صفحات الحوار

الناشط السياسي والباحث السوري لؤي صافي: «التقارب الروسي التركي لن يحل الأزمة السورية لأن الخلاف الحقيقي هو حول بقاء الأسد»

 

 

روعة قاسم

اعتبر الناشط السياسي والباحث السوري لؤي صافي ان التقارب التركي الروسي الأخير يهدف إلى إعادة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه قبل إسقاط الطائرة الروسية وإعلان روسيا قطع العلاقات التجارية مع تركيا، ورأى ان نتائجه ستظهر مباشرة في جانب التبادل التجاري الذي تعرض لهزة كبيرة خلال السنة المنصرمة.

اما بخصوص الخلافات حول الحل في سوريا فرأى انها لا تزال كبيرة لأن العقدة الأساسية فيها بقاء نظام الأسد. واضاف ان مصلحة القيادة التركية في زوال نظام الأسد مصلحة حقيقية، لأن الأسد ونظامه هو مصدر القلاقل وتدفق اللاجئين التي تواجهها تركيا اليوم، ولأن تركيا لا تستطيع أن تتخذ موقفا يتناقض مع مصالح الأغلبية السورية. واردف بالقول :» ثمة تطابق أيضا بين موقف القيادة التركية من حزب الاتحاد الديمقراطي والموقف الذي تتخذه أغلبية قيادات المعارضة. فكلا الموقفين يتميزان بشكوك عميقة حول الدوافع الإنفصالية التي يحملها قادة حزب الاتحاد وهذا لا يعني بطبيعة الحال أن ثمة تطابق كامل بين المصلحة السورية والتركية».

واضاف بالقول :» الفرق الكبير في تعاطي تركيا مع الأزمة بالمقارنة مع تعاطي المعارضة، أن الأولى تتصرف من منظور دولة تحتاج إلى ربط الأهداف بالسياق السياسي العالمي، ومن خلال إدراك أن الوصول إلى الأهداف الوطنية يتطلب درجة عالية من التنسيق والمرونة، في حين تتصرف المعارضة السورية من منطلق الحقوق والاستحقاقات والمطالب المشروعة، وتبدو غير معنية بتعقيد الموقف السوري أو الطبيعة المتداخلة للفعل السياسي ذي التداعيات الدولية».

التقارب الروسي التركي الايراني

اما عن التقارب الروسي والتركي والإيراني فاعتبر محدثنا انه يصب في مصلحة «الثورة» السورية وهذا يضع المسؤولية الأولى والكبرى على قوى المعارضة والثورة السورية، فهي الوحيدة القادرة – بحسب قوله – على تعزيز المصلحة السورية بتحركها وفق مبادئ تعزز المصلحة الوطنية وتتجاوز الخلافات البينية الأديولوجية.

هل سنشهد طورا جديدا من الازمة السورية وهل هذا التقارب يؤشر الى بداية ايجاد حل ما سياسي وتوفيقي لهذه الازمة المستفحلة؟ يجيب الباحث السوري بالقول :” التطورات الأخيرة في حلب تعزز فكرة أن الحسم العسكري في سوريا غير ممكن وأن الحل السياسي هو المطلوب. والتقارب الروسي التركي يسمح بقيام حوارات وتفاهمات بين لاعبين اساسيين في المشهد السوري. وبالتالي يمكن الحديث عن تطور إيجابي في اتجاه الوصول إلى حل. ولكن من المبكر الحديث عن حل سياسي الآن. الاسابيع القليلة القادمة ستكشف عن جوانب جديدة يمكن أن تعزز التفاؤل في اقتراب حل سياسي. أهم المؤشرات – بحسب محدثنا – ستأتي من التحركات الروسية، واستعداد روسيا للتخلي عن فكرة الحسم العسكري وفكرة سورية جديدة دون حكم الأسد. وقال ان هناك مسؤولية كبيرة تتحملها المعارضة السورية، إذ ثمة حاجة إلى التقليل من الاحتكاكات البينية بين قواها السياسية والعسكرية والتركيز على العدو المشترك المتمثل في نظام الاستبداد. المعارضة تحتاج إلى التخلي عن مبدإ «كل شيء أو لا شيء» الذي حكم العقلية السياسية في سوريا لأكثر من نصف قرن، والذي أدى إلى مواقف وقرارات هي أقرب إلى الاماني الذاتية والعاطفية منها إلى الموقف السياسي المسؤول الذي يعي أن أي قرار يجب أن يعكس مصالح القوى المسؤولة عن تحقيقه والمتأثرة مفاعيله.

حلف كردي – امريكي؟

وبخصوص الحلف الكردي – الامريكي في سوريا اوضح الناشط السياسي والحقوقي السوري ان الكرد ليسوا في موقف واحد من الثورة، بل هم منقسمون بين الأحزاب الكردية المعارضة للنظام والتي دخلت في تحالف مع باقي قوى المعارضة السورية داخل الائتلاف الوطني السوري، وإلى القوى المتحالفة مع النظام وفي مقدمتها حزب الأتحاد الديمقراطي (البايديه) وحلفاؤه في الحزب الشيوعي الكردستاني الذي ينتمي مقاتليه إلى المناطق الكردية في تركيا وشمال العراق. وقال في حديثه لـ «المغرب» إن العلاقة بين الكرد في شمال سوريا والأمريكيين هي وليدة التنافر بين توقعات القيادة الأمريكية وخطاب مجموعات إسلامية مؤثرة. بعض الطروحات والممارسات التي بدرت من الطرفين أدت إلى زيادة التنافر بينهما. كما حالت العقلية الأديولوجية وغياب الخبرة والمهارة السياسية وغياب الوعي بأثر السياق الدولي للصراع على السياق الأقليمي والمحلي إلى العديد من الأخطاء وإلى استحالة الوصول إلى تفاهمات تقوم على مصالح متبادلة.

واضاف ان القوى المتشددة أخذت منذ البداية موقفا سلبيا من التعامل مع القوى الإقليمية والدولية، وراودتها الشكوك نحو المجموعات التي أبدت استعدادا للتعاطى مع الولايات المتحدة. بالمقابل أبدت القيادات الكردية في الشمال السوري مرونة أكبر في التعاطي مع أمريكا، على الرغم من أن الأحزاب الكردية هي تاريخيا وعقديا أقرب إلى العقيدة الشيوعية واليسارية. هذا التفاوت في التفكير الاستراتيجي شكل عاملا أساسيا في خلق التحالف الكردي الأمريكي في الشمال، ولكنه لم يكن العامل الحاسم. فالعامل الحاسم – بحسب الباحث السوري

– أتى من الشعارات التي حملتها قيادات ثورية إسلامية والتي ولدت مخاوف من قيام دولة دينية متشددة على الأرض السورية شبيهة بما حصل في المناطق التي هيمن عليها داعش الارهابي. كذلك أعلن زعيم جبهة النصرة المتحالفة مع القاعدة عدو الولايات المتحدة الأول عن حل جماعته وتشكيل جماعة أخرى مستقلة عن القاعدة تحت اسم فتح الشام. ولكن طريقة الإعلان وسياقه لم يعكس للمراقب المتشكك قرارا استراتيجيا في الاستقلال عن منظمة ذات طموحات أممية، ومساع مستمرة لتقويض المنظومة الدولية، بل ظهر على شكل تحرك تكتيكي مرحلي لتطويع الآخر والاستبجابة للضغوط الحالية.

وبالتالي فان الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية يمكن أن يفهم من منظار رغبة الأمريكيين في دعم قوى لا تحمل شعارات وطنية لا شعارات دينية، ولذلك سعى الأمريكان إلى تطعيم القوى العسكرية الكردية بمقاتلين عرب، ودفعوا باتجاه إعطاء الوحدات العسكرية هذه اسما وطنيا جامعا. وقال صافي ان هناك شكوكا كبيرة لدى العديد من قيادات المعارضة في ولاء هذه القوات لسوريا. لذلك فإن طريقة تعامل قوات سوريا الديمقراطية في منبج يشكل امتحانا لصدقية هذه القوات وصبغتها الوطنية. واعتبر ان نجاح القوات في تشكيل قيادة سياسية وإدارية محلية، واحترام التنوع الديني والإثني فيها سيرفع من مصداقيتها لدى الأغلبية السورية، وربما يعيد الاصطفافات المعادية لها داخل صفوف المعارضة.

دور داعش الارهابي؟

اوضح لؤي صافي ان داعش الارهابي عمل على محاربة الثورة واحتلال المناطق التي حررها الثوار، بينما بقي بعيدا عن المناطق التي يسيطر عليها النظام، وتجنب الدخول معه في صراع مسلح، على مدى العامين الأولين لتدخله في سوريا. كذلك ركز النظام على محاربة الكتائب الشعبية التي تشكلت لمنع قواته الأمنية والميليشيات الطائفية التي جلبها من العراق ولبنان من مهاجمة القرى والأحياء، والاعتداء عليها وعلى سكانها. واردف بالقول :« على مدى السنوات الخمس الماضية واجه الجيش الحر قوات النظام وقوات داعش الارهابي معا في آن. بل يمكن القول أن قوات الجيش الحر في شمال سوريا اضطرت إلى توجيه قدر كبير من قدراته لمواجهة داعش مما خفف العبء العسكري عن جيش الأسد وحرص النظام على تمدد داعش دفعه إلى استخدام سلاحه الجوي لمساندة هجمات داعش وإضعاف قوى الجيش الحر التي تصدت لها في محافظات حلب وإدلب ودير الزور. ولم يكتف النظام بتسهيل انتقال داعش إلى الشمال السوري بل يسر دخوله إلى منطقة القلمون والجنوب السوري لتكرار المشهد الشمالي واستنزاف قوى الجيش الحر في الصراع مع مقاتلي داعش الارهابي .

المغرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى