صفحات العالم

باب خلفي لخروج الأسد ؟!


راجح الخوري

لم يكن كافياً ان يدعو “مؤتمر اصدقاء الشعب السوري” في اسطنبول الى “تحديد  جدول زمني للخطوات المقبلة بما فيها العودة الى مجلس الامن اذا استمرت عمليات القتل في سوريا”.

 اولاً لأن عمليات القتل مستمرة لا بل مزدهرة، والدليل هو سقوط 71 قتيلاً في يوم الاجتماع، وثانياً لأن ثلاثاً من الدول الخمس الكبرى شاركت في المؤتمر وهي اميركا وفرنسا وبريطانيا، وكان في وسعها على الاقل اقتراح تلك المهلة التي تستعجلها معظم الدول التي شاركت في المؤتمر. وعلى رغم كل ما قيل عن تقدم في اعمال المؤتمر، الا ان القراءة المتأنية في خلفياته وقراراته تفيد انه كان يمشي بين النقاط المتعارضة ودعا الى الشيء وعكسه.

اولاً: لأن تحديد مهلة زمنية للنظام كي ينفذ مقترحات أنان سيحتاج الى مدة اضافية تدخل طبعاً في رصيد الحل العسكري الذي يواصل اجتياح المدن والاحياء. فمن المعروف ان الاسد وافق على نقاط أنان الست، لكنه أبدى ملاحظات عليها وسيصل وفد دولي الى دمشق للبحث فيها!

ثانياً : صحيح ان المؤتمر اعترف بالمجلس الوطني السوري ممثلاً شرعياً لجميع السوريين ومحاوراً رئيسياً مع المجتمع الدولي، لكنه لم يعتبره الممثل”الوحيد” للشعب السوري، بما يبقي الباب مفتوحاً ربما لمحاورة النظام عبر مهمة أنان الذي لم يحضر المؤتمر كي يحتفظ بخطوط اتصاله مع الاسد.

ثالثاً: صحيح ان معظم الذين حضروا المؤتمر تمسكوا بالموقف الذي يعارض تسليح المعارضة وقرروا دعمها بالمال واجهزة الاتصالات، لكنهم ابرزوا تناقضاً في الموقف عندما اكدوا دعمهم “التدابير المشروعة التي يقوم بها الشعب السوري من اجل حماية نفسه”، وهذه التدابير تتمثل في العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري الحر!

رابعاً: كان التناقض صارخاً لا بل مضحكاً في موقف الجامعة العربية عندما اعلن نبيل العربي انه يطالب مجلس الأمن بالتدخل وفق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة لوقف حمام الدم في سوريا، وهذه دعوة صريحة الى التدخل العسكري الدولي، ثم ختم كلامه بالقول إن الجامعة العربية تعارض التدخلات الخارجية في الأزمة السورية !

هذه التناقضات ليست في الواقع إلا نتيجة تجاذبات سيطرت على كواليس المؤتمر ومواقف الدول الغربية. فمن المعروف ان اميركا والدول الاوروبية لا تريد ان تنزلق سوريا الى حرب اهلية  شاملة قد تجر الى تدخلات خارجية واقليمية تشعل حريقاً يصعب حصر اضراره، وفي هذا السياق ثمة مؤشرات متزايدة على اقتراب روسي وصيني وحتى ايراني من الخلاصة الاميركية والعربية التي تقول:  إن لا الأسد قادر على الحسم العسكري بعد هذا الطوفان من القتلى والدماء، ولا المعارضة قادرة على اسقاطه، ولهذا ليس هناك من مخرج سوى تعاون اميركا وروسيا لدفعه الى الخروج من الحكم عبر بوابة أنان وبمواكبة دولية من مجلس الامن !

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى