صفحات الثقافةفواز القادري

برزخ الغائب/ فواز القادري

 

 

إلى بشير وإياس العاني في كهف داعش

كيف تطيق الإقامة أيها الشاعر؟

انتظرتكَ فماذا فعلت بالمواعيد التي بيننا يا بشير؟

قلتُ: لا تقف طويلاً في البرزخ

قلبي لا يتسع الانتظار

عدْ لن يحتملني دونك ما تبقى من قلبي

ولا تقف طويلاً على أطلال البلاد والذكريات

أريد حصتي من المراثي فلا تسرف بالغياب.ِ

***

غيابك هنيهة بين حياتين

من اكتشف الحياة أولاً يا بشير؟

ومن سيحزن أكثر عليك؟

الشجرة أم العصفور؟

الفضاء أم الأجنحة؟

القصيدة أم حارات الدير؟

ومن سيرثيني يا صديقي بعدك؟

حين أنوي أن أسلّم روحي للفرات.

***

القصيدة عصفور

روحك شجرة

تبحث عنكَ الكلمات غصناً غصناً

لا تمش على الماء

صدّقت الأسماكُ جاذبية قدميكَ

فلا ترتفع أعلى من المعاني

تصدّقك الأجنحة دون أن تطير

ولا تلق كل بذاركِ في الأرض

يصدّق ثمارك قلبي

دون أن تكون في رحم التراب.

***

القصيدة شجرة القصيدة عصفور

أنا لا أعرف من طار أوّلاً يا صديقي

وترك الجذور خلفه قلقة في الأرض

القصيدة شرفة أرواحنا العالية

تتسع وتتسع فتفقد توازنها المجرات

القصيدة بيت سماوي صالح للعب الأولاد

صالح للنوم والعشق والسمر

مرآة أمينة على أسرار صبية عاشقة

قنّ فراخ زجاجي يغري بالكسر

تنبش أحياناً صيصانه مزبلة الأرواح

فسحة خلفيّة لا يعرفها إلا الذي يعرفها

لها سطوة على الأزمنة والمسافات والأمكنة

فلا تبتعد عميقاً في المعنى.

***

القصيدة شجرة القصيدة عصفور وروحك السماء

القصيدة شجرة بثمار الخرافة والواقع مقصلة

لها جذور كثيرة في كل مكان

القصيدة غيمة تبحث عن أرضك

القصيدة حجر يطير

“القصيدة هناك”

قفا نبكِ بعد أن غادر الشعراء البلاد

هنا

أوراق العشب وأزهار الشر والمركب النشوان

والقصيدة كوابيس

أصعد ليلي على أدراجها

القصيدة سماء تتقاذف شهبها الأحلام والأرق

القصيدة طريق مختصر إلى الهاوية

تتفرج الشياطين على ألعابها ولا تستغفر ربها الملائكة

أين تلك الوجوه يا بشير بشجنها العتيق ووسامتها؟

وأين سواعدنا تنزف لقمة الزقّوم؟

وتنزف بساتين الفرات التي تعربشنا على عرائشها

حدائي في محطات لا يعرفها المسافرون ولا القوافل

لا رسم لبلادي فيها ولا أثر ولا رائحة

يتبعها الغرقى وتنتشلها العواصم والحدود

أرض يكنّس غبار أرواح سكّانها في أوقات فراغه المطر.

***

لاتغلق عينيكَ أريد أن أرى الغيب

تكاثرت العتمات وصعب طريق قلبي إليك

اختلطتَ بالذي يضيء الدهاليز ويفتح خواطرنا للضياء

لم يعد المكان في مكانه ولا الغناء يستدل على القلوب

لا في السماوات متسع للطيور ولا الأرض للأحصنة

الحارس أحمق لا يميز بين الأرنب والسلحفاة

بين الحديقة والمزبلة

وانا العارف بتأثير قلة الخبز عل العقول

أصف الشارع بما يستحق من الغبار والشجر

سيقان الصبايا ورود تمشي بموكب إزهارها

وأعين الجميلات أعين ترمش وترى وتعشق

رائحة الاثداء

عطر الله الخاص

والحب المزهر شوكة في أعين من ضاق قلبه

حتى الحكمة في بعض حالات انغلاقها

أقفال على العقول

وبعض الحكماء هجروها لقلّة أنوثتها ومرارة طعمها

والبعض مثلي

عيّن قلبه شاهداً على البساطة وسيولة الحياة

وأنا أبحث فيكَ عن طريق إلى البلاد فلا تخنّي

ها هنا

على مقربة من ينابيعك وعشبك تركت قلبي يرعى

فلا تطل عليّ وعلى سمر المحبّين الغياب.

 

* شاعر من سورية

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى