صفحات سوريةغسان المفلح

الموقف الامريكي والحكومة الانتقالية السورية


غسان المفلح

خلاصة الموقف الامريكي بعد أن قررت ادارة باراك اوباما عدم التدخل العسكري من اجل حماية المدنيين في سورية، دعنا نراهم يتقاتلون وفيما بعد نرى.. ونرى ماذا يستجد سوريا واقليميا ودوليا.

لا أريد الشرح كغيري عندما يتحدثون عن الاسباب الاقتصادية وغيرها، التي تحكم الموقف الامريكي كما يرون، أو أن الامريكان يخافون من التدخل في المنطقة ثانية بعد العراق، او ان التدخل يمكن ان يكون له عواقب وخيمة على الاستقرار الاقليمي..كل هذه الاسباب واهية، ولا قيمة لها من حيث رؤية المركب الامريكي الاسرائيلي الشديد التعقيد في صياغته للاستراتيجية الاقليمية حيال سورية. صحيح ربما تكون هذه الاسباب مهمة لبعض الدول الغربية في أوروبا، التي تعاني نسبيا وضعا اقتصاديا لكنه بالاطار العام لا يخرج عن الازمات الدورية التي يتعرض لها النظام العالمي الرأسمالي. في أمريكا بالذات إسرائيل غيرها في بقية دول العالم والغرب.

وللعلم ربما للمرة الأولى تلتقي المصالح الاسرائيلية الروسية ومن قبلها السوفييتة بعد الحرب العالمية الثانية، حول وضعية النظام الأسدي الحاكم في سورية وضرورة الحفاظ عليه. وهذه معادلة كانت تجد أحيانا صعوبة في تسويقها لدى أروقة الادارات الامريكية، لكن لم يتم زحزحتها بالمعنى الفعلي للعبارة وبقيت هذه المعادلة التي تم صياغة النظام الاقليمي في الشرق الاوسط بعد حرب تشرين عام 1973 بناء عليها.

لم يعد من السهولة بمكان التخلي عنها خاصة وإن إسرائيل كدولة كانت الرابح الاكبر فيه، فقد تراجعت سورية في ركب التطور ولبنان دولة اللادولة، والعراق دخل النموذج اللبناني أيضا، والادرن دولة ليست ذات وزن في النظام الاقليمي. بقيت تركيا التي اصبحت جزء من النظام الاقليمي بعد نهاية الحرب الباردة..أما إيران فهي رأس توتر قوي لكنه مطلوب عمليا من قبل المركب الاسرائيلي الامريكي لترسيخ هذا النظام الاقليمي والذي يبدو انه بشكل عام يترنح بين حالة من اللاحرب واللاسلم، لكنه مقبوض عليه جيدا من قبل هذا المركب. لهذا الامريكان لايمتلكون أية استراتيجية حقيقة حيال الثورة السورية سوى أن اداراتها رضخت للمركب الاسرائيلي الامريكي في خيار صوملة الوضع السوري والتفريغ المدمر والمزمن عبر اللعب على عامل الوقت، لما تبقى من الدولة السورية، وخير من خدم هذه الاستراتيجية هو العصابة الأسدية الحاكمة.. التغير الجوهري في الموقف الامريكي يتعلق بأن الامريكان باتوا الآن يتعاملون مع هذه العصابة كممثلة لكتلة بشرية تشكل الطائفة العلوية وبعض المرتبطين بهذا المركب المافيوزي من بقية مكونات الشعب السوري سواء من الاقليات أو من الاكثرية..لم يعودوا يتعاملون معه كرئيس دولة..

لهذا هم اصروا ويصرون على أن هنالك طرفين في الصراع او في الحرب الاهلية، تخلوا عن مصطلح الثورة ولم يعد يندرج الحديث عنها في اطار الربيع العربي كما كان الحديث عنها في الشهور الاولى لانطلاقها. الامريكان يدركون اكثر من غيرهم ماذا يعني انتقال الثورة السورية إلى السلاح..لتتحول القضية الآن إلى قضية تسليح او عدم تسليح..هذا من جهة ومن جهة أخرى سعى الامريكان ومعهم الاتجاه العربي الرافض للتدخل، إلى عدم دعم أي تشكيل تمثيلي للثورة السورية خاصة إذا أراد المطالبة بالتدخل الخارجي، لهذا كل مبادرات روبرت فورد السفير الامريكي في سورية المقيم مؤقتا في القاهرة، كانت تصب في هذا الاتجاه ولاتزال تحت شعار السعي لوحدة المعارضة أولا ثم الآن الدعوة لتشكيل حكومة انتقالية..لا أعرف كيف تتفتق اذهان بعضنا في المعارضة على الاسراع في الاستجابة لمثل هذا الطلب!! والادارة الامريكية لاتستطيع اتخاذ اي قرار جدي قبل آذار المقبل..إن الموقف الامريكي يتلخص في استمرار القتل والقتال حتى الصوملة لا أكثر ولا أقل..اتمنى من الجميع ان يفكر بما ازعمه هنا.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى