صفحات سورية

المعارضة تعدّ خريطة طريق للإصلاح

 


كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، عن أن الولايات المتحدة تضغط على المعارضة السورية لإجراء حوار مع الرئيس بشار الأسد، في موازاة نشرها تفاصيل عن خريطة طريق عُمِّمت خلال مؤتمر المعارضة الذي عُقد في دمشق الاثنين الماضي. وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصادر في المعارضة السورية، إن مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية يشجعون سراً مناقشة مسودة الوثيقة التي وقّعها المعارضان لؤي حسين ومعن عبد السلام، مشيرةً إلى أن وائل السواح، العضو الآخر في لجنة العمل الوطني، هو مستشار للسفارة الأميركية في دمشق، لم يوقّع خريطة الطريق لتجنب تشويه سمعتها على ما يبدو بعيون السوريين الذين يشتبهون في التدخل الأجنبي بشؤون بلادهم.

ونسبت الصحيفة إلى المعارض السوري المقيم في الولايات المتحدة رضوان زيادة قوله «إن السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد، حثّ الشخصيات المعارضة على إجراء محادثات مع النظام السوري، لكن هذه الاستراتيجية لن تنجح؛ لأنها تطلب من الرئيس الأسد قيادة المرحلة الانتقالية، وهذا أمر غير مقبول من المتظاهرين وفات أوانه».

وتقدم الوثيقة التي نشرتها صحيفة «الغارديان» على موقعها الإلكتروني تصوراً أولياً للمرحلة الانتقالية التي ينبغي أن تمر بها سوريا، مؤكدةً وجوب أن تسبقها «خطوات أولية غير نهائية على عدة مستويات في آن واحد»، تشمل الصعيد الأمني، والنخب والإعلام، وإرضاء الشارع، ولا سيما أن «عنوان التغيير المقصود هو تنازل السلطة عن جزء كبير من سيطرتها على الدولة والمجتمع وإعادتها إلى الدولة والمجتمع».

أما الخطوة الأولى على هذا المسار فتبدأ ووفقاً للوثيقة، «ببناء الثقة بين السلطة والشعب، وتتمثل هذه الخطوة بعنوان عريض: تراجع العملية الأمنية للخلف مع تقدم العملية السياسية إلى الأمام». وبناءً على نص الوثيقة، يمكن بعد المباشرة بالخطوات التمهيدية للمرحلة الانتقالية، «أن تتقدم السلطة بمشروع سياسي يرسم مسارات المرحلة الانتقالية، على أن تكون إجراءاته كافية لتكريس عوامل كفيلة بحمل آليات الانتقال إلى دولة ديموقراطية مدنية»، يتولى إعلانه الرئيس السوري، في خطاب موجه إلى السوريين.

ووفقاً للوثيقة، هذه المرحلة «يمكن التأسيس لخطواتها الأولى من خلال إعلان اتخاذ إجراءات حاسمة بتقليص هيمنة السلطة وحزب البعث على الدولة والمجتمع». كذلك شددت الوثيقة على ضرورة «إنشاء هيئة تشريعية ترسم وتمنهج المرحلة الانتقالية، وخاصة في ظل انتهاء الدورة التشريعية لمجلس الشعب».

وفي هذا الصدد، اقترحت الوثيقة «إنشاء مجلس وطني تشريعي، يتألف المجلس من مئة عضو. يكون لحزب البعث فيه ثلاثون عضواً، وسبعون عضواً من شخصيات مستقلة»، على أن «يسمي رئيس الجمهورية أعضاء المجلس بعد مشاورات موسعة ومكثفة وسريعة خلال لقاءاته بشخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية من خارج أوساط السلطة»، وعلى أن يكون «لهذا المجلس كامل الصلاحية بإصدار ما يراه مناسباً من التشريعات الكفيلة بإطلاق الحريات العامة وضمانها، أي ما هو كاف لبداية حياة سياسية حرة سليمة، وإعداد انتخابات تشريعية. بما في ذلك إمكانية تعديل الدستور أو تغييره وفق مقتضيات إصدار قانون للأحزاب وآخر للانتخابات وللإعلام، وكذلك تحديد مدة الدورة التشريعية وعدد أعضاء مجلس الشعب ومدة الفترة الرئاسية وعدد مرات الدورة الرئاسية، وغيرها من القوانين الكافية لتغطية المرحلة الانتقالية التي تُحدد بمدة معلومة بمرسوم تأليف هذا المجلس، التي يجب أن تنتهي عند انتخاب مجلس تشريعي جديد، على ألا تتجاوز ستة أشهر».

ومن الخطوات التمهيدية التي اقترحتها الوثيقة على الصعيد الأمني، التشديد على وجوب أن تعمل القوى الأمنية وفق مبدأ الدفاع لا الهجوم»، «إلغاء قانون التظاهر السيئ البنية والصيت الذي صدر أخيراً»، وأن «لا يسمح البتة لأي عنصر باللباس المدني أن يكون مسلحاً أو يمارس أي دور أمني في الشارع، وإنهاء استخدام عناصر مدنية غير أمنية في قمع التظاهرات»، فضلاً عن «سحب أسلحة العناصر فوق الأمنية أي «الشبيحة» فوراً واعتقالهم وتقديمهم إلى القضاء لمحاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها أخيراً خلال فترة الاحتجاجات، وحتى تلك التي ارتكبوها سابقاً». كذلك نصت الوثيقة على «إلغاء المرسوم 55 الذي حل بديلاً لقانون الطوارئ وكان أسوأ منه، على أن يبقى عمل الضابطة العدلية تحت تصرف النائب العام»……..

أما على صعيد النخب، فرأت الوثيقة أنّ «من الضروري إيجاد جميع السبل للتصالح مع النخب السورية المعروفة منها وغير المعروفة، وإطلاق يدها للعمل في الحياة العامة»، من خلال إصدار قرار واضح وصارم من رئيس الجمهورية يقضي بعدم ملاحقة أو اعتقال أو التضييق على أي مواطن سوري بسبب آرائه أو مواقفه السياسية السلمية»، و«إلغاء قرارات منع السفر المتخذة بحق جميع المواطنين السوريين الصادرة عن الأجهزة الأمنية من دون موافقة النيابة العامة ولأسباب مبررة تتعلق بملف قضائي».

أما على صعيد الإعلام، فدعت الوثيقة إلى «رفع الهيمنة الأمنية عن المعلومات العامة وعن عمل المؤسسات الإعلامية المحلية والخارجية»، «تعيين ناطق رسمي يتحدث يومياً باسم القصر الجمهوري عن الأحداث الجارية، ليعكس وجهة النظر الرئاسية مما يجري»، «وقف الحرب الإعلامية التي تقوم بها المؤسسات الرسمية ضد المحتجين والمتظاهرين والمعارضين، والتخلي عن دورها طرفاً في

الصراع».

كذلك، أكدت الوثيقة أنه لـ«إرضاء الشارع بما هو حق» لا بد من «تقديم اعتذار واضح وصريح وأسف عما جرى في البلاد، ومساءلة ومحاسبة أجهزة وشخصيات

تنفيذية عجزت عن استيعاب حركة الاحتجاج المحقة وحتى الخطاب المتشدد في الشارع»، «تقديم تعويضات مادية ومعنوية لأهالي الضحايا وللمصابين والجرحى»، بالإضافة إلى «إطلاق جميع المعتقلين على خلفية الأحداث بشكل كامل من دون إحالتهم على القضاء».

نص «خريطة طريق» المعارضة السورية

نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، خريطة طريق اعدّتها بعض القيادات في المعارضة السورية، تقدم تصوراً للمرحلة الانتقالية التي يجب أن تمر بها سوريا، والخطوات المطلوبة لتحقيقها، في ما يأتي نصها الحرفي:

إن ما تصرح به السلطة عن نيتها إجراء تغييرات جذرية كفيلة بانتقال البلاد إلى إقامة دولة ديموقراطية مدنية يدفعنا إلى المساهمة بتقديم هذا المقترح الذي يمكن أن يشكل خريطة طريق كفيلة إذا ما تبنتها السلطة بأن تثبت صدق زعمها هذا، خاصة بإتاحة المجال لمشاركة جميع شرائح المجتمع وأطيافه في بناء هذه الدولة المنشودة.

هذا رغم إدراكنا أن فرصة التعاون والتشارك السياسي وصلت إلى حدود المأزق التاريخي الذي سيحول دون جدوى أي مقترح تصالحي، وأن ما هو متاح اليوم سيكون عزيز المنال غداً ومستحيله بعد غد. لهذا نعتقد أن على السلطة المباشرة الفورية بإجراءات كفيلة بتطمين السوريين.

إن عنوان التغيير المقصود هو تنازل السلطة عن جزء كبير من سيطرتها على الدولة والمجتمع وإعادتها إلى الدولة والمجتمع. هذه السيطرة التي تمارسها باستخدام أجهزة أمنية وأجهزة تسلطية مثل المنظمات الشعبية ومؤسسات حزب البعث ووسائل الإعلام وغيرها.

والخطوة الأولى على هذا المسار تبدأ ببناء الثقة بين السلطة والشعب لردم الهوة بينهما ليس بالدم والخراب، بل بإقامة جسور آمنة لا يمكن أي طرف هدمها في أي لحظة قادمة. وتتمثل هذه الخطوة بعنوان عريض: تراجع العملية الأمنية للخلف مع تقدم العملية السياسية إلى الأمام.

خطوات أولية غير نهائية على عدة مستويات في آن واحد:

على الصعيد الأمني:

على القوى الأمنية العمل وفق نواظم محددة:

– العمل وفق مبدأ الدفاع وليس الهجوم. أي بقاؤها في الشارع لحماية المنشآت الحيوية والممتلكات العامة والخاصة وسلامة الناس وحياتهم.

– يكون لجميع الأجهزة الأمنية مرجعية مناطقية واحدة على مستوى المحافظة (على أن يتم العمل سريعا لتشكيل قيادة ومرجعية واحدة على مستوى البلاد ككل)، وتكون هذه الجهة مسؤولة عن أي إجراء أو حادث يصيب الأشخاص أو الجنود أو الممتلكات.

– يجب تنظيم مظهر العناصر الأمنية والعسكرية في الشارع بحيث يتم إلباسها زياً نظامياً لائقاً، يحمل إشارات تدل على اسم ورتبة العنصر والجهة التي يتبع لها. وإن لم يتوافر ذلك فوراً يمكن الاستعاضة عن العناصر الأمنية بجنود من الجيش من دون آليات مصفحة.

– اعتماد آلية المظاهرات المنظمة التي تقوم بعد إخطار المسؤول الحكومي المحدد في المحافظة بزمن ومسار المظاهرة، مع حق المسؤول بتقديم مقترحات على زمن ومكان المظاهرة إذا كانت تتسبب في ضرر عام؛ من دون أن يكون لديه الحق بإلغائها نهائياً. وطبعاً تتم مواكبة المظاهرة من القوى الأمنية والعسكرية بقصد حمايتها وحماية الممتلكات العامة والخاصة، بحيث لا يكون لدى هذه العناصر أي أسلحة بل مجرد وسائل الحماية مثل الدرع والهراوة النظامية؛ على أن تتمركز على مقربة منها عناصر أخرى لحمايتها يكون لديها السلاح اللازم؛ وخاصة الرصاص المطاطي. ولا يحق للعناصر الأمنية المواكبة التعرض للمظاهرة طالما لم تخرج عن المسار والزمان المحددين؛ وبالتأكيد طالما لم يقم أي من أفرادها بعمليات تخريب واضحة ومثبتة إعلامياً وأمنياً. ويمكن تطبيق هذه الطريقة بداية على عدة مناطق لتكون نموذجاً تظاهرياً حضارياً.

– إلغاء قانون التظاهر سيئ البنية والصيت الذي صدر أخيراً.

– وبعد تعميم طريقة التظاهر هذه على جميع البلاد يحق للعناصر الأمنية محاولة فض أي مظاهرة لا تكون قد أخطرت الجهات الأمنية لكن بوسائل غير عنفية أبداً، مقتصرةً في ذلك على محاصرة المظاهرة وعدم السماح لها بمواصلة المسير إلى أن تنفضّ.

– لا يسمح البتة لأي عنصر أمني أو عسكري إهانة أي متظاهر لا بالسباب ولا بالضرب مهما كانت الأسباب. وإذا دعت الظروف إلى اعتقاله فلا بد من تنفيذ ذلك بأرقى ما يمكن من السبل. وبهذا الصدد لا بد من إلغاء المادة 69 لإتاحة المجال لمحاكمة ومعاقبة أي عنصر مخالف لهذه الأمور.

– لا يسمح البتة لأي عنصر باللباس المدني أن يكون مسلحاً أو يمارس أي دور أمني في الشارع.

– إنهاء استخدام عناصر مدنية غير أمنية في قمع المظاهرات، مثل الموظفين والعمال والطلاب. ومعاقبة أي فرد منهم يعتدي على أي متظاهر وفق القوانين المرعية.

– سحب أسلحة العناصر فوق أمنية أي «الشبيحة» فوراً واعتقالهم وتقديمهم إلى القضاء لمحاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها أخيراً خلال فترة الاحتجاجات، وحتى تلك التي ارتكبوها سابقاً.

– إلغاء المرسوم 55 الذي حل بديلاً من قانون الطوارئ وكان أسوأ منه. على أن يبقى عمل الضابطة العدلية تحت تصرف النائب العام.

على صعيد النخب:

من الضروري إيجاد جميع السبل للتصالح مع النخب السورية المعروفة منها وغير المعروفة وإطلاق يدها للعمل في الحياة العامة. فاشتغالها وحده سيكون الضامن الرئيسي لتبديد جميع المخاطر التي يمكن أن تصل إليها البلاد، ووحدها القادرة على المساهمة في انتقال البلاد إلى دولة مدنية ديموقراطية، وهي الشريك الوحيد للسلطة في خياراتها الإصلاحية والتغييرية. كما أنها المورد السليم لقيادات المرحلة القادمة التي يجب أن تتسم بالكفاءة والرضى الشعبي وليس الموالاة والرضى الأمني فقط. ويمكن البدء بتحرير الحقل العام من خلال خطوات تكرس وتؤكد دور هذه النخب:

– إصدار قرار واضح وصارم من السيد رئيس الجمهورية يقضي بعدم ملاحقة أو اعتقال أو التضييق على أي مواطن سوري بسبب آرائه أو مواقفه السياسية السلمية. والمقصود بالسلمية عدم دعوته الصريحة إلى العنف أو التخريب أو إثارة النعرات الطائفية والدينية.

– السماح لهذه النخب بإقامة الاجتماعات في الأمكنة العامة والخاصة علناً وليس سراً. وذلك بعد إخطار جهة حكومية رسمية محددة، من دون أن يكون لهذه الجهة الحق بمنع مثل هذه الاجتماعات ولا التدخل في برنامجها أو أعضائها إلا إذا كانت فعلاً تهدد السلم الأهلي، ويتم ذلك عن طريق النيابة العامة. كما يترتب على الجهة الحكومية أن تقدم موافقتها مكتوبة وبشكل علني.

– إلغاء قرارات منع السفر المتخذة بحق جميع المواطنين السوريين الصادرة عن الأجهزة الأمنية من دون موافقة النيابة العامة ولأسباب مبررة تتعلق بملف قضائي.

– السماح للنخب السورية بالتنقل والتواصل والاجتماع والتشاور مع ميادين الاحتجاج وغيرها، ولا يحق للجهات الأمنية التدخل في هذا الأمر من غير وجود شكوى من الأهالي عبر النيابة العامة تبيّن بوضوح ومن دون أدنى شك أن هذه اللجان تقوم بالتحريض الصريح على العنف أو التخريب أو إثارة النعرات الطائفية والدينية.

على صعيد الإعلام:

من المعروف للجميع أن الحياة السياسية الحديثة تتطلب مناخاً إعلامياً مواتياً كي تكون فاعلة ومجدية، وذلك من خلال إقرار حق كل إنسان بالوصول إلى المعلومة الصحيحة كي يتمكن من تشكيل رأيه السياسي ولكي تكون لديه الصورة الواضحة كيف يريد أن يدير حياته. وبهذا الصدد، ولحساسية قضية الإعلام بالنسبة إلى السلطة السورية يمكن العمل على تحرير الإعلام بنحو متدرج ولكن متتابع يبدأ بـ:

– رفع الهيمنة الأمنية عن المعلومات العامة وعن عمل المؤسسات الإعلامية المحلية والخارجية. وأن يصار إلى البدء بذلك عبر المباشرة بالسماح للصحافيين السوريين العاملين في المؤسسات المحلية أو في المؤسسات الإعلامية العربية والدولية بتغطية الأحداث الجارية وباستطلاع الآراء المتنوعة من دون أي تدخل أمني أو تعقيدات أمنية تقوم بها الوزارة، ليتاح لهؤلاء الإعلاميين تغطية الأحداث الاحتجاجية والتظاهرية القائمة بكل حرية.

– تعيين ناطق رسمي يتحدث يومياً باسم القصر الجمهوري عن الأحداث الجارية، ليعكس وجهة النظر الرئاسية إلى ما يجري.

– وقف الحرب الإعلامية التي تقوم بها المؤسسات الرسمية ضد المحتجين والمتظاهرين والمعارضين، والتخلي عن دورها طرفاً في الصراع. لهذا يترتب عليها نقل الأخبار الصحيحة التي يكون مصدرها مراسليها وعدم تجاهل أخبار بالغة الأهمية كنزوح السوريين إلى الدول المجاورة الذي تعدى لهذه اللحظة عشرة آلاف مواطن سوري؛ فضلاً عن أخبار القتل واختفاء المواطنين في ظروف مجهولة كناية عن الاعتقال.

– وقف عمل جميع المحطات الإذاعية والصحف غير المرخص لها كمؤسسات صحافية سياسية، وعدم إعاقة تقديم شكاوى قضائية بحقها لخروجها عن القانون ولممارستها دوراً تحريضياً ضد جماعات وشخصيات سورية.

– عدم إعاقة تقديم شكاوى قضائية بحق قناة الدنيا لممارستها دوراً تحريضياً ضد جماعات وشخصيات سورية، ودعواتها الصريحة إلى العنف وإثارة النعرات الطائفية.

– تخصيص صفحتين يوميتين للرأي في إحدى الصحف الرئيسية، وتعيين مدير مستقل لهذه الصفحة ممن يمتلك المهنية الرفيعة ولا تكون مرجعيته الجهات الأمنية ولا رئاسة تحرير الصحيفة. بل ربما تكون مرجعيته جهة حكومية محددة ومعلنة.

– تخصيص برنامج حواري يومي لمدة ساعتين يبث مباشرة من الفضائية السورية، وتعيين مذيع له يتصف بالمهنية العالية جداً، ويمكن أن يكون من خارج المؤسسات الإعلامية الرسمية. مع وجود هيئة إعداد مؤلفة من صحافيين من المؤسسة الإعلامية الرسمية وآخرين من خارجها.

على صعيد إرضاء الشارع بما هو حق له:

لا يمكن البدء بأي خطة على طريق المصالحة الوطنية المعنونة بالتحول إلى دولة ديموقراطية مدنية يشارك فيها الجميع من دون إرضاء وتضميد جراح الشارع التظاهري مما أصابه من قتل أبنائه والتنكيل به والتضييق عليه وعلى بيئته الاجتماعية، وذلك من خلال:

– تقديم اعتذار واضح وصريح وأسف عما جرى في البلاد، ومساءلة ومحاسبة أجهزة وشخصيات تنفيذية عجزت عن استيعاب حركة الاحتجاج المحقة وحتى الخطاب المتشدد في الشارع.

– تقديم تعويضات مادية ومعنوية لأهالي الضحايا وللمصابين والجرحى الذين سقطوا خلال الأحداث الأخيرة. مع وضع برنامج رعاية لجميع الجرحى والمعتقلين على خلفية الأحداث الاحتجاجية.

– إطلاق جميع المعتقلين على خلفية الأحداث بشكل كامل من دون إحالتهم إلى القضاء. والعفو النهائي عن جميع من أحيل إلى القضاء على خلفية الأحداث ما لم يكن مثبتاً عليه بشكل أكيد وعادل القيام بجناية القتل العمد لأي مواطن سوري مدنياً كان أو عسكرياً، وذلك من خلال تقديمه لمحاكمة خاصة تنشأ لبت هذه القضايا ويعين لها قضاة مشهود لهم بالمطلق بالنزاهة والاستقلال عن السلطة التنفيذية وعن الأجهزة الأمنية. على أن تُعقد المحاكمات علناً وبحضور مراقبين حقوقيين محليين.

صورة أولية للمرحلة الانتقالية:

بعد المباشرة بهذه الخطوات التي تشكل المرحلة التمهيدية للمرحلة الانتقالية، وخلال أيام جدّ قليلة وقريبة بهدف توليد الثقة بين السلطة وبين الشارع أولاً وبينها وبين النخب تالياً، يمكن السلطة أن تتقدم بمشروع سياسي يرسم مسارات المرحلة الانتقالية على أن تكون إجراءاته كافية لتكريس عوامل كفيلة بحمل آليات الانتقال إلى دولة ديموقراطية مدنية.

وسيكون من الجيد الإعلان عن هذا التوجه وهذه الرؤية من خلال خطاب للسيد الرئيس يتوجه فيه إلى الشعب بضمير المخاطب وليس بضمير الغائب، ويكون هذا الخطاب مدعوماً بالمنجزات المادية الملموسة التي عُرضت أعلاه، يتضمن آفاق المرحلة التصالحية القادمة المبنية على المشاركة مع الجميع لإقامة دولة القانون والمواطنة بحيث يتساوى الجميع في الحقوق والمحاسبة أمام قضاء مستقل وعادل. هذه المرحلة التي يمكن التأسيس لخطواتها الأولى من خلال الإعلان عن اتخاذ إجراءات حاسمة بتقليص هيمنة السلطة وحزب البعث على الدولة والمجتمع، مثل:

– الإعلان عن حل الجبهة الوطنية التقدمية وإعادة أموالها وممتلكاتها وحيازاتها إلى الدولة وليس إلى السلطة.

– الإعلان عن حل اتحادات الطلاب والشبيبة والطلائع والكتّاب والنساء وغيرها، وإعادة تأسيسها بحيث تتبع لحزب البعث فقط (إذا أراد الحزب ذلك؛ ما عدا اتحاد الشبيبة ومنظمة الطلائع)، ويكون تمويلها وفق قانون الجمعيات المعمول به الآن. وإعادة جميع ممتلكاتها وأموالها وحيازاتها إلى الدولة وليس إلى السلطة.

– الوعد بأن ينضوي حزب البعث وفق قانون الأحزاب الذي سيصدر قريباً جداً. على أن تعاد أملاكه وأمواله وحيازاته إلى الدولة قبل ذلك، ليصار إلى إنشاء تمويل له وفق القانون.

– الإعداد الجاد لرفع ملكية أو سيطرة الحزب على مطبوعات أو وسائل إعلام ممولة من الدولة. وأن تعاد هذه المؤسسات إلى الدولة.

– الإعلان عن إتاحة الفرصة لجميع السوريين بتشكيل نقاباتهم أو جمعياتهم وفق القوانين المرعية الآن من دون أدنى تدخل لحزب البعث أو الأجهزة الأمنية في ذلك، أي اقتصار أمر الترخيص على وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، على أن تسوّى أوضاع هذه المؤسسات وفق قانون الجمعيات الذي سيصدر لاحقاً.

– الإعلان عن تشكيل هيئة لمحاربة الفساد والفاسدين تتألف من شخصيات قانونية وعامة من خارج إطار السلطة. ويناط بها اقتراح آليات عمل إدارية تحول دون تفشي الفساد والتضييق على سبله.

المجلس الوطني التشريعي:

لا بد من إنشاء هيئة تشريعية ترسم وتمنهج المرحلة الانتقالية، خاصة في ظل انتهاء الدورة التشريعية لمجلس الشعب.

وفي هذا الصدد يمكن اقتراح إنشاء مجلس وطني تشريعي:

– يتألف المجلس من مئة عضو. يكون لحزب البعث فيه ثلاثون عضواً، وسبعون عضواً من شخصيات مستقلة.

– يسمي رئيس الجمهورية أعضاء المجلس بعد مشاورات موسعة ومكثفة وسريعة خلال لقاءاته بشخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية من خارج أوساط السلطة.

– تُعقد هذه اللقاءات من خلال الآلية التالية (على سبيل المثال): يلتقي الرئيس بأول عشرة أشخاص يجري ترشيحهم من لجنة العمل الوطني، وهؤلاء يرشحون عشرة غيرهم، إلى أن يصل عدد المرشحين الذين يجتمع بهم الرئيس إلى سبعين مرشحاً.

– يفترض بهذه الشخصيات أن تكون من جميع مناطق البلاد.

– يدعو رئيس الجمهورية المجلس إلى عقد أول جلسة له خلال مدة أقصاها خمسة أيام من تسميتهم. وتخصص هذه الجلسة لانتخاب رئيس للمجلس وإقرار النظام الداخلي لعمل المجلس بناءً على مسودة معدّة مسبقاً من جميع المرشحين ومعروضة للتداول العام. تراعى في هذا النظام الداخلي ضرورة السرعة في العمل لمقتضيات الحاجات الملحة للبلاد.

– يضع المجلس برنامج أولوياته بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

– يشكل المجلس اللجان الذي يرى أنها تيسر عمله من بين أعضائه.

– يحق للمجلس تشكيل لجان استشارية اختصاصية من الخبراء من خارج أعضاء المجلس، خاصة من الخبراء القانونيين والاقتصاديين.

– تُخصص ميزانية مستقلة للمجلس وتصرف من الخزينة العامة.

– لهذا المجلس كامل الصلاحية بإصدار ما يراه مناسباً من التشريعات الكفيلة بإطلاق وضمان الحريات العامة، أي ما هو كاف لبداية حياة سياسية حرة سليمة، والإعداد لانتخابات تشريعية، بما في ذلك إمكانية تعديل الدستور أو تغييره وفق مقتضيات إصدار قانون للأحزاب وآخر للانتخابات وللإعلام وكذلك تحديد مدة الدورة التشريعية وعدد أعضاء مجلس الشعب ومدة الفترة الرئاسية وعدد مرات الدورة الرئاسية وغيرها من القوانين الكافية لتغطية المرحلة الانتقالية التي تُحدد بمدة معلومة بمرسوم تشكيل هذا المجلس، والتي يجب أن تنتهي عند انتخاب مجلس تشريعي جديد؛ على ألا تتجاوز ستة أشهر.

– اعتبار الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال إلى ما بعد الانتخابات النيابية منذ لحظة تشكيل المجلس الوطني التشريعي.

– يُصدر المجلس القوانين الكفيلة بفصل السلطات وبالأخص السلطة القضائية مع إعادة هيكلتها ووضع نواظم عملها.

– ينشئ المجلس هيئة عليا للانتخابات وقانون عملها وصلاحياتها ومرجعياتها وطبيعة علاقتها مع السلطات التنفيذية والقضائية.

– يصادق رئيس الجمهورية على القوانين التي يصدرها المجلس وفق آليات ديموقراطية واضحة يصوغها قانونيون متخصصون بالدستور والتشريع تصدر (هذه الآليات) بمرسوم جمهوري قبل تشكيل المجلس الوطني التشريعي.

خلال المدة الفاصلة بين تلك الإجراءات الأولية وتعيين المجلس وشروعه بعمله لا بد من استكمال البرنامج الإصلاحي الكفيل بتشكيل حاضنة لمثل هذا التطور على صعيد الحريات والإعلام، بحيث يكون الإعلام مستقلاً نهائياً عن السلطات التنفيذية والحريات مصونة ومضمونة من السيد رئيس الجمهورية. وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتحديد مرجعيتها ومهماتها بدقة ووضوح.

من وجهة نظرنا يمكن أن تكون هذه الخريطة المحددة بخطوط عامة كفيلة باستثمار الفرصة التاريخية التي تمر بها البلاد والتي تبشر بدخولنا مرحلة الحداثة والحضارة من خلال مساهمة جميع السوريين في الحياة العامة بشكل حرّ وخلاق.

إن هذه اللحظة التاريخية التي كانت تنتظرها بلادنا منذ عدة عقود خلت، لا يجوز لنا تفويتها لأي سبب وبأي ذريعة كانت. وسيكون من الخطأ الجسيم اعتبارها مجرد صراع سياسي على السلطة، فهي ثورة بكل معنى الكلمة على الصعيد الثقافي والاجتماعي والأخلاقي والقيمي والسياسي، شرط أن نساهم جميعنا في دفعها باتجاه إبداعي خلاق بعيد عن أي حسابات فئوية أو حزبية أو أنانية.

تطرح هذه الورقة للتداول والمناقشة على العموم بجميع الوسائل المتاحة. وستُجمع الملاحظات وتعاد صياغة الورقة على أساس الملاحظات التي تخدم السبل السلمية والآمنة للانتقال إلى دولة ديموقراطية مدنية.

لؤي حسين ومعن عبد السلام

عن: لجنة العمل الوطني

الأخبار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى