صفحات سوريةعماد عزوز

بعض أوجه التشابه بين الوضع الليبي والوضع السوري

 


عماد عزوز

لم يخفي النظام السوري تعاطفه مع شقيقه النظام الليبي الإعلامي على الأقل بينما قيل في السر أن النظام السوري ساعد شقيقه عسكريا أيضا وذكر هنا أن طيارا أو طيارين قتلا في ليبيا أثناء تأدية واجبهما العسكري هناك. وبغض النظر عن صحة هذه المعلومة إلا أن العلاقة بين النظامين بدت قوية قياسا بالشقيقات الأخريات مصر وتونس واليمن التي تحدث فيها الثورات نفسها. فأين أوجه الشبه بينهما وماسر العلاقة الأخوية هذه.

في جميع خطابات العقيد القذافي المباشرة والمسجلة كان التمثال الذي يمثل القبضة التي تحكم الخناق بالطائرة الأمريكية يرافق الصورة بشكل دائم بينما تناثرت شظايا بطولاته التاريخية في محاربة الأمريكان والغرب في ثنايا الخطابات كلها.

في المقابل لايزال النظام السوري يذهب في الأزمات الأخيرة إلى التركيز على أخبار الوطن المحتل ووحشية الإحتلال الإسرائيلي لتدخل أيضا في ثنايا الأخبار السورية والمراسيم والقرارات التي بدا الرئيس السوري ياخذها في الفترة الأخيرة, دون أن ينسى بالطبع أن يهاجم أهداف ومصالح الغرب في ليبيا التي تقصف من قبل هذا الغرب .

أهم عامل مشترك بين النظام الليبي والسوري بالإضافة إلى القمع المعمم والتصاق الجيش والتحاقه بالنظام, فإن النظامين حاولا استغلال موضوع المقاومة وحركات التحرر كورقة في سياساتها مع الآخرين.فبينما عرف عن القذافي اهتمامه بالمعارضة الإفريقية وبالتيارات الفلسطينية التي راجت جماهيريا في السبعينات والثمانينات, فلقد ذهب النظام السوري غلى التركيز على محور المقاومة الذي تعتبر حماس وحزب الله وإيران أهم أركانه .

في المثال الليبي بدأ الإلتفاف حول العقيد القذافي يكبر نسبيا مباشرة بعد التدخل وبدأت أصوات عديدة تظهر هنا وهناك تدعوا إلى التركيز على التدخل الخارجي على حساب الوضع الليبي الداخلي وهذا ماسيراهن عليه القذافي لتبرير ماسيعمله داخليا وربما ينجح في استغلاله لصالحه ولاسيما إن طالت المعركة .

في المثال السوري يلاحظ المشاهد للقنوات الفضائية عموما والتي تتحدث عن الوضع السوري أن العديد من المتحدثين الذين يدافعون عن النظام يعملون على ربط مايجري في سوريا بموضوع المقاومة والممانعة حيث يعتبرون أن شروط المقاومة وظروفها تشترط استثناءات كثيرة في سلوك النظام ستفيده في تبرير أي قمع داخلي تحت شعار لاصوت يعلو فوق صوت المعركة. ناهيك عما ينظره العديد من حلفاء النظام السوريين والأشقاء العرب الآخرين أن أي هجوم وإنتقاد للنظام السوري في هذه المراحل سيفيد اسرائيل وأمريكا بالدرجة الأولى لأنها حسب تحليلهم ستضعف محور المقاومة هذا. وفي أحسن الأحوال ينبري البعض بالدفاع عن شرعية مايطالب به الشارع السوري لكنه يقترح تأجيل ذلك في المرحلة الحالية لن الوقت غير منايب الآن.

يبقى السؤال عن إمكانية فصل الموضوع الوطني من وجهة نظر الأنظمة عن الداخلي أو على الأصح إعادة تقويم العلاقة بين الوطني والداخلي لتخرج عن إطار الأنظمة ومصالحها.

من الواضح حتى هذه اللحظة أهمية مايسمى الطرف الإسرائيلي وحليفه الأمريكي في هذه العلاقة. ومن الملاحظ أيضا ان إسرائيل بالتحديد لاتريد أنظمة على غرار مصر الحالية التي تشكل تهديدا حقيقيا لها في المستقبل, وإنما تريد أنظمة على غرار السوري والليبى تعلن عداءها لها لكنها تمارس عكس ذلك على أرض الواقع وهذا بحد ذاته حماية لإسرائيل نفسها.

ومن الواضح أيضا الصعوبة التي ستواجهها اي معارضة أو ثورة في إيجاد طريقة لمحاولة تخليص هذه الأنظمة من هذه الورقة المهمة والتي مازالت تلعب بها بشكل ذكي.

وإذا كان الوضع الليبي أسهل من حيث إمكانية الفصل هذا فإنه لايزال أكثر تعقيدا في المثال السوري, لكن وبعد إنطلاق الإحتجاجات السورية في مختلف سوريا فإنه من المحتمل أن الشروط الأخرى الداخلية ستكون أقوى في هذه المرة بحيث لن تترك للنظام السوري فرصة اللعب بالأوراق الأخرى كما يريد فهل يستطيع الشارع السوري والمعارضة السورية سحب هذا البساط من تحت أرجل النظام عن طريق التركيز على أن الشارع السوري والشوارع العربية الأخرى هي الوحيدة المعنية بحق الدفاع الحقيقي عن أرضنا المحتلة ليس فلسطين فحسب وإنما الجولان ولواء اسكندرون أيضا, أما دفاع الأنظمة هذا فلتأخذه معاها إن أرادت كما ستأخذ معها العديد من الأوهام.

تشابه آخر مهم هو إيهام الشارع بفصل وعزل الرئيس عن أخطاء المحيطين بهم وتحميلهم الأخطاء كلها. فالقذافي يحب أن يتلو علينا نكتة أنه ليس رئيسا وأنه ليس هو من يمتلك القرار بل اللجان الثورية. هذه النكتة ستبدو أكثر وقارا وجدية في المثال السوري حيث تسود نظرية ومنذ الأسد الأب أن الرئيس جيد بينما السوء يأتي من المحيطين بالرئيس أو مايسمى بالعامية البطانة. .وبالتأكيد فإن لكل مرحلة رجالاتها السيئون و أكباش فداء يتم التضحية بهم بين الحين والآخر.

بهذا المعنى ينظر الشعب السوري بعين مفتوحة ويراقب إمكانية سقوط نظام مدجج بالأجهزة الأمنية وبجيش لايزال يحس بالولاء للنظام وينفذ أوامره بعين مغمضة عندما يتعلق الأمر بقتل الأشقاء ويفتحها بأمر العقيد ليقاتل العدو الخارجي.أي بإختصار تماما كما قد يحدث في سوريا ولو بنسب أقل.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى