صفحات المستقبل

بندقية الممانعة تستجيب لنداء خامنئي بفتح الجبهة المجازية/ روجيه عوطة

 

 

ما عاد معسكر الممانعة مكتفياً بحملاته الإلكترونية المتفرقة التي تصيب خصومه وأعداءه بـ”بوست” أو تغريدة أو فيديو، من دون أن تنتظم في صف مرصوص، وبلا أن تنطلق بالتنسيق والتوحيد والترتيب.

زمن التشتت مضى، فالسيد علي الخامنئي قال إن “الجبهة المجازية تعادل بأهميتها الثورة الإسلامية”، وهذا ما أخذ به جواد، نجل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، مطلقاً “هاشتاغ” الجبهة المجازية ، الذي سرعان ما صار حساباً قائماً بذاته. فالممانعة، وإبن قائدها، تجد نفسها في حاجة إلى ميدان جديد، موازٍ لميادينها الأخرى في الشرق الأوسط، حيث تخوض حروبها وتسعى إلى تحقيق أهدافها. لذا، كان لا بد من فتح جبهتها الإعلامية، في مواقع التواصل الإجتماعي، لا سيما في “تويتر”.

منذ أيام قليلة، فُتحت الجبهة بإعلان “#صرنا_ع_تويتر” الذي يرافقه رسم محدد: سلاح الكلاشينكوف وعلى رأسه طائر “تويتر” الأزرق. فوق التغريدة-الإشهار، كُتب “حيث يجب أن نكون سنكون”. فلا وجود لمجال أو مكان يصعب على الممانعين أن يبلغوه. وفي حال وصلوا إليه، يحولونه إلى موقعٍ لهم، ذلك، بعد أن يسندوا له صفة أو نعت يلائمهم أكثر مما يلائمه.

المجاز، الذي فتحوا به جبهتهم، يعمل بإضافة عناصر التحارب على حساب تغريدي، وإلغاء عناصره التواصلية، التي يتيحها “تويتر”، ليضحى ميدانياً، غايته إطلاق حملات معينة ضد الخصم والعدو. إنه مجاز بالإضافة والإلغاء على حد سواء. أفعاله قريبة من الأفعال، التي تتبعها  التنظيمات السلفية الجهادية لإرهاب “الكُفار” وتهديدهم.

غير أن المجاز الميداني هذا لا يبدأ بـ”تويتر” ويحافظ على أغلب خصائصه. لنقل إنّه يغيّرها على أكمل وجه، وهذه المرة بالتشبيه. ففي إعلان آخر، يغرد الحساب صورةً، يظهر فيها طائر التغريد، وهاشتاغ “#غرد_كمقاوم”، بحيث أن الجبهة لا تريد لمقاتليها أن يكونوا مجرد مغردين، بل عليهم أن ينفذوا الفعل التويتري، التغريد، مثل مقاومين.

هنا، يقع المجاز بالتشبيه ليكون متابع الجبهة، والفاعل فيها، أكثر من مغرد متعسكر،  أي ممانع.. “كما في كل الجبهات”. والحق، أن هذا المجاز يُجَهز في ما قبل “تويتر”، يعني قبل مرحلة التغريد كمقاوم، تماماً مثلما تدل صورة أخرى، نشرها الحساب، ويظهر فيها أكياس رمال (دشمات) على طرف “لابتوب”.

فإذا كان المجاز لا يظهر في “تويتر”، أو في باقي مواقع التواصل الإجتماعي فقط،  فذلك، لأنه موجود قبل لحظة استخدامها، وبلا أن يؤلف على حاله، بالإضافة والإلغاء أو بالتشبيه، بل بطرق أخرى، بالإعلام الحربي وبالإشاعة وبالإخبار والعديد غيرها.

أما حين يصل إلى جبهاته الإلكترونية، فيصبح جلياً أكثر، ومتوزعاً وغير مضبوط. هذا، في مرحلة ما قبل “الجبهة المجازية”، التي تؤسس لضبط الحرب في الشبكة العنكبوتية، وتعيين قائد عليها، أي جواد حسن نصرالله، الذي، وأخيراً، وجد موقعه المناسب، خصوصاً بعد معركته مع قناة “الجديد”.

وهنا، ليس غريباً أن تخصص “الجبهة” تغريدةً ضد تلك المحطة التلفزيونية، بوسم “#الجديد_قبضت، #الجديد_سقطت”، فالحرب الإلكترونية، بحملاتها الهاشتاغية، بدأت يوم حل الخلاف في معسكر الممانعة على وقع “عاصفة الحزم”.

على أن الممانعين يلتزمون بتوجيهات الجبهة ومجازها، إذ يأخذون أوامرها على محمل التغريد ضد السعودية بهاشتاغ “#للسعودية_كفى”، وهو مقتبس من خطاب أمين عام حزب الله، ومع الحوثيين في هاشتاغ “#لأجل اليمن”. يأخذون الأمر-الوسم، ويضيفون عليه المُناسب لمضمونه، ليكون تغريدة ممانعة، معروفة العدو. فالمجاز لا يتوقف، يتضاعف أكثر فأكثر.. ومن تغريدة إلى أخرى، ليستوي على حذف أو إفساح أو إرسال، ولتكون مبالغته ضخمة في بعض الأحيان. فالحرب لا توفر للمجاز تأليفه الدقيق، بل تترك للممانع أن يغرد به على سجيته، ولعدوه أن يستعمل المجاز نفسه بشكل معاكس.

إنها حرب المجاز في الشبكة العنكبوتية، والتي قد يتخطاها التغريد لتصبح عنصر نشر لا أكثر ولا أقل، فيشاهد المرء دعاية ساعة يد، وقد وُسمت بـ”#للسعودية كفى”، دون أن يعرف إن كان المهتم بها ممانعاً أم لا. ربما، هذا يندرج في مسار المجاز: أن يتوسع إلى حد إزالة المعنى وكل معنى، ثم استبداله بالممانعة أو عدمها. كأن من المستحيل أن ينضبط المجاز في “تويتر” في جبهة واحدة، حتى لو عادلت ثورة.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى