صفحات العالم

النظام السوري..ممانع أم متآمر؟


ربحي شعث

لقد لعبت سورية دورا مهما في الشؤون الشرق أوسطية وكانت تتمتع بالقدرة على زعزعة سياسات ومعايير على مختلف الأصعدة بدأ من تولي الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الذي استولى على الحكم بعد عدة انقلابات إلى الأوضاع الحالية.

ومما لايدعو للشك أن انتهاجها الدور الأمني والإستخباراتي قد أزاح الدور المدني منذ تأسيس حزب البعث.

لقد نالت الجمهورية السورية بنظامها صفة الممانعة في السنوات الأخيرة بعد تصنيف أمريكا وإسرائيل الدول العربية على مزاجها كما فعل العثمانيون بحدودنا وكما فعل غيرنا كثر فينا..أما نحن صمٌ بكمٌ عميٌ..فصُنِفت بذلك سوريا من الدول المُمانعة وأخرى من الدول المعتدلة..وعلّمتنا أمريكا الدرس أن الممانعه هي عند كثرة اللاءات والرفض والمعتدلة عند كثرة هز الرأس والقبول.. لكن لماذا اللاءات؟؟وماهو الذي مانعته سوريا؟

لقد إنتابني شعور غريب واستفسارات كبيرة لدرجة خوفي من أن أفهم الحقيقة التي ستكون على قلبي كحد السكين فيما يتعلق بمفهوم الممانعة وأنها ماهي إلا مؤامرة وسياسة منحطة تنتهجها الدول الغربية بالتعاون مع بعض الدول العربية وخاصة سوريا ويدفع ثمنها المواطن العربي من عُمره وكرامته.

نظام الجمهورية العربية السورية كان.. وكان فقط بمختلف الأوقات وتذبذب المصالح على علاقات متوترة مع الدول “المعتدلة” وخاصة السعودية والأردن ومصر وكانت كذلك عند الغرب وخاصة أمريكا, وسميت بمحور شر وحظيت بإتهامات تمويل الإرهاب ودعم حركات المقاومة ..ولقد كنت أشعر بتوجس من أن هذه الدول تنتظر الوقت الذي ينزلق فيه النظام السوري كما حصل مع أسلافه لينقض الجميع على هذا النظام بأقرب وفت.لكن المفاجأة أن هذه الدول العربية “المعتدلة” لم نسمع منها أي ردة فعل او حتى طلب بالتوقف عن قتل الأبرياء إلا بعد شهور عديدة. لابل ان سفارتها في بلد عربي مجاور تقيم حفل عشاء على شرف الموتى والدفنى والمعتقلين السوريين بلا شك..كذلك الأمر لدى أمريكا فقد دأب رئيسها السيد أوباما بدعوة الرئيس السوري بشار الأسد بعد وصول القتلى أكثر من ألف شهيد وتشريد الالاف واعتقال الالاف من الشعب السوري,بوقف العنف والبدء بالإصلاحات وتطل وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة كلينتون في كل حفل أو لقاء التذكير بأن النظام السوري يملك الوقت لبدء التغيير والإصلاح. ومن المدهش أن أغلب الصحافة والمحللين الإسرائيليين لايخفون قلقهم من عدم الإستقرار في المنطقة في حال حدث”مكروه” للنظام السوري وتستشهد بقلقها ماحدث في يوم النكبة. وتتسائل الأوساط ان عدم إستقرار النظام السوري أحدث خرقا على الجولان.فكيف لو إنتهى النظام؟

هذه أوراق وسياسات ويكيليكسية لايمكن التستر عليها..ولا يجوز غض نظرنا عليها لمجرد أننا لانقبل فكرة المؤامرة على الشعوب العربية..ويجب علينا أن نسأل ونتسائل ونقلق..أي ممانعة؟؟ وأي مقاومة؟؟ ولماذا التستر على جرائم نظام الأسد في سوريا في البداية وحتى الان؟؟

لقد عدت لأذكر دور سوريا خلال العقود الماضية مع حركات المقاومة والدول القومية واستذكرت التالي:

خيانة الرئيس السابق لسوريا حافظ الأسد بشخصه لمصر وجمال عبدالناصر في حرب النكسة عام 1967 والمعروف أن سبب من أسباب دخول مصر لحرب 67 هو للتصدي لحشود القوات الإسرائيلية المرتكزة على الحدود السورية والتي كانت تقدر ب (11 لواء ) إسرائيلي. فبعد قراءة التاريخ نستذكر إعتراف ضابط المخابرات السوري آنذاك الرائد :خليل مصطفى الذي ألف كتاب (سقوط الجولان) والذي بسبب إصداره سجن هذا الرائد لمدة ثلاثين عام حين كشف حقيقة تسليم الرئيس السابق حافظ الأسد الجولان لإسرائيل عندما سحب آلياته العسكرية بصفته وزير الدفاع آنذاك من أرض المعركة معلنا سقوط القنيطرة قبل سقوطها فعليا.

تنفيذ النظام السوري مع القوات المسيحية (الكتائب) عام 1976 مجزرة تل الزعتر ضد المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني والتي راح ضحيتها أكثر من 9 الاف فلسطيني

حصول إتصالات مكثفة جرت بين امريكا وإسرائيل والكتائب وسوريا والتي بدأت عام 1973 لتكثيف التواجد السوري لضرب المقاومة الفلسطينية.

التخاذل السوري إبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 عندما انسحبت القوات السورية بحجة قوة القصف الإسرائيلي.

دعم سوريا والمشاركة بدعم إنشقاق المقاومة الفلسطينية الذي انتهى بالإنشقاق بعد تشكيل لجنة أسموها “فتح الإنتفاضة” برئاسة أبوموسى.

قام الجبش السوري بضرب المقاومة الفلسطينية في طرابلس لبنان وحصارها عام 1983.

في المقابل,فإن الجمهورية السورية والجمهورية الإيرانية دأبتا على توطيد العلاقة بينهما وخاصة بعد الثورة الإسلامية الإيرانية لما لهما من علاقات ومصالح متبادلة سياسيا وطائفيا وإستراتيجيا,ولقد بلغت ذروة العلاقات الجيده حين وقفت سوريا بجانب إيران في الحرب العراقية-الإيرانية.والعلاقة المذهبية لعبت دورا كبيرا لبقاء عائلة الأسد في الحكم إذ أن الطائفة العلوية التي ينتمي لها الأسد تشكل 7% فقط من الشعب السوري,لذلك فإن إرتباط سوريا بحزب الله اللبناني هو إرتباط مبني على العلاقة السورية الإيرانية ومدى قوتها وترابطها.إذ أن حزب الله اللبناني قد أصدر بيانه التأسيسي في 16 نوفمبر 1985 قال فيه ” إن الحزب ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقية,وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر الثورة الإسلامية وباعث نهضاتهم المجيدة”كما جاء في البيان.

من الواضح أن النظام السوري لايقبل إحتضان المقاومة الفلسطينية من دون مصالح مشتركة ولتكون ورقة ضغط يستعملها متى شاء بعلم الإدارة الأمريكية..وماهو ليس بالغريب أن النظام الذي ارتكب المجازر طوال السنوات الماضية ضد شعبه في حماة وسجن تدمر لاتثنيه الإنسانية بالقيام بها مرة ثانية كمجازر درعا والصنمين وحماه وحمص واللاذقية وغيرها.

هذا التاريخ للنظام السوري المبني على الإنقلابات والتخوين والتخاذل وارتكاب جرائم يفند مقولة أن النظام السوري “ممانع” أو “مقاوم” وماهي إلا سياسة قبيحة دمرت الحرية والكرامة وكشفت أوراق خبيثة سيدفع ثمنها المواطن العربي جراء الإنجرار إلى تصديق هذه الفبركات التي لعبت الدول الغربية فيها دورا مع النظام السوري لخلق نوع من عدم الإستقرار في المنطقة لصالحها وصالح إسرائيل.

كاتب فلسطيني

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى