صفحات العالم

المقاربة الإسرائيلية للحرب الأهلية السورية

 

    رندى حيدر

كلما ازدادت تعقيدات الأزمة السورية، برزت حاجة إسرائيل الى اعتماد مقاربة واضحة لما يجري. ووقت يتجنب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الدخول في تفاصيل الموقف مما يجري في ما عدا التحذير من مغبة وقوع مخازن السلاح السوري المتطور وغير التقليدي في أيد غير مسؤولة، ويهدد وزير الدفاع موشي يعالون بالرد بعنف على اي قصف تتعرض له إسرائيل، تتحرك هذه بعيداً من الأضواء لاحتواء انعكاسات سقوط نظام بشار الأسد على الحدود الإسرائيلية – السورية، والنتائج المترتبة على قيام حكم سياسي جديد في سوريا.

على الصعيد السياسي، برزت المقاربة الإسرائيلية لما يجري في سوريا من خلال عودة العلاقات بين إسرائيل وتركيا، والتحرك الإسرائيلي على خط الأردن، حيث يبدو أن الهدف الأساسي هو التنسيق مع هاتين الدولتين لمواجهة الأزمة السورية. والى وقت قريب كان الموقف الإسرائيلي من التغيير السياسي في سوريا أسير وجهتي نظر متناقضتين ظهرتا منذ بدء الثورة السورية. فهناك من يهلل لسقوط نظام الأسد، لأنه يرى انه يضعف محور إيران – “حزب الله”؛ وهناك من يتخوف من الفوضى الناتجة من ضعف الدولة المركزية في سوريا ومن مغبة سقوط سوريا في قبضة التنظيمات الجهادية المعادية لإسرائيل، وتحول سوريا مستقبلاً عراق آخر على حدود إسرائيل. والحقيقة ان الجهود الأخيرة التي تبذلها إسرائيل للتنسيق مع تركيا والأردن، الدولتين اللتين تدعمان الثورة السورية، تعني ان الدولة العبرية قد حسمت ترددها حيال رحيل الأسد.

على الصعيد العسكري، تبدو إسرائيل في ورطة حقيقية. فعلى رغم اعلان قيادة الجيش أنها سترد بعنف على اي نيران تتعرض لها أراضيها، فإن هذه القيادة لا ترغب في دخول مواجهة مع الجيش السوري النظامي، لأنها غير معنية الآن بفتح جبهة مع سوريا تحول الانظار عن الحرب الأهلية السورية. لذا تحاول إسرائيل اعتبار الحوادث التي تقع على حدودها غير مقصودة، وهي تلتزم الرد المضبوط والمحدود عليها. ولكن ماذا ستفعل إسرائيل إذا توسع القصف؟ وكيف ستحافظ على الردع من دون الانزلاق الى مواجهة جبهوية؟

من جهة أخرى، ثمة نقاشات إسرائيلية كثيرة في شأن الموقف الواجب اتخاذه من قوات المعارضة السورية التي احكمت سيطرتها على عدد من البلدات السورية المتاخمة للحدود. وفي ظل الغموض الكبير الذي يكتنف هوية هؤلاء المقاتلين، ثمة من يدعو الى الانفتاح عليهم ومد الجسور معهم، ومن يرى التزام الحذر حيالهم وعدم التورط في حربهم.

هناك انطباع شعر به الإسرائيليون الذين أمضوا عطلة الفصح اليهودي في الجولان أنه قد تكون هذه عطلتهم الأخيرة في هذا المكان، فلا أحد يضمن كيف سيكون الوضع الأمني هناك بعد سنة.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى