صفحات مميزة

بناء الدولة السورية في زمن الحرب

آدم باتزكو, جيل دورونسورو

دراسة 16 نيسان/أبريل 2013

ملخّص

يكمن الحل للأزمة السورية في بناء دولة داخل الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون، والتي يمكن ان تحل مكان النظام في دمشق. بيد أن الجهد لخلق المؤسسات ودمج المتمردين يهدده التفكك السياسي والتوترات الطائفية. وبالتالي، التغلُّب على هذه العقبات وإقامة دولة جديدة في خضم الحرب الأهلية، سيتطلَّب درجة توحُّد أكبر في الداخل ودعماً أوسع من الخارج.

دولة سورية

    القتال متواصل في كل أنحاء سورية، بيد أن تسريع التقدّم العسكري للمتمردين يجب ألا يكون هو الأولوية.

    يتعيّن أن يتم التركيز على بناء المؤسسات القادرة على إدارة الأراضي المحررة في شمال سورية.

    في الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون، بدأت المعارضة المسلحة تنخرط بشكل مطرد في بناء الدولة وخلق المؤسسات التي ستخدم لاحقاً كنموذج لكل البلاد.

    بدأت تتشكل في الشمال إدارة مدنية وجيش نظامي يضم الجيش الحر. لكن هذه المؤسسات أبعد ماتكون عن كونها مترسخة على نحو جيد، وهي غير منفصلة تماماً عن مجموعات المتمردين المسلحة.

    جبهة النصرة الإسلامية المتشددة وحزب العمال الكردستاني التركي، عبر ذراعه السورية المحلية حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، يبنيان مؤسسات موازية تتحدى الدولة الوليدة. وهذا يتسبب في التفكك السياسي وقد يطيل أمد الحرب الأهلية.

    لأن المؤسسات على الأرض تفتقر إلى الموارد التي تساعدها على توكيد سلطتها، يمكن أن يكون للمساعدات الخارجية تأثير حاسم.

توصيات إلى المجتمع الدولي

شجعوا إقامة لجان تنسيق وطنية ومناطقية. المساعدات يجب أن تتركز على تعزيز المؤسسات الوطنية، لا على تقوية اللاعبين المستقلين أو تمويل المجموعات المسلحة مباشرة. إن الدعم الحاسم للمؤسسات الجديدة التي يقيمها المتمردون، ستساعد على تهميش مُعرقلين على غرار جبهة النصرة وحزب العمال الكردستاني.

وفّروا الدعم المالي للممتمردين كي يدفعوا للمقاتلين ويموّلوا المساعدة التقنية لتدريب الضباط. يتعرّض الجيش السوري الحر إلى عراقيل عسكرية بسبب الافتقار إلى التنسيق بين المجموعات المسلحة وغياب الضباط المحترفين في صفوفه. ولذا، توفير التعويض والتدريب سيساعدان على بناء قوة أكثر مهنية.

سرّعوا تحوُّل الإئتلاف الوطني وقوى المعارضة إلى حكومة مؤقتة. هذه المؤسسة يجب أن تُوفّر لها الموارد التي تساعدها على ممارسة السلطة على الهياكل المحلية، وعلى دفع رواتب عشرات آلاف الموظفين المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون.

موّلوا الإعلام المستقل. هذه هي الخطوة الأولى لمنع ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من دون التعرُّض إلى عقاب.

من احتجاجات الشوارع إلى بناء الدولة

رغم ماقد توحي الرؤية الطائفية للمجتمع السوري، فقد توحّد الكثير من السكان للمشاركة في التظاهرات السلمية التي بدأت في آذار/مارس 2011. إذ جلبت عملية الحشد مشاركين من خلفيات اجتماعية وعرقية في غاية التنوّع.1  بيد أن النظام السوري اختار قمع الاحتجاجات بمزيد من العنف، ونتيجة لذلك اضطرت المعارضة إلى تسليح نفسها. هذا العنف المتصاعد أدّى في النهاية إلى اندلاع حرب أهلية في البلاد أواخر العام 2012.

لاتكمن المشكلة الرئيسة في سورية اليوم في بقاء النظام. ومع أن فعّالية الجيش السوري الحر محدودة وتكوينه الإستراتيجي غير متناسق، إلا أن النظام في دمشق غير قادر على استعادة زمام المبادرة. فهو يفتقر إلى الموارد2  كما أن الهجمات المضادة التي يشنّها الجيش السوري محلّية ومحدودة. ونظراً إلى عدم قدرته على استعادة الأراضي التي فقدها، يتعيّن على النظام إعادة تنظيم قواته العسكرية في المناطق الحيوية لضمان بقائه، وخصوصاً في دمشق. ولذلك فهو ينخرط في المعارك فقط بهدف التمسّك بمواقعه الحالية، ويقوم بعمليات سحب للقوات، ويشنّ غارات جوية على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة لإجبار السكان على الفرار.

 يكمن التحدّي الحقيقي في الديناميكيات الداخلية للتمرّد. ومن هذا المنطلق، فإن التطورات التي حدثت في الأشهر الأخيرة من العام 2012 تبدو حاسمة. يومها، انسحبت قوات النظام من المدن الواقعة إلى الشمال من حلب ومن الجزء الشرقي من مدينة حلب، وهو مايعني أن المعارضة أصبحت تسيطر للمرة الأولى على أراضي متجانسة في شمال سورية على الحدود مع تركيا، التي تؤيّد الانتفاضة بصورة واضحة. وفي حين يستمر القتال في جميع أنحاء سورية، تبني المعارضة المسلحة في الشمال السوري المؤسّسات التي ستكون بعد ذلك بمثابة نماذج بالنسبة للبلاد كلها.3

 بناء على ذلك، لاينبغي أن تكون الأولوية في الوقت الراهن لتسريع التقدم العسكري للتمرّد، بل يجب التركيز على بناء مؤسّسات قادرة على إدارة المناطق المحرّرة. ولن يكون الاستيلاء على المدن، وخصوصاً ذلك الجزء من حلب الذي لايزال تحت سيطرة النظام، تطوراً إيجابياً إلا إذا تمكّن الجيش السوري الحر من منع أعمال النهب وتصفية الحسابات الطائفية، وإدارة شؤون السكان. فضلاً عن ذلك، وبالنظر إلى مستوى التنظيم الذي يتمتّع به التمرّد، قد يصبح سقوط مدينة كبيرة عائقاً. وينبغي على المتمرّدين، في سياق جهودهم العسكرية، التركيز بدلاً من ذلك على الاستيلاء على القواعد العسكرية.

 يكمن الحلّ على المدى الطويل في تشكيل دولة سورية داخل المناطق التي يسيطر عليها المتمردون لتحلّ محلّ نظام دمشق. ولأن قدرة المجتمع السوري على التنظيم ضعيفة، فإن بناء الدولة خلال، وعن طريق، الحرب الأهلية لايمكن أن ينجح إلا بتوافر موارد من الخارج. فإنشاء جيش وطني غير مسيّس ضروري بهدف عزل الحركات السياسية التي تنبثق عن الجماعات المسلحة. ومالم تتم عملية العزل هذه، فإن المنافسة بين المجموعات السياسية والعسكرية التي ترتبط بعلاقات إقليمية ستؤدّي إلى حدوث مواجهة مسلحة. إذ تمثّل المساعدات الخارجية أحد العوامل الحاسمة لأن مؤسّسات المعارضة الوطنية المتنوعة – المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية – تفتقر إلى الموارد اللازمة لفرض سلطتها. لكن المستوى الحالي للمساعدات منخفض، وليس ثمّة مايشير إلى أي تغيير جذري في السياسة.4

 ولعلّ مايزيد الأمور تعقيداً هو أنه لوحظ وجود ديناميكيتين متناقضتين على الأرض، ومن المستحيل التنبّؤ بتأثيرهما النهائي على عملية بناء الدولة. الأولى هي أن المعارضة المسلحة أصبحت تنخرط أكثر، وبشكل تدريجي، في عملية بناء الدولة، بعد أن انتظمت في البداية في مجموعات صغيرة، وبدأت تشكّل إدارة مدنية وجيشاً نظاميا. والثانية هي أن بعض الحركات الثورية مثل جبهة النصرة لأهل الشام وحزب العمال الكردستاني التركي – من خلال ذراعه السورية المحلية، حزب الاتحاد الديمقراطي – تقوم ببناء مؤسّسات موازية.

 تركّز الاهتمام الدولي على “سلفية” جبهة النصرة والنزعات القومية الكردية القوية لحزب الاتحاد الديمقراطي، بيد أن هذه المخاوف تخفي المشاكل الحقيقية. إذ لايكمن التحدّي المتمثّل في بناء الدولة في تنوّع الهوية الإسلامية أو الكردية، بل في الهياكل السياسية والاجتماعية والعسكرية المستقلة لهذه القوى. وإذا ماقُيِّض لهذا النموذج أن ينتشر في أوساط التمرّد، فإن احتمال حدوث انقسام سياسي وإطالة أمد الحرب الأهلية سيزداد، ويمكن أن تمتدّ تلك التوتّرات إلى دول الجوار، وخصوصاً لبنان.

ظهور المؤسّسات المدنية

بسبب الانهيار السريع للنظام في الشمال السوري واستيلاء المتمرّدين على شرقي حلب، وجد التمرّد نفسه بعد أشهر عدة من إنشائه أن هناك بضعة ملايين من الأفراد يخضعون إلى سيطرته. واضطرّت الجماعات المسلحة – الألوية (أو الكتائب)، عندما وجدت أنها تواجه تحدّيات لم تكن مستعدة لها، إلى الانخراط في عدد من الأنشطة غير العسكرية لتحقيق الاستقرار في الوضع. كان عليها أن تؤسّس قوة للشرطة بصورة مرتجلة، وتنفيذ واجبات قانونية، واستئناف بعض الخدمات العامة، بما في ذلك توزيع الخبز والبنزين والغاز الطبيعي، فضلاً عن جمع القمامة. كما اضطرّ المجلس الوطني السوري إلى تطوير نظام عدالة بديلة، ودعا الشيوخ المحليين غير المتعلّمين إلى حدّ ما إلى الفصل في الحوادث التي تشتمل على مقاتلين.

 خلال شتاء 2012-2013، ظهرت مجموعة متنوّعة من المؤسّسات المدنية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة. ولتبسيط وضع معقّد ومربك في كثير من الأحيان، توجد ثلاث مؤسّسات محلية جديدة هي المجالس المدنية ومجالس الأحياء أو المناطق، ومحاكم العدل، والشرطة المدنية. تعمل هذه المؤسّسات على المستوى البلدي (بما في ذلك القرى المجاورة في بعض الأحيان)، وعلى مستوى بدائي داخل محافظة حلب. وهي أبعد من أن تكون مجالس ثابتة. فهي ليست منفصلة تماماً عن الجماعات المسلحة وتفتقر إلى الموارد. ولايزال التنسيق بينها وبين المؤسّسات الوطنية المعارضة – المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية – نظرياً إلى حدّ كبير.

 إرث النظام

تحاكي المؤسّسات التي يجري إنشاؤها بعض هياكل النظام السوري القائمة مثل البلديات والمخابز والمدارس. الخطوط الإدارية العامة لنظام البعث هي أيضاً ليست موضع شك. فالمتمرّدون يتصرفون ضمن حدود المحافظات والبلديات والأحياء.

ولعل مايثير الدهشة أكثر هو أن هذه المؤسّسات تعمل جزئياً بموارد من نظام دمشق. والحقيقة أن حكومة البعث لازالت تدفع رواتب بعض الموظفين في مناطق خارج سيطرتها. وبالتالي يذهب المعلمون وموظفو البلدية بانتظام إلى القسم الذي لايزال تحت سيطرة الحكومة من حلب لاستلام رواتبهم. في كانون الأول/ديسمبر 2012، تم وللمرة الأولى شطب بعض الناشطين الذين انحازوا إلى الانتفاضة علناً من جدول الرواتب الحكومية.5

 ونتيجة لذلك، فإن بعض الخدمات العامة مثل جمع القمامة والكهرباء والتعليم تعمل تقريباً في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق. ومع ذلك، فإن بعض موظفي الخدمة المدنية، وبسبب خوفهم من أن يعاقبهم النظام أو يعاقب أسرهم إذا عملوا في المناطق التي يسيطر عليها المتمرّدون، لايذهبون إلى العمل. إضافة إلى ذلك، ولأنهم يتلقون الرواتب بغضّ النظر عما إذا ذهبوا إلى أعمالهم أم لا، فإن الموظفين أحرار في أداء واجبات مختلفة عن تلك التي تم التعاقد معهم للقيام بها. على سبيل المثال، المشايخ الذين يعملون الآن كقضاة في المحاكم المختلفة كانوا في السابق مدرسين لمادة الدين ولازالوا يحصلون على رواتبهم. وتدفع دمشق أيضاً رواتب العديد من أعضاء المجالس المدنية عن الوظائف التي تم تعيينهم في البداية للقيام بها.6  أحد التفسيرات المحتملة لهذه المفارقة – تمويل دمشق للانتفاضة – هو أن النظام يخشى تأجيج الاحتجاجات إن هو قطع رواتب جميع موظفي الخدمة المدنية في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون.

فصل المدني عن العسكري

لازال الجيش يهيمن على المؤسّسات المدنية الوليدة في المناطق الشمالية التي تسيطر عليها المعارضة. ويكشف إنشاء محاكم العدل والمجالس المدنية عن مدى صعوبة وتعقيد تطبيع هذه الهيئات وإدماجها في النظام القانوني.

المحاكم

برزت فكرة إنشاء نظام قانوني أوّلي نتيجة اتفاق بين الوحدات العسكرية الرئيسة لتشكيل محكمة عليا في مدينة حلب، “محكمة مجلس القضاء الموحّد”. تم التفاوض على شروط تأسيس المحكمة خلال اجتماع عقد في أيلول/سبتمبر 2012 بين محامٍ وشيخ وقاضٍ كانوا قد انشقّوا عن النظام. وقد بدأت محكمة مجلس القضاء الموحّد تتحول تدريجياً إلى محكمة مستقلة رغم أنها تأسّست بواسطة تحالف من الألوية.

 هناك ثلاثة عناصر ضرورية لتطبيع النظام القانوني في المناطق المتمرّدة: إعادة إدماج موظفين السلك القضائي، ووضع مدوّنة قانونية مشتركة، وإدماج المحاكم المحلية في الهيكل الهرمي نفسه.

 نسّق المحامون الذين شاركوا في الاحتجاجات ضد النظام في وقت مبكّر جداً جهودهم ضمن محافظة حلب من خلال حركة المحامين الأحرار التي تأسّست في حلب. ويختلف تدريب وأولويات هؤلاء كثيراً عن الشيوخ الذين أنشأوا المحاكم في الأصل، ولكن الاتصال بين المجموعتين يزداد بصورة تدريجية. وتعدّ طريقة عمل محكمة مجلس القضاء الموحّد نتيجة حلّ وسط بين المحامين والشيوخ، رغم أن التوتّرات بين المجموعتين لاتزال قائمة، ولاسيّما في مدينتي أعزاز والباب. إضافة إلى ذلك، أصبحت المؤهلات القانونية معياراً لاختيار الشيوخ.

 يعتمد تطبيع المحاكم أيضاً على اختيار مدوّنة قانونية جديدة، يطلق عليها مدونة الاتحاد العربي، والتي تقوم على الشريعة. وقد تشكّل توافق في الآراء بين جميع الأطراف المشاركة في النظام القانوني الجديد حول اعتماد الشريعة الإسلامية كأساس للإطار الجديد. مع ذلك، ومع بعض الاستثناءات، فإن معرفة المشايخ والمحامين الذين ينظرون القضايا في المحاكم المحلية المختلفة بالنصوص الدينية محدودة، وهم يصدرون خليطاً من القرارات التصالحية من دون تنفيذ العقوبات (الحدود) التي أقرّتها الشريعة الإسلامية. وبالتالي، الإشارة إلى الشريعة تصلح في المقام الأول لإضفاء الشرعية على الأحكام في نظر السكان.

 يعتمد إنشاء نظام قضائي هرمي على سلطة محكمة مجلس القضاء الموحّد في حلب. فهي مسؤولة عن تحديد ما إذا كان ينبغي الاعتراف بالمحاكم المحلية، وقد تأمر بإجراء تغييرات في تشكيلها. ويتعيّن على المحاكم المحلية تشكيل ثلاث إدارات (الجنائية والمدنية والأحوال الشخصية)، في كل إدارة شيخان ومحامٍ واحد، ويعتمد تطبيق قانون الاتحاد العربي. على المدى الطويل، من المفترض بمحكمة مجلس القضاء الموحّد أن تصبح محكمة الاستئناف في المحافظة.7

مقاومة التطبيع: نموذج مدينة الباب8

في أيلول/سبتمبر 2012، تم إنشاء محكمة في مدينة الباب لتحلّ محلّ المحكمة السابقة التي كانت تديرها الحكومة. تطبّق المحكمة التي أنشئت حديثا أحكام الشريعة ، لكن لم يتم تدريب أي من القضاة في الشريعة الإسلامية. في الممارسة العملية، غالباً ماينخرط القضاة في عمليات التحكيم، وذلك باستخدام لغة دينية. ولدى المحكمة نحو أربعين مقاتلاً من الألوية المحلية يقومون بواجبات ضباط الشرطة وتسليم الاستدعاءات وتنفيذ الاعتقالات.

 رفضت محكمة مجلس القضاء الموحّد لمدينة حلب الاعتراف بهذه المحكمة في شكلها الحالي، وطلبت إجراء إصلاحين اثنين: استبدال بعض القضاة وتطبيق قانون الاتحاد العربي. وقد أيّد المجلس المدني لمدينة الباب محكمة مجلس القضاء الموحّد، والذي ينخرط في صراع سياسي مع المحكمة المحلية. ومع ذلك، فقد اعترضت المحكمة المحلية على هذه المطالب.

 في إطار اعتراضها، حاولت المحكمة المحلية في البداية، ولكن من دون جدوى، أن يكون لها رأي داخل المجلس المدني لمدينة الباب أثناء جولة انتخابات، وذلك عن طريق الاصطفاف إلى جانب أقليّة معارضة. ومن ثمَّ تلقّت دعماً من مقاتلي جبهة النصرة، التي ترفض الاعتراف بمحكمة مجلس القضاء الموحّد، لتشكيل قوة شرطة خاصة بها. واعتباراً من أول كانون الثاني/يناير 2013، بدا من المرجّح أن التوتّر قد انتهى برضوخ المحكمة المحلية.

 تختلف الأوضاع القانونية في محافظتي حلب وإدلب عن بعضها البعض بسبب المنافسة بين المنظمات المهنية. هناك مجموعتان رئيستان من المحامين: حركة المحامين الأحرار وتجمّع المحامين الأحرار الذي له نفوذ في جميع أنحاء سورية، لكن ليس لديه حضور كبير في حلب.9  إضافة إلى ذلك، أنشأ بعض القضاة الذين انشقّوا عن النظام مجلس القضاء الحر. وهو يتولّى إدارة القضاء، ولاسيّما في مدينتي حارم وسلقين (محافظة إدلب)، استناداً إلى القانون السوري الحالي في المناطق التي يسيطر عليها النظام. يعمل مجلس القضاء الحر مع تجمّع المحامين الأحرار، وهو على اتصال مع الائتلاف الوطني، الإطار الرئيس للمعارضة.

المجالس المدنية

تأسّست المجالس المدنية في آب/أغسطس 2012، وهي المسؤولة عن الصحة والتعليم والشرطة ولديها هياكل متشابهة في جميع المناطق.10  وقد بدأت العمل في الغالب كجمعيات محلية، وتم إضفاء الشرعية عليها في وقت لاحق.

 يبرز المجلس الانتقالي الثوري لمحافظة حلب من بين المجالس الأخرى، لأنه يلعب عدداً من الأدوار. فهو يعمل كمجلس مدني لمدينة حلب، وينظّم في سياق هذا الدور مجلس المنطقة، ويعمل أيضاً كمجلس انتقالي له سلطة على المؤسّسات المدنية في جميع أنحاء محافظة حلب. وبالمثل، تم في محافظات إدلب ودير الزور ودرعا، إنشاء مجلس لديه سلطة على المجالس المحلية من حيث المبدأ.

في الواقع، لايوجد تسلسل هرمي مقبول بصورة عامة. إذ لاتعترف مجالس المناطق بالمجلس الانتقالي بالضرورة، ولازال العديد من المجالس المدنية خارج حلب مستقلة إلى حدّ كبير.

 إضافة إلى ذلك، المجالس المدنية ليست دائماً مستقلة تماماً عن المجموعات العسكرية، حيث تضطرّ إلى الاعتماد على المجموعات العسكرية للحصول على الموارد.11  ويتم اختيار أعضاء المجلس بدلاً من انتخابهم، على أساس تأثير القادة العسكريين المحليين والهياكل العشائرية وكبار السن.12

البناء من الأعلى

في ظل عدم وجود موارد مركزية، تؤثّر المساعدات الخارجية بشكل حاسم على التكامل بين الهياكل المحلية. وفي حين أن مبالغ التمويل المقدمة قليلة نسبياً، فإنها تسهل عملية التنسيق على المستوى الوطني والمناطقي والبلدي. ويجري تشكيل لجان التنسيق المحلية والوطنية بتمويل أجنبي. ولاتزال هذه المؤسّسات تفتقر إلى السلطة على المؤسّسات المحلية، بيد أن هناك مركزاً إدارياً فعلياً آخذ في التشكّل.

تتركّز جميع المؤسسات الوليدة في حي الشيخ نجار الصناعي، على مشارف حلب، وبالقرب من حي هنانو في المدينة. والآن يوجد مقرّ المجلس الانتقالي الثوري وقيادة الشرطة المدنية وقيادة الشرطة العسكرية هناك. وانتقلت محكمة مجلس القضاء الموحّد إلى المنطقة في كانون الثاني/يناير 2013، ويتوقع أن يحذو المجلس العسكري في حلب حذوها قريباً. 13

 يوفّر الائتلاف الوطني حوالى مليون دولار للمجلس الانتقالي في حلب الذي يعيد توزيع الأموال على المجالس المحلية. يحفّز هذا التمويل المجالس المحلية على تنظيم نفسها في دوائر المجلس الانتقالي نفسه، لتسهيل التكامل العمودي للخدمات المختلفة: التعليم، والشرطة والمساعدة العامة والشؤون الدينية. كما يساعد المجلس الانتقالي – المؤلّف من المدنيين فقط – على تحقيق الاستقلال عن الوحدات العسكرية. على سبيل المثال، منح المجلس الانتقالي المجلس المدني لمدينة الباب مبلغ 80 ألف دولار، مايجعله أقل اعتماداً على لواء التوحيد.14

 يعتبر إدماج الهياكل المحلية في نظام هرمي، في الوقت الحاضر، مجرّد فكرة أكثر من كونه واقعاً. إذ لايزال العديد من البلدات الريفية الصغيرة وبعض الأحياء في حلب تفتقر إلى وجود مجالس. وفي أماكن مثل أعزاز، لاتزال العلاقات بين المجالس المدنية المعيّنة والمجلس الانتقالي ضعيفة. وأخيراً، لم ينقض سوى وقت قصير جداً منذ أن قُدّمت الأموال، وقبل كل شيء، فإن الأموال لاتكفي أيضاً لإنشاء نظام مؤسّسي عملي وفعّال تماماً.

توحيد الشرطة15

تعدّ الشرطة المدنية مثالاً على التكامل من الأعلى. فقد تم إنشاء قوة الشرطة في أكتوبر 2012، بناء على طلب من الائتلاف الوطني والمجلس الانتقالي والجمعية المهنية للضباط السابقين المنشقين. وقد تم وضع الجمعية، والتي تهدف إلى دمج جميع وحدات الشرطة في محافظة حلب في نهاية المطاف، تحت سلطة المجلس الانتقالي وتقوم بدور إدارة البحث الجنائي لمحكمة مجلس القضاء الموحّد.

 تتولى قوة الشرطة الجديدة تدريجياً المسؤولية عن الحفاظ على النظام في قرى الشمال، وحلّ وحدات الشرطة القائمة أو دمجها بعد إجراء الإصلاحات المطلوبة. واعتباراً من أول كانون الثاني/يناير 2013، كان لديها 503 رجال شرطة موزَّعين على مقرّها وثلاثة عشر مركزاً للشرطة في المحافظة.

 تترافق عملية الدمج هذه مع عملية أخرى تتمثّل بإضفاء الصفة الاحترافية على رجال الشرطة. ففي كل مركز شرطة يوجد فريق من ضباط الشرطة المحترفين الذين انضموا إلى الثورة. ويتلقى المجنّدون تدريباً لمدة أسبوعين في أكاديمية الشرطة الجديدة بالقرب من الحدود التركية. وقد تم إعداد زي موحّد وشارة، ووضع مدوّنتين للقواعد الإجرائية والأخلاقية على أساس القوانين كان يستخدمها النظام ونماذج وجدت على الانترنت، وخصوصاً تلك التي تعتمدها الأمم المتحدة. وهي تحدّد صراحة فترة الاعتقال بأربع وعشرين ساعة وتعيد التأكيد على قرينة البراءة.

نحو تشكيل جيش وطني؟

تزايد عدد المقاتلين والوحدات التي ظهرت إلى حيز الوجود منذ صيف العام 2012، جعل من الضروري إنشاء مؤسّسات تنسيقية وانضباطية. فتشكيل الألوية، التي يصل عدد أفرادها في بعض الأحيان إلى آلاف عدّة من الرجال، ووجود ضباط محترفين داخل المجالس العسكرية، يفتح الطريق من حيث المبدأ أمام دمج المتمرّدين في جيش وطني. فضلاً عن ذلك، ومع إنشاء الشرطة العسكرية، فإن لدى الجيش السوري الحر الآن أداة تمكنه من ضبط ومعاقبة المقاتلين والوحدات العسكرية. ومع ذلك، ثمّة عقبتان اثنتان – عدم وجود هيكل قيادة متماسك وعدم دفع الرواتب بصورة منتظمة – تعرقلان إضفاء الصفة الاحترافية على جيش [المعارضة].

إيجاد التسلسل الهرمي والتنسيق

تواجه جماعات المعارضة المسلحة جيشاً نظامياً أفضل تسليحاً وتدربياً. لكن ضمن المعارضة، وبفضل المساعدات الخارجية، تعمل مجموعة موظفين عسكريين بدائية على المستوى الوطني وعلى مستوى المحافظات من خلال المجالس العسكرية. والقضية الأساسية الآن هي تنسيق أنشطة هذه المجالس مع الألوية.

بدأت عملية توحيد الجماعات المسلحة في صيف العام 2012. اجتمعت كتائب الشمال يوم 18 تموز/يوليو، بمبادرة منها، وأنشأت لواء التوحيد لمهاجمة حلب. وكانت بعض الألوية الأخرى موجودة من قبل، ولكن لواء التوحيد هو الأول الذي يمتلك قيادة موحّدة.16  في أعقاب ذلك، تجمعت العديد من الكتائب لتشكيل ألوية أو الانضمام إلى الألوية القائمة. وبهذه الطريقة، جمّعت الكتائب مواردها البشرية والمادية والمالية. وترافق إنشاء وحدات أكبر حجماً أيضاً مع المحاولات الأولى التي بذلت لتنظيم وضع المقاتلين، حيث تم توزيع بطاقات الهوية، فضلاً عن ارتداء الشارات والزي الرسمي فيما ندر.

 مع ذلك، لم يؤدّ إنشاء الألوية إلى قيام تنسيق تكتيكي وإستراتيجي. وبسبب افتقارهم إلى التدريب المتخصّص، لايزال المتمرّدون غير قادرين على توحيد قواتهم بفعّالية والقيام بعمليات عسكرية منسّقة.

لواء التوحيد والإبداع المؤسّسي17

منذ تأسيسه في 18 تموز/يوليو 2012، كان لواء التوحيد في طليعة عملية بناء الدولة، ما أضفى الشرعية على موقعه المهيمن حالياً في أوساط المعارضة. وكان أول لواء يوحّد الكتائب تحت قيادة قائد عسكري هو عبدالقادر صالح، وزعيم سياسي هو عبدالعزيز السلامة.

 يضمّ اللواء، الذي تشكل من مجموعة أساسية من المقاتلين من معرّة النعمان، عشرات الكتائب. عدد مقاتلي اللواء غير مؤكّد، ولكن من الواضح أنه أكبر هيئة من هذا القبيل. ولواء التوحيد موجود في معظمه في محافظة حلب، على عكس الألوية الأخرى، مثل لواء شهداء سورية ولواء الفاروق ولواء أحرار الشام، التي تقاتل في جميع أنحاء سورية.

يتعيّن على لواء التوحيد أن يواجه تحدّيات ترتبط بنموّه: زيادة عدد المقاتلين وتوسيع مسرح عملياته. ومن خلال التشجيع على إنشاء مؤسّسات مركزية، يريد قادته، أولاً وقبل كل شيء، كبح الانتهاكات التي يرتكبها مقاتلوه. وبالتالي فقد أسّس لواء التوحيد مكتب الأمن الثوري وقاد عملية تأسيس محكمة مجلس القضاء الموحّد. ورغم ذلك تم اتهام لواء التوحيد باقامة علاقات غامضة مع هذه المؤسّسات، والتي يستغلّها للسيطرة على الألوية الأخرى.

 إضافة إلى ذلك، منذ آذار/مارس 2012، دعمت الدول الغربية ودول الخليج عملية التنسيق من أعلى، والتي تعزّز عملية المركزة التي بدأت مع تأسيس الألوية.18على الصعيد الوطني، وبعد اجتماع 550 من الضباط السابقين والقادة العسكريين للجيش السوري الحر، تم تشكيل مجلس عسكري وخمس مناطق عسكرية في كانون الأول/ديسمبر لتنسيق العمليات. ويهيمن على هذا الهيكل الذي يتّخذ من تركيا مقرّاً له، ضباط محترفون انضموا إلى حركة التمرّد.19

 في كل محافظة، تم تأسيس المجالس العسكرية لدمج الوحدات عمودياً. وهي تجمع بين ممثّلي الألوية الرئيسة في المحافظة وعدد قليل من الضباط العاملين الذين يقودون التشكيل بصورة رسمية لكن تأثيرهم عليه محدود. والواقع أن المجالس العسكرية لاتملك قوات فعلية خاصة بها، حيث يقتصر دورها أساساً على تقديم المشورة للألوية في إعداد العمليات العسكرية وتنظيم الاجتماعات التنسيقية. ولتجنّب حدوث صراعات بين الألوية، مثل تلك التي وقعت في أعقاب الاستيلاء على أكاديمية المشاة العسكرية، استضاف المجلس العسكري في حلب اجتماعاً في كانون الثاني/يناير 2013 لتحديد شروط تقاسم الغنائم بعد أن يستولي المتمردون على مطار منّغ قرب أعزاز.

 يزيد تأثير المجلس العسكري في حلب كلما وزّع الذخائر أو دفع رواتب مقاتليه (كما حدث في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، عندما دفع لهم 150 دولاراً – أي مايعادل متوسط راتب موظف مدني شهرياً). ويعدّ المتحدث الرسمي باسم المجلس العقيد عبدالجبار محمد العكيدي، شخصية معروفة في الجيش السوري الحر حيث يظهر بانتظام على قناة الجزيرة. ولكن سلطة المجلس العسكري اليومية على متابعة الحرب ضعيفة.20

 تواصلت عملية دمج المقاتلين في وحدات أكبر مع تشكيل الفرق، حيث جرى تجميع الموارد الطوعية للألوية بضغط من المستويات العليا. وقد تم تشكيل فرقة في محافظة إدلب ومن المتصور تشكيل فرقة أخرى لمحافظة حلب. وتعمل كلتا الفرقتين في جميع أنحاء المحافظة على مستوى مماثل للمجلس العسكري، والذي سيصبح بعد ذلك هيكل القيادة الطبيعي.

إذا لم يلعب الضباط المحترفون دوراً أقوى في الأشهر المقبلة، فمن الممكن أن يزيد تشكيل الفرق من حدّة التوتّر بين قادة الألوية الذين لازالوا الطرف الأكثر نفوذاً داخل المجالس العسكرية.

ضبط الجيش الحر

بعد الاستيلاء على العديد من المدن، أصبحت الممارسات اللصوصية والجشعة أكثر شيوعاً، مايقوّض شرعية الانتفاضة. في البداية، حظيت الكتائب بدعم من مجتمعاتها المحلية، وذلك باستخدام المعدات التي استولت عليها من الخصم. وبعد أن تزايد عدد المقاتلين وحجم الجبهات، يتعيّن على الميليشيات الآن إيجاد موارد بديلة من أجل الاستمرار في العمل. وفي ظل عدم وجود نظام للضرائب تقريباً، اضطرّ المقاتلون إلى طلب المساعدة الخارجية والبحث عن سبل للاعتماد على القطاعات المحلية، ما أدّى إلى قطيعة بينهم وبين السكان المدنيين على نحو متزايد.

لكن يجب التخفيف من وقع هذه الممارسات. ووفقاً لمعظم الروايات فإن السكان لهم الحرية في انتقاد المقاتلين علناً دون الخشية من معاملتهم بصورة سيئة. وتحدث أعمال النهب فقط في المناطق التي فرّ منها السكان بسبب عمليات القصف التي يقوم بها النظام. وفي نهاية المطاف، لم تعد هذه السلوكيات تتم على نطاق واسع؛ بل على العكس من ذلك، جرت محاولات لفرض النظام في الأشهر الأخيرة.

 في آب/أغسطس 2012، شكّل عبدالعزيز السلامة وعبدالقادر صالح، القائدان السياسي والعسكري للواء التوحيد، مكتب الأمن الثوري للحيلولة دون إنشاء معاقل واستغلال السكان. ولدى المكتب الجديد، الذي أنشئ في مدينة الراي بمساعدة من حركة المحامين الأحرار، سجن ومركز معلومات ومحكمة. وتتوفّر المدينة الواقعة على بعد بضع مئات من الأمتار من الحدود التركية، على ميزة كونها بعيدة عن مناطق القتال والغارات الجوية، وهو مايمكّن المتمردين من العمل بحرية نسبية. وتم إنشاء مكتب آخر في حي هنانو في حلب، وجرى تحديد الولاية الإقليمية له. يتعامل مكتب حلب مع المدينة ومكتب الراي مع المناطق الريفية.

 في خريف العام 2012، تم التوصل إلى اتفاق مع الألوية الأخرى تم بموجبه منح مكتب الأمن الثوري سلطات أوسع، فجرى إنشاء وحدة عسكرية خاصة للمكتب، وهي تتكوّن من مقاتلين من كل لواء يبقون أعضاء في وحداتهم الأصلية كذلك. عند الضرورة، يمكن لمكتب الأمن الثوري أيضاً الاعتماد على التعزيزات، وخصوصاً من لواء التوحيد. ومنذ تأسيسه في آب/أغسطس 2012، ألقى المكتب القبض على مقاتلين وكذلك قادة كتائب وألوية. غير أن استخدام القوة لفرض الأمن لايزال نادراً للغاية، والمفاوضات هي القاعدة. وعموماً يستغلّ مكتب الأمن الثوري ميزان القوى بين الجماعات المسلحة، حيث لايزال التدخّل ضد الكتائب القوية نادراً.

 بعد أن ازداد قوة في الأشهر الأخيرة من العام 2012، أصبح مكتب الأمن الثوري هدفاً للانتقادات. فقد اتهمه المقاتلون والمدنيون بأنه جهاز أمن بدائي للواء التوحيد.21  والواقع أن مكتب الأمن الثوري أصبح قوة شرطة عسكرية ومدنية، وجهازاً لمكافحة التجسّس، والمسؤول عن التحقيق مع الفارّين على وجه الخصوص.

 مكّنت مشاعر السخط هذه مجلس حلب الانتقالي من تحقيق النجاح في قبول فكرة إنشاء قوة شرطة مدنية. ومن خلال تخصّصه في الحالات التي تشتمل على مقاتلين، أصبح مكتب الأمن الثوري الآن، والذي أعيدت تسميته بالشرطة العسكرية، أداة انضباط داخلي للجيش السوري الحر. وقد تعزّزت سلطة الشرطة العسكرية عن طريق تأسيس محكمة عسكرية في الوقت نفسه، ضمن محكمة المجلس القضائي الموحد في حلب، لها قانونها المخصّص وموظفوها.22

كبح جماح أحد الألوية23

أنشأ عمار داديخي قائد لواء عاصفة الشمال، إقطاعية حقيقية في بلدة أعزاز وضواحيها. إذ استولى على عائدات مركز جمارك باب السلام، وباع السجناء، وحاول الاستيلاء على المطار لمصادرة الرسوم التي يتم تحصيلها مستقبلاً. كانت قوة الشرطة تتألف من رجاله السابقين، وسيطر داخيخي على المساعدات من خلال مكتب الإغاثة التابع له. كما اتّخذ إجراءات صارمة بحق كل أطياف المعارضة. وهكذا، عندما تبيّن في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 أن الناشطين الشباب العاملين في مركز أعزاز للمعلومات مستقلون للغاية، قام داخيخي بوضع حدّ لأنشطتهم وكلّف الجهاز الفني بتشكيل مركز معلومات خاص به في باب السلام، في مبنى مجاور لمقرّه.

 ردَّ قادة الألوية الأخرى، بدءاً من لواء التوحيد، على هذا الاستعراض للقوة. تدخّل مكتب الأمن الثوري في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، وربما كان هذا أهمّ تدخّل له حتى الآن. تم حشد مئات وربما آلاف الرجال المزودين بأسلحة ثقيلة. وأرغم داخيخي على قبول الاتفاق الذي وقّعه مع عبدالعزيز السلامة وعبدالقادر صالح (قائدا لواء التوحيد)، والعقيد عبدالجبار محمد العكيدي (القائد السابق لكتيبة عمرو بن العاص، التي استولت على باب السلام، وأحد أعضاء المجلس العسكري في حلب)، والشيخ أحمد فياض (وهو قاضٍ في مكتب الأمن الثوري).

 نصّ الاتفاق على خفض الرسوم الجمركية من 300 إلى 100 ليرة سورية للشخص الواحد ومن 750 إلى 500 ليرة للمركبة الواحدة، مع تقديم إعفاءات مختلفة ونشر الرسوم بصورة علنية، ونقل لواء داخيخي من أعزاز، وإنشاء مؤسّسات مدنية (مجلس مدني ومحكمة وقوة للشرطة)، والإفراج عن السجناء الـ 64 المحتجزين من دون أحكام في سجن داخيخي. وقد احترم داخيخي التزاماته ولكنه تمكن من تأمين انتخاب أصدقائه لعضوية مجلس المدينة، حيث لايزال الشخصية المسيطرة في المدينة مع أنه تم إضعافه.

عقبتان في طريق الاحتراف

ثمّة عقبتان تقفان في طريق بناء الجيش: أولاً، انقطاع الاتصال بين أعضاء الألوية الذين يتمتّعون بالشرعية الثورية، والثاني، القيادة العليا المؤهّلة أكثر من الناحية الفنية، وعدم وجود رواتب لدفعها للمقاتلين.

 يهيمن الضباط العاملون على المجالس العسكرية، في حين يتولّى قيادة الألوية مدنيون تمت تعبئتهم خلال الثورة. وبسبب افتقارها إلى موارد خاصة بها، تجد المجالس العسكرية نفسها في موقع ضعف في علاقاتها مع الألوية. فقبل معركة حلب، عارض الضباط ممن كانوا أعضاء في المجلس العسكري مهاجمة المدينة.24  ومع ذلك، ونظراً لعدم وجود سلطة لهم على الألوية، ولاسيما لواء التوحيد، فقد أُجبِروا على دعم العملية التي اعتبروا أنه ستكون لها عواقب وخيمة، وكانوا محقّين في ذلك.

 خلال مؤتمر أصدقاء سورية في الأول من نيسان/أبريل، 2012، تم الإعلان أنه سيتم دفع رواتب للمقاتلين، وتم توزيع مبلغ 150 دولار أميركي لمرة واحدة، في تشرين الثاني/نوفمبر 2012. 25 من الناحية النظرية، الألوية مستمرة في دفع رواتب المقاتلين، ولكن يحدث هذا غالباً بشكل غير منتظم أو لايتم على الإطلاق. هذه المسألة محورية لأن لها تأثيراً على ولاء المقاتلين للمؤسّسات.

المفسدون

ثمّة جهتان فاعلتان تعرقلان إنشاء مؤسّسات جديدة: جبهة النصرة، وهي جماعة إسلامية متشدّدة، وحزب العمال الكردستاني، وهو حركة انفصالية تطالب بالحقوق السياسية الكردية في تركيا. بدلاً من دعم تشكيل دولة سورية جديدة، تعكف هاتان الحركتان على تطوير هياكل سياسية وعسكرية خاصة بهما لخدمة مشاريعهما الثورية. ويختلف هذان التنظيمان عن غيرهما من الجهات الفاعلة في المشهد السياسي السوري في عدد من الجوانب.

 في تناقض مباشر مع روح الوحدة التي سادت في الأشهر الأولى من الاحتجاجات في الشوارع، تهيّج المخاوف العرقية أو الدينية هذه الحركات بشكل واضح. في حالة جبهة النصرة، ترفض الهوية السنّية، التي تشكّل جوهر هذا التنظيم السياسي، غير المسلمين ولاسيما العلويين، الذين لايعتبرون مسلمين ولا أهل كتاب (المسيحيون واليهود).26  وبالنسبة إلى حزب العمال الكردستاني، وذراعه السورية المحلية، حزب الاتحاد الديمقراطي، فإن الهوية الكردية هي المعيار لتشكيل مجتمع منفصل في منطقته، سواء كان مجتمعاً مستقلاً أو جزءاً من اتحاد فدرالي.

 وبناء على ذلك، لاتعترف جبهة النصرة وحزب العمال الكردستاني بالمؤسسات القانونية والإدارية التي يقيمها المتمردون. إذ تشارك جبهة النصرة في التنسيق العسكري لأسباب تكتيكية، ويحتفظ حزب العمال الكردستاني بموقف محايد بين الحكومة في دمشق وبين المتمردين.

 وأخيراً فإن لهاتين الحركتين شبكات عابرة للحدود الوطنية وأهدافاً هي التي تسيّر إستراتيجيتهما في سورية. وينتهج حزب العمال الكردستاني إستراتيجية إقليمية تركّز على تركيا؛ أما جبهة النصرة فهي جزء من الحركة الجهادية العالمية.

ثورة داخل الثورة

تطمح جبهة النصرة، التي ظهرت للمرة الأولى في كانون الثاني/يناير 2012، إلى اسقاط نظام بشار الأسد وإقامة نظام سوري قائم على الشريعة. لكن هذا ليس هو مايميّز الحركة عن باقي أطياف التمرّد. إذ يتم تقاسم وجهات نظرها بشأن الأسس الإسلامية للدولة وطريقة الحياة الأخلاقية على نطاق واسع.27  وفي شأن معظم القضايا، ولاسيّما تدمير الأضرحة والعقوبات المحدّدة في القرآن الكريم (الحدود)، فإن الفرق هو في الأساس من حيث الدرجة.

 لاتلفت جبهة النصرة الأنظار بسبب خطابها السلفي بل بسبب معارضتها لمشروع بناء الدولة. وتمشّياً مع إستراتيجيتها السياسية والعسكرية، فإن لديها محكمة للفصل في الأمور المدنية والعسكرية وسجن في قاعدتها في حلب.28  وفي المناطق الريفية تدعم جبهة النصرة أيضاً المحاكم المحلية التي تقاوم الاندماج في النظام القضائي المتكامل.29  وأخيراّ، فإن الحركة ترفض الانضمام إلى الجيش السوري الحر، لكن لديها مقعداً في المجلس العسكري.30

 يعود الفضل في هذا الاستقلال الذي تتمتّع به جبهة النصرة إلى التمويل الأجنبي والمقاتلين الذين تمرّسوا في الحرب ويشتركون في الإيديولوجية نفسها. وللحفاظ على هويتها، تسيطر جبهة النصرة بإحكام على عمليات تجنيد المتشدّدين. وعلى حدّ علم مؤلفي هذه الورقة، فالنصرة هي الحركة الإسلامية الوحيدة التي فرضت فترة تجريبية على مقاتليها. والأكثر من ذلك هو أنه يتعيّن على المقاتلين أن يقسموا (يبايعوا) على القتال في سورية وفقاً لقانون أخلاقي صارم، ولاسيّما في مايرتبط بعلاقاتهم مع السكان. وإذا ما اعتبر المقاتل لائقاً، فإن عليه بعد ذلك أن يؤدّي قسماً ثانياً لخدمة الجهاد العالمي.31  وتفيد جميع الروايات بأن صفوف جبهة النصرة تضم مقاتلين أجانب وسوريين ممن قاتلوا في الخارج، ولاسيما في العراق، لكن من الصعب تقدير عددهم بدقّة.32

 من الناحية العسكرية، ينظر إلى جبهة النصرة على أنها فعّالة ويشتهر مقاتلوها بالشجاعة. وتميّز الهجمات الانتحارية، التي تدعمها الجبهة، هؤلاء المقاتلين المتشدّدين عن مقاتلي الجيش السوري الحر.33  تحارب الجبهة على جميع الجبهات وتعمل على توسيع أنشطتها العسكرية والمدنية في جميع أنحاء سورية، لكنها ليست هي المهيمنة في هذه المرحلة في أي منطقة.

 في المناطق التي أجرى فيها مؤلّفو هذه الورقة مقابلات، تتمتّع جبهة النصرة بتعاطف حقيقي بين السكان العرب السنّة بسبب نزاهتها، والتي تتناقض مع سلوك جماعات معيّنة في الجيش السوري الحر. فهي تشارك في توزيع المساعدات ومعالجة المرضى والجرحى، وإيصال الغاز والنفط من مدينة الحسكة، وتوزيع الدقيق من الريف الشمالي. ويعدّ إشرافها على شحن السلع الأساسية أمراً حيوياً نظراً إلى أن ارتفاع أسعار الغاز يؤثّر على تكلفة السلع الاستهلاكية.

 وينسب الفضل إلى جبهة النصرة خصوصاً في وضع حدّ للفساد في عمليات توريد الدقيق. فقد كان لواء التوحيد يضطلع بهذه المهمة في السابق، لكنه لم يتردّد في تأمين أرباح كبيرة لنفسه ولم يكن يضمن أن تتم عمليات التسليم بصورة منتظمة. وبعد اندلاع الاحتجاجات على ذلك الوضع، أوكلت عمليات نقل الطحين في النهاية إلى جبهة النصرة، وهو ماساهم في خفض الأسعار وضمان توريد الطحين بشكل أكثر انتظاماً.34  جنت الجبهة فوائد سياسية هامة من هذه الإجراءات، خصوصاً أنها لم تستعن بمصادر خارجية لتنفيذ المهام المطلوبة كما تفعل المجموعات الأخرى عموماً.

حتى وقت كتابة هذه الورقة، تجنّبت جبهة النصرة إلى الآن، وبرويّة، عزل نفسها بطريقة من شأنها أن تؤدّي إلى تهميشها. وهناك تنسيق غير رسمي يظهر بين الحركات ذات التفكير المتشابه، مثل لواء أحرار الشام، ولواء حركة الفجر الإسلامي، ولواء صقور الشام، ولواء الإسلام.35  في الوقت الحاضر، أظهرت جبهة النصرة ضبط النفس. وهكذا، ففي حين تعارض من حيث المبدأ عبادة الأشخاص المثاليين شديدي التديّن (على غرار كل السلفيين)، يقول قادتها إن مسألة تدمير المقدسات وتطبيق العقوبات المنصوص عليها في باب الحدود الشرعية ستنتظر عملية الإصلاح المجتمعي.36

 عندما أضيفت جبهة النصرة إلى قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية في كانون الأول/ديسمبر 2012، وقفت الجماعات المسلحة الأخرى والسكان إلى جانبها.37  ومع ذلك، فإن الحركة ليست معزولة في تفسيرها للإسلام أو في موقفها السياسي. في الوقت الراهن، ربّما عزّزت المبادرة الأميركية شرعية الجماعة في سورية، ولاسيّما بالنظر إلى حقيقة أن الدول الغربية تتعرّض إلى الانتقاد بشكل منتظم بسبب عدم تقديمها الدعم للجيش السوري الحر.

تسخير الأكراد السوريين

حزب العمال الكردستاني لديه تاريخ طويل من التعاون مع نظام دمشق. فمنذ رحيله من تركيا في العام 1979 حتى أواخر تسعينيات القرن الماضي، كان المقرّ الرئيس لحزب العمال الكردستاني في سورية. وقد وفّرت الحرب الأهلية في سورية لحزب العمال فرصة لإعادة تثبيت نفسه في البلاد بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات.38

 عندما اندلعت التظاهرات واسعة النطاق في العام 2011، تمكّن حزب العمال الكردستاني من التفاوض مع دمشق على العودة إلى الأراضي الكردية مقابل اتّخاذ موقف محايد بشأن حركة الاحتجاج. والواقع، أن الحكومة السورية تعاقدت مع حزب العمال الكردستاني من الباطن لقمع التظاهرات كجزء من إستراتيجيتها لإثارة الانقسامات الطائفية.39  وفي المقابل، لم تعد قوات الأمن تتدخّل في المناطق الكردية الثلاث في شمال سورية بعد ربيع العام 2011. وظلت قوات النظام قابعة في ثكناتها حتى 19 تموز/يوليو 2012، عندما دفع استيلا الجيش السوري الحر على جزء كبير من شمال سورية النظام إلى إخلاء المناطق الكردية لحرمان الجيش الحر من أي ذريعة للتدخّل.

 استولى حزب العمال الكردستاني على الفور على مقاليد السلطة من النظام. حدث هذا التحوّل الذي تم إعداده بعناية من دون عنف في الجيوب الشمالية، حيث لم يتم تدمير المدن الكردية. في حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب كان الوضع مختلفاً، بسبب عمليات التوغل التي يقوم بها النظام، والسيطرة الجزئية من جانب حزب العمال الكردستاني، والاشتباكات التي تحدث في بعض الأحيان.

جدّد حزب العمال الكردستاني حضوره قبل غيره من الجماعات الكردية السورية مستفيداً من دعم دمشق. وبوجود مقاتلين متشدّدين من ذوي الخبرة في صفوفه وهيكل فعّال عابر للحدود القومية، تمكّن الحزب من السيطرة في الجيوب الكردية. ومن خلال استخدام العنف المستهدف همّش حزب العمال الكردستاني الأحزاب الكردية الأخرى، والتي كانت منقسمة جداً وليس لديها تنظيم عسكري.40  والواقع أن اتفاقات أربيل التي تم التوصّل إليها بوساطة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، أفادت حزب العمال الكردستاني.

المجلس الوطني الكردي في سورية41

يقف المجلس الوطني الكردي في سورية حالياً في طريق مسدود. إذ تحظر عليه سياسة حزب العمال الكردستاني ممارسة أي عمل في المناطق الكردية، كما أن مواقفه تهمّشه في الثورة السورية. ويضمّ المجلس الذي تشكّل في 26 نشرين الأول/أكتوبر 2011، في مدينة القامشلي، ستة عشر كتلة سياسية وعدداً قليلاً جداً من المسلّحين. وهو يمثّل، إلى ذلك، لجنة تنسيق فضفاضة أكثر منه هيكلاً سياسياً موحّداً.

 وبسبب عدم وجود موارد خاصة بهم، يعتمد أعضاء المجلس الوطني الكردي على الدعم المقدم من مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق. حاول بارزاني مكافحة النفوذ المتنامي لحزب العمال الكردستاني بواسطة اتفاقات أربيل التي وقعها المجلس الوطني الكردي في سورية والحزب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني في 11 تموز/يوليو 2012، وتم تجديدها في أيلول/سبتمبر 2012. يدعو الاتفاق مختلف الجماعات الكردية إلى تقاسم السلطة في المناطق الكردية، ولاسيّما من خلال إنشاء قوات أمنيّة مشتركة. بيد أن تنفيذ الاتفاق واجه مقاومة من حزب العمال الكردستاني الذي يعتبر الطرف المهيمن عسكرياً والمدعوم بشكل غير رسمي من النظام السوري.

 بسبب اعتماده على كردستان العراق، ينخرط المجلس الوطني الكردي في الخطاب القومي الكردي ويرفض الانضمام إلى الائتلاف الوطني. المجلس الوطني الكردي غير موثوق في نظر كل السكان الأكراد السوريين والجماعات المتمرّدة، والتي لاتفهم تماماً كيف تجري هذه اللعبة القومية الكردية في الوقت الذي لاتملك أي جماعة سلطة حقيقية.

 من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي والحركة الاجتماعية الديمقراطية، وهي تحالف من الجمعيات الأهلية، يمتلك حزب العمال الكردستاني شركاء مؤسّسيين يخوّلونه إدارة الجيوب الكردية. ويتحدّث القادة المحليون عن هذه المنظمات بوصفها “تعبير عن الشعب”،42  مع أن حزب العمال الكردستاني يسيطر بشكل مطلق على هذا التحالف ذي المظهر الخادع. وهو يفرض خطّه السياسي، ويموّل العمليات، ويسيطر على تجنيد الأعضاء بشكل وثيق. يتم تدريب هؤلاء الأعضاء على يد كوادر الحزب السابقين من سورية، أو الذين عادوا من الخارج. وبهدف تنظيم الدفاع عن المناطق الكردية، أنشأ حزب العمال الكردستاني قوة دفاع ذاتي، تتمثّل في وحدات الدفاع الشعبية المؤلفة من مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين تمرّسوا في الحرب. ولدى هذه الوحدات نظام للتجنيد ينطبق على جميع السكان الذكور وجزء من الإناث؛ حيث يُطلَب إلى الجميع القيام بواجب الحراسة على طول حدود الجيوب الكردية.

 منذ تموز/يوليو 2012، يعمل الحزب على تحويل هذه المناطق إلى ملاذات وعلى تطوير المؤسّسات المدنية.43  ولكن إستراتيجية حزب العمال الكردستاني للحكم الذاتي تواجه عقبتين. أولاً، معظم السكان الأكراد يعيشون في ثلاثة جيوب لاتشكّل إقليماً موحّداً (انظر الخريطة). إضافة إلى ذلك، فإن مايقرب من نصف السكان الأكراد يعيشون في حلب ودمشق، في الأحياء التي تصعب السيطرة عليها للغاية. ثانياً، تعتمد المناطق الكردية على المناطق العربية لتوريد المواد الغذائية والطاقة.

 يعتبر حزب العمال الكردستاني الحرب الأهلية في سورية جزءاً من الصراع الإقليمي الذي تدور رحاه في سورية والعراق وإيران وتركيا على وجه الخصوص. فقد أصبحت المناطق الخاضعة إلى سيطرة حزب العمال الكردستاني في سورية مرة أخرى ملاذات لمقاتليه.44  كما أصبحت المناطق الكردية في سورية مصدراً للدخل بالنسبة لحزب العمال من خلال مساهمات إلزامية من الشركات الكبرى واستغلال الأراضي المملوكة للدولة، بما فيها الغابات.

 استكمل حزب العمال الكردستاني قطيعته مع التمرّد ولكنه يتعايش مع الجيش السوري الحر، الذي لايفرض أي حظر عليه. ومع ذلك تحدث اشتباكات متكرّرة في مركز رأس العين الحدودي وفي الأحياء الكردية في حلب.

ازدياد الخلافات المجتمعية

إذا ماتعمّم الانقسام السياسي الذي تجسّده هذه القوى المفسدة، فسيؤدّي إلى اندلاع الأعمال القتالية على نطاق واسع، كما رأينا في لبنان في سبعينيات القرن الماضي وأفغانستان في تسعينياته. في هذه الحالة، قد يبقى النظام دمشق على قيد الحياة كقوة إقليمية، ولن يضع سقوطه حدّاً للحرب الأهلية. أما إذا اصطفّت الوحدات العسكرية مع الأحزاب السياسية، فستصبح عملية التحوّل إلى اللامركزية أمراً لامفرّ منه. وثمّة سباق يجري بين بناء الدولة والانقسام.

نهاية الوحدة بشأن القضية المشتركة التي اتّسمت بها المرحلة السلمية للثورة أدّت بصورة مباشرة إلى حدوث خلافات داخل المعارضة السورية. ثمّة مشهد سياسي يتشكّل من جديد في سورية.45  وهذه التغييرات إيجابية في حدّ ذاتها، لأنها جزء من عملية تجديد مجتمع متنوّع وتعدّدي. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي ظهور الأحزاب السياسية إلى تشكيل أطراف سياسية وعسكرية فاعلة، مايحول دون دمج المقاتلين في جيش وطني.

 تفاقمت التوتّرات الطائفية بشكل حادّ بسبب الحرب الأهلية. إذ غادر العلويون المناطق التي استولت عليها الانتفاضة، وهم يواجهون انعدام الثقة من جانب المتمرّدين. كما تطرّف الخطاب ضد الطائفة العلوية المتّهمة بأنها مرتبطة بالنظام، ويعدّ وضعها الديني مثيراً للجدل. فضلاً عن ذلك، إن العلاقات بين العرب والأكراد وبين السنة والشيعة آخذة في التدهور. وبينما لايزال الأمر نادر الحدوث، فإن العنف الطائفي يمكن أن يزداد سوءً نتيجة الاستفزازات التي يقوم بها النظام في دمشق والحركات الإسلامية الراديكالية.

 وأخيرا، يمكن أن يشجّع التمويل الدولي على حدوث انقسام سياسي. فتقديم المساعدات المباشرة إلى الألوية، بدلاً من المؤسسات الوطنية وتلك الموجودة في المحافظات، سيؤدّي إلى تعزيز إستراتيجيات التحوّل إلى اللامركزية، في حين توفّر المساعدات الإنسانية المحلية للجماعات المسلحة وسيلة لتحقيق الاستقلالية. كل هذا يجعل محاولات المعارضة الهادفة إلى تشكيل هيئات وطنية موحّدة، مثل المجالس العسكرية والمدنية والمحاكم، أكثر هشاشة.

دور المعونات الدولية

يبدو زخم بناء الدولة واهياً؛ حيث قد يكون للمساعدات الخارجية أثر حاسم على هذه العملية. وإذا ماتم توجيه العملية بالشكل الصحيح، فإنها يمكن أن تعزّز المؤسسات الوليدة وتحول دون حدوث انقسام سياسي. والفرصة أمام الدول الغربية محدودة نسبياً للتأثير على تشكيل هياكل المتمردين. في غضون بضعة أشهر، ربما تصبح بعض الظواهر نهائية ولارجعة فيها.

 يجب أن تتجنّب الإجراءات الدولية في المقام الأول إثارة الانقسامات داخل التمرد. إذ سيكون من مساوئ التدخّل على الأرض – بصرف النظر عن كونه غير وارد للغاية في هذه المرحلة – وقف زخم بناء الدولة. وبناء على ذلك، سوف تتفاقم الانقسامات السياسية، وسيزداد خطر انهيار الجيش السوري الحر بشكل كبير – الجهة الوحيدة القادرة على تجنّب حصول معارك داخلية – وكذلك المؤسّسات الناشئة الأخرى في مواجهة تزايد الانقسامات.

في المقابل، تحظى فكرة إقامة منطقة حظر جوي فوق المناطق الواقعة خارج سيطرة النظام في دمشق بدعم دولي. فهي ستسهّل تطوير مؤسّسات جديدة. وستكون آثارها مختلفة، وهذا يتوقّف على ما إذا كانت لاتغطي سوى منطقة الشمال أو سورية كلها. وفي حال غطّت منطقة الحظر الجوي كل سورية، فقد ينهار النظام قبل أن يصبح التمرد قادراً على حكم البلاد، مايجعل من الضروري أن يساعد المجتمع الدولي في عملية بناء الدولة.

 يبقى نظام بشار الأسد صامداً وذلك أساساً بسبب ضعف جيش التمرّد، وحدوث تحسّن طفيف في عمليات الجيش الحر يمكن أن يعود بنتائج مذهلة. ولكي يحدث هذا، فإن الأولوية لاتكمن في تسليح الجيش الحر بقدر ماتكمن في إنشاء سلك للضباط. هناك بالفعل مدربون عسكريون في تركيا؛ ويمكن وضع برامج لملء الفجوة بين الضباط العاملين والقادة الذين انبثقوا من الثورة. إضافة إلى ذلك، إن من شأن دفع الرواتب بصورة منتظمة أن يسرّع تحوّل التمرّد إلى جيش وطني.

كمية المساعدة التي توجّه إلى المدنيين في الوقت الحالي منخفضة نسبياَ. ومع ذلك يجب ألا تزيد المساعدات في استقلال الألوية وتسهم في الانقسام السياسي، وهو ماحدث في أفغانستان. وللحيلولة دون حدوث ذلك، يجب أن يكون الائتلاف الوطني، الذي تم تثبيته كحكومة مؤقتة، مسؤولاً عن عمليات التنسيق وتخصيص الموارد. إذ يسلّط سوء تنظيم المؤسّسات – بما في ذلك مؤسّسات المجتمع المدني، الضوء على الحاجة إلى التمويل المتناسب الذي يزداد بشكل منتظم. فضلاً عن ذلك، فإن وجود المنظمات الإنسانية على أرض الواقع مهم كدليل على الدعم الغربي، ومن المؤسف أن مدينة مثل حلب، حيث الوضع الأمني جيد نسبياً، ليس فيها منظمات غير حكومية متخصّصة في تقديم المساعدات في حالات الطوارئ.

 وأخيراً، وبتمويل متواضع نسبياً، يمكن وضع الأساس لمصادر معلومات مستقلّة عن الوحدات العسكرية. ، فمن شأن التمويل الأساسي المقدّم من الشركات الإعلامية المساعدة في حفز إنشاء صحافة مستقلّة وشبكات تلفزيونية وإذاعية في سورية، أكثر من المعدات والمشورة الفنية. يمكن لهذه الوسائل الإعلامية نقل مطالب الناس، وخلق منبر للمناقشة، ونبذ العنف ضد المدنيين، وخصوصاً العنف ذو الطابع الطائفي. فالناشطون الشباب الذين كانوا في مركز الاحتجاجات السلمية يمكن أن يشكّلوا ثقلاً موازناً للقوات المسلحة والأحزاب السياسية.46

يتوقّف مستقبل حركة المعارضة على قدرة المتمرّدين على تشكيل دولة سورية جديدة في المناطق التي يسيطرون عليها. وبما أن هذا الجهد يتعرّض إلى الخطر بسبب زيادة الانقسام السياسي والتوتّر الطائفي، بما في ذلك إنشاء أطر مؤسّسية موازية منافسة، فإن الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة. ويمثّل إعلان الائتلاف الوطني تشكيل حكومة انتقالية خطوة إيجابية نحو ضمان السيطرة على المساعدات المالية المقدمة إلى التمرد والمؤسّسات الوليدة. إذ لايتطلب بناء دولة في أتون حرب أهلية وحدة على الأرض وحسب، لكنه يتطلّب أيضاً دعماً قوياً من الخارج.

قائمة المراجع:

Bolling, Jeffrey. “Rebel Groups in Northern Aleppo Province.” Institute for the Study of War, August 29, 2012.

Fitzgerald, Mary. “The Syrian Rebels’ Libyan Weapon.” Foreign Policy, August 9, 2012.

 Harling, Peter. Syria’s Kurds: A Struggle Within a Struggle. International Crisis Group Middle East Report no. 136, January 22, 2013.

 ———. Tentative Jihad: Syria’s Fundamentalist Opposition. International Crisis Group Middle East Report no. 131, October 12, 2012.

 ———. Syria’s Mutating Conflict. International Crisis Group Middle East Report no. 128, August 1, 2012.

 ———. Popular Protest in North Africa and the Middle East (VII): The Syrian Regime’s Slow-motion Suicide. International Crisis Group Middle East/North Africa Report no. 109, July 2011.

 ———. Popular Protest in North Africa and the Middle East (VI): The Syrian People’s Slow Motion Revolution. International Crisis Group Middle East/North Africa Reports no. 108, July 2011.

 Holliday, Joseph. Syria’s Maturing Insurgency. Middle East Security Report 5, Institute for the Study of War, June 2012.

 ———. “Syria’s Armed Opposition.” Middle East Security Report 3, Institute for the Study of War, March 2012.

 Lund, Aron. “Divided They Stand. An Overview of Syria’s Political Opposition Factions.” Foundation for European Progressive Studies, August 2012.

 ———. “Syrian Jihad,” UIbrief no. 13. Swedish Institutes of International Affairs, September 14, 2012.

 O’Bagy, Elizabeth. “Jihad in Syria,” Middle East Security Report 6, Institute for the Study of War, September 2012.

 ———. “Syria’s Political Struggle: Spring 2012.” Backgrounder, Institute for the Study of War, June 2012.

———. “Syria’s Political Opposition.” Middle East Security Report 4, Institute for the Study of War, April 2012.

al-Haj, Salih Yassin. “The Syrian Shabiha and Their State.” Heinrich-Böll-Stiftung—Middle East Office, April 2012.

نبذة عن المؤلّفين:

آدم باتزكو: مرشح لنيل درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من كلية الدراسات العليا (باريس). يركّز في أبحاثه على العدالة خلال الحروب الأهلية.

 جيل دورونسورو: أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس – السوربون، وباحث غير مقيم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

 آرثر كويسناي: مرشح لنيل درجة دكتوراه من جامعة السوربون، ويركّز في أبحاثه على التنظيم الاجتماعي والسياسي في كركوك.

هوامش:

  1. حوارات مع مشاركين في التظاهرات التي بدأت في آذار/مارس 2011 في أحياء مختلفة من مدينة حلب، وفي الباب وأعزاز ومارع وعندان وتل رفعت وأخترين والسفيرة          وحمص وإدلب وعفرين وكوباني والقامشلي. لتحليل المرحلة الأولى من التظاهرات، أنظر:

Peter Harling, “Popular Protest in North Africa and the Middle East” (VI), The Syrian People’s Slow Motion Revolution  ,    International Crisis Group Middle East/North Africa Report no. 108, July 2011.

         أنظر أيضاً:

   Aron Lund, Divided They Stand: An overview of Syria’s political opposition factions (Brussels: Foundation for European Progressive Studies, May 2012), 28–38.

    Joseph Holliday, “Syria’s Maturing Insurgency,” Middle East Security Report 5, June 2012, 7 .2.

    3. عين العرب وكوباني وأربيل (العراق). ملاحظاتنا محدودة بسبب الطبيعة المحلية للتنظيمات المتمردة في كثير من الأحيان. ومع ذلك، فإن قدرة التمرد على الانخراط في             بناء الدولة هي الأقوى إلى الشمال من حلب، في مناطق بعيدة الآن عن العمليات القتالية.

    4.“Avant la réunion de Paris, la Coalition Nationale syrienne presse le pas,” January 21, 2013, Le Monde Syria blog, http://syrie.blog.lemonde.fr/2013/01/21/avant-la-reunion-de-paris-la-coalition-nationale-syrienne-presse-le-pas

    5.حوارات مع مسؤولي النظام في محافظة حلب، كانون الأول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013.

    6. الملاحظات الشخصية للمؤلفين في المحاكم والمجالس المدنية لمحافظة حلب، كانون الأول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013.

    7. الملاحظات الشخصية للمؤلفين وحوارات مع أعضاء محكمة المجلس القضائي الموحد في حلب ومحكمة الباب والمجلس المدني في مدينة الباب في كانون الأول/ديسمبر              2012 وكانون الثاني/يناير 2013.

    8. الملاحظات الشخصية للمؤلفين وحوارات مع الموظفين والمتقاضين في محاكم في محافظة حلب، كانون الأول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013.

    9. رسالة شخصية من فيلكس لوغران، باريس، كانون الثاني/يناير 2013. أنظر أيضاً موقعَيهم،

      www.facebook.com/AleppoFreeLawyers.official

      www.facebook.com/freesyria.1

    10.تنقسم المجالس المدنية إلى إدارات هي: الصحة والخدمات والشؤون القانونية والتعليم والإعلام والمحاسبة والشرطة. حوارات مع مختلف أعضاء المجلس المدني في محافظة        حلب كانون الأول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013.

    11. حوارات مع السكان وأعضاء في المجالس المدني لمدينة الباب ومارع والري، كانون الأول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013.

    12.حوارات مع السكان وأعضاء في المجالس المحلية في أعزاز والسكري والأنصاري، كانون الأول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013. ومع ذلك، جرت انتخابات         في بعض البلدات مثل جبل الزاوية وسلقين.

    13. الأبنية التي تشغلها المؤسّسات الجديدة لايتم قصفها قط، مع أنها تكون أهدافاً سهلة للغارات الجوية. وهذا يقود المرء إلى افتراض وجود اتفاق، وإن كان ضمنياً، بين النظام          والمتمردين (أو الدول التي تدعم التمرد)، مشاهدات تمت في حلب في كانون الثاني/يناير 2013.

    14.حوار مع أعضاء المجلس المدني في مدينة الباب، كانون الثاني/ يناير 2013.

    15.حوار مع ضابط في أحد مقرات الشرطة، ونائب لقائد الشرطة في حلب وقائد الشرطة في أعزاز، كانون الثاني/يناير 2013.

  16. Peter Harling, Tentative Jihad: Syria’s Fundamentalist Opposition, International Crisis Group Middle East Report  o. 131, October 12, 2012, 26.

   17. حوارات مع عدد من القادة والمقاتلين في الجيش السوري الحر، وخصوصاً من لواء التوحيد، في كانون الأول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013. للحصول على            المزيد من التحليلات التفصيلية لهذا اللواء، أنظر:

      Harling, Tentative Jihad, 26; Jeffrey Bolling, “Rebel Groups in Northern Aleppo Province,” Institute for the Study of War, August 29, 2012, 4; and Aron Lund, “Syrian Jihadism,” Swedish Institute of International Affairs, Uppsala, August 2012, 16–17.

   18.مجموعة أصدقاء سورية هي مجموعة اتصال أُسِّسَت في شباط/فبراير 2012 وتتألف من 70 دولة. وهي تجتمع بصورة منتظمة لبحث تقديم الدعم للمتمردين وفرض             عقوبات على النظام في دمشق.

   19.“Syrian Rebels Create New Unified Military Command,” Huffington Post, December 8, 2012, www.huffingtonpost.com/2012/12/08/syria-rebels-military-council_n_2263256.html.

  20.للحصول على معلومات عن التوترات بين لواء التوحيد والضباط المحترفين في المجلس العسكري في حلب، أنظر:

http://online.wsj.com/article/SB10000872396390444082904577608613073062158.html

  21. حوارات مع مدنيين ومقاتلين من ألوية مختلفة تنشط في محافظة حلب، كانون الأول/دسيمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013.

   22.حوارات مع أعضاء في محكمة المجلس القضائي الموحد في حلب والمجلس المدني ومحكمة الراي، كانون الثاني/يناير 2013.

   23. حوارات مع أعضاء مكتب أمن الثورة في الراي، وأعضاء المجلس العسكري في حلب، والسكان والمجلس المدني في أعزاز وباب السلام، كانون الأول/ديسمبر 2012             وكانون الثاني/يناير 2013.

   24.حوارات مع أعضاء المجلس العسكري في حلب، كانون الثاني/يناير 2013. أنظر أيضاً:

 Harling, Tentative Jihad, 26

   25.حوارات مع مقاتلين من ألوية مختلفة في محافظة حلب، أنظر أيضاً:

    “Opposition Says Syrian Rebel Fighters to Get Salaries,” BBC News, April 1, 2012

    www.bbc.co.uk/news/world-middle-east-17578248;

    “First ‘Pay Day’ for Syrian Rebels in Aleppo,” Al Arabiya News, October 23, 2010,

 http://english.alarabiya.net/articles/2012/10/23/245483.html.

   26.تشير المجموعة بصراحة إلى السنّة على أنهم مجموعة هوية عندما تتحمّل مسؤولية الهجمات؛

http://english.alarabiya.net/articles/2012/03/21/202177.html; Al-Arabiya News, March 21, 2012.

   Harling, Tentative Jihad, 1.27..

      إن ائتلاف المجموعات المتمردة، مثل أنصار الإسلام وصقور الشام وعمرو بن العاص أو حتى الفاروق، المعروف بجبهة تحرير سورية، يؤيّد تطبيق الشريعة. أنظر:

      http://syrialiberationfront.org

      الأمر نفسه ينطبق على لواء التوحيد وغالبية واسعة من الأشخاص الذين حاورناهم، المتعلمين منهم أو غير المتعلمين، وأبناء المدن منهم أو أبناء الريف.

    28.حوارات مع ناشط سجنته جبهة النصرة في حلب ومع أعضاء في محكمة المجلس القضائي الموحد في حلب، كانون الثاني/يناير 2013.

    29.حوارات مع أعضاء محاكم أعزاز والباب، كانون الأول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013.

    30. حوار مع عضو في المجلس العسكري في حلب، كانون الثاني/يناير 2013.

    31. حوار مع عضو سابق في جبهة النصرة في حلب، كانون الثاني/يناير 2013.

    32.بسبب ثقافة السرية التي تتبعها جبهة النصرة، من الصعب الحصول على معلومات محددة عن الحركة بدءاً بأصولها ونشأتها. وتعتمد مقالات وتقارير الصحف عن الحركة         في الأشهر الأخيرة على عدد من المصادر والقليل جداً من الملاحظات والمشاهدات المباشرة.

    33.Harling, Tentative Jihad, 11.

    34.حوارات مع رئيس المجلس الانتقالي في حلب، كانون الثاني/يناير 2013.

    35.عضو في جبهة النصرة يتكلّم عن مثل هذا الاجتماع في مقابلة مع مراسل لمجلة Time، 25 كانون الأول/ديسمبر 2012، http://world.time.com/2012/12/25/interview-with-a-newly-designated-syrias-jabhat-al-nusra.

       يتكرّر مصطلح “الحركات الإسلامية” مرات عدة في الحوارات، إلا أنه من غير الممكن التأكد مما إذا كان ائتلافاً موجوداً أو كان هذا المصطلح يستخدم ببساطة للإشارة إلى          المجموعات التي تُعَدّ الأكثر تشدّداً.

   36.حوار مع عضو في محكمة أعزاز وحوار في حي باب الحديد بعد تدمير مقام ديني على يد أفراد لم يكونوا ينتمون إلى جبهة النصرة، كانون الأول/ديسمبر 2013.

   37.جوشوا لانديس يتناول ردّ فعل عدد من اللجان التنسيقية السورية التي عبّرت عن تضامنها مع جبهة النصرة:

      Joshua Landis, “Syrian Militias Establish New Command—Pro-Jabhat al-Nusra Alliance Emerges,” Syria  Comment, December 10, 2012, www.joshualandis.com/blog/?p=16924&cp=all; “Syrian Protesters Slam U.S. Blacklisting of Jihadist Group,” Agence France-Presse, December 14, 2012.

   38.في العام 2003 وكجزء من استراتيجيته في تثبيت نفسه في المناطق الكردية الأخرى، أنشأ حزب العمال الكردستاني وبصورة سرية حزباً مقرباً منه أو بمثابة فرع له هو       “حزب الانحاد الديمقراطي”، في وقت كان فيه الوضع السياسي لحزب العمال الكردستاني في سورية في الحضيض من الناحية العملية.

   39.حوارات عديدة مع ناشطين وأكراد في باريس وأربيل (العراق) ومنطقتي عفرين وكوباني، في كانون الأول/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013، استشهدوا فيها            بعمليات اعتقال وترويع قام بها عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي. أنظر أيضاً موقع:

      www.kurdwatch.org/?aid=2732&z=en&cure=1009

   Peter Harling, Syria’s Kurds: A Struggle Within a Struggle, International Crisis Group Middle East Report no. 136,40.

 January 22, 2013, 15.

    41.حوارات أُجريَت في باريس في أيلول/سبتمبر 2012؛ وأربيل في شباط/فبراير وأيلول/سبتمبر وكانون الأول/ديسمبر 2012؛ وكوباني في كانون الأول/ديسمبر 2012؛        وعفرين في كانون اثاني/يناير 2013.

  42.حوارات مع أفراد من قوات الحماية الشعبية وحزب الاتحاد الديمقراطي ومؤسسات مدنية مختلفة مرتبطة بالحزب المذكور في أربيل وكوباني وعفرين بين كانون الأول/            ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير 2013.

   43.حوارات مع أعضاء حركة “منازل الشعوب – مالا جل”، وبلديات ومدارس ومستشفيات ومحاكم في كوباني، كانون الأول/ديسمبر 2012، وعفرين في كانون الثاني/يناير        2013.

   44.يذكّر هذا الوضع بالوضع الذي ساد بين عامي 1982 و1998 عندما مثّلت سورية ملاذاً لعمليات حزب العمال الكردستاني ضد تركيا.

   45. حوارات مع ناشطين ليبراليين في حلب، وناشطين في الباب، ومقاتلين متشددين من “حزب الأمة” في أعزاز.

   46. لاتزال صحيفة “سورية الحرة” الأسبوعية (www.facebook.com/Syrian.Newspaper.Freedom)، التي توزع 6 آلاف نسخة، تصدر منذ كانون الأول/ديسمبر 2012. اللجنة التي تشرف على تحريرها مستقلة ويدفع أعضاؤها أنفسهم مبلغ الـ1000 دولار الذي يكلفه إنتاج العدد الواحد منها. لكن في غياب التمويل، يبدو مستقبل الصحيفة ملتبساً. ويخشى القائمون عليها من إمكانية أن تسيطر إحدى الجماعات السياسية على الصحيفة من الناحية المالية، والتي أصبحت الآن شهيرة في الشمال، وتؤثّر على خطها التحريري. حوار مع أحد الأعضاء المؤسّسين للصحيفة في مارع في كانون الأول/ديسمبر 2012.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى