صفحات الناس

النفط السوري.. من وقود لجيش النظام إلى سلاح للمعارضة/ عدنان عبد الرزاق

 

 

دمشق

كان النفط السوري أحد أهم مصادر الدخل قبل اندلاع الثورة السورية، وشكل عام 2011، أكثر من 60% من موارد الخزينة العامة للدولة، واستخدمه نظام بشار الأسد كوقود لتمويل حربه ضد شعبه ، إلا أن فقدانه السيطرة على معظم الحقول حوله إلى ورقة ضغط لصالح المعارضة.

ومع تزايد الضغوطات اندفع نظام بشار للاتفاق مع “الجيش الحر” ليحافظ على مصفاتي حمص وبانياس، ولو بالحد الأدنى الذي يؤمن احتياجات آلته العسكرية ومتطلبات المناطق الخاضعة لسيطرته.

إلا أن هذه المساعي فشلت وحرم النظام من هذه الثروة تدريجياً، وسيطرت المعارضة على جميع مناطق إنتاج النفط ليتحول إلى أحد الأسلحة المهمة التي قد تحول دفة المعركة.

يقول سمير سعيفان الباحث الاقتصادي لـ “العربي الجديد”: إن النفط السوري بين 1985-2000 لعب دوراً رئيساً في تأمين جل موارد خزينة الدولة، وخاصة خلال إدارة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد للاقتصاد بطريقة نمطية.

في عام 1996 وصل إنتاج سورية لنحو 600 ألف برميل يومياً وكادت سورية أن تدخل منظمة أوبك وقتها، ولم يزد الاستهلاك الداخلي عن 200 ألف برميل، ما يعني أن ثمن 400 ألف برميل ذهبت إلى الخزينة وشراء السلاح، وتكوين أرصدة للمسؤولين.

وأضاف سعيفان ” بعد عام 1998 بدأ إنتاج يتناقص النفط السورى حتى وصل مع اندلاع الثورة لنحو 370 ألف برميل يومياً، في الوقت الذي زاد فيه الاستهلاك واستيراد سورية لبعض المشتقات لأنها لا تكرر إلا جزءاً من إنتاجها، ما حول النفط إلى هاجس لدى الحكومة التي رفعت أسعار المشتقات ولم تعوض المستهلكين، مازاد من خلل المجتمع البنيوي وساهم في تلاشي الطبقة الوسطى، وهو أحد أسباب الاحتقان الذي ترجمه السوريون في الشوارع في ثورتهم 2011″.

وعن عدم قدرة النظام المحافظة على مناطق الإنتاج”الجزيرة السورية” وسيطرة المعارضة عليها يؤكد سعيفان، انسحاب الشركات العالمية العاملة فى سورية مثل شل وتوتال وبتروكندا وحتى الشركة الصينية، ولم يستطع نظام بشار الأسد المحافظة على الحقول لأنه خشيّ من تشتيت قواته عن مراكز السلطة كدمشق وحمص وشريط الساحل، لذا آثر مراكز السلطة على “الجزيرة” خزان سوريا النفطي والمائي والغذائي.

وتوجد ثلاث مناطق رئيسة لإنتاج النفط والغاز فى سورية، الأولى، وهي الأقدم، تقع في محافظة الحسكة، كانت تنتج نحو 220 ألف برميل نفط ثقيل، والحقول في غالبها تحت سيطرة حزب “بي يي دي”، والثانية في منطقة دير الزور باتجاهات البوكمال والميادين والرقة وكانت تنتج نحو 140 ألف برميل نفط خفيف وتقع جميعها تحت سيطرة مجموعات متفرقة من المعارضة المسلحة.

وتقع الثالثة في المنطقة الوسطى ومركزها تدمر وشرق حمص، وهي تنتج غازاً بالدرجة الرئيسة، إضافة لنحو 15 ألف برميل مكثفات وتقع تحت سيطرة النظام.

وترك الباحث المالي والنفطي سعيفان سؤالاً معلقاً إذ لا يعرف بالضبط ما هو الاتفاق بين حزب “بي يي دي” والنظام السورى، فبعض الحقول في محافظة الحسكة تقع تحت سيطرة “بي يي دي”، ويعتقد أن بعض الإنتاج مازال سارياً ويتم ضخه إلى مصفاة حمص، وعادة ما يبرم النظام مع كتائب المعارضة اتفاقات على طول مجرى خط الأنابيب كي لا تقوم بتفجير الأنبوب مقابل دفع مبالغ معينة.

وبعد أن حرمت المعارضة النظام من النفط أصبحت إيران هي من تمد نظام الأسد باحتياجاته من مشتقات النفط، حسب سعيفان، ولم يعد النظام مسؤولاً عن تأمين احتياجات المناطق المحررة ويقنن ما يوزعه في المناطق التي تقع تحت سيطرته، ما يعني أنه لا يستورد كميات كبيرة.

وما يقال عن تصدير النفط من العراق إلى سورية عبر الخط الذي يمر بمنطقة دير الزور، فلا تتوفر معلومات عن هذا الموضوع، ولكن كي يحدث هذا يجب تشغيل محطات الضخ وضمان سلامة الأنابيب من التفجير وهذا يتطلب اتفاقاً بين النظام والكتائب التي تسيطر على مناطق مرور النظام.

وقال سعيفان لـ”العربي الجديد” بإنذار” ثمة احتمال هروب النفط السوري ونضوبه، لأن عودة حقول النفط إلى سابق عهدها، أمر صعب جداً ، فإغلاق الحقول يؤدي عادة إلى هروب النفط أو تهدم الطبقات الجوفية للحقول، مضاف إلى ذلك التكاليف الكبيرة فلا نعرف وضع منشآت النفط الآن، ووضع مستودعات قطع الغيار ومستلزمات التشغيل.

فإن كانت المجموعات التي سيطرت على الآبار قامت بتفكيك المصانع والمنشآت في حلب مثلاً وبيع بعض أجزاء المنشآت ونهب مستودعات قطع الغيار وغيرها، فستكون تكاليف إصلاحها كبيرة، حسب سعيفان.

وبالتالي فإن إعادة إنتاج النفط في سورية إلى مستوى 380 ألف برميل في اليوم، أو زيادته يتوقف على وجود اكتشافات جديدة وهذا ممكن ومحتمل سواء كان نفطاً أم غازاً، وهذا يتطلب انتهاء الأزمة السورية وعودة الاستقرار الذي بدونه لن تأتي أية شركة للتنقيب.

يذكر أن أرقام إنتاج النفط وحجم عائدات التصدير لم تكن متوفرة في سورية، لكن الدراسات تقول إن إنتاج النفط كان يشكل نحو 24 في المئة من الناتج الإجمالي لسورية و40 في المئة من عائدات التصدير.

ويبلغ الإنتاج الاحتياطي المؤكد القابل للإنتاج حوالي 6.85 مليارات برميل من النفط أنتج منها حتى الآن 4.6 مليارات برميل من النفط و405 مليارات متر مكعب من الغاز أنتج منها 121 مليار متر مكعب.

ليكون الاحتياطي المتبقي للإنتاج بنحو بـ 2.25 مليار برميل نفط و284 مليار متر مكعب من الغاز.

الدولار = 147 ليرة سورية

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى