صفحات العالم

تسليح “الجيش الحر”


إيلي فواز

سخرت قناة “المنار” من وليد جنبلاط غداة سقوط حي بابا عمرو في يد قوات الاسد، وتشبيهه بستالينغراد التي اوقفت المد النازي الى قلب روسيا. نعم انتشت “المنار” للخبر وكأن سقوط الحي اشبه بتحرير القدس، في ازدراء تام لحرمة المأساة الانسانية التي يجسدها هذا الحي. ولكن لما كل الاستغراب؟ الم يكن هو الشعور نفسه الذي دفع تلك الفئة بالذات غداة اغتيال النائب جبران تويني الى توزيع الحلوى في الشوارع إعرابا عن فرحها بهذا العمل الاجرامي؟ كان الشعور انذاك عند تلك الفئة، وما زال على ما يبدو، ان القتل ليس له عقاب، وكأن تجاهل المحكمة خاصة بلبنان قد يلغي قراراها الاتهامي الذي يشير بوضوح الى الجناة. حبذا لو يتعلمون من التاريخ.

بابا عمرو التي تفتخر “المنار” بسقوطه لا يعدو حيا صغيرا حوصر وقصف بوحشية وسادية على مدى اسابيع، لطالما تذوقناها نحن اللبنانيون على ايدي الاسد الاب والابن، حتى يتسنى لكتيبة ماهر الاسد دخوله والتفوق على جماعة قليلة التسليح والعديد. طبعا هذا “الانجاز العظيم” لم يكن ليحصل لو لم يسبقه انسحاب  لكتيبة الاسد الرابعة من الزبداني المحاصرة ايضا، والتي يعاني اهلها من انقطاع في المياه والاكل، والتي ما زالت تقاوم وتنتظر غزوة شبيحة الاسد. ترافقت الاحداث تلك مع اعلان نية الدول الداعمة للثورة السورية وعلى رأسها قطر والكويت مد الجيش السوري الحر بالمال والسلاح.

ماذا يمكننا الاستنتاج من شريط الاحداث هذا؟ اولا ان الكتائب الموالية للاسد لا يسعها القتال على اكثر من جبهة في آن، فهي لتدخل حي بابا عمرو كان عليها الانسحاب من الزبداني. هذا بالطبع مؤشر الى ضعف الموارد البشرية التي يمكن لنظام الاسد الاعتماد عليها في عمليات الابادة، مما يعزز فرضية وجود مقاتلين من ايران و”حزب الله” للدعم والمساعدة. ثانيا ان قوات ماهر الاسد لا تستطيع تحمل التكلفة البشرية لاجتياح المدن الثائرة من درعا الى حمص الى الزبداني الى حلب وغيرها من المدن السورية، لذا تراها تعمد الى سياسة الارض المحروقة من خلال القصف الوحشي على المدنيين واحيائهم، وقطع الامدادات الانسانية عنهم لاجل دفع الجيش السوري الحر الى الانسحاب من تلك الاحياء والمناطق رغبة منه في التقليل من الخسائر الفادحة في الارواح، وهو ما حصل مع بابا عمرو.

من هنا اهمية قرار بعض الدول العربية دعم الجيش السوري الحر بالعتاد والمال، فهذا الامر سيكون له تداعيات على مجريات المعارك في سوريا، لان دعم تلك الدول سيشجع حتما اكبر عدد من افراد الجيش النظامي السوري الى الانشقاق والالتحاق بالتالي بقيادة الجيش السوري الحر، مما قد يمكنها من فتح اكثر من جبهة سيكون من الصعب بل من المستحيل على كتيبة ماهر الاسد مواجهتها كلها في آن. طبعا التسليح الدقيق لعناصر الجيش السوري الحر سيعيق تحرك وتقدم الدبابات الى داخل الاحياء التي يتمترس فيها مقاتلي الجيش السوري الحر.

من الواضح ان الحل العسكري لم يكن يوما لصالح بشار الاسد، وان سقوط حي بابا عمرو بالتالي لم يكن ابدا سقوطا للجيش السوري الحر، ولا ضربة قاضية للثورة السورية، بل هو اضاء على نقاط الضعف لدى الالة العسكرية لآل الاسد. فحتى الساعة ما زالت مدينة حمص تتعرض للقصف حتى بعد سقوط الحي الستالينغرادي.

بالمحصلة لا الاستفتاء المهزلة على الدستور الذي قام به النظام، ولا الادانات الغربية للاسد، ولا الفيتو الروسي او الصيني استطاع ان يضع حدا للحرب العبثية لنظام الاسد على شعبه. للاسف لا افق حل سياسي لازمة سوريا، لن ينفع سيناريو اليمن هناك، وحده السلاح في ايدي الجيش السوري الحر يستطيع ايقاف المجازر وايجاد الحل لمأساة الشعب السوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى