صفحات سورية

بي بي سي تلتقي في دمشق معارضين سوريين

 


سو لويد روبرتس بي بي سي – دمشق

“يجب أن تبقي الباب والستائر مسدلة “، هذا ما قيل لي بينما جرى اقتيادي الى شقة بغرفة نوم واحدة في إحدى ضواحي دمشق.

“يجب أن تمكثي هنا الى أن تصلك منا رسالة”، قالوا لي قبل أن يتركوني ويغادروا…أحسست بالجوع، فتحت الثلاجة ولكني لم أجد شيئا بداخلها.

“الثورة السورية ترحب بك” قلت لنفسي، ثم استلقيت على حشية على الأرض محاولة النوم.

وخلال الأيام القليلة الماضية نقلت الى ضواحي دمشق مترامية الأطراف لمقابلة نشطاء وقادة المعارضة، لأكتشف أن معظمهم كانوا مختفين من أجهزة الأمن.

سورية مكان خطر خاصة للمطالبين بتغيير النظام، و في الطريق إلى دمشق، أسافر دون تصريح من السلطات للقاء المتظاهرين.

مصطفى، الناشط ذو الأربعين عاما، والذي يقول عن نفسه إنه “محام ثوري”، كان يقيم في ظروف مشابهة لظروفي، في غرفة مستأجرة، بعيدة عن منزله، حيث ستبحث عنه المخابرات هناك.

هو أيضا كان ينام على حشية على الأرض، وكانت لديه طاولة يضع عليها اللاب توب الذي يستخدمه لإرسال تقارير عن الانتهاكات، عدد القتلى والمعتقلين في احتجاجات أيام الجمعة، لمنظمات حقوق الإنسان خارج البلاد.

إخفاء الهوية

وهو لا يأكل بل يدخن بشراهة ككل الذين قابلتهم في سورية، ويداه ترتجفان بينما يشعل السيجارة من الأخرى، ويقول لي :”أهلا بك في بلاد العصاب”.

أما عامر ذو السادسة والعشرين، الصحفي في التلفزيون، فقد كان محظوظا، حيث أعاره أحد أصدقائه شقته.يتذكر كيف كانت حياته مختلفة قبل بضعة أسابيع.

يقول عامر “كنت أعمل مع تلفزيون “العربية”، أعد تقريرا حول الخطاب الأول الذي وجهه الرئيس الى الشعب بعد بدء الانتفاضة. قلت في التقرير إن الاصلاحات التي اقترحها لن تكون كافية للناس. لم يعجبهم ذلك، جاؤوا إلى منزلي وحطموا اللاب توب واقتادوني الى السجن”.

ويمضي عامر قائلا” بعد أن عذبوني وضعوني في زنزانة انفرادية.كانت صغيرة، وأجبرت على الوقوف فيها، حيث لم أستطع الجلوس. ضربوني بهراوات كهربائية. بصقوا علي وقالوا إنني صحفي غبي وانني دمرت مستقبلي المهني”.

رياض سيف

ويبدو أن الرئيس السوري في نظر المعارضةغير متقبل للنقد، فبعد أن تولى الحكم وهو في الرابعة والثلاثين من عمره عام ألفين طلب حينها النصح من نواب المعارضة حول سبل الإصلاح السياسي.

وعندما اقترح البعض إرساء ديمقراطية حقيقية “ألقي القبض عليهم فورا” كما يقولون.

رياض سيف أحد هؤلاء المعارضين يقول” سورية ملك للسوريين وليست ملكا لعائلة الأسد. كفانا تأبيدا لعائلة الأسد. لن يقبل السوريون هذا بعد اليوم”.

وأضاف سيف “بشار الأسد قال لي إنه يريد أن يكون صديقي وطلب مني مساعدته في إجراء الإصلاح”.

وأوضح أنه في ضوء ذلك بدأ الحوار وشكل تجمعا أطلق عليه المجلس الوطني السوري مضيفا” مئة منا كانوا يعقدون اجتماعاتهم في منزلي هذا”.

نظرت حولي فوجدت انها شقة متوسطة الحجم يصعب تصور اجتماع هذا العدد الكبير بها لكن يبدو أن الحاجة كانت ملحة.

ويمضي سيف قائلا” وضعنا خطة لإجراء إصلاح سياسي وإنهاء الفساد ولكن بشار لم يعجبه ذلك، وسجنت لخمس سنوات، وفي عام 2006 سجنت مرة أخرى لعامين ونصف بسبب مطالبتي بالديمقراطية”.

ورغم انه مصاب بسرطان البروستات فإن رياض سيف يحرص على مغاجرة منزلله كل جمعة للمشاركة في مظاهرات الاحتجاج ضد النظام.

مظاهرات الجمعة

باتت تظاهرات أيام الجمعة تخيم على الحياة في سورية- من سيخرج؟ من سيخاطر بالموت برصاص قناصة الجيش؟ وهل سيعودون سالمين إلى منازلهم؟

الناس هنا يقولون إن تجمعا حاشدا في دمشق لن ينتهي كما حدث في ميدان التحرير “بل ستكون مذبحة”.

جندي سوري فر إلى لبنان شرح لنا أوامر الضباط له قائلا ” أمرونا بإطلاق النار بكثافة على العزل. فوجئنا أنهم أمرونا بالإطلاق عشوائيا دون التمييز بين نساء أو أطفال أو رجال عزل أو مسلحين. قتل الكثيرون وكلهم مدنيون عزل”

هذا الأسبوع شهدت دمشق أكبر تظاهراتها حتى الآن، ليس كميدان التحرير في القاهرة, لكن المئات خرجوا للتعبير عن رفضهم لوعود الرئيس الأخيرة بالمصالحة.

وفي النهاية يقول الناس هنا إن حاجز الخوف قد كسر.

البي بي سي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى