صفحات المستقبل

بين أنس وعمار… هل حقاً سوريا بخير؟


فايز معراوي

لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه

الدارمي 537

إضاءة أولى…

عمار اسماعيل، اسم جرى تداوله مؤخراً في الصحافة الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي على أنه مؤسس ما يسمى “الجيش السوري الإلكتروني” –كما يدعي- وقائد عملياته.

عمار اسماعيل هذا -إن صح ادعاؤه ذاك- يمارس عبر جيشه الافتراضي عمليات العربدة الإلكترونية هنا وهناك، في محاولات بائسة لتشويه بعض الصفحات الشبكية أو تعطيل بعضها الآخر من خلال ممارسات بدائية تافهة لا ترقى حتى إلى مصطلح القرصنة الإلكترونية.

ما يعرفه هذا القائد المظفر عن ما يتنطع للعمل به يدور في خلد “مؤامرات” تحيكها إدارة “فيسبوك” ضد سوريا عموماً وجيشه الإلكتروني خصوصاً، وألاعيب –على حد تعبيره- تهدف إلى منعه هو وكتائبه من ممارسة ما يرونه حقهم الطبيعي في تخريب أجزاء من “فيسبوك” نفسه! وهذا مستوى من الخبرة في مجال العمل يحسد عليه ولا شك، ولكنه ليس مستغرباً منه وقد أتى يوماً يتبجح بتخريب عدد من المواقع المغمورة التي وصفها بأنها “بريطانية” بدعوى الاحتجاج على السياسة البريطانية المعادية لسوريا، ليتبين بأن قائمة عناوين المواقع تلك التي نشرها (وهي في الواقع ليست مواقع بل عناوين فرعية على مضيف واحد) كانت جميعها تقريباً عناوين “هولندية” كما كان واضحاً من لواحقها، وهي معلومةٌ لا تخفى حتى على فتىً هاوٍ صغير.

أما على المستوى الإعلامي، فكان واضحاً ما يتمتع به السيد اسماعيل من مستوىً أدبي متميز لا يخفى على أحد، والذي توّجَهُ مؤخراً بخطاب التهديد والوعيد الذي وجهه لكاتبٍ عريقٍ ذي باعٍ طويلٍ في الأدب والصحافة هو “حكم البابا” ومدونٍ نشيط له بصماته المتميزة في دعم المحتوى الإلكتروني العربي هو “أنس قطيش”، خطابٍ لم يملك السيد اسماعيل من الملـَكة الأدبية ما يكفي لإكماله –وهو لا يعدو نصف صفحة- دون الاستعانة بتعابير عامية وأخرى بذيئة، هذا بالطبع عدا عن فحوى الخطاب ذاته والذي لا يمكن تصنيفه بأكثر من تهديد علني بالإيذاء النفسي والجسدي لعائلات البابا وقطيش.

إضاءة ثانية…

أنس المعراوي، اسم معروفٌ في الفضاء الإلكتروني منذ أمد طويل. كان أنس من أوائل المدونين السوريين وأكثرهم نشاطاً وأجزلهم قولاً وأرفعهم أدباً وفكراً، ولا أطريه بذاك لأنه ابن عمي بل أترك لكم الحكم عليه بأنفسكم بمطالعة مدونته على العنوان http://www.anasonline.net/

وعلاوةً على أدبياته الكتابية والفكرية، يعتبر أنس المعراوي أحد أهم خبراء التقنية في العالم العربي، وله نشاطاتٌ مميزةٌ ومساهماتٌ جليلة في نشر علومه وخبراته باللغة العربية بدءاً بمجموعة من المقالات التعليمية المتخصصة في أنظمة المصادر المفتوحة وتقنيات الوب المستجدة، والتي نشرها عبر مدونته الإلكترونية المذكورة أعلاه، وليس انتهاءاً بتأسيسه وإدارته لموقع أندرويد العربي، الموقع الأول والأشمل والأكثر فاعلية (ولعله الوحيد) المتخصص بنظام أندرويد والذي أضاف للمحتوى العربي الإلكتروني المتخصص ثروةً حقيقية تلامس حاجات كل من يحمل هاتفاً ذكياً في العالم العربي. http://www.ardroid.com/

لن أتكلم كثيراً عن أنس، لأنه غني عن التعريف. وليس هذا رأيي أنا بل هو حقيقةُ يعكسها زهاء ألفين وئلاثمائة متابعٍ له على تويتر (@anasonline) مهتمين بتغريداته التي تجاوزت التسعة آلاف وثلاثمائة “زقزوقة” حتى كتابة هذه السطور.

مفارقة مؤلمة…

عمار اسماعيل، يحظى في سوريا بدعم رسمي على جميع المستويات، ابتداءاً باستضافة الموقع الرسمي لجيشه الافتراضي على شبكة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، وانتهاءاً بإشادة علنية مباشرة بنشاطاته من قبل السيد رئيس الجمهورية شخصياً.

 أنس المعراوي، معتقل من قبل أجهزة المخابرات السورية منذ 1/7/2011، بتهمة تشغيل كاميرا هاتفه الخلوي في مكان إقامته.

ثم يأتيني من يلومني على التصريح بألمي وغضبي ويقول لي:

سوريا بخير

الحرية لسورية ولأنس معراوي

منذ بداية الثورة أعتقل الآلاف من خيرة شباب سورية، وقبل الثورة اعتقل المئات لأسباب تتراوح ما بين النيل من هيبة الدولة/السلطة ووهن نفسية الأمة، اليوم السلطة لا هيبة لها في نفوس المواطنين بعدما مارست جبروتها وعنفها كله في سفك دمائهم، أما نفسية الأمة فهي بأحسن أحوالها منذ بضعة مئات من السنين.

لم أكتب منذ بداية الثورة عن المعتقلين أو الذين قضوا نحبهم وما بدلوا تبديلا . . لكن الطبيعة الإنسانية تجعلنا دوما نتعاطف ونهتم بالأشخاص الذين نعرفهم، ربما لا أعرف أنس معرفة شخصية، لكنني عرفته في الفضاء الإفتراضي كمدون ومهتم بالتقنية، وهو من الأشخاص الذين لهم الفضل الأكبر في تعريفنا على نظام التشغيل أندرويد، من خلال الموقع الذي أسسه خصيصا لإغناء المحتوى العربي في هذا المجال، مع مجموعة من خيرة الشباب، فضلا عن كونه مدون، بل هو من أوائل المدونين السوريين، وهذا يفرض بطبيعة الحال إحساسا بالمسؤولية إتجاه أحد رفاق هذه الهواية.

قد لا تكون كتابات أنس ومواقفه العلنية من النظام ومن الثورة هي السبب في اعتقاله، بل قيامه بتصوير المظاهرات، وهو هنا ارتكب من حيث يدري إحدى أكبر وأحدث الجرائم في سورية، استنادا إلى حديث الرئيس من أنه لا يعتب على المتظاهرين وإنما كل العتب على من يصور وينشر.

أنس من أوائل الشباب السوري والعربي المهتم بالمصادر المفتوحة وله أياد بيضاء في الدعوة إلى إستخدام برمجيات وأنطمة التشغيل ذات المصدر المفتوح، وقد تعهد بإيصال أي توزيعة من توزيعات لينوكس لأي شخص في سورية، كما أنه حمّل العديد من البرمجيات الممنوعة من قبل الشركات الأمريكية في سورية على مدونته ليتسنى لكل سوريي الداخل الإستفادة منها. له الفضل أيضا في فك حجب موقع التواصل الإجتماعي Linked – in     في سورية من خلال تواصله مع إدارة الموقع وإثارة الموضوع إعلاميا.

البداهة تعتقل السؤال التالي: كيف يسجن شاب مثل أنس، بل كيف يعتقل أي مواطن دون أية أسباب وجيهة ؟

لا جواب سوى أن النظام يفعل دوما ما يجيده، ومصيتنا سابقا/مصيبته وحده حاضرا أنه لا يجيد سوى الإهانة والسجن والتعذيب والتصفية الجسدية مع رعاياه.

في بلدان تقدر وتحترم أبنائها كان سيحظى أنس بكل الدعم والإهتمام، لكن في البلدان التي لا تجيد سوى الهتاف وتصنيم حكامها لا مكان لأنس وأمثاله إلا على الهامش أو في المعتقل.  لهذا ولأسباب أخرى كثيرة يطلب الشعب اليوم حريته  . . يطلب الحرية لسورية وسيتحرر معها انس وكل الآخرين.

تم اعتقال أنس معراوي في تاريخ 1/7/2011 إثر ضبطه متلبسا في جريمة تصوير المظاهرات.

الحرّية لأنس معرّاوي ولجميع المعتقلين

ﻻ نعلم ما هي المكتسبات الناجمة عن اعتقال أنس معرّاوي أو غيره من الشباب، فحتّى لو أردنا أن نترك كلّ مبادئ وأعراف احترام حقّ الإنسان وحرّيته وكرامته جانباً وقررنا أن نبحث عن جانب عملي، عن فائدة برغماتيّة ما، فلن نجدها مطلقاً. ماذا يقدّم استمرار نهج الاعتقال والقمع؟ محاولة الحفاظ على زمنٍ من الصمت والخوف قد انتهى إلى غير رجعة (و يُفترض أن الجميع، نظرياً، يريدونه أن ينتهي)؟

أنس معرّاوي مدوّن سوري شاب، ينشط في مجال التدوين التقني بريادة وتميّز، فهو مؤسس موقع أردرويد الشهير إلى جانب نشاطه في مدوّنته الشخصية -أنس أونلاين- والشبكات اﻻجتماعية. اعتُقل أنس يوم الجمعة، الأول من تموز، في كفرسوسة بدمشق.

ندعو للتضامن مع أنس ومع جميع معتقلي الرأي، وننادي لإعلاء الصوت بالمطالبة بالإفراج عنهم وإنهاء سياسة اﻻعتقال والقمع والكبت اللاعقلانيّة بشكل فوري.

صفحة التضامن مع أنس معرّاوي على شبكة فيسبوك

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=228749287155748&set=pu.228644957166181&type=1&theater#%21/pages/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A3%D9%86%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%88%D9%8A-Free-Syrian-Blogger-Anas-Maarawi/228644957166181?sk=wall

المدونة الشخصية

http://anasonline.net/

للتضامن على تويتر إستخدموا الهاش تاغ FreeAnas#

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى