صفحات الناس

“الموك والموم في وادي الذئاب”… تقرير يسلط الضوء على خفايا إدارة الولايات المتحدة للصراع المسلح في سوريا/ مصطفى محمد

 

 

غازي عنتاب ـ تناول مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية حول سوريا، في تقرير «مثير» صادر عنه الخميس، دور غرفة العمليات العسكرية – الأمنية (الموك/الموم) التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية من الأراضي التركية والأردنية، والتي تشرف عليها دول فاعلة عدة في الملف السوري، منذ نشأتها في النصف الثاني من عام 2013، وصولاً إلى الوقت الراهن.

وجاء في الدراسة التي أعدها رئيس المركز، المعارض والحقوقي فهد المصري بعنوان «الموك والموم في وادي الذئاب»، «المثير للاهتمام»، أن رأس النظام السوري بشار الأسد، لم يستخدم العنف ضد المتظاهرين في بداية الثورة السورية، إلا بعد حصوله على الإذن بذلك، وذلك في إشارة إلى نوايا «سلبية» من الدول الفاعلة التي منحته الإذن.

واعتبر المركز الذي يزاول عمله في العاصمة الفرنسية باريس، أن الهدف من تأسيس هذه الغرف التي تمتلك بنك معلومات ميدانية طورته بطريقة تراكمية، هو إدارة وضبط العمليات العسكرية وفقاً لبنكها المعلوماتي، ولجداول المواعيد المحددة للعمليات حسب التطورات الميدانية و السياسية، إلى جانب تأمين أنواع وكميات محددة من الدعم العسكري واللوجستي والمالي، وضبط وتدريب بعض الفصائل المقاتلة التي اصطلحت تسميتها بـ «الفصائل المعتدلة»، لتحقيق التوازن بين قوات المعارضة وقوات النظام، على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، في إطار إدارة «حرب استنزاف مفتوحة»، برعاية أمريكية. وتحت عنوان «أحجار على رقعة الشطرنج»، رصدت الدراسة أنه وعلى الرغم من «الفوضى» الناجمة عن تباين أهداف الدول الداعمة، فقد كان الدعم تحت رقابة وسيطرة وتنسيق مع الأجهزة الأمنية لبلدان العبور (تركيا ـ الأردن) بطريقة محكمة، كما شككت في الوقت ذاته من هدف هذه «الإدارة المحكمة»، وخصوصاً أنها كانت في كثير من الأحيان مسؤولة عن «الخلاف والتنافس والتباين» فيما بين هذه الفصائل.

القسم الأول في عمان حماية أمن إسرائيل

وبحسب الدراسة، فإن جوهر أهداف هذه الغرفة التي تدار من العاصمة الأردنية، هو حماية «أمن إسرائيل»، عبر ضبط المنطقة الجنوبية، حتى حدود العاصمة دمشق، ومنع التسلل في المنطقة الحدودية العازلة بين سوريا وإسرائيل في الجولان المحتل، والرقابة والإدارة الصارمة للفصائل ولمجريات المعارك القريبة من المنطقة، ولتحقيق ما سبق كان لا بد من ضم روسيا لهذه الغرفة (قبل نحو عام)، بقبول وتنسيق أمريكي ـ إسرائيلي، لتطوير التعاون مع الأولى، التي دخلت بقوة في الصراع العسكري.

وتفصيلاً لأسباب الجمود العسكري الحالي الذي يسيطر على جبهات الجنوب السوري، اعتبرت الدراسة أن تاريخ دخول فصائل الجنوب «المؤطرة بتنظيم محلي ضعيف»، تحت مسمى «الجبهة الجنوبية» في شباط/فبراير 2014، هو البداية الفعلية لبروز دور «الموك» في درعا واستطردت، «منذ حزيران/يونيو2015 بعد فشل عدة فصائل من السيطرة على مدينة درعا في إطار عملية «عاصفة الجنوب»، تواترت المعلومات التي تؤكد تجميد «الموك» لأي دعم لبعض من هذه الفصائل، وبرزت تحديدا منذ الشهور الستة الأخيرة حالة الجمود الشامل للأعمال العسكرية في الجنوب». وما يثير حفيظة مدير المركز، أن يأتي هذا التجميد «المتعمد» متزامناً مع سلسلة من العمليات الروسية في محافظات سوريا متعددة، ومع تحريك روسي أمريكي للأكراد في مناطق محددة، لرسم خطوط التماس «الطائفية» بهدف تفتيت سوريا إلى دويلات، واقامة منطقة عازلة تضمن حماية أمن إسرائيل وابتلاع الجولان.

«السعودية جنوباً وقطر شمالاً»

هو عنوان فرعي للدراسة، تكشف فيه الدراسة عن دور قطري رائد شمالاً (تركيا)، ودور سعودي رائد جنوباً (الأردن)، ومن ثم تتابع «إن الدعم والدور السعودي جنوباً، لم يكن بمدى دينامية وسرعة التحرك القطري شمالاً، وينطبق ذلك على دبلوماسية الدولتين حيث اتسمت الدبلوماسية السعودية بـ»الهدوء»، بينما اتسمت قرينتها القطرية بـ»الدينامية والسرعة»، لكن ومع ذلك وطيلة أغلب سنوات الحرب في سوريا كان هناك نوع من التنافس القطري ـ السعودي.

القسم الثاني في تركيا الإخوان

ترجع الدراسة دينامية الدور القطري للملف السوري شمالاً، إلى العلاقة القطرية العميقة والمتطورة مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، ولهذا ترى الدراسة أن ما سبق مهد لبروز «الإخوان المسلمون»، الذين كان لهم دور ـ بحسب الدراسة- في تحييد بعض المناطق لأهداف معينة طلبتها أمريكيا، وذلك في إشارة إلى البلدات الشيعية «كفريا والفوعة ونبل الزهراء».

أما عن الدور التركي، فتلاحظ الدراسة أن لتركيا «اليد العليا» في مناطق واسعة من الأراضي السورية، في كل من محافظات حمص و حماة وحلب و إدلب ومناطق الساحل. وبناء على المعطيات السابقة تختم الدراسة «إن التخطيط و الإدارة الاستراتيجية والدعم العسكري واللوجستي التركي ـ القطري، للعديد من المعارك التي ارتبطت بالعوامل والتطورات السياسية والميدانية ساهمت في الكثير من الجوانب بإلحاق الخسائر الفادحة بالنظام السوري والميليشيات الإيرانية والعراقية وحزب الله، ويمكن الإشارة إلى أن العديد من الجنرالات والقيادات العسكرية والأمنية الإيرانية ومن حزب الله تم اغتيالهم في محافظات حلب وإدلب بفضل الدعم اللوجستي والاستخباري التركي.

القدس العربي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى