صفحات العالم

بعد حماه.. لا إصلاح في سوريا


طارق الحميد

إثر نزول قرابة 700 ألف سوري للتظاهر في حماه، أصدر الرئيس بشار الأسد مرسوما يقضي بإعفاء أحمد خالد عبد العزيز من مهمته كمحافظ لحماه، فما معنى ذلك؟

صحيح أن محافظ حماه هو ثالث محافظ سوري تتم إقالته منذ اندلاع الانتفاضة غير المسبوقة، إلا أن لهذا القرار الأخير مدلولات تستحق التوقف عندها، الأول: أن وعود النظام بدمشق لإنجاز الإصلاح بات من الصعب تصديقها، والمراهنة عليها؛ فمظاهرات حماه، بجمعة «ارحل»، كانت طاغية، وعدد المشاركين فيها غير مسبوق، لكن العلامة الفارقة فيها أيضا أنه لم يكن هناك قمع لأهل حماه، مثل باقي المناطق الأخرى، وذلك لسبب بسيط، هو أن الأمن والجيش لم يتدخلا لتفريق المتظاهرين وقمعهم، مما يعتقد أنه أدى إلى إعفاء محافظ المدينة من منصبه، أي أنه لم يُعفَ بسبب وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى، بل إن كل ذنبه هو أنه سمح بمظاهرات سلمية.

وهذا ليس بسرٍّ؛ حيث رصدت تقارير إعلامية، بعد مظاهرات حماه، أن السوريين لم يفاجأوا بمرسوم إقالة محافظ حماه؛ إذ سبقته شائعات عن عدم رضا بعض الدوائر الرسمية، لا سيما الأجهزة الأمنية، عن طريقة إدارة المحافظ للأزمة بحماه. وبحسب التقارير، فقد اكتسب محافظ حماه، إلى حدٍّ بعيد، ثقة الأهالي؛ حيث منحهم وعودا بالسماح لهم بالتظاهر السلمي، والتعهد بألا تقترب منهم قوات الأمن مقابل عدم ترديد الأهالي لهتافات مسيئة لرأس النظام، أو تدعو لإسقاطه، ناهيك عن أن محافظ حماه قد قام بإزالة صور وتماثيل رموز النظام من المدينة كي لا يقوم المتظاهرون بتحطيمها.

لذا فمن السهل أن نستنتج هنا أمرين مهمين؛ الأول هو أنه بات من الصعب القول اليوم، بعد إقالة محافظ حماه، إن النظام بدمشق حريص على تلبية مطالب الشعب، وإنه سيقود عملية الإصلاح بنفسه، فكيف يمكن ذلك ما دام النظام يقوم بعزل رجل كل خطئه أنه لم يسمح للأمن بأن يفتك بالمتظاهرين السوريين في مدينة حماه يوم جمعة «ارحل»؟

الأمر الآخر المهم، الذي يتوجب على المعنيين بالشأن السوري تأمله جيدا، هو أن تصرف محافظ حماه مع أهالي المدينة، مما جعله يحظى بثقتهم، يوحي بأن بين المسؤولين السوريين اليوم من بات يعيد النظر جديا فيما يحدث بسوريا، إما بدافع صادق؛ حيث يتعاطف مع المطالب الشعبية الجامحة، وإما بدافع الحذر من عواقب الأمور التي قد تؤول إليها الأوضاع في سوريا في حال سقوط النظام، بأي طريقة كانت، خصوصا أن المسؤولين السوريين يرون اليوم بأم أعينهم ما يحدث للمحسوبين على نظام حسني مبارك في مصر، وكيف أن المحسوبين على القذافي باتوا يقفزون من سفينة العقيد الليبي واحدا تلو الآخر خوفا من عواقب الأمور.

وعليه، فإن هذه هي مدلولات عزل محافظ حماه التي يجب التنبه لها بدلا من الانشغال بوعود النظام بدمشق، خصوصا أنه لم ينفذ منها شيء إلى الآن، بل وقام بعزل محافظ حمى المتظاهرين العزل من البطش الأمني.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى