بيانات الانتفاضة

بلاغ صادر عن اللجنة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي السوري

 


اجتمعت اللجنة المركزية للحزب في النصف الثاني من شهر أيار 2011 ، وخصصت اجتماعها لمناقشة تطورات الأوضاع الداخلية في سورية ، وخصوصاً انتفاضة الشعب وتطوراتها ، ومواقف المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والإنسانية مما يجري في بلادنا ، ومجريات العمل الوطني وآفاقه .

1 – بحث الاجتماع باستفاضة وقائع انتفاضة شعبنا المستمرة ، والتي تمتد عمقاً واتساعاً في معظم المدن والبلدات وبجميع المحافظات ، وقد دخلت شهرها الثالث وهي أكثر قوة وتصميماً على نيل أهدافها ، رغم كل أشكال القمع الممنهج التي تواجهه ، من الحصار والقتل والترويع ، إلى التهجير والاعتقال لآلاف النشطاء والمتظاهرين ، إلى إحالة الكثيرين منهم إلى المحاكم . ونوه الاجتماع بما أسفرت عنه الانتفاضة ، ومنذ البداية ، عن وجه حضاري ورقي في الأساليب السلمية ونضج في الشعارات رغم ما واجهته من عنف منفلت وحصار للمدن بالمدرعات ، ومن ثم اقتحامها واستباحتها ، وقصف الأحياء السكنية وفرض أسلوب العقاب الجماعي بحق المناطق المنتفضة . ولشد ما أسفت اللجنة المركزية لوضع الجيش في مواجهة الشعب ، وزجه في معركة ليست معركته ، تحرفه عن مهامه الأساس ، وتسيء إلى سمعته ودوره الوطني ، وحمَّلت السلطة مسؤولية ذلك .

2 – توقف الاجتماع أمام الإنجازات التي حققتها حتى الآن مسيرة شهرين من انتفاضة الشعب الباسلة . فلاحظ أنها أحرزت لشعبها إنجازات هامة ، يأتي في مقدمها كسر حاجز الخوف الذي هيمن طويلاً على حياة الناس . وأظهرت للملأ شجاعة السوريين واستعدادهم للتضحية من أجل حريتهم وكرامتهم ، وأبرزت تصميمهم على التغيير وبناء دولة مدنية ديمقراطية . وقد لفتت انتفاضهتم بذلك أنظار العالم ، ونالت إعجابه واحترامه . وقامت بفضح الخيار الأمني الذي أعتمدته السلطة ونجحت في إفشاله . كما نجحت في تكذيب كل ادعاءات السلطة واتهاماتها ودعايات إعلامها المسمومة حول حقيقة ما يجري . واستمرت بالإصرار على نهجها السلمي وشعاراتها وأهدافها الوطنية وسلوكها الحضاري رغم كل المحاولات التي قام بها النظام وأزلامه ونهجه المدمر لتشويه حقيقتها وحرفها عن مسارها . لقد كشفت الانتفاضة حقيقة شعبنا وجوهره ، وأظهرت مقدار الإمكانيات الغنية والوعي العالي والمواهب الفذة التي يتمتع بها شبابه .

3 – واطلعت اللجنة المركزية على تفاصيل ومجريات ما أعلنته السلطة عن مشروع للحوار وناقشته ، وخلصت إلى أن ما جرى لا يستحق اسم الحوار . وهو بعيد كل البعد عن المطلوب . وأن المناخات الضرورية والأرضية اللازمة لأي حوار غير متوفرة حتى الآن . وما أعلن ليس أكثر من رسائل خادعة للداخل والخارج غير صالحة للتعامل معها ، ويخاطر بسمعته ودوره كل من ينزلق إلى أحابيلها . وأكدت على أهمية الحوار وضرورته من حيث المبدأ والمآل ، غير أن الأزمة القائمة لايمكن اختزالها في حدود الصراع بين السلطة والمعارضة ، إنما هي أزمة بين المجتمع والسلطة ، تعمقت ووصلت إلى حد القطيعة . ولن يكون المخرج إلا بتأمين الانتقال بسورية من حال الاستبداد والدولة الأمنية إلى حال الحرية والدولة المدنية الديمقراطية عبر حوار جاد ومسؤول ، تتمثل فيه جميع الأطراف السياسية والقوى الاجتماعية وممثلي الانتفاضة والشارع السوري الثائر . وأكدت اللجنة المركزية على موقف الحزب المبدئي والواضح من الانتفاضة منذ انطلاقتها الأولى ، حيث أعلن دعمه لمطالبها والانخراط في حركتها وطرق مساندتها سياسياً وإعلامياً والاشتراك الميداني بالاحتجاجات والتظاهرات. وقد تعرض العديد من الرفاق والأصدقاء نتيجة ذلك للاعتقال والملاحقة أسوة بغيرهم من أبناء الانتفاضة والعديد من الشخصيات السياسية والثقافية المعارضة .

4 – نالت الأوضاع الاقتصادية في البلاد حيزاً من المناقشات . وتدارس الاجتماع مظاهر الجمود الاقتصادي الذي يعتري مختلف القطاعات الاقتصادية ونشاطاتها ، الزراعية والصناعية والتجارية وقطاعي السياحة والخدمات ، مع ما يفرزه هذا الوضع من أعباء إضافية على الأوضاع المعيشية الصعبة للشعب وعلى استقرار الأسواق . وأبدى المجتمعون قلقهم الكبير على مصير الليرة السورية بعد الضغوط التي تتعرض لها أمام العملات الأخرى ، مع ضعف الثقة بالسياسات المالية والنقدية للحكومة ، والشك بقدرة المصرف المركزي على حماية العملة الوطنية وموقعها وقيمتها لفترة طويلة . وأشاروا إلى مسؤولية السلطة الكاملة عن كل ما يترتب على هذه الأوضاع والمخاوف من مخاطر مدمرة على الاقتصاد الوطني وحياة الناس .

وفي النهاية ، أكدت اللجنة المركزية على أن الأزمة الحالية في البلاد هي أزمة وطنية شاملة ، راكمتها عقود الاستبداد الطويلة ، وأن الانتفاضة الشعبية كانت رداً تاريخياً عليها . وهي أيضاً امتداد طبيعي للثورات العربية التي افتتحت عصراً عربياً – وربما عالمياً – جديداً مع بداية العام 2011 . وهي أيضاً الصدى السوري لما يعصف بالمنطقة من رياح التغيير وعودة الشعوب لتصحيح مسار التاريخ في الأوطان .

وفي الختام ، قررت توجيه رسالة سياسية للرفاق والمتعاطفين بهذا الشأن ، ترصد وقائع انتفاضة الشعب السوري وتطوراتها وآفاقها ، وتحدد المواقف والمقترحات والمهام .

20 / 5 / 2011

حزب الشعب الديمقراطي السوري

اللجنة المركزية

 

 

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. عبرت الانتفاضات العربية واكدت على ان الديمقراطية وحقوق المواطنة ( قيم الثورة البرجوازية ) بانها قيم عالمية لا يمكن الدخول في تنمية اجتماعية واقتصادية بدونهما . انخراط حزب الشعب الديمقراطي في الانتفاضةالسورية يعطي مصداقية لتوجهاته التي حددها في البرنامج السياسي المعدل وسيجد له مساحة عند الجماهير . ان الوضع السوري ولاختلافه عن التونسي والمصري سيضع امام المعارضة مهمات عليها ان تعيها وتعالجها لتتسع المشاركة في الانتفاضة لتشمل اغلب شرأح الشعب السوري , ان الوصول لمشاركة الاقليات في الانتفاضة امر في غاية الاهمية . فالاقليات على ما اعتقد تشكل اربعيين في المائة من الشعب السوري هذا أولا اما ثانيا مشاركة الاقليات سيسحب البساط من تحت النظام وسيعريه اكثر . التركيز على مؤسسة الجيش والشرطة ( وليس الامن ) لمحاولة تحيدها ووقفها الى جانب الانتفاضة – طبعا هذا ليس سهل لكنه ضروري – . تنسيق القوى اليسارية والديمقراطية وتحديد برنامج عمل مشترك سيعطي دفع للانتفاضة وسيحقق دعم دولي اكبر . التركيز على الاعلام لفضح ديماغوجية النظام والتاكيد على القيم الديمقراطية في ثورة الشعب . العمل دائما على ابتكار اساليب جديدة تربك النظام وتعجل في رحيله . الشعب يعطي للقوى الديمقراطية فرصة تاريخية ليكون لها دور فعليها ان توحد جهودها .

  2. 1 : لا شك ان العمود الفقري للانتفاضة في سوريا تشكله الاكثرية الدينية وتتحمل العبء الاكبر من بطش النظام ومشاركة الاقليات الدينية والمذهبية اقتصرت الى الان على اشخاص ومثقفيين , عدم وصول الانتفاضة الى هذه الكتل الشعبية يعد في الواقع عامل ضعف في مسار الانتفاضة ( طبعا لا تتحمل ذنبه الاكثرية ) لكن واقع على قوى المعارضة ان تدرس اسبابه وتعالجه وفي هذا السياق لا بد من طرح عدة تساؤلات لمحاولة فهم الاسباب ( تفكيكها , تحليلها , معالجتها ) : الا تجد لها مصلحة في المشاركة ؟ . الخوف من ان اي تغيير سيحجم دورها وحياتها الدينية والاجتماعية ؟ اتجد في النظام الحالي حاميا لمصلحها ؟ . هل هو خوف من وصول الاخوان للسلطة ولو بطريقة صناديق الاقتراع ؟ . هل ما زال النظام يمتلك شرعية البقاء والاستمرار بالنسبة لهم ؟ . هل اعلام النظام ما زال يمتلك قوة الاقناع ؟ ولماذا ؟ . ام الخلل في اعلام المعارضة واساليبه ؟ . 2 : الجيش : مؤسسة الجيش في مصر لعبت دور مهم في تسريع رحيل الرئيس فهل قادر الجيش السوري على لعب هذا الدور . فالجيش السوري ما زال متماسك لصالح النظام ولا نستطيع القول ان العمود الفقري للجيش يمثل رأس النظام ! . 3 : رغم استمرار الانتفاضة واتساعها الى حد ما فهي لا تتناسب الى الان مع الحجم الحقيقي لسكان سوريا . ان مشروعية التغيير لا تأتي من مشروعية الطرح فقط بل باتساع المشاركة في الانتفاضة لتشكل قوة ضغط تعجل في تفكيك النظام واجهزته ولتلقى دعما دوليا متزايدا . طريق التغيير في سوريا ليس بالقصير وكلما وجدت المعارضة حلا للتساؤلات التي هي عبار عن مسائل كلما عجلت في رحيل النظام

اترك رداً على اسعد إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى