صفحات العالم

تشقلب الدب الروسي.. ولكن!

طارق الحميد
التصريحات الروسية الأخيرة تجاه الأزمة السورية تعني أن الدب الروسي تشقلب فعليا، لكنه لم يقف على أقدامه بعد لنرى ضخامة الحجم الروسي، ومدى تأثير انقلابه! فنحن أمام جملة من التصريحات الروسية التي تقول إن موسكو باتت في مرحلة تموضع لإعادة موقفها تجاه الأزمة السورية.
فهناك تصريحات روسية ليست بالهينة، منها تصريحات الرئيس بوتين، التي قال فيها إن موقف بلاده من سوريا ليس دعما للأسد، وإن مصالح بلاده مع الغرب، وبالطبع العرب، أهم وأكبر من مصالحها مع الأسد. وهناك أيضا الاتفاق الروسي العربي في القاهرة على النقاط الخمس الداعمة لمهمة المبعوث الأممي كوفي أنان، وفق القرارات العربية، التي تقتضي الانتقال السلمي للسلطة في سوريا على غرار اليمن، إلى جانب انتقاد وزير الخارجية الروسي في الدوما (البرلمان الروسي) قبل أيام وتقريعه الأسد بالقول: «جميع نصائحنا، ويا للأسف، لم تترجم إلى أفعال، ولم تتحول إلى واقع عملي في الوقت المناسب، لا بل بالعكس»، ومحذرا بأن «الجمود» يمكن أن «يبتلع الجميع في النهاية»!
وهذا ليس كل شيء بالطبع، فآخر التصريحات الروسية المهمة هو ما صدر عن السيد لافروف أول من أمس في مقابلة تلفزيونية مع قناة روسية، حيث قال وزير الخارجية الروسي: «نعتقد أن الحكومة السورية يجب أن تؤيد مقترحات أنان بسرعة، ودونما تأخير»، مضيفا: «أكرر.. نحن لا ندعم الحكومة السورية. نحن ندعم الحاجة لبدء عملية سياسية. ولعمل ذلك من الضروري أولا وقف إطلاق النار». وقال إن: «الجانب الروسي سيبذل كل ما يمكن بذله من أجل ذلك بغض النظر عن القرارات التي تتخذها الحكومة السورية، والتي بالمناسبة لا نوافق على كثير منها»! هذه التصريحات الأخيرة تؤكد ما كتبته يوم السبت بأن مسؤولا روسيا، أقل درجة من لافروف، قد أبلغ وزيرا سوريا بأنه على النظام الأسدي التجاوب مع مقترحات أنان، وأن موسكو ليست مستعدة لأن تبدو وكأنها حامية «قاتل»!
وعليه، فإن الدب الروسي تشقلب فعليا في موقفه تجاه الأزمة السورية، لكنه لم يقف على أقدامه لنرى حجم تأثيره. والواضح أن الاستدارة الروسية الكاملة ستكون مرهونة بالرد الأسدي على جهود أنان، والتي لا يأخذها طاغية دمشق بمحمل الجد كعادته، وإنما يفاوض على طريقة عادل إمام الشهيرة «سيب وأنا أسيب»، حيث إن النظام الأسدي يشترط أن يسلم الثوار سلاحهم أولا، بينما الغرب يقول إن على الأسد وقف القتل أولا، وتقول روسيا بوقف القتال من جميع الأطراف، أي إن موسكو تقف في الوسط. كل ذلك يعني أن على المعنيين بالمنطقة التواصل مع موسكو أكثر من أي وقت مضى. فإذا كانت روسيا تسمح للقوات الأميركية باستخدام أراضيها، فكيف ستذهب إلى آخر مدى للدفاع عن الأسد؟ أمر لا يستقيم. ولذا، نقول إن الدب الروسي تشقلب، وبقي أن نراه واقفا على أقدامه، لنشهد انقلابا في الأزمة السورية، وأعتقد أننا اقتربنا من ذلك.
الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى