صفحات سوريةهدى زين

بشار الأسد : أنت قاتل إذا أنت موجود ..


هدى زين

. بشار الأسد:

. ياقاتل أبناء شعبه .. ياقاتل الأطفال والشباب والنساء والرجال

ياقاتل الحيوانات .. وقاتل الحياة ..

بشار الأسد ـ وكل من يصنع معك هوية نظام حكمك في السياسة والامن والجيش ـ : لم تعد شيئا آخر إلا حاكم السلاح ومستبيح القتل .. 

بشار الأسد: لم تعد رئيسا لسوريا اليوم ولاحتى الرئيس المستبد .. إنك فقط قاتل .. لاشيء آخر ..

بشار الأسد : أنت موجود لأنك تقتل .. أنت وأخوك ماهر وكل من يساهم معكم في صناعة القتل في سوريا ..

لم يبق من ذاك الهرم السلطوي الصلب الذي بناه حافظ الأسد وحماه وزاد من صلابته بشار الأسد إلا دعامة واحدة فقط وهي القتل .. مما أفقده استحقاق أن يكون نظاما غنيا بأشكال الاستبداد المتنوعة وطرق التسلط والقمع المختلفة .. أصبح نظام بشار الأسد نظاما فقيرا بطرق خداع الشعب وتنوع مستويات وأشكال الترويض والإخضاع .. لم يبق من كل أصناف الاستبداد التي كان يعدها حافظ الأسد ويبدع فيها وكذلك وريثه غيرالشرعي بشار إلا صنفا واحدا يصنعه كل يوم لشعبه في ساحات الصراع الوجودي بينهما .. ألا وهو القتل أو القتل بالتعذيب ..

ماذا يعني أن تفقد سلطة استبدادية أهمية كل أدواتها الايديولوجية والسياسية والاقتصادية والتنظيمية في السيطرة على متغيرات المجتمع لتتحول إلى سلطة عنف مسلحة محضة ؟ أي لماذا هُمشت آليات السيطرة والإخضاع الأخرى لدى نظام بشار الأسد وأخيه ماهروكل من يشاركهم الحكم أو القتل مشاركة حقيقية  في القضاء على ثورة الشعب؟

إن الثورة السورية التي دخلت شهرها الحادي عشراليوم تقدم نفسها على شكل صورة مصغرة للتاريخ الإنساني بكليته .. تلخص تاريخ المالك للجزء الأعظم من الثروات وتاريخ من لايملك إلا إما قوة عمله فقط أو القليل من الثروة .. وتختصر تاريخ الصراع بين المالك للسلطة بشكل شبه مطلق وبين فاقدها بشكل شبه مطلق ..الصراع بين التعبير عن الذات والتعبير عن الآخر.. بين تقريرالمصير والتبعية..  بين ضمير المتكلم و الضمير الغائب .. القاهر والمقهور .. السيادة والعبودية .. وبين الاستبداد والحرية .. ولولا هذا القهر كله ولولا تراكمه الطويل .. لولا أن الشعب انحنى وانكسر الى أبعد الحدود الممكنة للانحناء والانكسار لما انتفض اليوم ثائرا على سلطة هو يعي تماما أنها ستنتهك كل شيء في حياته وستحاول أن تكسره مرة أخرى ..

إن اعتماد هذا النظام لعقود طويلة على سياسة السيطرة الكاملة على كل شيئ في المجتمع .. على كل فرد أو جماعة .. وجعل كل مكونات المجتمع عاجزة عن تكوين ذات خاصة بها .. تَطّلب عملا دؤوبا وصُنع أدوات سيطرة مدروسة بدقة لإنتاج العنف وبناء سلطويا صلبا لاتهزه ببساطة تدخلات خارجية أو اهتزازات داخلية . . حينما يكون الهدف إذا السيطرة على كل شيء وترويض كل شيئ يكون هدر الحقوق والحريات واستعباد المجتمع هو الطريق الطبيعي والمنطقي لإثبات ذات السلطة المستبدة .. أي أن سلطة حافظ ومن ثم بشار الأسد هي سلطة اعتمدت دائما العقلانية منهجا في تنظيم وتأطير وقوننة الاستفراد بالسلطة فأنتجت بالضرورة أحادية الحكم و ثنائية الأمر والطاعة .. فحافظ الأسد الذي استطاع أن يبني نظاما أمنيا ألغى من خلاله كل قوى المعارضة و صفى زعماءها إما بالاعتقال أو الاغتيال أوالنفي .. وقضى على كل مظاهر المجتمع المدني المستقلة إنما استطاع تحقيق ذلك ليس فقط عن طريق ممارسة العنف المباشر وانما أيضا بآليات السيطرة الأخرى حيث كان النظام وحزب بعثه ـ ومازال حتى اليوم ـ يملك جميع الصحف ووسائل الاعلام المرئية والسمعية والمقروءة .. كما أحكم سيطرته على كل مظاهر المجتمع المدني كالمنظمات الشبابية والنسائية و النقابات المختلفة والجمعيات المهنية والنوادي المستقلة والدور الثقافية والفنية وكذلك الجمعيات الصناعية المستقلة ودور الصحافة والنشر الخاصة وكل جمعيات الضغط بمختلف أشكالها كجمعيات حقوق الانسان وغيرها ..

كما حرص حافظ الأسد ومن بعده وريثه غير الشرعي بشار الأسد على منح امتيازات كبيرة لأقارب وأصدقاء مجموعة الضباط في الجيش وأجهزة الأمن الذين يقدمون الموالاة التامة للسلطة لضمان تأييدهم واستبعاد إمكانية تآمرهم وانقلابهم على السلطة … فتحولت الدولة بمؤسساتها المعبرة عن المجتمع والتي من المفترض أن تعكس وتحمي العقد الاجتماعي المتفق عليه وعلى قانون يؤطره إلى دولة نظام تحمي العقد الاجتماعي الخاص بزواج المال بالسلطة وتحولت الدولة إلى مؤسسة كبرى ذات ملكية خاصة لطبقة حاكمة تدور في فلك رئيسها تنظم الحياة في المجتمع بالشكل الذي يُسمح به بالسيطرة على منافذ الثروات وفرض السلطة المطلقة ..

ولأن الاستبداد السياسي يشبه نظيره الاستبداد الديني فهو يعتمد على ثقافة المطلق التي يمكن أن نختصرها بدلالة شعار “للأبد ياأسد” وعلى بناء الرموز التي تتخذ لها طابعا مقدسا وتتحول في كثير من المواقف إلى أصنام محنِّطة ومحنَّطة ويمكن اختصار ثقافة الرموز وصنمية الحاكم بتماثيل حافظ الأسد وصوره وصور وريثه غير الشرعي بشار وأخوه باسل التي تستهدف حصار المواطن وملاحقته نفسيا وثقافيا .. ناهيك عن اللغة السياسية التعبوية الكاذبة التي تنتجها السلطة عبر طبقة المثقفين والأدباء والشعراء والاعلاميين ورجال الدين وغيرهم ..إن هذه السلوكيات والقيم الاستئصالية وغيرها التي بناها حافظ الأسد ورسخها بشاركانت آليات استطاعت أن تحول الدولة بمؤسساتها الوطنية من حاضن للوطن إلى حاضن وحام للنظام .. أي أن تحولها إلى أدوات نفعية بأيد أصحاب النفوذ وجماعات المصالح عبرحالة ذوبان قسري في كيان النظام الحاكم .. وكذلك تحول الشعب بمكوناته المختلفة إلى قطيع من الجماهيرغير قادرعلى الانخراط في النشاط العام باستقلالية ويعيش في حالة مستمرة من السلبية والاغتراب .. لم يتم إذا فقط استخدام العنف المباشروالقتل لسحق كل تعبيرأومؤشرعلى الاستقلالية في التعبيرعن الذات أوعلى المعارضة ..

أما نظام بشارالأسد اليوم فقد أعلن بفعل الحراك الثوري عن إفلاسه من طرق ممارسة الاستبداد المتعددة ولم يعد يسيطر إلاعلى القتل .. لأن هذا النظام أدرك تماما أن معركته اليوم هي معركة مصيرية بين الحياة والموت .. ولأنه شعر أنه اليوم أضعف من أي وقت مضى .. فلم يعد قادرا على ترويض الشعب كقطيع يصفق له ويقف أمامه سمعا وطاعة .. ولم تعد قبضته الحديدية وهيمنته الايديولوجية والسياسية تهدد وعي المواطن السوري فتشل مقاومته .. لقد أدرك أن أنساق الاستبداد المتحكمة التي كان يمارسها منذ أربعين عاما أصبحت عاجزة عن حماية السلطة وأن الإنسان الثائر في سوريا انتصرعلى قمقم الخوف الذي كان يعيقه عن أن ينطلق نحو الحياة من إرادته الذاتية أومن تفكيره الخاص متحررا من أخلاق الطاعة وفوقية السلطة ..

فلم يبق بين يديه إلا القتل الوحشي والتعذيب الأكثر وحشية .. لقد تحول من نظام استبدادي لنظام قاتل لشعبه .. وأخذ يقبل باحتمال انهيار الدولة بأكملها أمام تفاقم الأزمة مقابل عدم التخلي عن السلطة .. وما نهج القتل الذي يتبعه إلا الوجه الآخر للانكار الكامل والاصرارعلى إلغاء الاعتراف بالاخر .. إنكار جنوني سافرلحق الفرد والشعب بالحرية والكرامة .. انكار لواقع حقيقي لايمكن انكاره إلا ممن يتوهم أن وجود هذه السلطة هو أمر مطلق مثل وجود الله أوممن يدرك حتمية سقوطه ويحاول تجنبه بالانكار المحبط .. هو انكار يسلّم بعبودية الشعب وأبدية الحاكم .. انكار من لم يتصور في عقله الباطني أن المحكومين هم بشر لهم الحق في الحياة والحرية والكرامة وتقرير المصير بدون وصاية أبدية من سلطة جائرة .. التعبيرعن الانكار الكامل والمحض لثورة الشعب في سوريا وعدم التنازل عن قيد شعرة من هيبة وأحادية الاستبداد هو التعبير بالقتل .. القتل الكامل والمحض .. القتل بالرصاص أو بالتعذيب وبأبشع صوره .. ولأنه ناجم عن الإفلاس والعجزعن ايقاف الثورة والمقاومة فهو قتل من نوع خاص .. إنه همجي وسادي يعبرعن نفسه بروح الانتقام وبفظاعة التفنن في تفريغ الاحتقان العدواني الهائل الناجم عن الخوف أمام ثورة شعب لايهدأ ولايخاف ولاتنام له عين قبل أن يسقط بشار ونظامه .. فمن ينظر إلى أي جثة معتقل مات تحت التعذيب سيرى أن جسد كل جثة تروي قصة رئيس قاتل وإنسان ثائر .. قصة تاريخ طويل من النضال والآلام .. قصة عمرها عشرة أشهر ونيف .. قصة شعب يستمد قوته من موت شهدائه المقتولين .. قصة نظام قاتل يعيش تحت وطأة التهديد بالزوال فتحول إلى كيان نرجسي سادي ينتقم من أجساد ضحاياه بأفظع وأبشع أصناف التعذيب والتنكيل والتمثيل بالجثث وتحقيرها بتقطيعها أو قلع بعض أعضائها أو التشفي بتشويهها وحتى سرقة أحشائها بصورة تهز الكثير من القتلة ..

ولكن مامن شيئ يدفع الناس إلى طلب الحرية مثل الطغيان .. وكما قال نابليون يوما إذا اندفعت الشعوب فلايمكن ايقافها.. ..

فياأيها القاتل لشعبه بشارالأسد: ليس شخصك المقصود فقط وإنما نظامك وأجهزتك الأمنية والعسكرية :

اقتل كما تشاء واروِ ظمأ ساديتك من دماء أبناء شعبك الساخنة وعش نشوة جلاديك بقهر وإبادة ضحاياك ..

اطحن عظام المواطن الذي تريد أن تكون حاكما له وعذبه بروح الفاشيين وبجبن العاجزين كما يحلو لك ..

كسر أسنان ضحاياك .. قلع أظافرهم .. اسلخ جلودهم .. شوه أجسادهم .. كسر الأعناق والأقدام والأصابع .. اقتلع الحناجر والعيون .. قطع أوصال الجثث ..

اقتل الأطفال بجبن الفاجرين حيث أنك الوحيد من المستبدين الذي لايفزعه اعتقال وتعذيب وقتل الأطفال ..

تلذذ بما تقترف يداك وافعل ماأنت فاعله كل يوم كما تشاء .. ولكن اعلم شيئا واحدا .. وتأكد من حقيقة حتمية .. وهي

أنك لم تعد رئيسا .. فما أنت إلا قاتل .. ولابد وأنك ساقط .. لابد وأنك ساقط .. لابد وأنك ساقط .. أنت وأجهزتك الأمنية والعسكرية لن تستطيع أن تبقى حاكما .. لأنك طرف يقتل ولست رئيسا يحكم  ..

فاذا لم تستطع أن تحصل على الحد الأدنى من شرعيتك والاعتراف بك من شعبك فأنت زائل لامحالة .. كل ماتستطيع فعله هو المزيد من القتل ـ هذا إن لم تتخل عن السلطة بارادتك وتُجنب الدولة والشعب من الانهيار الكارثي ـ .. ولكنك لن تستطيع أبدا لاأنت ولامن يقف وراءك البقاء لأنك لاتستحق البقاء ولأن من يقاوم لايُهزم وأنت اليوم تصارع شعبا مقاوما ..

لم يعد عند كل حر فينا فرق بين أن يموت فينا مئة أو عدة آلاف أومئات الآلاف … لأن قيمة كل إنسان فينا تعادل قيمة الجميع … لن نقبل أبدا أن يتعذب بعضنا و يصمت بعضنا الآخر … لن نقبل أن يموت بعضنا و يحيا البعض الآخر … فلتقتلونا جميعا و تصبحوا حكاما وهميين على جثث قتلاكم أو لنسقطكم مهما قتلتم فينا …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى