صفحات سورية

انفجارات دمشق … رعب النظام من ثورة العاصمة !!


محمد رشيد

كنت قد اكملت كتابة هذا المقال قبل انفجاري دمشق ، و تحميل مسؤوليتهما لتنظيم القاعدة ، بسرعة الضوء ، استنادا الى تصريحات اطلقها ” قارئ الفنجان ” اللبناني ، و اللذي تصادف انه أيضاً وزير دفاع البلاد .

و لا اجد اي اضطرار للجوء الى قواعد نظرية المؤامرة ، لان ضحالة “السيناريو” و هزالة ” البناء الدرامي ” ، بالاضافة الى الحقائق المعروفة للجميع عن حجم و متانة علاقات نظام الاسد مع ” القاعدة ” ، و توقيت ” الألعاب النارية “في قلب دمشق ، كلها عناصر تشي بان النظام بدأ ينهار بسرعة اكبر تحت ثقل ضربات الثورة السورية ، و ان اهداف هذه التمثيلية الممجوجة واضحة تماماً ، و لا أظن ان لها علاقة بموضوع المراقبين العرب ، فتلك مسالة مقدور عليها ، و لا علاقة لها في التأثير على الاصطفافات العربية و الدولية ، لان للدول عيون و أذان.

لب المشكلة لدى النظام تكمن في بدء نهوض دمشق بقوة لتصدر الثورة في زلزلة الارض تحت أقدام النظام ، و رعب النظام من الانضمام الواسع للدمشقيين الى صفوف ثورتهم ، تلك هي المسالة ، و بكلمة أخيرة قبل ان أعود الى المقال ، دون ان اجد نفسي مضطرا لاي تغيير بسبب ما حدث في دمشق ، بل اعتقد ان واجب المعارضة السورية اضافة هذه الجريمة الى جرائم النظام ، واجبها ان تكشف من هم الضحايا ، هل هم من الأسرى الثوار ؟ هل هم من المفقودين ؟ هل هم من لون طائفي واحد ؟ الى غير ذلك من الأسئلة الخطيرة .

المقال قبل الحدث

النظام الامني السوري بدأ يواجه مأزقا حقيقيا ، و هو يرى ان أسوأ كوابيسه المزعجة بدات

تحقق أمامه في الواقع ، فها هي دمشق ، عاصمة الخلافة الأموية تنفجر في وجهه ، و ها هم ابطال و طلاب الجامعات في حلب ، يستلمون الراية من اطراف حلب ، و ينقلونها الى قلب العاصمة الاقتصادية ، و بانفجار العاصمتين السياسة و الاقتصادية ، يكون النظام و آلة القتل التابعة له قد دخلا المنعطف الاخير في تراجعه المستمر امام ثورة ” 8000 ” شهيد حتى هذا التاريخ .

و لان الأنظمة على شاكلة نظام الاسد ، تعتقد دائماً بقدرتها على القمع الدامي و الاختباء خلف

شعارات رنانة دون مضمون ، و تعتقد بقدرتها على التضليل الواسع النطاق و الكذب ، حيث تصل بهم

الامور الى الحد الذي يصدقون فيه كذبهم ، مما يعميهم عن رؤية و تتبع تطور الاحداث من حولهم ، ومما يتيح للثورات النضوج الهادئ للحظة الانفجار الاخير ، و هذا ما حدث و يحدث تماماً في دمشق و حلب الان .

و مع التنبيه ان ذلك كله لا يجب ان يقود الى الإفراط في التفاؤل ، بل ان اقتراب لحظة النصر قد تترافق على الأرجح مع بلوغ القمع و القتل ذروة لم نشهدها من قبل على امتداد الشهور العشرة الماضية ، و ان النظام سوف يرمي بكل الته القاتلة في المعركة الاخيرة ، و قد يفسر ذلك شراسة و وحشية النظام بشكل غير مسبوق في الايام الاخيرة ، و تلك دلالة إضافية على حالة الرعب التي يعيشها بشار و رفاقه ، خاصة بعد ان ادت درعا و حماة و حمص و أدلب و دير الزور و ريف دمشق و اللاذقية و جبل الزاوية دورا مجيدا ، و مازالت تؤديه في استنزاف معظم طاقة النظام ، و بعد ان ادت انشقاقات الجيش الى “خلخلة ” معظم قطاعات الجيش النظامي .

بدائل النظام تحت رعاية ناصيف

لكن ذلك المستوى الميداني ، يترافق في الخفاء مع جهود ، و افكار سياسية ، لانقاذ النظام ، او

على الاقل انقاذ ” الرئيس ” ، و طبقا لما تسرب من معلومات عبر اقرباء قادة عسكريين كبار انتقلوا للاستقرار خارج سوريا،. يمكن التأكيد ان النظام بدأ يسلم ان مرحلته قد انتهت الى الأبد و ان مرحلة جديدة بدات ، و حيث بدا النظام يدرس بصورة جدية بدائله للمرحلة المقبلة ، و ان الخوف و القلق من المجهول بدأ يخترق صفوف ” النواة الصلبة ” للنظام .

و يقول هؤلاء ، ان العائلة كلفت ” العم ” بوضع البدائل الممكنة ، و ” العم ” هو مساعد بشار للشؤون الأمنية و السياسية الخاصة ” محمد ناصيف ” ، و قد عقد الاخير سلسلة من الاجتماعات مع بشار من جهة ، و مع كبار ضباط الجيش و الأجهزة الأمنية من جهة اخرى ، عرض خلالها كل المعطيات ، قبل ان يقوم بثاني زيارة سرية له الى طهران خلال اقل من ثلاثة اسابيع بهدف التشاور المكثف مع الحليف الايراني ، و يرى ” العم ” ان امام نظامهم عدة بدائل ، كلها محفوفة بدرجات مختلفة من المخاطر . و يرى “ناصيف” البديل الاول ، هو استمرار النظام في القتال بكل قواه ، انطلاقا من الاستنتاج ان الثورة ” عاجزة ” عن الإطاحة بالنظام بقواها الذاتية ، و انه لا مؤشرات على تدخل عربي او اقليمي ” تركيا ” او دولي ، لكنه لا يرى ان هذا الخيار بدون مخاطر ، و ان تحديات هذا البديل تكمن في استمرار انشقاقات الجيش ، و احتمالات استهداف الطائفة العلوية ، و الأهم هو حدوث تحول مفاجئ في الموقفين الروسي و الصيني ، مما سيقود الى قرارات دولية حاسمة ، كماحصل في ليبيا .

و البديل الثاني ، هو تقديم تنازلات ” جدية ” للثورة ، بشرط الحفاظ على العائلة ، و ابقاء ملفي الأمن و السياسة الخارجية بيد ” الرئيس ” ، و تشكيل حكومة برئاسة “معارض ” سوري تتولى الشؤون غير السياسة او الأمنية ، و بمشاركة الحزب الحاكم ، تعد لانتخابات برلمانية بعد 18 شهرا ، على ان تتبعها الانتخابات الرئاسية في منتصف عام 2014 ، دون “سلب حق اي طرف او شخص ” المشاركة في الانتخابات البرلمانية و الرئاسية ، و يرى “العم ” ان ذلك سيقود الى تفتيت المعارضة و إضعافها مع مرور الوقت ، لكن هذا الخيار يخاطر ” برفض الشعب له ، مما يضعف امكانيات صمود مثل هذه الحكومة امام الضغط الشعبي الجارف ” و يضيف ” و سوف لن يتعامل الخارج العربي و الاجنبي المتامر على سوريا ، مع هذه الحكومة ، مما سيعطي اتباع الخارج من السوريين انتصارا مجانيا ”

اما البديل الثالث ، فهو الادعاء ان الرئيس كان طوال الشهور الماضية رهينة ” انقلاب قصر ” سلبت قدرته على الحركة و اتخاذ القرارات ” مع الترويج للفكرة بالتركيز على ” ان الرئيس المح الى ذلك بوضوح في مقابلته التلفزيونتة مع باربارا وولترز ” ، و أيضاً تقديم نماذج من التاريخ الحديث بإمكانية حدوث ذلك حتى مع الزعماء التاريخيين ، و الترويج ان ” الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ، كان قد تعرض لانقلاب قصر بين العامين 1964 و 1967 من قبل المشير عبدالحكيم عامر ، دون ان يعرف العالم ذلك على امتداد تلك المدة ” ثم يتم تلخيص المخاطرة في نقطة جوهرية واحدة ، ” من سيكون بوزن و سمعة المشير عامر في سوريا ، و يقبله الشعب السوري قربانا ”

البديل الرابع ، تفجير حرب إقليمية مدروسة ” ممكن ان تبدأ من لبنان كخيار اول ، ثم يتطور

الامر سريعا الى اشتباكات محدودة على جبهة الجولان ” الا ان ” العم ناصيف ” يقول ” ان رفاقنا العسكريين و قادة الأجهزة يؤكدون بعد عشرة اشهر من الانتشار في المدن و القرى ان الجيش اصبح منهكا تماماً ، و ليس بإمكانه ان يقدم حتى على اشتباكات محدودة ” و يضيف ، ليس ” لدينا ما يؤكد ان الأطراف الداخلية و الخارجية سيعتبرون ذلك أمرا جديا ، و قد تجد اسرائيل الظروف ملائمة لها لإنهاء حالة الجمود على الجبهه ” و أخيرا يقول ناصيف ” ليست لدينا أية حشود جدية في الجولان ، و لا نستطيع الاعتماد على الضباط و الجنود السنة ، و لا نستطيع ان نغامر بالنخبة المضمونة ” .

ومع اتساع الثورة و انتشارها الملفت الى دمشق و حلب ، و بدء النظام بتفحص بدائله المرة ، فان امام ثورة سوريا و شعبها ، المسار الأصعب في الايام الباقية من عمر هذا النظام ، بل ان واجب العرب و العالم ، ان يقدموا كل ما هو ممكن للشعب السوري وهو يصعد بثورته الى القمة الاخيرة ، و ابنائه يشدون ازر بعضهم ، هاتفين ” و ما النصر الا الصبر ساعة ” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى