صفحات العالم

انتظار مضن للمقاربة الاميركية ازاء سوريا: الذكرى الثانية للثورة بلا أفق لحلول؟

    روزانا بومنصف

يقارب المتابعون للوضع السوري بحذر كبير، التطورات المتعلقة بالمبادرة التي اطلقها رئيس الائتلاف السوري المعارض معاذ الخطيب، وخصوصا ازاء ابداء اي تفاؤل بكلام عن حل سياسي تتم بلورته ويوحيه الكلام الايراني في شكل خاص عن استعداد النظام للتجاوب مع المبادرة. فالظروف المواكبة والسابقة لا تسمح، في رأي هؤلاء ، بايلاء المواقف المرحبة بمبادرة الخطيب اكثر مما تحتمل في زمن التعثر الدولي في الموضوع السوري. وكان لافتا بالنسبة اليهم وهم المتابعون لتفاصيل الوضع السوري أول بأول، انطلاق هذه المبادرة غداة تقديم الموفد الاممي الى سوريا مداخلة امام مجلس الامن في 30 من الشهر المنصرم رفع فيها التحدي امام المجلس باعتباره الوحيد القادر على المساهمة في ايجاد حل “لأن الاطراف السوريين كما قال وكما يحصل كثيرا في مثل هذه الازمات غير قادرين وغير مستعدين لحل مباشر في ما بينها”. كذلك برر حتمية الاستعانة بمجلس الامن في “ان الدول العربية المجاورة لسوريا عاجزة عن ان تقدم مساعدة بناءة في الحل”.

واذ بدا الابرهيمي متشائما بحل قريب في سوريا في ظل تقويمه للاتصالات التي اجراها اقليميا ودوليا، برزت فجأة مبادرة الخطيب التي لا تزال غامضة لجهة بنودها وسقفها، مع مرونة لافتة يبديها لهذه الجهة، ان من حيث الشروط للتحاور مع النظام او مكان هذا الحوار، وان لقيت المبادرة ترحيبا من الدول الداعمة للنظام، أي روسيا وايران، فضلا عن الولايات المتحدة، في حين ان الدول الاوروبية التي دعمت المعارضة السورية لم تبد ردود فعل مماثلة. كما برزت من جهة اخرى، وعلى نحو يناقض بدوره ما جاء في كلام الابرهيمي قبل عشرة ايام عن عجز دول الجوار، محاولة احياء المبادرة الاقليمية بين ايران ومصر وتركيا من اجل الحل في سوريا، فيما رشح مؤتمر الدول الاسلامية بالخلافات المستمرة حول الرؤية للحل في سوريا بين دول المنطقة وايران في شكل اساسي، بما لا يسمح بالتفاؤل في هذا الاطار مع بقاء المواقف على حالها.

ويطيب للمتابعين الاعتقاد ان حوارا سوريا داخليا يمكن ان يحل الازمة على رغم الاستحالة الكامنة وراء ذلك بعد التداخل الاقليمي والدولي فيها، او الاعتقاد ايضا ان دول الجوار السوري يمكنها ان تقدم حلولا، لكن هذا لا يعكس الواقع. ولذلك فإن التساؤلات في هذا الاطار تتناول جملة امور ليس اقلها الطابع المفاجىء لهذه المعطيات، باعتبارها نشأت فورا بعد مداخلة الابرهيمي امام مجلس الامن، وهي تأخذ من المبادرة وتتحرك من خارجها، مع تأكيد  استمرار دعم جهود الموفد الاممي، اضافة الى عناصر من بينها:

اولاً، اذا كانت هذه التطورات تقع في الوقت الدولي الضائع. اذ انها تأتي بالنسبة الى المتابعين في زمن اميركي ملتبس ليست واضحة معالمه واتجاهاته بعد انكشاف منع البيت الابيض تسليح المعارضة السورية بناء على اقتراحات وتوصيات لفريقه السابق في وزارة الخارجية والاستخبارات، وفي ضوء مواقف للرئيس الاميركي رآها هؤلاء ابعد ما تكون عن رئيس اكبر دولة في العالم واكثرها قوة. ويبدو ترداده ان الرئيس السوري سيرحل عاجلا او آجلاً أشبه بمن يقول ان الناس سيموتون يوما ما اكثر منه موقفاً حاسماً وقوياً لرئيس الولايات المتحدة. وكذلك طرحه تساؤلات في حديث صحافي ادلى به في 28 من الشهر الماضي، وسأل: “في وضع كوضع سوريا هل يمكن التدخل ان يحدث اي فارق؟ وأكد أنه يأخذ في الاعتبار ليس القدرات الاميركية بل حدودها ايضاً”، كما لو انه يفكر بصوت عال او يقدم تبريرات لتراجع ما بحيث تضاءلت الى حد كبير الرهانات على خطة او بنود سياسية جديدة يعلنها لسياسته الخارجية في خطابه عن حال الاتحاد اليوم، على رغم اعلان وزير خارجيته الجديد جون كيري ان الادارة في صدد التفكير في مقاربة ديبلوماسية جديدة للازمة في سوريا، وما اذا كان هذا الامر سيتبلور بعد الزيارة التي يعتزم كيري القيام بها للمنطقة في الاسابيع المقبلة. لذلك لم يكن صعبا ان يوظف النظام هذه المعطيات ليلتقط انفاسه او ان يبدو حلفاء النظام الاقليميون والدوليون في موقع المبادر فيما الاخرون من حلفاء الاميركيين في موقع المتلقف او المنتظر ان تتبلور المقاربة الاميركية الجديدة بعد انتهاء الاستحقاقات الداخلية من تسلم اوباما رئاسته  وتعيين طاقمه الديبلوماسي والسياسي والمصادقة من الكونغرس على التعيينات التي لم تنته بعد.

ثانياً، يشكل الحوار الداخلي السوري جزءا لعله الاهم في استراتيجية اي خطة للحل السياسي، احصل مع وقف للعنف أم من دونه. الا ان التحدي هو في اقناع النظام التحاور مع المعارضة ليس على رحيله فحسب بل على مرحلة انتقالية رآها مستحيلة ونعاها بعد جهود للابرهيمي لاقناعه بها، وهذه الجهود لم يمر عليها سوى اسابيع وليس اشهراً، وفي ظل اقتناع يردد البعض ان الابرهيمي نقله الى الأسرة الدولية في اثناء اللقاءات التي عقدها في نيويورك اخيرا عن ثقته برفض النظام اي حوار جدي ما لم يكن لكسب الوقت او تضييعه ليس الا.

وهناك اسباب وتساؤلات اخرى تخشى ان تكون التوقعات او الآمال ان تشهد الذكرى الثانية لانطلاق الانتفاضة في سوريا بعد شهر من الآن بداية العد العكسي للحل السياسي في غير محلها.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى