حازم سليمانصفحات سورية

الممانعة… شيك بلا رصيد

 


حازم سليمان

لن يطول الأمر قبل أن تتحول كلمة الممانعة إلى واحدة من أكثر المفردات الوطنية إيلاما للمواطن السوري. هي تماماً (كلمة حق يراد بها باطل). لايتوقف عشاق النظام السوري الذين يفدونه بالروح والدم لأسباب مجهولة وغامضة – على الأقل بالنسبة لي- عن القول : العالم يريد إضعاف أو إسقاط النظام لأنه يقف في وجه إسرائيل ويدعم المقاومة ويريد تحرير فلسطين.

هذه اللازمة السمجة تعطي أكثر من إنطباع أن السوري المطالب بأبسط حقوقه المدنية والإنسانية المحتلة، يريد إسقاط النظام محبة بإسرائيل أو أنه يريد إستبدال حزب البعث بحزب الليكود. ويخيل لي أن البعض يعتقد أن الممانعة هي جينة خاصة وضعها الله في قادة هذا النظام، وأن بقية السوريين يحملون جينة حب إسرائيل.  هذه الخصلة الحميدة التي يجدها فدائيوا هذا النظام سبباً لبذل الغالي والرخيص من أجله تنسف وتتجاهل  الدور التاريخي للشعب السوري في دعم القضية الفلسطينية قبل حزب البعث، وحزب الله، وحماس. آلاف السوريين الذين ذهبوا للقتال في فلسطين ولم يعودوا طبعا في 48 لم يذهبوا لأنهم كانوا أعضاء في إتحاد شبيبة الثورة. عز الدين القسام وغيره من الشخصيات السورية التي صارت من رموز الكفاح الفلسطيني  لم يتعلموا حب فلسطين في معسكرات الطلائع، أو حصص التربية العسكرية، ومادة القومية.

هل هذه الممانعة التي صارت كلمة استعراضية منفرة هي التي تبيح للنظام قتل الناس وإعتقالهم وتخوينهم والتعامل مع البشرعلى أنهم دواب وليسوا بشرا؟. سيبدو الكلام مقبولا لوكان يحمل بعدا وطنيا سوريا ولا ينصب في مصلحة النظام فقط. بمعنى أن أي مؤامرة محتملة أو أكيدة ستكون على الشعب السوري الممانع والرافض لإسرائيل، فالأنظمة لاتمانع بنفسها، ولايستطيع أعتى نظام في العالم أن يفرض على شعبه مزاجا وطنيا محددا.

دعونا نعترف لنظامنها بهذه الخصلة النبيلة ونراها على الشكل التالي :

على امتداد السنوات التي كان نظامنا المفدى يمانع ويقف في مواجهة الإمبريالية والرجعية، كان الشعب السوري وحده الذي يدفع الثمن وعلى جميع المستويات، في الوقت الذي كانت ولاتزال أرصدة القيادة الحكيمة وكل من يمت لهم بصلة من أبناء عمومة واخوال وخالات وأصدقاء وجيران وزملاء دراسه، وضباط تتضاعف. ولم يتوانوا عن ممارسة أنواع الإهانات والإستعلاء… ربما لضرورات الممانعة لا أدري..

في الوقت الذي لايعرف السوري شيئاً عن آليات إنفاق مقدراته الإقتصادية  بسبب الممانعة كان يفترض ان نصير رأس حربة في مواجهة إسرائيل لا مجرد الإكتفاء بتهريب الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله الذي استطاع تحرير أرضه بينما بقيت نحن أرضنا محتلة. وذهبنا إلى مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بغطاء تركي.

يمكننا فهم الانظمة الممانعة على أنها انظمة ثورية تكافح من اجل حرية الإنسان وحقوقه ومستقبله. لكن الممانعة السورية يبدو أن لها مفاهيمها المختلفة خاصة على الشعب السوري. يدعم النظام حركات التحرر في كل العالم ويرفضها داخلياً لأنه ممانع من العيار الثقيل.

لا ادري كيف لا يرى هؤلاء الذين يصرخون بالروح بالدم أن الأنظمة التي تتجاهل حرية شعبها ستكون عاجزة بالتأكيد عن تحرير شبر واحد من الأراضي المحتلة؟. قريبا سنكتشف  الكثير من الأشياء أهمها أن ممانعة نظامنها ليست أكثر من شيك بلا رصيد.. لن نقبض قيمته الكبيرة التي دفعناها وإنتهى الأمر.. ولن نحاسبه لأنه الغالي والمفدى والذي لايحاسب ولا ينتقد وعلينا ألا نتوقف عن إنتشاله من مستنقعات أخطائه، والخروج بمسيرات مليونية على نية الإصلاح.. وليس بعد إنجازه عمليا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى