صفحات العالم

المعارضة السورية والموقف الدولي/ ماجد كيالي

تبدو المعارضة السورية في بعض خطاباتها وكأنها تريد من العالم أن يسقط نظام الأسد بدلاً عنها، في حين أنها تبدو، في خطابات أخرى، على نقيض ذلك، بتحميلها العالم مسؤولية بقاء النظام، بما في ذلك إخفاقها في إسقاطه، بسبب عدم دعمه لها إلى المستوى المطلوب. ويظهر من هذا وذاك أن هذه المعارضة تعمل من خارج السياسة، أي بالرغبات والتمنّيات، عوض العمل وفق الإمكانات والمعطيات.

لا شكّ في أن العالم قصّر في التفاعل مع طلب السوريين المشروع على الحرية والتغيير، بغضّ النظر عن بطش النظام بهم وتدميره عمرانهم، لكن هذا العالم هو الموجود، وهو لا يشتغل بالرغبات والمزاجيات، وإنما بحسابات موازين القوى، والكلفة والمردود، وبما يتفق مع مصالحه ورؤيته.

القصد أن المعارضة معنيّة بالاشتغال على تطوير مواقف الدول الصديقة، بشكل دؤوب، ومراعاة حساسياتها الثقافية، وحساباتها السياسية، ورؤيتها لإدارة صراعاتها، بدلاً من إبداء التذمّر منها، ولومها، وصولاً لاعتبارها بمثابة دول متآمرة، أو معادية لحقوق السوريين، بسبب تلكئها بتقديم السلاح اللازم لهم، أو لتمنّعها عن توجيه ضربة للنظام، أو لعدم قيامها بما من شأنه إضعاف قوته العسكرية.

في الواقع فإن خطابات كهذه تنمّ عن هشاشة وتناقض سياسيين، إذ لا يمكن الدول الغربية مثلا أن تقدم دعماً لقوى غير واضحة الهوية، وتعتبر نفسها في عداء ثقافي وتاريخي مع الغرب، ولا تقبل اي مصالحة مع العصر الذي تعيش فيه.

ولعل ما ينبغي ان تدركه المعارضة، السياسية والعسكرية، أنها مع دعم دولي أو من دونه، بحاجة للقيام بأشياء كثيرة، إذ أن العطب فيها، بقدر ماهو في الوضع الدولي. هذا يعني أن هذه المعارضة بحاجة إلى قراءة موضوعية للمعطيات السياسية العربية والإقليمية والدولية، كما للمداخلات الخارجية المتضاربة التي باتت تشتغل في الوضع السوري. وهذه المعارضة بحاجة أيضاً إلى ملاحظة التحولات الحاصلة في المجتمع السوري، لجهة التشقّقات فيه، والدمار الذي لحق به، والتداعيات الناجمة عن إخراجه من معادلات الصراع، وأثر كل ذلك على الثورة وسلامة مسارها، وعلى المستقبل.

فوق كل ذلك فإن هذه المعارضة، لتأهيل ذاتها وتعزيز مكانتها وشرعيتها، معنية بتوضيح ماهيتها، وتوحيد خطاباتها، ومأسسة بناها، والمواءمة بين امكاناتها وشعاراتها، وتحسين سبل استثمارها للتفاعلات الدولية معها، بدلا من معارضتها، للتعويض عن ضعف قدراتها.

تدرك المعارضة أن النظام بات ساقطا، لكن يبدو أنها لا تدرك أهمية تنظيم هذا السقوط وتقليل أكلافه، بحيث لا يسقط على رؤوس السوريين، والأهم بحيث لا يقوم مجدداً، ولاشك أن هذا وذاك يتوقف على ما تفعله، أو ما لا تفعله، هذه المعارضة بالذات.

كاتب فلسطيني

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى