من حلفاء الثورة السورية، على الأقل، جزءاً من المشكلة، بعد أن تعاملت موسكو مع المسألة السورية باعتبارها “مادة” لإعادة تأكيد مكانتها الدولية، وورقة وظفتها في استراتيجية المواجهة مع الغرب، ومن منطلق انتقامي أحياناً، خصوصاً بعد التدخل الغربي في ليبيا، واتضاح قيام إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما بخداعها في إطلاق مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، فيما كانت تحاول، في حقيقة الأمر، الحصول على مساعدة موسكو لضبط الوضع في أفغانستان، تمهيداً للخروج لا أكثر، في حين أنها استمرت في تبني سياسات الإدارة الجمهورية السابقة، لجهة عزل روسيا ومحاصرتها. بناء عليه، تبنت موسكو مواقف النظام السوري الذي لم تكن تربطها به علاقات ود كبيرة، وقامت بتأمين غطاء سياسي ودبلوماسي له، خصوصاً في مجلس الأمن، ما شجعه على الذهاب بعيداً في تبني سياسات عنف غير مسبوقة في معالجة الأزمة. لا بل إن النظام تلقى ما يشبه نصائح روسية باستخدام “خيار غروزني” للقضاء على الثورة.

أخذ هذا الدور يتحول، وإن ببطء، في الأشهر الأخيرة، بفعل عوامل عدة: أولها، اتضاح عجز النظام، على الرغم من كل الدعم الخارجي الذي تلقاه، في حسم المعركة لصالحه عسكرياً، ما حدا روسيا إلى إعادة تموضع تدريجي، ينقلها من خانة الخصم إلى خانة الوسيط في الأزمة، تحسباً لأي تطورات غير متوقعة من جهة، وتعبيراً عن حالة إحباط من عدم تجاوب النظام مع مساعيها إلى بناء حد أدنى من التوافق نحو الحل، مع أقرب أطراف المعارضة السورية إليها، من جهة أخرى.

“تبنت موسكو مواقف النظام السوري الذي لم تكن تربطها به علاقات ود كبيرة، وقامت بتأمين غطاء سياسي ودبلوماسي له، خصوصاً في مجلس الأمن، ما شجعه على الذهاب بعيداً في تبني سياسات عنف غير مسبوقة في معالجة الأزمة”

تمثل العامل الثاني في صعود تنظيم الدولة الإسلامية، وسيطرته على أجزاء شاسعة من العراق والشام، وتحول سورية إلى “مركز جذب” (Magnate) لجهاديي العالم، وجزء كبير منهم من الأقاليم الروسية المسلمة (الشيشان، داغستان، أنغوشيا) أو من جمهوريات آسيا الوسطى السوفياتية السابقة. أما العامل الثالث، فهو محاولة موسكو الاستفادة من ظروف الافتراق النسبي في المصالح بين واشنطن والرياض، والاستثمار في فجوة الثقة المتنامية بينهما، في مسعى إلى إعادة إصلاح علاقاتها بدول الخليج، والتي أفسدتها المسألة السورية، وألحقت أضراراً اقتصادية وسياسية بالغة بروسيا.

ضعف النظام وتنامي نفوذ الجماعات الإسلامية، خصوصاً تنظيم الدولة، قاد، من جهة أخرى، إلى حصول تقارب روسي-أميركي، رأى في صعود التنظيم وتمدده تهديداً خطيراً لمصالحه في المنطقة، لكنه اختلف على دور النظام في مواجهته، ففي حين رأت روسيا في نظام الرئيس بشار الأسد شريكاً في الحرب ضد تنظيم الدولة وعموم الجهاديين، كان الموقف الأميركي ينوس، بحسب الضغوط الإقليمية، بين اعتبار النظام السوري جزءاً من المشكلة إلى اعتباره جزءاً من الحل. الجديد الذي ظهر في الحراك السياسي الأخير محاولة واشنطن بلورة موقف مشترك مع موسكو، يتجاوز عقدة النظام، وينحو تجاه اعتبار بقاء الأسد، وليس نظامه، عقبة في وجه احتواء تنظيم الدولة والقضاء عليه. وقد طغى هذا الموضوع، بحسب مصادر عديدة، على محادثات وزير الخارجية الأميركي في موسكو في 11 يونيو/حزيران الماضي، والتي جاءت على خلفية سيطرة فصائل المعارضة، ذات التوجهات الإسلامية في معظمها، على أغلب محافظة أدلب، وسيطرة تنظيم الدولة على تدمر واقترابه من تهديد مدن كبرى بأكملها، مثل حمص وحماة ودمشق وحتى حلب، الأمر الذي دق نواقيس الخطر في الكرملين والبيت الأبيض على السواء.

اكتسب الدفع باتجاه ترجمة هذه المقاربة زخماً إضافياً في قمة الدول الصناعية السبع الكبرى التي عقدت مطلع يونيو/ حزيران الجاري في بافاريا الألمانية، حيث ناقش قادة العالم الرأسمالي، على الرغم من توتر العلاقات مع روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية، مقترحاً لإبعاد الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، جزءاً من تفاهم غربي-روسي لدمج المعارضة “المعتدلة”، مع ما تبقى من قوات النظام لمواجهة تنظيم الدولة على الأرض. وبحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية، استأثرت مواجهة داعش بالجزء الأكبر من الاجتماع الذي عقده الرئيس أوباما مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، على هامش القمة. وفي التفاصيل، بدا هذا الاجتماع شديد الشبه باجتماع النورماندي الشهير في يونيو/حزيران 2004 بين الرئيسين السابقين، الأميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك، واتفقا فيه على إخراج سورية من لبنان. اجتماع أوباما-كاميرون يهدف، على ما يبدو، إلى إخراج الأسد من سورية، وبمساعدة روسيا التي تتجه واشنطن وحلفاؤها الغربيون إلى الإقرار بمركزية دورها، وشرعية مصالحها في سورية.

وجاءت الدعوة التي بدت حينها “مستغربة”، وأطلقها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في لقائه وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، في موسكو، أخيراً، لإنشاء تحالف بين النظام السوري وكل من تركيا والأردن والسعودية لمواجهة ما سماه بوتين “الشر” الذي يمثله داعش، وكأنها الرد الروسي على الطرح البريطاني-الأميركي الذي نوقش في قمة الدول الصناعية في بافاريا. وفيما دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، نظيره المعلم إلى عدم التهرب من استئناف العملية السياسية لمواجهة ما سماه “إطباق الإرهاب” على منطقة الشرق الأوسط، تلافى بوتين إعطاء إجابة واضحة، عندما سُئل حول ما إذا كانت بلاده مستعدة لحث الأسد على التنحي، إذا ما كان ذلك يقود إلى حل سياسي للأزمة، لكنه عاد ليقول إن بلاده “مستعدة للعمل مع الأسد لتنفيذ عملية إعادة تشكيل النظام السياسي في سورية، إنما من دون تدخل خارجي”. وقد بلغ القلق الروسي مما أخذ داعش يمثله من تهديد، خصوصاً بعد إعلان جهاديي القوقاز الروسي (جمهوريات داغســـتان والشيشان وأنغوشيا وقبردينو – بلقاريا)، مايو/أيار الماضي، قيام ولاية القوقاز، ومبايعتهم زعيم تنظيم داعش، أن اتصل بوتين، على الرغم من حالة التوتر غير المسبوق مع الغرب بسبب أوكرانيا، هاتفيا بالرئيس أوباما، حيث جرى الاتفاق على “فصل الملفات الخلافية، وعدم حصر المناقشات بين البلدين بالاستعصاء الذي سبّبته الأزمة الأوكرانية”، كما تم الاتفاق على عقد لقاء جديد يجمع وزيري الخارجية سيرغي لافروف وجون كيري، لبحث “جملة القضايا المتعلّقة بمكافحة الإرهاب، خصوصاً تمدّد نفوذ تنظيم داعش في منطقة الشرق الأوسط”.

“تلافى بوتين إعطاء إجابة واضحة، عندما سُئل حول ما إذا كانت بلاده مستعدة لحث الأسد على التنحي، إذا ما كان ذلك يقود إلى حل سياسي للأزمة، لكنه عاد ليقول إن بلاده مستعدة للعمل مع الأسد لتنفيذ عملية إعادة تشكيل النظام السياسي في سورية، إنما من دون تدخل خارجي”

الرياض تلتقط اللحظة الروسية

التقط السعوديون، الذين ما فتئوا يراهنون على تغير في الموقف الروسي، على ما يبدو، الإشارات الصادرة من بافاريا، ونتائج اجتماعات كيري في موسكو، وبدأوا محاولة البناء عليها، فأوفدوا ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، إلى الكرملين، لمحاولة استيضاح مدى استعداد قيصر روسيا للتفاهم. وكان الروس قد أرسلوا إلى السعوديين إشارات بهذا الخصوص، في أبريل/نيسان الفائت، عندما خذلوا حلفاءهم الإيرانيين في مجلس الأمن، وامتنعوا عن استخدام حق النقض (الفيتو)، لمنع صدور القرار 2216 الخاص بالأزمة اليمنية ، والذي نص، من بين أمور كثيرة، على فرض حظر على توريد السلاح إلى الحوثيين (حلفاء طهران)، وطالبهم بالانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها، بما فيها العاصمة صنعاء، ودعا جميع الأطراف اليمنية إلى المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني في الرياض، تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي، ما يعني أن روسيا وافقت على اعتبار اليمن شأناً أمنياً سعودياً.

وتقر موسكو التي يبدو أنها تعلق آمالاً على حصول افتراق أكبر في المصالح بين واشنطن والرياض في المرحلة المقبلة، بأن القرار السعودي بالحفاظ على مستوى إنتاج مرتفع من النفط، بغرض معاقبتها، إلى جانب إيران، على مواقفهما الداعمة للنظام السوري، قد أضر بها أكثر من العقوبات التي فرضتها الدول الغربية مجتمعة عليها، بسبب الأزمة الأوكرانية، إذ بلغت خسائر روسيا نتيجة العقوبات الغربية، خلال العام الماضي، نحو 40 مليار دولار، فيما بلغت خسائرها بسبب انخفاض أسعار النفط، في الفترة نفسها، أكثر من 150 مليار دولار.

ويدرك الروس، أيضاً، أن القرار السعودي لم يكن يستهدفهم وحدهم، بل كان موجهاً أيضاً ضد الشركات الأميركية التي استفادت من ارتفاع الأسعار في السنوات الخمس الماضية، لمضاعفة إنتاجها من النفط والغاز الصخريين. وتتشارك كل من السعودية وروسيا الإحساس بالتهديد من تنامي إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز. وفيما يشكل تحول الولايات المتحدة إلى أكبر منتج للنفط بحلول عام 2017 تهديداً لموقع السعودية النفطي، تدفع روسيا تواً ثمن تجاوز الولايات المتحدة لها باعتبارها أكبر منتج للغاز في العالم هذا العام، واتجاهها نحو تشكيل بديل لصادرات الغاز الروسية إلى أوروبا خلال العقد المقبل.

ويشكل التقارب الإيراني-الغربي المرتقب، بعد التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي، هو الآخر عاملاً ضاغطاً باتجاه مزيد من التنسيق السعودي-الروسي، فإيران تطرح من الآن نفسها بديلاً عن إمدادات الطاقة الروسية إلى أوروبا، وهو أمر يثير حساسية كبيرة في موسكو. هذا لا يعني طبعاً حصول انقلاب في تحالفات المنطقة، لكنه يعني بروز فرص تفاهم أكبر بين روسيا والسعودية، دفاعاً عن مواقعهما باعتبارهما أكبر مصدرين للطاقة في العالم، حيث إن تعاوناً روسياً-سعودياً فقط في مقدوره أن يضبط أسواق الطاقة والأسعار (ينتج البلدان مجتمعين ربع إنتاج العالم من النفط)، ويسري ذلك على أسواق الغاز، إذا حصل تعاون روسي-قطري، باعتبار أن قطر تصدر ما نسبته 31% من إجمالي صادرات الغاز الطبيعي المسال في العالم. ولا ننسى، أخيراً، أن روسيا والسعودية تتشاركان أيضاً عداءهما الشديد لتنظيم الدولة، وتسعيان، بالدرجة نفسها، إلى القضاء عليه، ما يشكل نقطة التقاء مصالح أخرى. يبقى أن يتفق الطرفان على حل عقدة الرئيس الأسد، حتى ينفتح المجال بينهما واسعاً باتجاه بناء شراكةٍ، يمكن وصفها بالاستراتيجية، خصوصاً في ضوء نجاح السعودية في تغيير موقف حليف بوتين الرئيس في العالم العربي، الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي ظل، حتى وقت قريب، يدافع عن فكرة بقاء الرئيس الأسد جزءاً من حل سياسي، تنفرد القاهرة مع طهران في اعتباره ممكناً في سورية.

“تشكل إجماع إقليمي ودولي على أهمية الدور الروسي ومحوريته، في إيجاد حل للمسألة السورية، وذلك في وقت أخذ يتضح فيه، بشكل متزايد، خطأ الرهان على الأميركيين”

وهكذا، يبدو أن الاستراتيجية التي اتبعها الرئيس فلاديمير بوتين إزاء المسألة السورية، ودفع ثمنها السوريون دماً ودماراً، تؤتي أكلها مع تشكل إجماع إقليمي ودولي على أهمية الدور الروسي ومحوريته، في إيجاد حل للمسألة السورية، وذلك في وقت أخذ يتضح فيه، بشكل متزايد، خطأ الرهان على الأميركيين، بعد أن تبين للجميع أن سياسات إدارة الرئيس أوباما (حليف المعارضة المفترض) لم تكن أقل سوءاً من سياسات إدارة الرئيس بوتين (حليف النظام المفترض) لجهة تحويل معاناة السوريين إلى مادة لمساومات ومقايضات، محورها إيران وبرنامجها النووي، فكانت عاملاً رئيساً في إطالة أمد الأزمة وتعظيم ثمنها، ما يبرر، بالتالي، تغيير الاتجاه ومحاولة إيجاد الحل في موسكو هذه المرة. لكن السؤال المركزي يبقى في تقدير حقيقة النفوذ والتأثير الذي تملكه روسيا في سورية، لإنضاج مثل هذا الحل، خصوصاً إذا اتخذت إيران موقفاً معارضاً، أو قررت الذهاب وحدها في التسوية سورياً مع واشنطن. بانتظار اتضاح الإجابة عن هذا السؤال، سيستمر السوريون في تأدية ثمن تحول بلادهم إلى ساحة صراع إرادات إقليمية ودولية.

العربي الجديد

 

 

 

القلق من انهيار الجيش فجأة يحرّك الحل السوري/ إبراهيم حميدي

توقُّع «انهيار مفاجئ للجيش» النظامي السوري والقلق من «ملء الإسلاميين الفراغ»، كانا محرّك الاتصالات الدولية والإقليمية في اتجاهين: الأول، ضغط من إدارة الرئيس باراك أوباما، على دول إقليمية رئيسية لوقف الدعم العسكري للفصائل الإسلامية التي حققت انتصارات في الفترة الأخيرة، خصوصاً في إدلب شمال غربي البلاد. الثاني، تواصل واشنطن وغيرها مع موسكو للبحث في سيناريوات التغيير السياسي وتشكيل «حكومة شرعية» في سورية.

محرّك الاتصالات ليس تسريع إسقاط النظام، بل القلق من سقوطه المفاجئ وانــهيار الجيش. هذا القلق ليس «كلام جـــرائد» مبالغاً فيه على خلفية رفض تكرار النموذج العراقي. بل إنه قناعة أجهزة ومــؤسسات استخباراتية في دول غربية كبــرى. عقدت اجتماعات بين أجهزة أمنية وتنــفيذية لتقويم المعلومات المتوافرة لديها من أن «الانهيار وارد في أي لحظة بناء على المعطيات المتوافرة»، خصوصاً أن بعض هذه المعلومات مبنيّ على «تنصّت على اتصالات هاتفية بين مسؤولين في النظام».

أعرب بعض المسؤولين الأميركيين والأوروبيين في اجتماعات، عن التشكيك في صدقية هذا التقدير. يعتقد هؤلاء أن النظام وحلفاءه يسرّبون هذه المعطيات للتخفيف من الضغط عليه والتلويح بأن البديل سيكون «داعش»، سواء بإمكانية سيطرته على دمشق بعد تدمير «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية، أو اقتحامه حمص وسط البلاد وعزل شمال سورية عن جنوبها، وتقطيع أوصال «قوس النظام» من دمشق الى الساحل غرباً.

لكن التعاطي الإجمالي مع إمكان سقوط النظام، بات أمراً ثابتاً في السياسات الكبرى لبحث سيناريوات التغيير المحتمل في سورية. معادلة التغيير هي المزاوجة بين محاربة الإرهاب وتشكيل حكومة شرعية في سورية.

بدايةً، أوفد أوباما مسؤولاً أمنياً رفيع المستوى الى عواصم إقليمية، لإقناعها بضرورة التخفيف من الدعم العسكري والمالي للفصائل الإسلامية. كما أنه أوفد مسؤولاً عسكرياً الى أنقرة، للانقلاب على اتفاق أولي أُنجز بين تركيا ومسؤول عسكري آخر إزاء برنامج دعم المعارضة. خطوط حمر: ممنوع دخول المعارضة الى دمشق. «جيش الإسلام» بقيادة زهران علوش خط الدفاع الأول عن العاصمة. خط أحمر الذهاب الى الساحل السوري. خط احمر الدخول الى مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية.

في موازاة ذلك، يحصل تفاوض سياسي. اختبار الإمكانات. تفاوض شفوي لم ينتقل الى إنجاز مبادئ أو عقد صفقة. الأسلوب الجديد في التفاوض، هو المقاربة الافتراضية. مقاربة «ماذا لو» هي التي تدور بين موسكو وكلّ من واشنطن ولندن ودول أوروبية وعربية وإقليمية.

زار العاصمة الروسية، وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ومبعوثه السابق لشـــؤون سورية دانيـــال روبنستين. كما جرى اتـــصال هاتفي بين الرئيسين فلاديمير بوتيـــن وباراك أوباما، وبين بوتين ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. كما عُقــد اجتماع في لندن بين مستشاري الأمن القـــومي الروسي والبريطاني قبل أيام. نقطة الانطلاق هي: «ماذا لو سقط النظام الآن؟

الانطباع الأولي الذي يخرج منه محاورو الروس، أن الرئيس بوتين الذي انخرط شخصياً في الملف السوري عندما التقى وزير الخارجية وليد المعلم، «ليس مرتاحاً» لأسلوب تعاطي النظام مع أفكاره. لم يكن مرتاحاً لعدم استجابة الرئيس بشار الأسد للقيام بـ «إجراءات بناء ثقة» قبل «منتدى موسكو-١»، ولا لكيفية تعاطي الوفد الحكومي برئاسة بشار الجعفري. وبوتين مدرك أيضاً، السياسة الممنهجة التي تقوم بها إيران في «تفكيك» الجيش وإنشاء «جيوش صغيرة» تابعة لها. وهو أيضاً، بات مدركاً لأهمية الحل السياسي في محاربة الإرهاب. الكرملين سمع كلام مسؤولين أميركيين حول «أن النظام انتهى، والموضوع يتعلّق بالوقت»، لكن في الوقت نفسه، لم تظهر الى الآن رغبة في «تغيير النظام من الخارج»، ولا في التخلّي عن دعم الجيش النظامي بالسلاح والعتاد.

إذاً، على ماذا يتفاوض الروس والمسؤولون الغربيون؟

لا تزال الأمور في طور «التفاوض الشفوي» في مقاربة «ماذا لو». للمرة الأولى، بات المسؤولون الروس ينخرطون في هذه الأسئلة الافتراضية: «ماذا عن المحاسبة؟ محاسبة المسؤولين السوريين؟ ماذا عن أرصدتهم المالية؟ ماذا عن مكان إقامتهم بعد التغيير؟ ماذا عن دور العلويين في الحكم؟ ماذا عن مؤسستي الأمن والجيش؟ ما هي مدة المرحلة الانتقالية؟

في المقابل، يسأل مسؤولون غربيون الجانب الروسي: «في حال قبلنا ببقاء الأسد في بداية المرحلة الانتقالية، هل يمكن تشكيل حكومة انتقالية؟ في حال وافقنا على تشكيل حلف ضد الإرهاب، هل يمكن تشكيل حكومة شرعية تشرف على الجيش وإعادة هيكلته وتكون الاتصالات الدولية والإقليمية معها؟ عندما نقول إن الأسد جزء من الحل، هل يعني أنه موجود خلال التفاوض على المرحلة الانتقالية أم خلال المرحلة الانتقالية بأكملها؟ ايضاً، عندما نقول إنه يمكن القبول بشخصية علوية عسكرية، هل يعني ذلك التخلّي عن آخرين؟ من هي الشخصيات العلوية المقبولة؟»، ويُطرح في هذا السياق عدد من الأسماء، بعضها من «الحرس القديم» أو أقاربهم. وقدّمت بعض الدول الغربية برامج تنفيذية، تتضمّن الاستعداد لإرسال خبراء عسكريين الى سورية، لتدريب «الجيش الوطني» بعد تشكيل «حكومة شرعية». كما أنها قدمت مشاريع لإعادة الإعمار و «حزمة من المشاريع». هنا، اختلف تحليل الدول إزاء «مدة بقاء النظام». بعضها يرى أن «النظام لا يمكن أن يستمر من دون انهيار لأكثر من ستة أشهر أو سنة»، فيما رأى زعيم عربي أن النظام يمكن أن يستمرّ لسنتين. لكن الخوف مشترك من «انهيار مفاجئ».

وتأتي أهمية التقرير الذي سيرفعه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قريباً، من الرهان على أن يطرح الأخير التقرير على مجلس الأمن، ويحصل على الدعم السياسي الدولي لـ «خريطة الطريق» التي سيقدّمها دي ميستورا، لتشكيل الحكومة الانتقالية وتفسيره لـ «بيان جنيف -١».

لكن الأهم، أن يكون قبل ذلك أنجز التفاهم بين الدول الكبرى بعد اتصالات بوتين وأوباما، وبعد لقاء بوتين وكاميرون في أيلول (سبتمبر) المقبل، بحيث يكون اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول، مناسبة لإعادة إطلاق زخم العملية السياسية. الرهان أن يؤدي هذا الى استئناف المفاوضات في «جنيف – ٣».

مبعث الرهان، أن يجمع القلق من تصاعد أخطار «داعش» وقرب موعد توسيع غارات التحالف قبل نهاية العام، الفرقاء الإقليميين المتخاصمين. وأن يفتح الاتفاق النووي النهائي صفحة في إمكانية عقد تفاهم سياسي. الى الآن، هناك فصل كامل في عقل أوباما بين ملفات المنطقة: الملف النووي، محاربة «داعش»، الملف السوري، ملف اليمن. والرهان، أن يتغير الأمر بعد الاتفاق النووي.

هناك قلق أردني متزايد من نفوذ «داعش»، واقترابه من حدود الأردن والخليج. هذا قلق إسرائيلي أيضاً. الجانب الأردني يريد الضغط دعماً لمشروعه إقامة منطقة آمنة جنوب سورية، بعمق عشرين كيلومتراً يحميها مقاتلو المعارضة، و «إنذار» ينقل الى النظام بعدم الاقتراب من المنطقة. وهناك قلق تركي من تصاعد نفوذ «الاتحاد الديموقراطي الكردي»، حليف «حزب العمال الكردستاني»، شمال سورية على طول الحدود التركية. لذلك، فإن القيادة التركية وضعت سيناريوات لمنطقة آمنة بعمق ٣٣ كيلومتراً في بعض المناطق. ودخلت في مفاوضات تتعلّق بالاستعداد لوقف دعم الفصائل الإسلامية، مقابل تقديم دعم جوي من التحالف للفصائل المعتدلة في حربها ضد «داعش».

ينطبق الأمر أيضاً، على إيران التي باتت تدافع عن إقليمها في سورية بين دمشق وطرطوس. وأمام قناعة النظام باستحالة الانتصار الكامل، فإنه بات أكثر استعداداً لصفقات صغيرة تتعلّق بالبقاء في مناطقه، وإعطاء صلاحيات أكبر للقادة المحليين.

الحياة

 

 

 

 

معضلة المعارضة السورية: مكاسب عسكرية بلا أفق سياسي/ رشاد القطان

(الجزيرة)

ملخص

يبدو أن كثيرًا مما حقَّقه النظام من مكاسب عسكرية قد انعكس بالسلب عليه في غضون أقل من خمسة أشهر من عام 2015، الأمر الذي قد يزيد من احتمالات سقوطه الوشيك. ويظهر أن المكاسب الأخيرة مرتبطة بالتنسيق بين الثوار والعلاقات الحسنة بين الدول الداعمة لهم، وهي: المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر. على أن النظام -الذي يزداد اعتماده على الدعم الخارجي- ما زال في وضع الاشتباك الشديد على مدار أشهر في شمال البلاد وجنوبها. وزادت الإخفاقات العسكرية المتراكمة من تشدُّد الموقف السياسي للنظام، حتى تجاه المعارضة الداخلية التي كان من قبلُ يتسامح معها، وكل ذلك يحدث وسط جهود دبلوماسية عالقة. وما زالت الأمور تزداد صعوبة بالنسبة للنظام في كل معركة؛ وذلك بسبب العجز البشري في القوات المسلحة، الأمر الذي يضطره لإعادة ترتيب أولويات عملياته العسكرية. ومع ذلك، لم يصل النظام بعدُ لدرجة فقدان التوازن، ولا يزال قادرًا على ردّ الضربات لخصومه، خاصة في مناطقه الأساسية.

انقلاب الموازين

يستمر الصراع السوري بعد أكثر من أربع سنوات منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، وما تزال الأحداث المتسارعة تُقدِّم مفاجآت للمراقبين وتدحض سرديات ورؤى لدى صنّاع السياسة الخارجية. وقد تميز العام الماضي بعِدَّة تطورات مفصليَّة أمالت الكفّة العسكرية والسياسية لصالح النظام السوري، بما في ذلك نشوء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وخسارة الثوار لبعض المناطق؛ وذلك بسبب تدخل ميليشيات حزب الله المتزايد والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية. وقد دفعت هذه الأحداث بعضَ صنّاع القرار في الولايات المتحدة وأوروبا للمناداة بالتشارك مع النظام السوري؛ من أجل محاربة الجماعات “الإرهابية” في المنطقة. وفي حين لم تحظَ هذه الآراء بالكثير من الدعم الرسمي، فقد دلّت مكاسب الثوار الأخيرة على قصر نظر مَن أيَّدوا هذه السياسات. ففي أقل من خمسة أشهر انقضت من العام 2015، يتبيَّن أن الكثير من المكاسب التي حققها النظام في العام الماضي قد تم إبطالها، وهو ما يُسرع في سقوطه الوشيك.

النظام تحت ضغط شديد

ما زال النظام في وضع الاشتباك الشديد منذ عدة شهور. ففي شمال البلاد، سيطر جيش الفتح -وهو عبارة عن تحالفٍ لقوى ثورية يقوده إسلاميون متشددون وهم أحرار الشام وجبهة النصرة ممثّل تنظيم القاعدة في سوريا، كما يشتمل أيضًا على مجموعات ثورية أخرى معتدلة (1)، على محافظة إدلب في الشمال الغربي للبلاد في مارس/آذار، مسببًا بذلك هزيمة مُذِلّة لجيش النظام والميليشيات في المدينة. كما عزّز جيش الفتح وضعه بالاستيلاء على مدينة جسر الشغور الاستراتيجية، والعديد من القرى المجاورة، وقاعدة القرميد العسكرية. وتتواصل حملته المستمرة للاستيلاء على ما تبقَّى من مواقع النظام في المحافظة (2)، الأمر الذي يمنحهم قوةً كبيرة لاستهداف محافظة اللاذقية الساحلية ذات الأهمية الثمينة؛ إذ تعدّ معقل نظام الأسد. وقد تجلَّتْ قدرة النظام العسكرية المتدهورة في محاولاته الفاشلة في إعادة السيطرة على ثاني أكبر المدن وهي حلب. وفي حين استعادت قواته -بدعم من حزب الله- أجزاءً من المدينة في 2014 في محاولة منه لفرض حصار على المناطق الشمالية التي يسيطر عليها الثوار، فقَدْ فشل إلى حد كبير في تحقيق أهدافه المرجوّة في نزع سيطرة الثوار عن تلك المناطق (3).

أما في الجنوب، فقد توسَّعت الجبهة الجنوبية في محافظة درعا الجنوبية بعد ما حققوه من مكاسب في بُصرى الشام واستيلائهم على معبر نصيب على الحدود السورية الأردنية، الذي يعتبر المنفذ الأخير للتبادل التجاري والصادرات السورية (4). والجبهة الجنوبية عبارة عن تحالف آخر من مجموعات من الثوار المعتدلين يشمل فصائل من الجيش السوري الحر وألوية إسلامية. كما أزعج نجاحُ الثوار في الحدّ من تقدُّم قوات النظام في الجنوب، كلًّا من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، اللذين دخلا المنطقة لمساعدة قوات النظام السورية الضعيفة في صدّ تقدم الثوار، إضافةً إلى مَن جاء معهم من مقاتلين شيعة من العراق وأفغانستان. ولم يُسفر وجودهم -حيث تكون لهم القيادة في أغلب الأحيان في مقارعة الثوار- عن أيّ مكاسب ذات مغزى بالنسبة للنظام السوري، الذي أعاد تموضع قواته بشكلٍ كبير في مناطق استراتيجية أخرى في وسط البلاد وشمالها. وعلى مدى عقود، كانت الحكومة السورية قادرة على الحفاظ على هدوء الحدود مع جاراتها إسرائيل، ولكن هذا الأمر أصبح أكثر صعوبة؛ بسبب الصراع الحالي. وقد سمح ذلك لمجموعات مسلحة، سواء كانوا معارضين أو مؤيدين للنظام السوري، للظهور على الأرض مجبرين إسرائيل في بعض الأحيان للتدخُّل المباشر للحدّ من تقدم المجموعات المسلحة وإعادة تأكيد الردع. كما أن إسرائيل حافظت لفترة طويلة على سياستها في منع نقل الأسلحة المتطورة إلى حزب الله، وهو أمرٌ أصبح من الصعوبة فرضه بالنظر إلى وجود حزب الله الكبير في سوريا. وقد أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية عن موت أعضاء كبار في حزب الله والحرس الثوري الإيراني، الذي فشل بدوره في ردع إسرائيل إلا بما أصدره حسن نصر الله وبشار الأسد من خطب نارية وتهديدات بالانتقام لم تتحقق. وفي حين أنه لا مصلحة لإسرائيل في أن تصبح طرفًا آخر في النزاع السوري، فإنها سوف تواصل تنفيذ هجمات تكتيكية عندما يزداد الخطر على حدودها الشمالية.

وفي الوقت نفسه، سرعان ما تبدّد أمل النظام الملهوف في أن يصبح شريكًا -ولو سرًّا- في قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية لاستعادة شرعيته الدولية. أضف إلى أن تلك الضربات التي بدأت في أغسطس/آب 2014 والتي لم تُمَكِّن النظام عسكريًّا، بل إنها في الواقع حوَّلت اهتمام تنظيم الدولة الإسلامية باتجاه النظام؛ فقد تركَّز تهديد تنظيم الدولة الإسلامية حتى نهاية العام 2014 خارج مناطق النظام الأساسية، ولكن في الأشهر الأخيرة صَعَّد التنظيم من هجماته ضد مدينة حمص وحماة وحلب، ومؤخرًا في دمشق(5). وفي إبريل/نيسان، استولى تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة من مخيم اليرموك في جنوب دمشق بالتعاون مع جبهة النصرة لفترة وجيزة؛ مما شكَّل تهديدًا ضد النظام في العاصمة. وفي حين قُوِّضت قدرة تنظيم الدولة الإسلامية في توسيع سيطرته على المناطق في البلاد بسبب تلك الضربات، فما زال يسيطر على -أو له تأثير من خلال التعاون أو الهُدَن- مساحات كبيرة من البلاد. وما زال تنظيم الدولة يسيطر على المحافظات الشمالية الشرقية، وهي دير الزور والرقة والحسكة.

وقد زادت هذه الإخفاقات العسكرية المتراكمة من تشدُّد الموقف السياسي للنظام، حتى تجاه المعارضة الداخلية التي كان من قبلُ يتسامح معها(6). وقد أعطى هروب لؤي حسين -وهو من أجرأ المؤيدين للتصالح مع النظام- مصداقيةً للمعارضة المسلحة التي كانت مؤمنة منذ بداية الحراك الشعبي بأنه ليس لدى النظام أيّ اهتمام بتقديم تسويات ذات مغزى لأجل إنهاء الصراع(7). وقد اعترف لؤي حسين -وهو رئيس مجموعة بناء الدولة السورية المعارضة في دمشق، والذي قد كان من أكثر النقّاد للتسليح- بأنّ إجراء مفاوضات بشأن التسوية أمرٌ مستحيل مع نظامٍ وصفه بالميليشيا المتصلبة في المضيّ في حلولها العسكرية، حتى وإن كانت النتائج مدمرة بالكامل للبلاد. وكان وجود مجموعات المعارضة الداخلية -التي أُنشِئ العديد منها في 2011 في ظل نظام الحزب السياسي الواحد في البلاد- مجرد ورقة توت؛ تهدف إلى إضفاء الشرعية على مزاعم النظام بالسعي للإصلاح والحوار مع خصومها. غير أن حقيقة الأمر أن هؤلاء الأفراد -الذين ليس للحكومة أي نيّة حقيقية في إشراكهم، ويجدون أنفسهم عُرْضة للاعتقال والمضايقة رغم أهدافهم البسيطة- هم مؤشر قوي على التعنت المتزايد للنظام.

كما أن المساعي الدبلوماسية الدولية، التي كانت دائمًا متواضعة في جهودها الرامية لإنهاء الصراع، قد توقفت تمامًا منذ محادثات جنيف الثانية للسلام. أما المقترح المخيّب للآمال الذي طرحه ستيفان دي ميستورا المبعوث الثالث للسلام من قِبل الأمم المتحدة والجامعة العربية من أجل تطبيق خطة لـ”تجميد” القتال في حلب باعتبارها نموذجًا لعملية السلام الجديدة، فقد وُضِع على الرفّ(8). وعلى غرار أسلافه، فقد خاض المبعوث الأممي كفاحًا شاقًّا من أجل إقناع الأطراف المتنازعة بالاتفاق حول حل سياسي، وذلك في ظل رفض النظام التنازل وانقسامات الثوار الخاصة فيما بينهم وغياب الإرادة الإقليمية والدولية من أجل التوصل إلى تسوية. ومنذ ذلك الحين، حاولت روسيا فرض مبادرتها الخاصة من أجل السلام، ممهدةً لسلسلة من المحادثات بين ممثلين شكليين عن الحكومة السورية وشخصيات مغمورة من المعارضة، إلا أنها انتهت -أيضًا- دون نتائج ملموسة بالرغم من جدول أعمالها البسيط.

المنافسة الداخلية بين الجماعات الثورية

تتميز القوات المناهضة للنظام، سواء السياسية أو العسكرية، في المقام الأول بالانقسامات الفكرية والإقليمية، والتي تعزَّزت من خلال المصالح المتنافسة لرُعَاتهم الخارجيين ومن خلال الأجندات المتنافسة بين المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا(9). فمنذ عام 2011، ظهرت عشرات الفصائل والألوية والتحالفات في مناطق مختلفة من البلاد، إلا أن عقدها انفرط نتيجة لنقص الدعم المالي والعسكري، وتغيُّر الحسابات الجيوسياسية، ووجود اقتتال داخلي بين الثوار. على أن أحدث التطورات وأبرزها هو اضمحلال جبهة ثوار سوريا وحركة حزم اللتين كانتا مدعومتين من الغرب، وخاصة بعد الهجمات القاسية والاغتيالات التي نفّذتها جبهة النصرة(10). وهذا مجرد جانب عرضيّ من حملة أوسع لجبهة النصرة وغيرها من الفصائل السلفية من أجل القضاء على المجموعات الثورية القومية والمعتدلة أو تحييدها، التي كافحت من أجل البقاء ككتلة واحدة من أجل إظهار توحُّد كافة الطوائف الدينية والجماعات العرقية المتباينة في البلاد(11). وفي الوقت نفسه، يواصل تنظيم الدولة الإسلامية هجومه ضد المجموعات الثورية الأخرى، بما في ذلك خصمه الرئيسي وهو جبهة النصرة، التي فَقَدت العديد من قادتها العسكريين في حملات الاغتيال(12). وبالرغم من ذلك الضغط، فإنّ بعض الفصائل -مثل الجبهة الجنوبية- قد أعلنت انفصالها عن جبهة النصرة، واستبعدت أي تعاون عسكري معها، الأمر الذي يعكس التزاماها بالكفاح الوطني، ولكن ذلك يعكس أحيانًا هدفهم في الحفاظ على الدعم الخارجي والشرعية.

وقد استقر الوضع على واقعٍ جديد: فجبهة النصرة تقود حاليًا عمليات كبيرة ناجحة ضد قوات النظام، وأحيانًا تُدعم من الخلف، وذلك بفضل قدرتها العسكرية وانضباطها(13). وقد جعل هذا بدوره بعض الداعمين للثورة السورية يشجعون المجموعة الموسومة دوليا بالإرهاب على قطع علاقاتها بالقاعدة وتشكيل كيان جديد. ومع ذلك تواصل الجبهة محاولاتها لتعزيز قوتها في شمال سوريا. ولكن حتى في حال ابتعدت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة، فمن غير المتوقع أن تتغير أيديولوجية الكيان، فقد قاتلَ قائدُ جبهة النصرة، وهو أبو محمد الجولاني، مع المجموعة في العراق، في حين قاتل غيرُه من القادة في أفغانستان.

وفي الوقت نفسه، فقد أصبح الائتلاف الوطني السوري الذي يعدّ المظلة السياسية للثوار المعتدلين غير ذي صلة ومستبعَد؛ لأنه يعاني من التشظِّي، ونقص الدعم المادي، والسيطرة غير الفعّالة على مجموعات الثوار المؤثرة التي رفضت سلطته. وتجري بعض المحاولات المتواضعة لإحياء هذه المجموعة المعتلّة، التي أثبتت مرارًا عجزها البنيويّ وعدم قدرتها في الحصول على الشرعية المحلية في المناطق المحررة. وإذ تواجه القوى الإقليمية هذه الإخفاقات، يبدو أنها تتبع نموذجًا بديلًا من خلال جمع كلٍّ من المجموعات السياسية والمجتمع المدني والمجموعات المسلحة تحت مظلة واحدة.

نهاية اللُّعبة لا تزال بعيدة المنال

إن الابتهاج الذي يحيط بنجاحات الثوار قد جلب معه احتمالات وصول النظام إلى مرحلة جديدة لا رجعة فيها، وأحد آخر التحليلات في هذا السياق يستحق التعريج. فقد رأى روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سوريا -وهو أحد الخبراء القليلين في الشأن السوري في الإدارة الأميركية- أن النظام ربما يكون في مرحلة “الوصول للنهاية”(14). ويضع أربعة مؤشرات ستكون بالتأكيد حاسمة في تحديد المصير النهائي للنظام، ولكنها لم تصل بعدُ إلى نقطة الحسم (15).

أولًا: عدم قدرة النظام على الدفاع والقيام بالهجمات المضادة؛ وهذا يبدو واضحًا في المناطق الهامشية أو تلك التي تقع خارج مناطق النظام الأساسية من مدينة دمشق حتى مدينة اللاذقية الساحلية عبر حمص. ومع أنه من المبكر التوقع، فإنّ الثوار ما زالوا عاجزين عن اختراق هذه المناطق، كما أن النظام لا يزال يملك قدرات عسكرية ومعدات متفوقة. أضف إلى أن حزب الله والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران يكثفون جهودهم جنبًا إلى جنب على الحدود اللبنانية وفي جنوب سوريا، وهم بذلك عازمون بالتأكيد على خوض معركة شرسة.

 

ثانيًا: زيادة الانشقاق الداخلي داخل النظام؛ ومثل تلك الحالات نادرة وليس لها إلا تأثير محدود على ديناميات الصراع أو لا يكاد يُذكر. ولم تزد التوقعات بحدوث انقلاب داخلي للحفاظ على النظام أو حدوث تحولات واسعة النطاق عن أُمنيات حالمة، وهو أمر تعزَّز في السنوات الأربع الماضية من خلال حالات “التطهير” الفردي داخل النظام نفسه، الأمر الذي جعله في الحقيقة أكثر تماسكًا وصلابة.

ثالثًا: وهو مؤشر يتعلق بما قبله، وهي بوادر وقوع انشقاق داخل قاعدة دعم النظام؛ فالداعمون الأساسيون للنظام، وهم في الأساس الأقليات والبرجوازية السُّنِّيَّة، مدركون تمامًا أن النظام يحارب فقط من أجل البقاء وليس لحماية مصالحهم، ولكن المعارضة فشلت في تقديم بديل أفضل؛ مما اضطر الأنصار المترددين -أو من هم على الحياد- إلى التمسك بالنظام (16). ورغم ارتفاع معدل الاستنزاف، فمن غير المرجّح حدوث تحول جذري في رؤيتهم واستعدادهم للتخلي عن النظام؛ حيث إن تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة والسلفيين يستحوذون على عناوين الأخبار الرئيسية في انتزاع الأراضي من الحكومة. وبالتأكيد، فإنّ ثمة شعورًا متزايدًا بنقص الموارد البشرية داخل قاعدة دعم النظام، وهو نموذج كلاسيكي لـ”نظام الأقلية” الذي لا يمكن أن يستمر في القتال إلى الأبد، ولكن لن يؤدي بالضرورة إلى تحوُّل مفاجئ في موازين القوى. ومن المفارقات أن المكاسب التي حققها الثوار في الآونة الأخيرة قد تُنتِج بعض العواقب غير المقصودة مثل اندفاع النظام إلى اللجوء إلى الوحشية المتطرفة لتقويض معنويات خصومه، كما حدث في المجازر والهجمات بالأسلحة الكيميائية. وبصرف النظر عن التوازن العسكري، فإنّ النظام لا يزال قادرًا على استخدام العنف اللامتناسب من غير أن ينال جزاءه.

وأخيرًا، الرغبة الشديدة في محادثات سلام؛ إلا أن هذه الرغبة غير قابلة للتطبيق إلا في حال تم تنظيم هذه المحادثات من قِبل روسيا، التي تهدف أساسًا لزيادة تقسيم المعارضة الممزّقة أصلًا. والحق أنه لا يوجد أي استعداد حقيقي للحديث عن السلام، بخلاف عما يُقال في الظاهر بشأنه، خاصة أن “الجمود الموجع” الذي راهن عليه النظام بات بعيدًا بعد مكاسب الثوار الأخيرة. في حين أن احتمالات حصول أي اختراق على المستوى الدبلوماسي تظل ضئيلة، وذلك في ظل عدم فعل مجلس الأمن أي شيء سوى إجماعه على نزع أسلحة النظام الكيميائية، وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية. وبالنظر إلى الاقتتال الداخلي والانقسامات بين المجموعات الأكثر اعتدالًا، فإنّ التدخل الغربي سوف يظل مُركِّزًا في المقام الأول على تحطيم تنظيم الدولة الإسلامية وغيرها من المجموعات المتشددة. وبالتالي فإن جميع الأطراف ستتمسك برؤيتها للانتصار مهما كان زائفًا.

انكشاف خارجي

بينما يستمر الصراع في التمُّدد والانتشار، يبقى العامل الثابت الوحيد هو ازدواجية الولايات المتحدة بشأن حلّه. فلأكثر من أربع سنوات انتظر معارضو الأسد، عبثًا، ظهور سياسة متماسكة للولايات المتحدة تجاه سوريا تفضِّل التدخل العسكري لإسقاط النظام واحتواء تزايد النفوذ الإقليمي الإيراني(17). والواضح أن الحفاظ على المكاسب العسكرية الأخيرة يحتاج فرض منطقة حظر جوي؛ لحماية المواطنين من الغارات الجوية العشوائية، وكذلك توفير نموذج حكم محلي رشيد قابل للحياة، بل وإنشاء غطاء جوي للثوار في تقدُّمهم. وفي ظل غياب الدور الدولي لحل النزاع، فإنّ سياسة العرب الخارجية في الإقليم بقيادة المملكة العربية السعودية لا تزال في مراحلها الأولى. وأحد الدروس التي يمكن أن نستخلصها من التدخُّل الحاصل في اليمن هو أن النجاح العسكري المحدود لا ينتج بالضرورة انتصارًا سياسيًّا. وهذا هو الوضع المرجّح حصوله في سوريا، حيث إنه حتى مكاسب الثوار الكبيرة لن تؤدِّي إلى انهيار وشيك للنظام يؤدي إلى وضع حدٍّ للصراع السوري.

___________________________________

رشاد القطان – خبير سوري في قياس المخاطر

ملاحظة: ترجم النص إلى العربية محمود محمد الحرثاني، محاضر الدراسات الثقافية والترجمة بجامعة الأقصى، غزة، فلسطين. أنهى الدكتوراه في الدراسات الثقافية المتداخلة Translation and Intercultural Studies من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة. يكتب في الشأن السياسي الدولي. آخر أعماله تأليف كتاب “يوتوبيا التعايش: الدولة الواحدة الحال والمآل”، نشر مركز الجزيرة للدراسات، 2014. وأصدر ترجمة عربية لكتاب The General’s Son (ابن الجنرال)، للكاتب الإسرائيلي الأميركي ميكو بيليد. الترجمة من إصدارات الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت 2014.

المراجع

1- AFP, ‘Army of Conquest’ rebel alliance pressures Syria regime, 2 May 2015 http://news.yahoo.com/army-conquest-rebel-alliance-pressures-syria-regime-090529121.html

2- Sinjab, L. Syria: How a new rebel unity is making headway against the regime, BBC News, 1 May 2015 http://www.bbc.com/news/world-middle-east-32540436

3- Walsh, N. P. Syria’s al-Assad regime in trouble, CNN, 3 May 2015 http://edition.cnn.com/2015/05/03/world/analysis-assad-regime-possible-trouble/index.html

4- Al-Khalidi, S. Rebel seizure of Syrian border post hits exporters across region, Reuters, 24 Apr 2015 http://www.reuters.com/article/2015/04/24/mideast-crisis-syria-economy-idUSL5N0XK4XI20150424

5- ISIS in Syria campaign update, Institute for the Study of Way, 31 March 2015

6- Sayigh, Y. Where next in Syria? Carnegie Endowment for International Peace, 30 April 2015 http://carnegie-mec.org/publications/?fa=59941

7- Daragahi, B. Louay Hussein, mainstay of Syrian opposition, flees to Turkey, Financial Times, 29 April 2015 http://www.ft.com/cms/s/0/4a223334-eda8-11e4-987e-00144feab7de.html

8- Sengupta, S. Iran Nuclear Talks Open a Tangled Path to Ending Syria’s War, New York Times, 4 May 2015 http://www.nytimes.com/2015/05/04/world/middleeast/iran-nuclear-talks-open-a-tangled-path-to-ending-syrias-war.html

9- Lund, A. Are Saudi Arabia and Turkey about to intervene in Syria? Carnegie Endowment for International Peace, 24 April 2015 http://carnegieendowment.org/syriaincrisis/?fa=59904

10- Geographical dispersion of Jabhat al-Nusra and allied forces, Institute for the Study of Way, December 2014

11- Oweis, K. Y. The last bastion of the Syrian revolt, StiftungWissenschaftPolitik, February 2015

12- Hassan, H. Syria’s revitalized rebels make big gains in Assad heartland, Foreign Policy, 28 April 2015 http://foreignpolicy.com/2015/04/28/syrias-revitalized-rebels-make-big-gains-in-assads-heartland/

13- Syria Framework, International Crisis Group, 27 April 2015 http://www.crisisgroup.org/en/publication-type/media-releases/2015/middle-east-north-africa/statement-on-a-syrian-policy-framework.aspx

14- Ford, R. The Assad Regime: The Beginning of the End? Middle East Institute, 24 April 2015 http://www.mei.edu/content/at/assad-regime-beginning-end

15- Barnard, A.An eroding Syrian army points to strain, New York Times, 30 April 2015 http://www.nytimes.com/2015/04/29/world/middleeast/an-eroding-syrian-army-points-to-strain.html

16- Public protests by pro-regime populations, Institute for the Study of Way, December 2014

17- Young, M. On our own, regional states could soon ignore America in Syria, Now media, 30 April 2015 https://now.mmedia.me/lb/en/commentary/565207-on-our-own

 

 

 

سورية في المتخيل السياسي/ فواز حداد

شجعت كثافة التحركات الدبلوماسية وما طرحته من آراء على المزيد من فوضى الحلول السياسية، خاصة أن أغلبها يدور في دائرة التظاهر بالعمل لا العمل، يدرك أصحابها ألا فائدة من حديث في الأزمة السورية طالما الفرقاء الحقيقيون الممسكون بزمامها ليسوا على عجل في انهائها. لذلك بدت جهود المبعوث الدولي ديمستورا ولو أنها أخذت طابعاً حركيا جدياً تدور في هذا المضمار العبثي طويل النفس، على الرغم من أن تأخير التسوية، يعني المزيد من الانهيار في مؤسسات دولة ضعيفة تحاول التماسك، يشهد عليها تداعي الخدمات في كلا المناطق المحررة والموالية، وازدهار أعمال ميليشيات تتعيش على النهب، دون تمييز بين المناطق، فالدفاع الشعبي ينهب، والمعارضة الميليشياوية لا تقصر في تجويع المحاصرين. أما عن الوحدة الوطنية التي هددت منذ اليوم الأول من الاحتجاجات، فتستشري تفاعلاتها بانقسام مظاهره لم تتأخر في مجتمعات منقسمة أصلاً، جاءت الثورة وكشفت عن صدع يتعمق من يوم لآخر. فلا رتق لما أصبح شرخاً.

المساعي الدبلوماسية التي تركزت منذ سنوات على البحث في المرحلة الانتقالية ودور رأس النظام ومستقبله، تشعبت إلى دور الرئيس، هل يبقى لولاية المرحلة الانتقالية التي قد تستمر بضعة شهور، أو بضع سنوات. أدت هذه المساعي إلى القبول بفكرة بقائه بعد اقناع المعارضة وابرام تفاهم بين جميع الأطراف. كل هذا اللاجهد والدوران في المكان، قد يطيح به ما يجري على الأرض، وهو ما يعرفه الجميع، لذلك يبدو هذا اللاجهد يدور في عالم آخر، النتائج على الأرض هي التي ستحدد مستقبل سورية، والقتال تتحكم فيه القوى الإقليمية، ومن بعيد الناصحون الأمريكان والأوربيون، أحيانا لا يكتفون بالنصح، بل ويملون أفكارهم بالضغط على الأطراف الإقليمية. وهكذا يبدو أن ما يجري على الأرض زئبقي ومتحول، آخذ تارة في التراجع وطوراً في التقدم. هذا الإيقاع نفسه وقع منذ نحو عام في مهب عاصفة “داعش” التي فرضت نفسها كلاعب أول على أرض متحركة، وجذبت النفط والسلاح والموت إلى جانبها، وباتت مؤخراً تهدد الغرب. أدى هذا التعقيد الإضافي الذي تحول إلى رئيسي لتحويل سورية وبشكل متفق عليه إلى ساحة للحرب مع الإرهاب، بينما كانت ساحة لاستنزاف سورية، والتخلص منها بتفتيتها على يد نظام الممانعة، الذي لا يقبل بأي تفاهم مع شعبه ولو بالحد الأدنى. ولم يكن هذا السياق لولا أن الغرب تخلى عن دعاواه الديمقراطية، إرضاء لإسرائيل، ولو سُحقت الحرية المنشودة التي نادى بها المتظاهرون، وكان الثمن مئات آلاف الضحايا المدنيين.

اليوم على الغرب أن يدافع عن نفسه، ليس في سورية وحدها، وإنما على أراضيه ضد الإرهاب الذي تركه يستفحل من دون أن يدرك أن امتداداته ستنال منه، بينما كان يأمل أن يقضي الإسلام على الإسلام والعرب على العرب، دونما فرق بين معتدل ومتشدد، مادامت إيران وروسيا تولجتا حل الأزمة السورية.

الحل الذي كان يتردد في الكواليس بقوة، وكان الأطراف ينفونه بقوة، هو تقسيم سورية، ولقد رسمت على أساسه خرائط روعيت فيها إقامة دويلات بقاؤها لأجل غير معلوم، ريثما يحل أجلها بالاقتتال مع الخارج وفي الداخل. تحولت في الفترة الأخيرة إلى فكرة أكثر جدوى، مادامت الحلول كلها أثبتت فشلها، فسورية التي باتت بلداً تحت سن الرشد، أو بلداً بلا رشد، يلزمها حل موفور النجاح يحظى بضامنين لا يقومون بالأشراف عليه، بل العمل على ابتلاع سورية بتقاسمها فيما بينهم: إسرائيل، إيران، الأردن، تركيا، العراق، ودولة الخلافة “داعش”. وتختفي سورية من على وجه الأرض، ولا يبقى من السوريين لا هوية ولا جنسية ولا عروبة أو قومية، فقط أديان ومذاهب وأعراق.

هذا السيناريو المفترض، أحد المقترحات الواردة، التي يبدو من المستحيل تحققها، لكن السياسات الدولية، عندما تتبنى الواقعية وتدعيها، فالحماقة والاجرام كفيلتان بنقل هذا السيناريو من المتخيل إلى دويلات واقطاعيات وكانتونات وحدود واعلام.

أما بالنسبة للحقائق، وهي الأقل حظاً؛ التحول الحقيقي قد لا يحدث لأنه اشبه بانتظار “غودو”، حين سيأتي سوف يجد السوريون بكافة أنواعهم التي بقيت على قيد الحياة في انتظار الموت. إن المنقذ ليس أمريكا ولا أوربا أو إيران وروسيا، وإنما السوريون أنفسهم، يساعدهم عرب تحرروا من وصاية الغرب والخوف من الجيران الإسرائيليين والإيرانيين.

– See more at: http://www.almodon.com/opinion/4655d98d-fdb8-4d28-a1ca-8f38bf19b38f#sthash.5xYrj40v.dpuf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى