صفحات العالم

بشار ملهم الثورة السورية!


علي حماده

لن نتوقف كثيراً عند تفاصيل خطاب بشار الاسد الرابع الممل الذي ألقاه البارحة. فروحية الخطاب تدل على انه اعلن الحرب الشاملة على الثورة في سوريا، وانه يتجه الى محاولة حسم المعركة بالعنف، لكن بوتيرة أكبر وأعم وأشمل. والحال ان دخول المراقبين العرب الى سوريا لم يخفّف منسوب القتل في سوريا، بل تشير الارقام التي ادلت بها دوائر الامم المتحدة الى انه سقط اكثر من اربعمئة مواطن سوري برصاص النظام منذ دخول المراقبين العرب قبل اسبوعين، وبالتالي فإن وجود جهة خارجية لمراقبة حسن تطبيق المبادرة العربية من النظام لم يأت بالنتائج المطلوبة، وان تكن اللجنة الوزارية العربية اخذت علما بالعوائق الكثيرة التي يضعها النظام على عمل المراقبين، فإنها لم تعلق المهمة. لكن الواقع مختلف.

فبشار الاسد هاجم الجامعة العربية وبعض الدول العربية، وكان يقصد دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، واعتبر ان الجامعة العربية باتت تمثل انعكاسا للحالة العربية المزرية، ومع ذلك لم يعلن وقف التعاون مع مهمة المراقبين العرب، ولم يعلن سحب توقيعه عن البروتوكول العربي. وهنا المفارقة الكبيرة في مواقفه. فهل يحضر لفخ امني كبير لمهمة المراقبين العرب؟

في مطلق الاحوال ثمة معلومات تشير الى ان النظام في سوريا طلب تغطية روسية لما سماه مرحلة الحسم العسكري مع الثورة، وقد سماها الاسد مرحلة “نهاية مخططات المؤامرة”! ووفق المعلومات، فإن الاسد قدر عدد القتلى الذين سيسقطون بنحو ثلاثين الفا خلال الاشهر الاربعة المقبلة، على ان يحسم الوضع نهائيا مطلع الصيف المقبل. ويعتقد الأسد انه بحسم المعركة بهذه الطريقة يمكنه ان يعيد “الاستقرار” الى سوريا لعقدين مقبلين. وحسب المعلومات عينها، ينقل عن القيادة الروسية انها اعتبرت الارقام التي قدمها الاسد مرتفعة جدا، ولا قدرة لموسكو على تأمين حماية سياسية وديبلوماسية وحتى عسكرية متى تخطت ارقام الضحايا العشرة آلاف!

لقد أعلن بشار الاسد الحرب المفتوحة في خطابه الرابع. وقطع الجسور مع الداخل والخارج، فهل جاء الخطاب الذي اعقبه في اليوم التالي خروجه مع عائلته الصغرى بين مؤيديه في ساحة الامويين، انعكاسا لشعوره بالقوة وبالتمكن من حسم المعركة وإلحاق هزيمة حاسمة بالثورة، ام انه حقا يخوض آخر معاركه.

من المؤكد انه كلما خرج الاسد على السوريين بخطاب جديد، اشتد عصب الثورة، وقويت عزيمة الثوار، وتأكد السوريون ان شيئا لن يتغير ما بقي النظام وبشار في مكانهما. اكثر من ذلك، مع كل خطاب جديد يتعزز اليقين ان بشار ينتمي الى عصر مضى، وانه اسير والده الذي كان لا يزال حتى الخامس عشر من آذار 2011 يحكم سوريا من قبره! من هنا قول الكثيرين ان خطب بشار الاسد هي التي تزيد الثوار ايمانا بصحة خيارهم الوطني، تصميما بالمضي قدما في ثورة الحرية والكرامة. انه بمعنى من المعاني “ملهم” الثورة، وان بمفعول عكسي!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى