صفحات الناس

النفط.. الخط الأحمر الذي داسته داعش/ رامي سويد

 إبان تفجر الصراع بين مختلف فصائل الجيش الحر من جهة، وتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، قبل حوالي الشهر ونصف، فضلت جبهة النصرة أن تتخذ موقف الطرف الثالث الذي لا يريد الوقوف في صف أحد الطرفين المتقاتلين.

بعد فترة قصيرة من اندلاع المواجهات في حلب وادلب، ثم في الرقة، خرج زعيم جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، في تسجيل صوتي، طرح خلاله مبادرة لوقف القتال بين الطرفين تضمنت اقتراح تشكيل لجنة شرعية مشتركة تضمن ممثلين عن الطرفين، وأشخاصاً مستقلين تكون مهمتها النظر في مسائل الدماء والأموال والمقرات ورد الحقوق إلى أهلها.

 في البداية، وبعد أيام منذ اندلاع المواجهات، بدأ دور جبهة النصرة يأخذ خطاً واضحاً، متمثلاً بكونها طرفاً يحل محل تنظيم “داعش”  في المقرات والمواقع التي يريد أن ينسحب منها التنظيم بشكل آمن، دون أن يتم اعتقال عناصره ومصادرة أمواله وسلاحه.

 وقتها كان الشك يدور حول موقف الجبهة، حيث أصبح كثيرون يعتقدون بأن الجبهة أمنت الغطاء لكثير من عناصر “داعش”، ما مكنهم من الهرب والانسحاب من الأماكن التي سيطر عليها مقاتلو الجيش الحر والجبهة الإسلامية، باتجاه أماكن يسيطر عليها التنظيم، ليتمكنوا في ما بعد من العودة لمقاتلة الكتائب من جديد.

 ربما كان التقارب الإيديولوجي بين الطرفين، هو دافع جبهة النصرة الوحيد لإعطاء مثل هذا الغطاء لتنظيم “داعش”، لكن المثير هو أن هذا التقارب الإيديولوجي لم يمنع التنظيم من التعدي على ممتلكات وعناصر جبهة النصرة مراراً.

 مصدر من داخل جبهة النصرة، قال في حديث لـ”المدن” إن حواجز تنظيم “داعش” في محافظة الرقة قامت بمصادرة عشرات الصهاريج العائدة للجبهة والمملوءة بالنفط والتي كانت في طريقها من دير الزور إلى مقرات الجبهة في حلب، وذلك إبان اندلاع المواجهات بين التنظيم وباقي فصائل الثوار، وعندما حاول عناصر الجبهة المرافقين للصهاريج مناقشة عناصر لتنظيم في أمر مصادرتها أجابوهم “أرسلوا أميركم الجولاني ليستعيدها”.

 استفزازات “داعش” لجبهة النصرة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ أعلن التنظيم أنه قام بإعدام “أبو سعيد الحضرمي” أمير جبهة النصرة في محافظة الرقة وذلك بتهمة الردة، ذلك أنه بايع التنظيم عند إعلان تشكيله من قبل “البغدادي”، لكنه قرر في وقت لاحق تركه والالتحاق بجبهة النصرة من جديد، تنفيذاً لأوامر زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، عندما أعلن إلغاء الاندماج بين “داعش” والنصرة، معلناً أن جبهة النصرة، هي فرع تنظيم القاعدة في سوريا.

 لكن، وعلى الرغم من إعدام “أبو سعيد” بالإضافة إلى التعديات المتكررة التي مارسها منتسبو “داعش” على مقرات وسيارات وعناصر جبهة النصرة في محافظتي حلب والرقة لم تدفع جبهة النصرة إلى إعلان موقف حازم يضع حداً لهذه التعديات.

 منذ أيام قليلة، قامت مجموعات تابعة لـ”داعش” بطرد عناصر جبهة النصرة من حقلي الجفرة وكونيكو النفطيين في ريف دير الزور، كما قامت مجموعات أخرى تابعة للتنظيم بالسيطرة على مقرات للجبهة، تقع بالقرب من حقول نفط في منطقة الشدادي بريف الحسكة.

 هذا التصعيد، حمل جبهة النصرة، على الرد سريعاً، ولا سيما أنه يطال أهم مصادر تمويل الجبهة، إذ خلال ساعات، فتحت الجبهة حرباً على التنظيم وتمكنت من طردها من آبار النفط التي سيطرت عليها.

 ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن عناصر الجبهة قاموا بملاحقة عناصر التنظيم إلى حدود محافظة دير الزور الغربية، حيث هاجموا مقراتهم في منطقة التبني وتمكنوا من السيطرة عليها لتنتقل المعارك إلى منطقة معدان التابعة إداريا لمحافظة الرقة.

 في ما بعد، أمهلت الجبهة، عناصر التنظيم، ثلاثة أيام لتسليم أنفسهم أو إعلان انشقاقهم، ليصبح بذلك تنظيم “داعش” وحيداً في مواجهة الجميع، ومفتقداً للمظلة الوحيدة التي كان يحتمي بها، أو التي لم تكن تقاتله على الأقل، والمتمثلة بجبهة النصرة، بعدما ارتكب الخطيئة الكبرى واقترب من حقول النفط التي تهيمن عليها جبهة النصرة بالكامل.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى