صفحات سورية

تفصيل الدستور على مقاس الديكتاتور


محمد زهير الخطيب

عندما رجع بشار من بريطانيا ليرث الحكم في سورية، تم تعديل السن القانوني للرئيس ليأتي على مقاسه، والدستور الجديد اليوم يعود بالعمر الى اربعين سنة كما كان، فيبقى مفصلا على قياس بشار الذي تجاوز الاربعين من العمر الآن.

وعندما جاء بشار من بريطانيا لم يكن في الدستور الاشتراط على المرشح بأن يكون مقيماً في سورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح، ولو كان هذا الشرط موجوداً لما كان يحق له أن يرشح نفسه، أما الآن بعد أن حقق هذا الشرط فيمكن إضافته للدستور الجديد ليستبعد ترشيح آلاف المناضلين من المعارضة السورية الذين تم تهجيرهم خارج سورية قسراً بالملاحقات والمحاكمات والذين نذروا أعمارهم لنجاح الثورة السورية وعودة الحرية.

وبدل ان تبدأ الفترة الرئاسية مباشرة بعد اقرار الدستور الجديد فان الدستور الجديد -بشيء من الغرابة- يعطي للرئيس الحالي فرصة اتمام مدته الحالية إلى عام 2014م، ثم يعطيه فترتين كل واحدة منهما سبع سنوات، فسيحكم بشار بالدستور حتى عام 2028م وبعدها يكون حافظ ابن بشار قد بلغ العشرين فيمكن تعديل السن القانوني للرئيس إلى سن العشرين على قياس حافظ الثاني ابن بشار، أو أن يخرج بشار لدورة واحدة من الحكم –لصالح اخيه ماهر مثلاً- ثم يعود رئيساً لمدة 14 سنة اخرى!!! ومثال هذا ما يحاول أن يفعله صديقه الحميم الرئيس المخابراتي الروسي بوتين.

كما أن الدستور الجديد المقترح يجعل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية بيد الرئيس الضرورة، ويعطيه صلاحيات حل البرلمان وسن القوانين وتعيين أعضاء المحكمة الدستورية بل ورئاسة السلطة القضائية، ويضمن إعفاءه من أي محاسبة أو مسائلة إلا في حالة الخيانة العظمى التي وضع شروطاً تعجيزية لاثباتها، فالمادة 117 تعطي الرئيس حصانة مطلقة فتنص: “رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى و يكون طلب اتهامه بقرار من مجلس الشعب بتصويت علني و بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بجلسة خاصة سرية و ذلك بناء على اقتراح ثلث أعضاء المجلس على الأقل و تجري محاكمته أمام المحكمة الدستورية العليا”. هذه المحكمة الدستورية العليا وبحسب المادة 140 من الدستور المقترح يتولى الرئيس تسمية أعضائها السبعة، فيما تنص المادة 133 على أن الرئيس هو من يَرأس مجلس القضاء الأعلى!!!

وعلى كل حال فان الشعب السوري بحاجة الى رفض مشروع الدستور الجديد جملة وتفصيلاً، اولا لأنه يأتي من جهة فقدت شرعيتها السياسية والاخلاقية إن كان لها شرعية أصلاً، وثانياً لأنه يأتي تحت أعمال القتل والقصف والتشبيح الذي تمارسه عصابات الاسد على الشعب السوري، وثالثاً لانه لا يناسب سورية المستقبل، وما يناسب سورية المستقبل هو دستور برلماني وليس رئاسي ليغلق باب الاستبداد ويجفف مستفقعات الظلم والفساد.

وانظمة الحكم في العالم متنوعة، ملكية، وملكية دستورية، وبرلمانية، ورئاسية… وشكل الحكم في سورية من أشكال الحكم الرئاسي، ولكنه نموذج فريد للتحايل على الشعب واعطاء صلاحيات خيالية للرئيس -القائد الملهم- حتى اصبح المتصرف الاوحد بالسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.

لقد عانت سورية كثيراً من شكل الحكم الرئاسي المطلق الجائر الذي احتكر الصلاحيات وحول مجلس الشعب الى دمى وحول القضاء الى مسخرة، وحول الوزراء الى موظفين تنفيذيين يتلقون تعليماتهم من مكتب رئاسة الجمهورية او فروع المخابرات المتعددة.

جاء الوقت ليقول الشعب كلمته بانه يريد حكما برلمانياً وليس رئاسياً، منصب الرئيس فيه رمزي وصلاحياته محدودة.

وهذه فكرة عن نموذجي الحكم البرلماني والرئاسي،

النظام البرلماني (مثل بريطانيا وكندا واسبانيا وتركيا…)

رئيس الدولة منصبه شرفي وفخري ورمز لوحدة البلد، ويوجه النصح والارشاد لاجهزة الدولة، ويتم اختيار الحكومة من حزب الأغلبية في البرلمان فتمارس السلطة الفعلية وتكون مسؤولة عنها أمام البرلمان، كما ان مسؤولية الحكومة تضامنية وهي مسؤولية سياسية تتمثل في وجوب استقالة كل حكومة تفقد ثقة البرلمان، بينما في النظام الرئاسي لا وجود لحكومة متجانسة متضامنة في المسؤولية.

وتقام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية علاقة تعاون وتوازن أبرزها حق الحكومة في الدفاع عن سياستها أمام البرلمان، والمشاركة في العملية التشريعية بما يمنحه لها الدستور من حق اقتراح القوانين والتصديق عليها، أما الرقابة المتبادلة فأبرز مظاهرها حق البرلمان في سحب الثقة من الحكومة ويقابله حق الحكومة في حل البرلمان.

ورئيس الدولة هو الذي يدعو لإجراء الانتخابات النيابية وهو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء ويقيلهم ولكن حقه مقيد بضرورة اختيارهم من حزب الأغلبية في البرلمان- ولو لم يكن رئيس الدولة راضياً- فالبرلمان هو الذي يمنح الثقة للحكومة.

النظام الرئاسي (النموذج الاميركي)

يقوم النظام الرئاسي على حصر السلطة التنفيذية بيد رئيس الدولة كما يقوم على الفصل التام بين السلطات فرئيس الدولة منتخب من قبل الشعب مالك السلطةا، ويرأس رئيس الدولة الحكومة ويمارس سلطاته بنفسه وهو الذي يختار وزراءه الذين يقومون بتنفيذ السياسة العامة التي يرسمها لهم.

ومن أهم مظاهر الفصل بين السلطات حرمان السلطة التنفيذية من حق اقتراح القوانين وحرمان الوزراء ورئيس الدولة من الاشتراك في مناقشات البرلمان وحرمانهم أيضا من حل المجلس النيابي، ويقابل ذلك حرمان البرلمان من حق سحب الثقة من الرئيس أو وزرائه.

وهناك النظام شبه الرئاسي

ويكون فيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكان في تسيير شؤون الدولة. ويختلف هذا النظام عن النظام البرلماني في أن رئيس الجمهورية يتم اختياره من قبل الشعب. ويختلف عن النظام الرئاسي في أن رئيس الوزراء مسئول أمام البرلمان ويستطيع البرلمان محاسبته وعزله إذا أراد.

وهذا النظام يعطى لرئيس الجمهورية حق حل مجلس الشعب والمطالبة بانتخابات جديدة للمجلس بشرط ألا يسيء استخدام هذا الحق. بمعنى لا يجب على رئيس الجمهورية المطالبة بانتخابات جديدة للمجلس أكثر من مرة واحدة في كل سنة. ومن جهة أخرى يمكن للجمعية الوطنية فصل رئيس الوزراء أو أي وزير آخر عن طريق سحب الثقة منهم. كما أن لرئيس الجمهورية الحق في فرض قانون الطوارئ والحق في استفتاء الشعب في قضايا يراها هامة ونتائج هذا الاستفتاء لها قوة القانون في الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى