رسائل الجولانصفحات مميزة

“المومانعة” تمنع عنا الحرية وحقنا في تحرير شعبنا وارضنا

يوسف بك كرم

بفعل التلاصق الجغرافي للبنان وسوريا، استطاع الشعبان ان يتشاركا في العادات والتقاليد إلى حدٍ كبير، لا سيما وانهما تقاسمى منذ سنين الأفراح والاطراح والانتصارات والهزائم، لم تتغير علاقة الشعبين ببعضهما البعض في ظل جميع الرؤساء والحكومات التي مرّة، ففي الحرب الاهلية نزح بعض اللبنانيين إلى سوريا وعاشوا هناك هرباً من الاقتتال المشتعل في جميع المناطق، وكذلك الأمر ابان الاجتياح الاسرائيلي للبنان، فكان الشعب السوري مضيافاً استناداً للأصول الشرقية التي تربى عليها الناس وورثوها عن الأجداد، فشام الكرم والضيافة فتحت ابوابها للاجئين اللبنانيين.

لا يكاد يخفى، الانصهار بين اللبنانيين والسوريين لا سيما بين القرى الحدودية، والتي وصلت بهم الحال إلى التزاوج فيما بينهم، فأصبحت سوريا “كنّة” لبنان، وأصبح لبنان “صهر” سوريا، وبقيت الاوضاع على ما هي حتى العام 2006، وتحديداً في شهر تموز، ابان العدوان الاسرائيلي على لبنان، حين نزح الآلاف من اللبنانيين إلى سورياً هرباً من غطرسة العدو الاسرائيلي وهمجيته في القصف، لا سيما وان الضاحية الجنوبية لبيروت ردمت بفعل القصف، وأعاد السوريون الكرّة، وفتحوا بيوتهم للنازحين اللبنانيين واستضافوهم في بيوتهم، كان الشعب السوري يشارك في صمود الشعب لكن على طريقته وبفتحه الأبواب للاجئين واحتضانهم، وهم مشكورين على هذه الخطوة الانسانية.

في العام 2005، احدثت حادثة اغتيال الرئيس رفيق الحريري شرخاً عامودياً بين صفوف الشعب اللبناني الذي انقسم إلى معسكرين، الأول معادي للوجود العسكري السوري والثاني مؤيداً وشاكراً للقيادة السورية، ومع انطلاق الثورة السورية، عزز الحراك القائم على الأرض هذا الشرخ، فتوسعت رقعة الانقسام، بين مؤيد وداعم لاجرام النظام، وبين معارض ومطالب برحيل النظام، تكاثرت الخطابات وتسارع المعارضون للسباب والموالون للتبجيل، فكانت المنابر مصدر التعاطف او الرفض. الا ان الحديث الوحيد الذي ترك طابعاً، ولا يزال، هو حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والذي اعلن منذ انطلاق الثورة السورية المجيدة انه يؤيد النظام السوري المتمثل بشخص الرئيس بشار الأسد، لا سيما وانه شكره في الثامن من آذار 2005 اثناء مظاهرة “شكراً سوريا”، واعتبر نصرالله في خطاباته الأخيرة ان الثورة السورية هي مؤامرة على سوريا المقاومة، وانها محاولة لضرب حصون المقاومة في المشرق العربي، معتبراً ان سوريا هي خاصرة لبنان في صراعه مع العدو الاسرائيلي، متغافلاً أن الجولان لا يزال محتل من هذا العدو، وان النظام الأسدي هو الحائط الحامي لهذا الكيان، وفي آخر خطاباته وتحديداً بعد تفجير “خلية الأزمة” الذي اودى بحياة وزير الدفاع السوري العماد داوود راجحة ونائبه العماد آصف شوكت ورئيس خلية الأزمة العماد حسن توركماني ومن ثم رئيس مكتب الأمن القومي اللواء هشام الاختيار، قدم نصرالله التعازي بالـ”ضحايا” –على حد قوله- واتهم الدول المتآمرة على سوريا وخبيات الارهاب، وقال يومها في خطابه حرفيا: “اننا نفتقدهم ونتقدم من القيادة السورية والجيش السوري والشعب السوري بمشاعر المواساة، منددين بهذا الاستهداف الذي لا يخدم الا مصالح العدو”، ووصفهم بـ”الشهداء” و”رفاق سلاح ورفاق درب في طريق المواجهة مع العدو الاسرائيلي” .. واكد أن “اهم الاسلحة التي قاتلنا بها في حرب تموز (في 2006) كانت من سوريا”، مضيفاً أن “سوريا اكثر من معبر للمقاومة وجسر تواصل بين المقاومة وايران (…) أنها سند حقيقي للمقاومة وعلى المستوى العسكري”، واوضح أن “اهم الصواريخ التي كانت تنزل على حيفا وما بعد حيفا وسط اسرائيل كانت صواريخ من الصناعة العسكرية السورية أعطيت للمقاومة”.

عذراً سيد حسن، فالشعب السوري هو من يدفع الضرائب بغرض تسليح الجيش السوري، وهذا مدرج ضمن الدستور، مما يعني ان الشعب السوري (الذي يقتل يومياً) هو من دفع ثمن هذه الأسلحة وليست القيادة أو الرئيس بشار الأسد.

عذراً سيد حسن، فالشعب السوري (الذي يقتل يومياً) هو من كان يصنّع هذا السلاح في المصانع، ويعرض حياته للخطر لكي يؤمن سلاح حربي في محاولة لاعادة التوازن لموازين القوى العالمية في صراعنا كـعرب مع إسرائيل، وليس بشار الأسد او القيادة السورية هي من ارتدت ملابس المعامل وصنعت الأسلحة بأيديها.

عذراً سيد حسن، فالشعب السوري (الذي يقتل يومياً) هو من استضاف شعبك اللبناني عندما كنت تقاتل اسرائلي وهو من ساندكم في صراعكم المشروع، وكان السيف الحامي لكم ولشعبكم، فحماكم تحت سقف بيوته من سيلان القذائف، واشرككم في موائده، في حين كانت القيادة السورية تأكل لوحدها، وتنام لوحدها ولم تستضف أياً من الشعب اللبناني في بيتها.

عذراً سيد حسن، ألا يستحق من دفع المال لتقديم السلاح، ومن صنع السلاح، ومن استضاف البشر وحماهم ان تترحم عليه ؟ أن تقف لأجله دقيقة صمت ؟ ألا يستحق هذا الشعب الذي رفع صورك في العام 2000 وفي العام 2006 ان تشكره ؟ أليس من اخلاق الاسلام ردّ السلام والتحية والجميل ؟

عذراً سيد حسن، فالحسين يقتل ألف مرّة في سوريا، ونصرة المظلوم واجب ديني، فكيف يظلم الأسد الذي تناصره وهو ينام في بيته محصن ومحمي، فيما تقصف البشر وتحصى كأرقام في نشرات الأخبار ؟

عذراً سيد حسن، لقد اعتقدنا منذ البدء، ان الحق سيف في يدك، الا ان المصالح سيفها اقوى ..

عذراً سيد حسن، ألم يخطر ببالك يوماً، لماذا سلاح سوريا تم تصنيعه بتقنية “الوجهة الواحدة”، اي انه يعمل فقط في جنوب لبنان، وان وجهته الاراضي المحتلة الفلسطينية، في حين اننا اولى في هذا السلاح بصراعنا نحن ايضاً مع العدو الاسرائيلي الذي يحتل ارضنا كما مزارعكم وتلالكم، ألم يخطر ببالك وانت الفطن المحاور اللسن لماذا لا يحق للشعب السوري ان يتحرر هو ايضاً، وان يقف في وجه آلة الحرب الاسرائيلية ؟

عذراً سيد حسن، فنحن الشعب من نصنع الزعماء، ونحن من يقرر ترحيلهم، والراحل ليس بميت انما مقلوع !

خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى