صفحات العالم

تداخل الأدوار في معركة الرقة/ علي بدوان

 

 

بدأت معركة تحرير الرقة المعقل الأبرز لتنظيم «داعش» في سورية، وعملياً لم تبدأ… بدأت بالإعلان عنها إعلامياً فقط من «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، وهي تحالف فصائل عربية وكردية سورية مدعومة من واشنطن.

على أرض الواقع ما زالت معركة تحرير الرقة محدودة من ناحية الفعل والعمليات العسكرية على الأرض. ومرد ذلك يعود لعدة أسباب، أولها تواضع قدرات قوات «قسد» الكردية على فتح معركة واسعة ضد معقل ومركز تَحَشُّدِ تنظيم «داعش»، في تلك المنطقة التي يتوقع أن يجري على أرضها حسم أهم جولات الحرب في سورية، بالرغم من إصرار الولايات المتحدة على دفع الأكراد باتجاه زجهم في معركة الرقة، بل وتشجيعهم، حيث تروّج للموقف القائل بأن القوة الوحيدة التي تتمتع بالقدرة في أي مدى قريب هي «قوات سورية الديموقراطية التي تشكّل «وحدات حماية الشعب» جزءاً كبيراً منها. وتقترح في المرحلة الأولى من العملية، أن يتم عزل مسلحي «داعش» في الرقة عن طريق محاصرتهم، ومن ثم شن الهجوم على مواقعهم في المدينة في المرحلة الثانية. وتعتقد في الوقت ذاته أن عملية تحرير الرقة من «داعش» سيستغرق على الأرجح وقتاً أطول من تحرير الموصل.

والسبب الثاني لصعوبة معركة الرقة هو الموقف التركي، فهو الموقف الحاضر بقوة على مسرح الأحداث في الشمال السوري وعلى تخوم محافظة الرقة. فأنقرة تصنف «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تشكّل العمود الفقري لـ «قوات سورية الديموقراطية» على أنها إرهابية، وتعتبرها امتداداً لـ «حزب العمال الكردستاني»، الذي يخوض عملية تمرد منذ عقودٍ طويلة ضد السلطات التركية، بينما تعتبرها واشنطن أفضل قوة قتالية في سورية. وأن الحالة الكردية بشكلٍ عام غير مؤتمنة من الوجهة التركية.

وثالث الأسباب، أن أنقرة ترى ضرورة تحييد الأكراد في تلك المعركة خشية سيطرتهم على أراض إضافية من سورية على المساحات الفاصلة بين تركيا وسورية، وبالتالي إمكان تشكيل كيان كردي بجغرافية مستقلة، وبالتالي فهي لا تريد رؤية المقاتلين الأكراد الذين يُشكّلون غالبية «قوات سورية الديموقراطية»، فتعزيز نفوذ الأكراد في المنطقة جغرافياً وكيانياً يُثير قلق تركيا.

ورابعها، أن التضارب حول الدور التركي في المعركة، يُدخل معركة الرقة في حالة أكثر تعقيداً من معركة الموصل التي تشارك فيها تركيا بفعالية خلافاً للحكومة المركزية ببغداد، فتركيا تدعم فصائل معارضة تشن هجمات متواترة في شمال سورية ضد تنظيم «داعش» والمقاتلين الأكراد من كل الفصائل والمجموعات في الوقت ذاته، في حين يحظى المقاتلون الأكراد بدعم أميركا التي تعتبر تركيا حليفتها الإستراتيجية. ومقابل ذلك أعربت «قوات سورية الديموقراطية» أكثر من مرة عن رفضها وجود أي دور تركي في الهجوم على الرقة، وزاد على ذلك المتحدث العسكري باسم «قوات سورية الديموقراطية» طلال سلو بقوله: «اتفقنا بشكل نهائي مع التحالف الدولي على عدم وجود أي دور لتركيا أو للفصائل المسلحة المتعاونة معها في عملية تحرير الرقة».

وخلاصة القول، إن الولايات المتحدة، كما يعتقد كثير من المراقبين، بإعلانها «أن الأكراد هم القوة الوحيدة حالياً القادرة على مهاجمة الرقة» تختصر سعيها لتوفير غطاء لدعم فكرة اعتبار سورية دولة فيدرالية.

* كاتب فلسطيني

الحياة

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى