صفحات سوريةغسان المفلح

تزمين الثورة حتى صوملة المجتمع السوري


غسان المفلح

منذ بداية الثورة السورية كنا قلة نبهنا إلى محاولة اطراف دولية واقليمية فاعلة من اجل ادخال الثورة السورية في نفق التزمين التدميري، وكان وسيلتهم لذلك بشكل رئيسي العصابة الحاكمة تحديدا..لأنهم يعرفونها جيدا ويعرفون ماذا تريد؟ يعرفون أن كل سورية وشعبها على اختلاف انتماءاته الدينية والمذهبية والاثنية لاتعني لهم شيئا إلا إذا استمروا في السلطة ونهب البلد ومقدراتها حتى لو تدمرت” الأسد أو نحرق البلد” هذا الشعار كثف سيرة العصابة الحاكمة والكتلة التي معها، في تعاملها تاريخيا مع سورية، وبنت كل اجهزتها وثقافتها بناء على هذا الشعار المقولة التي كانت تتكرر بشكل او بآخر منذ تربع حافظ الأسد على عرش السلطة في سورية 1970ت2. عصابة لاتعرف من سورية سوى أنها مزرعة خاصة، ومن يعمل فيها عبارة عن عبيد يستحقون الموت إذا عصوا الاوامر.

هذه معادلة سورية مع هذه العصابة منذ اكثر من اربعة عقود.. ونسيان هذا الجوهر الاساس لهذه العصابة هو الذي يدخلنا في متاهات التدخلات الخارجية التي تريد تزمين الثورة وتفتيت المجتمع السوري بعد تدمير البلد.. والتزمين ليس فعلا روسيا أو صينيا أو إيرانيا،

بل هو فعلا غربيا بامتياز تشارك فيه بعض الدول الاقليمية، وانجرت له قوى المعارضة السورية عموما في حركيتها التي عملت وفق المثل الشعبي” الاسم كبير والمزرعة خربانة” انجرت لكافة الالعاب التزمينية التي اخترعها ويخترعها ساسة الغرب عموما وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية..

مرة سيناريو يمني ومرة حكومة انتقالية مرة الفريق الدابي ومرة الاخضر الابراهيمي أو كوفي عنان أو الاصفر العربي.. عام ونصف وكل تحركات المجتمع الدولي وخاصة غالبية الاطراف الدولية الفاعلة في مجموعة أصدقاء سورية بزعامة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، كلها تصب في مجرى تزمين الثورة حتى الصوملة..صحيح انهم لن يقبلوا بانتصار العصابة القاتلة والمجرمة، لكن الصحيح ايضا لايريدون سورية بدونهم معافاة، ودولة ديمقراطية طبيعية على حدود إسرائيل. هنا مشكلة الثورة وهنا يكمن السبب في استمرار العصابة الحاكمة في قتل شعبنا وليس الدعم الروسي والايراني كما يتوهم بعضنا وإن كان هنالك دعما، لكن الاساس يكمن في الموقف الغربي. لدينا الآن أكثر من اربعة أو خمسة مشاريع لترتيب بيت الثورة الداخلي عسكريا وسياسيا، وكلها يتم التعب عليها لكن في النهاية كلها تصب في اتاحة المجال لتزمين الثورة وافراغها من محتواها التحرري والأخلاقي والذي احرجهم ويحرجهم حتى اللحظة. الاخضر الابراهيمي يعتقد أنه اكتشف اكتشافا عبقريا عندما يتحدث عن طرفين!! حمولته من فساد العسكر الجزائري وما سببوه ويسببونه للجزائر حتى الآن، لاتسمح له برؤية المعادلة خارج هذا المنظار.. فهو محمول على نظام فاسد فكيف يكون وسيطا نزيها؟

من قال ذلك؟ ولنا في نبيل العربي مثالا يحتذى الذي يصرح بكل فخامة: لا احد يريد التدخل ولا فرض اية حلول مدعومة عسكريا… ولا حتى منطقة آمنة أو ممرات انسانية أو حظر جوي.. التحكم في مسار المساعدات التي تصل للشعب السوري الثائر..اصبح الآن عبئا على الثورة بدل أن يكون عونا لها… وهذا يعود إلى جزء كبير منه إلى فشل جزئي للمجلس الوطني والذي لايزال قادرا على لملمة شرعيته المتآكلة، لكونه الطرف السياسي الأكثر تمثيلا وحركة.. ينتظر مؤتمر المجلس العام الاجابة عن سؤال التزمين هذا وكيفية التعاطي معه…خيار الصوملة بات هو المطروح على الطاولة الآن.. فكيف نواجهه مع شعبنا الذي لايزال في كتلته الغالبة يرفض هذا الخيار ومتماسكا حول وحدته ووحدة مطالبة في الحرية والديمقراطية؟

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى