صفحات العالم

بريطانيـا تفشـل فـي توحيـد المعارضـة السـورية


محمد بلوط

هيـغ يؤكـد تفضيـله الحـل العربـي علـى العسـكري

لقاء جاف بين جناحي المعارضة السورية على أبواب وزارة الخارجية البريطانية في لندن. مصافحات الحد الأدنى بين وفدي «المجلس الوطني السوري» بقيادة برهان غليون ووفد «هيئة التنسيق من أجل التغيير الديموقراطي» بقيادة منسقها في الخارج هيثم مناع.

القاعة التي أعدت للقاء وفد سوري معارض وموحد، اضطر البريطانيون إلى تغيير ترتيبها في اللحظات الأخيرة، لكي يستقبل وزير الخارجية وليام هيغ تباعا الوفدين السوريين، وتعود مساعدته السفيرة الأميركية السابق في لبنان فرانسيس غاي، ومستشاروه للشرق الأوسط من بعده إلى اجتماعين منفصلين مع وفدي المعارضة.

وقال أعضاء من وفد «هيئة التنسيق» إن وفد «المجلس الوطني» فضل الحضور بوفد منفصل إلى الخارجية البريطانية من دون أن يمكن الحصول على جواب من «الوطني» حول هذا الخلاف. وقال هيغ لمحادثيه السوريين إنه كان يفضل لقاء وفد موحد للمعارضة السورية، وحثهم على توحيد صفوفهم لكي يحصلوا على اعتراف دولي بهم، وان المهمة «العاجلة للمعارضة السورية هي توحيد صفوفها».

وناقش هيغ مع المعارضين السوريين قضية التدخل العسكري في سوريا، مستبعداً اللجوء إلى هذه الوسيلة «لأن سوريا لا يمكن مقارنتها بليبيا، ولان الأوضاع فيها أشد تعقيدا، وان الخارجية البريطانية تفضل دعم الحل العربي، وهي على اتصال دائم بالأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي».

ونسب المعارضون لهيغ قوله إنه «يستبعد توجيه أي ضربة عسكرية لسوريا»، مركزاً على الحل العربي، واقتناعه بأن النظام السوري آيل إلى السقوط، لكن ليس بالسرعة التي يتمناها الجميع، وأن الأمر سيستغرق بعض الوقت.

وسأل الوزير البريطاني الوفد عن لقاء أجراه معارض سوري مع دبلوماسيين إيرانيين، وطلب توضيحات عن اللقاءات معهم، وأجيب بأنها اقتصرت على لقاء واحد لم يتكرر منذ ثلاثة أشهر، وأن المعارضة السورية رفضت عرضين للقاء دبلوماسيين إيرانيين.

ونقل الوفد السوري عن الدبلوماسيين البريطانيين قولهم انه يجري تدارس فكرة تقديم اللجوء السياسي لعائلة الرئيس بشار الأسد، إذا كان ذلك يساعد في حل الأزمة السورية، خصوصا أنه لن يكون لجوء بالمعنى الحقيقي، باعتبار أن عقيلة الرئيس السوري وأبناءه يحملون الجنسية البريطانية.

ونسب المعارضون لفرانسيس غاي، المسؤولة عن الملف السوري في الخارجية البريطانية، قولها إن «الرئيس بشار الأسد لن يتخلى عن الرئاسة ما دام يشعر بأنه قوي وأن الروس يدعمونه ولن يتخلوا عنه، ولن يقدم أي تنازلات جوهرية ما استمر الروس بدعمه، ولن يبدأ بتقديم تنازلات إلا عندما يقرر الروس التخلي عنه». ونسب المعارضون للدبلوماسيين البريطانيين قناعتهم بأنه من غير من الممكن تجاوز الروس في القضية السورية، وأنه من المستحسن العمل للتوصل إلى اتفاق معهم.

وعبر البريطانيون للوفد عن شكوكهم باحتمال تدخل تركيا في الشمال السوري. ونقلوا لهم أن الموقف التركي ليس واضحا تماما في ما يتعلق بقضية التدخل في سوريا، وان هذه القضية ستطرح للنقاش في لقاءات بريطانية – تركية رسمية. وشكك البريطانيون في الأرقام التي تنشر عن حجم الانشقاق في الجيش السوري، وفي إمكانية التعويل عليه للتوصل إلى مخرج للأزمة السورية من دون الوقوع في حرب أهلية.

وفد «التنسيق» الذي ضم هيثم مناع وخلف الداهود ومدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن عبر عن رفضه لأي تدخل عسكري في سوريا بكل أشكاله. وقال الداهود، للدبلوماسيين البريطانيين، إن أي تدخل تركي سيؤدي إلى شق الثورة السورية، ودخول الأكراد طرفا في القتال ضد أي عملية عسكرية تركية في الشمال السوري.

ويظهر وصول وفدين منفصلين إلى الخارجية البريطانية إخفاق المعارضة السورية في التوصل إلى صيغة عمل تنظيمي مشترك، والتقدم بتصور موحد للمرحلة الانتقالية، كما طالبتها بذلك الجامعة العربية منذ 15 يوما.

وقال أحد المشاركين في اجتماعات القاهرة بين أعضاء من «المجلس الوطني» و«هيئة التنسيق» إنه لم يتم التقدم خطوة واحدة نحو الاتفاق على لجنة تحضيرية لمؤتمر وطني سوري يوحد المعارضة، وتتكئ إليه الجامعة العربية في تقرير مراحل العملية الانتقالية.

وقال معارض سوري إن الاتفاق الوحيد الذي أمكن التوصل إليه هو وقف الحملات الإعلامية بين المجلس الوطني وهيئة التنسيق، ومنع رفع اللافتات المعادية لكلا الطرفين في التظاهرات، وتنظيم لقاءات على كل المستويات.

وأخفقت المعارضة السورية في لقاءات القاهرة في التوصل إلى ورقة عمل مشتركة بسبب تنوع المواقف داخل المجلس الوطني من قضية المؤتمر السوري، الذي سيضعها على قدم المساواة مع هيئة التنسيق. وبحسب معارضين في هيئة التنسيق فإن الهيئة سمّت ست شخصيات لتمثيلها في اللجنة التحضيرية المشتركة لإنشاء المؤتمر السوري. وضمت لائحة هيئة التنسيق هيثم مناع، وعبد العزيز الخير، ورجاء الناصر، وحسين العودات، وصالح مسلم، ومحمود مرعي. ولم يتقدم المجلس الوطني بالأسماء المطلوبة.

ويقول معارض من هيئة التنسيق إن الوقت الذي حددته الجامعة العربية لإنشاء المؤتمر السوري يشارف على الانتهاء في الأسبوع المقبل، وأبدى تشاؤمه من إمكانية التوصل في الأيام المقبلة إلى اتفاق مع المجلس الوطني «لأنه غير قادر على اتخاذ قرارات واضحة يفرضها على أجنحته المتعددة».

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى