بيانات الانتفاضة

بالديمقراطية تصان حقوق المواطنة

 


افتتاحية موقع آفاق نسوية

في كل المحطات الوطنية الصعبة وفي كل المعارك الوطنية التي خاضها شعبنا السوري، لعبت النساء دوراً هاماً، سواء في مواجهة الاحتلال العسكري أم في سبيل الحفاظ على الاستقلال الوطني وعملية التنمية الشاملة. وكان للحركة النسائية مواقفها الوطنية الواضحة من الأحداث التي تعرّض لها الوطن. وبما أن هذه الحركة ولدت في رحم الحراك السياسي منذ بدايات القرن العشرين فقد وضعت النساء باستمرار قضايا الوطن في مقدمة أولوياتها، وكانت ترى أن كل تقدم يحرزه الوطن يشكل إضافة حتمية لقدرات النساء على التحرر وعلى فرض الاعتراف بحقوقهن كاملة غير منقوصة.

ونرى اليوم حراكا سياسيا واجتماعيا تشارك فيه النساء تحت شعاري الحرية والديموقراطية وفيهما مصلحة أكيدة للنساء، إذترتبط قضاياهن ارتباطاً عضوياً بالديمقراطية، عدا عن اتصالها مباشرة بالمجتمع ككل، اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، ناهيك عن أن النساء غالباً ما يكنّ في مقدمة من يدفع الأثمان الباهظة للتمييز في المجالات كافة، وكذلك في الحروب والاضطرابات.

لقد شهدت بلادنا أحداثاً أليمة خلال الأسبوعين الماضيين، ذهب ضحيتها المئات من أبناء الوطن الأبرياء، رجالاً ونساءً وأطفالاً، استشهادا أو اعتقالا، وهو الأمر الذي ترفضه كل قوى الحرية والإصلاح والديمقراطية. وقد جاءت هذه الاحداث على خلفية التأخير في تلبية استحقاقات وطنية هامة، يأتي في مقدمتها تحقيق الانفراج الديمقراطي، وإطلاق الحريات العامة، ودفع عجلة التنمية إلى الأمام والحد من البطالة، وضمان عدالة توزيع الدخل الوطني، تلك الإصلاحات التي تشكل مدخلا مفتاحيا للنهوض بالبلاد، وفي تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، التي تشكل مؤشرات الحرية السياسية والمشاركة الواسعة للنساء والرجال في الحياة العامة أهم مؤشراتها، كي يعود وطننا إلى الاستقرار البنّاء، الوطن الذي عاش آلاف السنين وعاء حنونا لجميع أبنائه الذين رفضوا، على الدوام، ويرفضون كل أشكال التفرقة والتمييز بين المواطنين على أية أرضية كانت، طائفية أو مذهبية أو عرقية، وكانت لحمته الوطنية هي الدرع الذي تحطمت عليه كل محاولة للنيل من حريته واستقلاله وكرامة الإنسان فيه، الأمر الذي ينبغي ترسيخه وتعزيزه بإرساء قيم الديمقراطية والحرية في جميع القوانين وفي الممارسة العملية، التي يجب أن يتمتع بها كل فرد من أبنائه، بصرف النظر عن الجنس أو العرق أو المذهب أو الانتماء السياسي والفكري، وذلك بالإسراع في إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المطلوبة والملحة، التي يوجد إجماع وطني على ضرورتها، وفي مقدمتها: رفع حالة الطوارئ، وإصدار قوانين ديمقراطية للأحزاب والجمعيات والإعلام، وإصلاح القضاء وضمان استقلاليتة ليكون حكما نزيها ومستقلا قادرا على الفصل في الإشكالات التي يمكن أن تحصل خلال الحراك المجتمعي، وإجراء حوار وطني شامل، بمشاركة واسعة لجميع القوى الفاعلة على الساحة الوطنية، ومن ضمنها الحركة النسائية الديمقراطية، لوضع الأولويات الوطنية التي سيجري العمل على تحقيقها، حتى لا تغيب حقوق النساء في المساواة التامة وفي حقوق المواطنة الكاملة، كما يحدث عادة.

بمثل هذه الإجراءات يمكن ضمان وصيانة الوحدة الوطنية، والوصول بسورية إلى الدولة المدنية الديمقراطية، القادرة على تمكين جميع مواطنيها، نساء ورجالا، من ممارسة حقوقهم في صوغ مستقبل وطنهم الذي يريدون.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى