صفحات العالم

“تجار السفارة”/حـازم الأميـن

 

 

بناءً على نصيحة رئيس مجلس النواب نبيه بري، التقى السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل عدداً من رجال الأعمال اللبنانيين، الذين يعملون في مجالات عقارية ومصرفية وتجارية، داخل لبنان وخارجه، وخصوصاً في أفريقيا، ونوقشت خلال اللقاء أسئلة رجال الأعمال وهواجسهم، بعدما عمدت الحكومة الأميركية الى تعطيل أعمال بعضهم، أو إلى ملاحقتهم أو التسبب لهم بمشاكل، على خلفية “أنهم يدورون في فلك حزب الله”، وفيما حرص هيل على استثناء رجال أعمال محددين من لقائه، حرص مساعدون له على الاجتماع برجال الأعمال “الشيعة” المستثنين، واتفقوا على آليات للتواصل من “أجل بناء علاقة احترام أساسها الثقة”.

هذا الخبر نشرته جريدة الأخبار اللبنانية في عدد نهار الاثنين الفائت. واللغة المحايدة وغير المُدينة التي كُتب فيها الخبر يؤشر إلى أن قضية الممانعة كلها لم تكن طوال السنوات الفائتة أكثر من انقسام طائفي.

فلنتخيل مثلاً لو أن التجار الذين التقى بهم السفير الأميركي هم من الطائفة السنية وهو التقى بهم بناء على اقتراح من فؤاد السنيورة، أو أنهم موارنة وقد زاروا السفير بناء على نصيحة سمير جعجع! الخبر سيكتب عندها بلغة أخرى. سيكونون “تجار السفارة” وستُفتح ملفات كثيرة في وجههم، ذاك أنهم لم يزوروا السفارة بناء على نصيحة الرئيس بري.

المسألة اذاً في مكان ثانٍ تماماً، إنها في الجوهر الطائفي للنزاع. الممانعة بقضّها وقضيضها هناك، في ذلك المكان لا في غيره. فاليوم ها هي إيران الأم الحنون لهذا الكائن الهلامي، تفاوض وتتنازل وتحصل على أرصدة، وهو أمر سيملي إداء مختلفاً للفروع المحلية للحرس الثوري. سيلتقي السفير الأميركي في بيروت من يشاء. سيزوره قريباً بشارة مرهج ومعن بشور، وستُمتدح “براغماتية” ميشال عون، وربما وجد الجنرال فايز كرم طريقه مجدداً إلى قلب الحزب.

وهل تتخيلون أن قاسم سليماني يحاول التقدم هناك في الموصل على رأس فرقة من الجيش العراقي فيما يتولى سرب طائرات أميركية تأمين الغطاء الجوي له. هذا يجري فعلاً، وسليماني ينشر صوره مع ابتسامة على مساحة وجهه كله.

المفاوضات الأميركية الإيرانية تجري على وقع حماسة محمومة تشتغل في صدور الممانعة. عطش قديم لابتسامة من الامبريالية. من كان يُصدق أن زيارة السفير في عوكر صارت أمراً محموداً. هل تذكرون “شيعة السفارة” وغيرهم من أيتام السفارة.

أولئك الوقحون العملاء الذين زاروا السفارة، من دون إشارة الرئيس نبيه بري، ومن دون أن يُباشر المفاوض الإيراني مساوماته. فلسطين ليست أولوية أيها الوقحون، كان عليكم أن تنتظروا سوق المبادلات. مستقبل بشار الأسد أهم من دولة فلسطين.

الفيتو الأميركي المنتظر في مجلس الأمن على اقتراح الاعتراف بفلسطين لن يكون على طاولة المفاوضات بين واشنطن وطهران في جنيف. الأرصدة الإيرانية المجمدة تتقدم هنا، وحصة إيران في مستقبل سورية أهم. يجب أن يُسخر كل شيء من أجل ذلك. من أجل هذه المهمة تم الاستثمار في الممانعة وفي قيمها.

موقع لبنان ناو

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى