صفحات العالم

الموقف الغربي من ليبيا وسورية


رندة تقي الدين

التفاهم الفرنسي – البريطاني الذي كان جلياً في محادثات وزيري خارجية البلدين الان جوبيه ووليام هيغ في لندن مساء الأول من أمس الاثنين حول ما يجري في ليبيا وسورية مهم جداً لأن التدخل المشترك للبلدين في ليبيا وعضويتهما في مجلس الامن ونفوذهما في القرار الاوروبي اساسي (مع علاقة خاصة لبريطانيا مع الادارة الاميركية) يعطي زخماً لدورهما وتفكيرهما على صعيد ما يجري في العالم العربي وخصوصا في ليبيا وسورية ومصر.

فلا شك انه بالنسبة الى البلدين وغيرهما من الدول الغربية ان الصورة اوضح بالنسبة الى تطورات الاوضاع في ليبيا مما هي بالنسبة الى سورية وفي مصر. فهناك استراتيجية صلبة في ما يخص ليبيا بأن الضغط العسكري سيستمر وان كان يأخذ وقتاً اطول من التوقعات. الا ان هناك معارضة قد تشكلت كبديل ولدى خروج القذافي من السلطة سيبدأ المسار السياسي للوضع الجديد لما بعد القذافي، الذي تقرره القوى المختلفة في هذا البلد. ففرنسا وبريطانيا الآن تبذلان كل الجهود للإفراج عن الاموال المجمدة في مصرف «سوسيتي جنرال» والمصارف البريطانية لدعم المجلس الانتقالي الليبي المعارض، وفي النهاية هناك قناعة مشتركة ان نظام القذافي الى زوال عاجلاً ام آجلاً ولو ان ذلك استغرق بعض الوقت والمزيد من التحدث مع القادة الافارقة اصدقاء بريطانيا وفرنسا.

أما بالنسبة الى سورية فالوضع مختلف كون الدولتين مقتنعتين ان النظام السوري فقد شرعيته بقمعه واستخدامه القوة والقتل ازاء شعب يتظاهر من أجل قيم أصبحت الديموقراطيات الاوروبية تدفع اليها وتطالب بها وان كان مع بعض التأخير. فهناك تساؤلات عديدة بالنسبة الى الوضع السوري التي حالت دون قول أي مسؤول غربي حتى اليوم للرئيس بشار الأسد ان عليه ان يغادر السلطة. فالمسؤولون في بريطانيا وفرنسا والادارة الاميركية يتساءلون عن البديل اذا سقط النظام السوري ومن هي المعارضة وما هي نوعية هذا البديل وكيف سينظم بنيته ليمثل بديلاً مقنعاً. وهناك ايضا اسف شديد لدى فرنسا وبريطانيا ازاء الموقف الروسي الرافض لأي قرار في مجلس الامن يدين ويعاقب القمع في سورية، لأن روسيا ترى ان الاسرة الدولية تجاوزت القرار الدولي في تدخلها في ليبيا وتتخوف ان تفعل الشيء نفسه في سورية. والموقف العربي المتمثل في الجامعة العربية غير فاعل وغير داعم لموقف دولي يعاقب النظام السوري او يقول بفقدان شرعيته، علماً ان النظام السوري فقد اصدقاءه مثل قطر والصديق الاقليمي الآخر تركيا. الا ان التخوف والقلق موجودان على صعيد الوضع في سورية لأنه ايضاً مرتبط ومؤثر في اوضاع لبنان والعراق والاردن واسرائيل وتركيا، اي الدول التي لها حدود معه. فلا شك ان هناك حيرة في تفكير الدول الغربية بالنسبة الى مستقبل سورية مما يجعلها تتحفظ عن القول مثلما فعلت في ليبيا ان على الرئيس الاسد ان يتنحى عن السلطة، ولو ان هناك قناعة سائدة انه لا يمكن لمثل هذا النظام السوري ان يستقر أو يدوم بمثل هذا النهج .

وفي ما يخص مصر، ان قراءة بريطانيا وفرنسا لتطورات الاوضاع في هذا البلد الكبير والمهم مقلقة وموضوع مناقشة وتفكير عميق نظراً لاهمية مصر وايضاً لعدم اليقين حول اتجاه التطورات بعد الترحيب بالثورة الديموقراطية فيها.

فالتفاهم والتقارب الفرنسي – البريطاني يعكسان التساؤلات المشروعة حول مستقبل الثورات العربية مع تأييد غير مشكوك فيه لدعم مسارها من أجل الحرية والمحاسبة والديموقراطية.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى