صفحات الحوار

بشار العيسى ينتقد فشل المعارضة في فرض رؤيتها وإنهاء جرائم الأسد

 

بوعلام غبشي

يبدو أن المعارضة السورية أصبحت غير مقتنعة بالدعم الدولي لجهودها في وضع حد للجرائم المرتكبة في سوريا، وظهر ذلك جليا بعد أن لوّح الائتلاف الوطني المعارض بمقاطعة اجتماع روما قبل أن تتدخل الدبلوماسية الأميركية لإقناعه بالعدول عن ذلك. لكن الخلل بالنسبة لمعارضين حافظوا على نبرة خاصة عند تشريحهم للوضع السوري لا يكمن بالدرجة الأولى في تخاذل المجتمع الدولي والممانعة الروسية، وإنما في كون المعارضة في الخارج ما زالت تتعثر في فرض رؤيتها وسط التجاذبات الإقليمية والدولية.

باريس: يعتبر المعارض السوري بشار العيسى أنه “رغم الضجة الإعلامية التي رافقت مؤتمر روما كان جلياً تواضع نتائجه، ففي أمورٍ من هذا النوع تأتي النتيجة لتختم سيرورة، ولئن دلَّ مؤتمر روما على شيء فعلى وضوح الفرق بين المجلس الوطني السوري والائتلاف السوري، لقد تبين مدى هزالة ما يسمى بمنظومة المعارضة السورية في الخارج وتخلفها عن الارتقاء بموقفها وعملها إلى مستوى وآليات فعاليات منظومات الثورة الميدانية حراك شعبي وجيش حرّ”.

ويعلق على المساعدات الأميركية التي أعلن عنها بموجب هذا المؤتمر قائلا: “المعدات الدفاعية والبالغة قيمتها 60 مليون دولار، التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي جون كيري ربما في وقت آخر تتحول إلى ما هو أهم وأكثر فاعليةً”.

تشخيص المعارضة

ويرى العيسى أن “الائتلاف أتى كخاتمة غير سعيدة ومثالٌ صارخٌ لفشل مجلس المعارضة السورية ومن حاول أن يجعل منها رافعة للعمل السياسي للثورة السورية من قوى إقليمية ودولية، فالدول التي اعترفت بالمجلس الوطني ممثلاً شرعياً كانت تضع السطر الأخير لموته كمنظومة سياسية تقود الثورة بفشلٍ ذريعٍ”.

ويتابع المعارض السوري في السياق ذاته “لقد استفردت قطر والسفير الأميركي فورد بإخراج جديد لعملية تقوم على أساس تسوية سياسية مع جزء من السلطة القائمة أو معها كلها في إطار يوحي افتراضيا بأنه التغيير المنشود، لقد تمت عملية إنزال مظلي لتركيبة جديدة أنشئ لها خصيصاً هيئة عسكرية مشتركة في “أنطاليا” التركية برئاسة اللواء سليم إدريس يتم طعمها لاحقاً بهياكل وأسماء تفاوض السلطة لحفظ ماء وجه الجميع”، واصفا ذلك “بالإخراج الرديء”.

ويقول العيسى إن “شعب الثورة السورية الذي ثار لكرامته وفي سبيل الحرية ودحر الاستبداد شبَّ عن الطوق، ولم تعد، رغم كل هذا الدمار والموت، تخدعه الألاعيب ومسرحيات الكوميديا السوداء، وهو مصرٌ على الاستمرار في مواجهة الحلف الإيراني الروسي حتى لو بقي المجتمع الدولي أسير الخوف والاستقطابات الإقليمية التي تستخدم هياكل المجلس الوطني والائتلاف السوري درعاً وهمياً لتبرير عجزها”.

ويضيف منتقدا المعارضة السياسية في الخارج “لقد أثبتت هذه المعارضة الاسمية الخارجية عجزها وضحالة رؤيتها السياسية، ولم تستطع خلال سنتين تقديم أية زعامة رشيدة قادرة على توحيد الصفوف والارتقاء بعملها إلى مستوى مؤسسي يليق بنهر الدماء والتفويض النبيل الذي فوضهم إياه الشعب السوري”.

مستقبل الوضع السوري

وحول مستقبل الوضع السوري، يقول العيسى إن “قناعتي تقوم على أن الثورة السورية انتصرت ولئن لم تسقط سلطة الأسد فلأن السلطة السورية مركبة من ثلاث مستويات:هي منظومة الجيش الفئوي مثقفة على أساس لا يردعها أي رادع ضميري أو أخلاقي أو نفسي، والثانية هذا التحالف الروسي الإيراني الذي عمل على مدّ النظام بكل وسائل بقائه من آليات القتل والتدمير، والثالثة، للأسف، من يسمّون بالمعارضة (الغريبة) على الثورة والشعب التي عجزت عن قيادة الثورة. ومع ذلك فالثورة مستمرة والأرض تتحرّر كل يوم، والسلطة تفقد الأرض باستمرار رغم القتل والتدمير بقوة النيران”.

ويرى العيسى أننا “اليوم أمام أحد الاحتمالات التي تسبب بها المجتمع الدولي بعجزه وتردده بالتخلي عن فكرة الحكومة المؤقتة الارتجالية، مثل مبادرة السيد الخطيب والتي كانت ستؤدي بالثورة في متاهات تقسيمية  للمناطق باسم المحررة وغير المحررة بإدارة مجموعات نفوذ استولت على المعابر الحدودية ومنابع النفط وصوامع الحبوب والثروات الوطنية من معامل ومصانع”.

وقال العيسى “أخرجت الإدارة الدبلوماسية الدولية بتفاهم خفي فكرة الحكومة الانتقالية بديلا للمؤقتة، أي تعويم فكرة المشروع الروسي لحل وسط بين السلطة ومعارضة الخارج، استحدثت باسم الثورة، والحال هذه إذا لم تسترجع قوى الثورة (الحراك الشعبي زائد الجيش الحر) مرجعية تمثيل نفسها بنفسها من خلال “مجالس محلية: وتجربته الناجحة في “داريا” و”المعضمية” والغوطة الشرقية، وغداً قد تتوسع إلى كامل البلاد السورية بإدارات (مدنية سياسية) تقود الجيش الحر إلى استعادة السلطة من عصابة الأسد ، فإننا سنكون أمام أحد الاحتمالين التاليين”.

الاحتمال الأول ، بحسب المعارض السوري، “في أحسن الأحوال نحن ذاهبون إلى حربٍ مناطقيةٍ ذات صبغة أهلية، قد تؤدي إلى قيام دويلة شيعية في المناطق العلوية حتى حدود دويلة حزب الله في البقاع اللبناني بحماية روسية وإدارة ايرانية بجيشٍ موازٍ يتم تركيبه حالياً بقيادة إيرانية”.

أما الاحتمال الثاني، يقول العيسى، “إننا ذاهبون إلى تقسيمات مناطقية بإدارات تتبع القوى المسلحة إذا فشلت تجربة تعميم المجالس المحلية السياسية بقوى شباب الثورة المُدَعَّمة بخيرة الجيش الحرّ. وحينها سيضطر العالم وأوله أميركا الى التدخل لفرض سلطة مركزية بقوة عسكرية متفوقة، تحمي وحدة البلاد وإعادة بناء الدولة بمؤسسات توافقية، ودستور يحفظ للمكونات الوطنية السورية حقوقها ودورها كعناصر فاعلة في وحدة الوطن السوري باسم الجمهورية السورية بمكونيها الاثنين “الكرد” و”العرب” وثقافاته ومذاهبه التي يصونها دستور عصري يليق بالدماء التي سالت دون تناسي أهمية مرافقة كل هذا بمشروع مارشال لإعادة إعمار البلاد”.

باريس تجيب والائتلاف يعتذر

وردا على سؤال لإيلاف حول نتائج لقاء روما، أحالتنا الخارجية الفرنسية إلى بيان لها، ذكرت فيه أن “فرنسا، التي كانت البلد الأول الذي اعترف بالائتلاف الوطني السوري واستضاف أخيرا اجتماعا التقت فيه خمسون دولة لأجل تشجيع دعم ملموس له، شاركت في اجتماع أصدقاء الشعب السوري في روما. ومثلها في هذا الاجتماع السفير من أجل سوريا إيريك لوشوفاليي”.

وأضاف البيان “يأتي هذا الاجتماع في الوقت الذي يتزايد فيه القمع ضد الشعب السوري وترتفع أعداد النازحين واللاجئين بشكل مستمر”، معتبرا أن الاجتماع “كان فرصة لجزء كبير من المجتمع الدولي لتأكيد دعمه للائتلاف من جديد عبر إجراءات ملموسة”.

واتصلت إيلاف بممثل الائتلاف الوطني في باريس الدكتور منذر ماخوس الذي بدا منشغلا واعتذر عن الإجابة عن أسئلتنا مبررا ذلك بأنه يتأهب لسفرة عاجلة، وذلك بعد أن وعدنا بالرد على أسئلتنا.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت على هامش اجتماع روما أنها ستقدم ولأول مرة مساعدات مباشرة الى المعارضين السوريين على شكل أغذية وأدوية إضافة إلى 60 مليون دولار ببعد إنساني وليس عسكريا تبعا لما ورد في تصريحات وزير الخارجية الأميركي، فيما دعا رئيس الائتلاف معاذ الخطيب أن تكف بعض الدول إلى تقديم أسلحة نوعية للنظام السوري.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى