صفحات الناس

اوندوف” ونار الحدود

معتصم الديري

الحدود هي البلاد. بيت الحاكم السوري، وحجة جوع شعبه. الحدود ورقة البقاء، بالنسبة الى الشعوب.

 الحدود التي أصبحت تغلي منذ ستة أشهر. أصبحت تراباً سورياً ساخنا لا غير، ومحاولة بائسة للنظام كي يأكل من ورقتها وقتاً أطول لسكينه الخصوصي. يبدأ الثوار بالاقتراب من الحدود الحساسة من أي هواء للثورة السورية، فهي ليست تخاف حرية، وبندقية هذه الثورة فحسب. هي لا تعرف هواءها، ولا تحب التجارب.

 ينتهي الثوار من الحدود الأردنية،  يدفنون شهداءهم، ويذهبون شرقاً: “هناك حدود يجب أن نملكها. يجب أن نصبح نحن أسياد أفضل ورقة للنظام”. هم يؤمنون بأن هذا يقويهم في هذه المرحلة. المعارك الأخيرة للثوار غربي درعا، جنوبي القنيطرة، شرقي “إسرائيل”، هي ما أنفجر بتنسيق ثوري عالٍ بين ثوار محافظتي”درعا-القنيطرة”.

 شاركت فيها ألوية من المدينتين الثائرتين منها: لواء جيدور، لواء حمزة اسد الله، لواء شهداء اليرموك الأقوى في تلك المنطقة والمعروف باعتداله، حاله حال الثوار في المنطقة الغربية.

 المعارك التي بدأت بتحرير سرية “زيزون” أصبحت الآن إلى الشرق منها، حيث مشى الثوار بتحريرهم لسرية “صيصون” الحدودية مع اسرائيل. السرية التي تقع بالقرب من سرية “جملة” المحررة في درعا وسرايا “كودنا -الرفيد-الجاموسة” في القنيطرة. هي تجلس على الحدود الاسرائيلية مباشرة.

 يقول أبو اياس”مسؤول قسم المراسلين في المنطقة الغربية” إن “إسرائيل كانت بكامل استنفارها على الحدود، قلقة لدرجة لم نرها حين حررنا سرية “جملة”، وذاك كانت تؤكده اتصالات الأمم المتحدة الكثيرة بلواء شهداء اليرموك، فنحن لا نتواصل معهم عادة بشكل مباشر”.

 لم تؤخر الثوار تلك السرية ولكن الذي أخَّرَ انتصارهم فيها هو الرتل القادم إليها، والذي تولى لواء شهداء اليرموك ايقافه وتدميره . هكذا انتهى الامر ب”سرية صيصون” وبأكثر من ثلاثين جندياً للجيش النظامي، وفرَّ منهم ثلاثون آخرون.

 ويتابع الثوار مشيهم إلى كتيبة تابعة للنظام هي الكتيبة”23″، وفي اليوم ذاته يرفع الثوار علم استقلالهم على السرية “29”. والسرية الأخيرة التي ربحها الثوار كانت ظهيرة يوم الخميس “سرية الجاموسة” الواقعة في منطقة الرفيد بين القنيطرة ودرعا، والتي تطل أيضاً على الاراضي المحتلة. ربحها ثوار”لواء جيدور حوران” .

 الثوار الذي يشمون تحريرهم يقدمون في كل خطوة ثمناً غالياً هو شهداؤهم، حيث قدم لواء “الجيدور” 18 شهيداً في تلك المعارك. وكذلك قصف لمنطقة اليرموك بأغلب مناطقها شهدت أكبره منطقة “حيط” حيث أدت غارة جوية-هي في القانون الدولي لمنطقة حدودية حساسة- الى مقتل عائلة كاملة. وكذلك القصف الذي طال مدن”تسيل-سحم الجولان- الرفيد-كودنا”، وكذلك منطقة غدير البستان ونقاط لقوات اليونيفل التابعة للأمم المتحدة. الأمر الذي دفع الثوار إلى التدخل ل”تأمين اولئك الجنود”.

 أربعة ال”اوندوف” مجددا

 الحدود التي انفجرت حرباً على طولها من درعا غرباً والقنيطرة شرقاً و”اسرائيل” جنوباً كان لها نصيبٌ من حربها على قوات الأمم المتحدة: مشهد قوات ال”اوندوف” وهم يجلسون بين الثوار بعد احتجاز الثوار قبل شهر تقريباً على الحدود. لم يأكل الثوار يومها تلك القوات فيما يفسر مقاتلون في شهداء اليرموك ما جرى كالتالي : ” صهاريج الوقود كانت تحمل مياهاً لنقطة كان الثوار يحاصرونها ويخوضون معارك في محيطها، سرية عابدين، وأيضاً السيارات التي كانت مخصصة لحمل اولئك الجنود كانت تحمل أطعمة مغلفة ومعلبة لقوات النظام، وبرأيي يعتبر هذا تدخلاً غير مرحب به ضمن معاركنا. جلسوا بيننا وكانوا مثلنا تحت القصف، يأكلون مما نأكل، تواصلنا بعدها مع الامم المتحدة لتأمينهم إلى نقطة يتسلمهم بعدها مسؤولون في الأمم المتحدة”.

 ويضيف المقاتلون: “الأمر الذي تم مع تأخير يوم واحد بسبب القصف، وخوفنا على حياتهم، وخوفنا من أن يضعهم النظام في أعناقنا اذا تمكن من الوصول إليهم بقذائفه “. الجنود العالقون منذ يومين في أمان الثوار، احتجزهم قصف النظام العنيف على الحدود في نقطة لهم، وقد اشتد القصف على المنطقة أثناء معارك تحرير سرية”صيصون” والكتيبة “23”، فقامت إحدى مجموعات “لواء شهداء اليرموك” بتأمينهم وهم الآن بين الثوار.

 يقول أبو اياس:”يبدو على وجوههم الذعر، وهم من درسوا وتعلموا وتدربوا على أن يتواجدوا في منطقة منزوعة السلاح. يشهدون الآن غارات طيران، وقصفاً يومياً على منازلنا. اضطرهم القصف على منطقة غدير البستان، ومنطقة الرفيد إلى محاولة أن ينسحبوا، باءت بالفشل فتدخل الثوار وأجلوهم من تحت القصف إلى منازلهم، وهم انفسهم يعرفون بأن النظام لا يوفر أحداً. فقد قصف قبل شهرين مقراً لهم، ولم يندد أحد من قادتهم حتى، ولم يجلهم يومها غيرنا نحن الثوار”.

 يتابع أبو اياس “هذا الآن يتكرر في المنطقة. فقد تواصلنا مع الامم المتحدة للإتفاق على نقطة نصلهم اليها، وبعدها نحن غير مسؤولين عنهم كثوار وبالتحديد ك”لواء شهداء اليرموك”، وغداً (الجمعة) ان شاء الله هو موعد تسليمهم للأمم المتحدة. بالنهاية نحن لدينا معاركنا، ولسنا متفرغين لهم. لا يهمنا أمرهم إلا في قضية أن يخرجوا سالمين آمنين”.

 الحدود هي البلاد الآن.

 الحدود تنتهي من كونها “أسدية -إسرائيلية” لتصبح حدود الثوار مع اسرائيل. اسرائيل العدو، أو أي شيء آخر. هي نتيجة فعلية تعود بأمرين على وضع الحرب السورية: ” أولاً: ورقة سياسية للثوار يرفعونها عالياً إذا تمكنوا من تحرير كل الشريط الإسرائيلي-الأسدي.  ثانياً: هي سيادة جديدة للشعب السوري، يستطيع أن يقرر الحرب أو السلم فيها”.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى