صفحات العالم

تقدم البيلدوزر الروسي وانحسار الدور الأميركي جعلا السعودية في الصف الأول من المواجهة/ أندريه مهاوج

 

 

تنبئ زيارة المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ الى الرياض خلال الايام المقبلة بوجود رغبة دولية بإعادة اطلاق محادثات السلام ، وتهدئة محاور الصراع على النفوذ بين قوى اقليمية ودولية ، على اراضي العراق وسوريا وليبيا . لا يمكن فصل المسعى الدولي الجديد في اليمن عن جملة معطيات فرضتها مفاعيل الاتفاق النووي مع ايران التي افرزت واقعا جديدا في التعاطي الدولي مع شؤون المنطقة.

لقد اعاد هذا الاتفاق رسم التحالفات والشراكات الاقليمية والدولية،فتحولت ايران من خصم للغرب الى شريك اساسي في تسوية شؤون المنطقة ، ولم يعد الاعتماد الغربي وتحديدا الاميركي على دول الخليج في مقدمها المملكة العربية السعودية .

لم تعد طهران راس الحربة في محور الشر فأصبحت قوة سياسية وعسكرية يعتمد عليها في محاربة الارهاب ، ولم تعد طهران مصدرا مغلقا امام مد الغرب بالنفط ولا سوقا محظورة على الاستثمار الاجنبي . رأت انظمة دول الخليج في هذه المعطيات انحسارا لأهمية شراكتها الاستراتيجية التي كانت قائمة مع الغرب منذ اكثر من خمسة عقود ، فدفعتها قراءتها للمعطيات الجديدة الى الانتقال الى موقع الهجوم بناء على مؤشرات امنية وسياسية اعتبرها مصدر قلق لها .

المعطى الاول في القراءة الخليجية للتطورات الدولية جاء من الولايات المتحدة الاميركية . فإدارة الرئيس باراك اوباما التي انسحبت من السياسة الخارجية مع بدء العد العكسي للانتخابات الرئاسية ، كانت اتخذت خيار الانسحاب من ادارة الازمات التي فتحتها ادارة جورج بوش ، كما حصل في افغانستان والعراق ، وقلصت اهتمامها بشؤون المنطقة على حساب اندفاعها في السنة الماضية نحو جيرانها في اميركا الجنوبية أي كوبا او نحو اسيا أي الصين واليابان ، بعدما تمكنت من طي مرحلة الصراع مع طهران .

استشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الانحسار وقرر ملء الفراغ الاميركي بإعادة احياء تحالفات الاتحاد السوفياتي السابق مع النظام السوري موسعا نفوذه في المنطقة ليشمل ايران والعراق .

في اليمن ، اتضحت استحالة استمرار الحرب في عمق الشمال وتعالت انتقادات دولية للقصف الجوي الذي تنفذه طائرات التحالف بقيادة السعودية ووجدت المملكة نفسها مضطرة للاعتراض وحيدة في مجلس الامن على مشروع قرار يندد بالهجمات على المدنيين.وها هي تواجه الان محاولات المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن لاعادة اطلاق محادثات السلام تحت مظلة اشتراط الحوثيين وقف القصف للعودة الى طاولة المفاوضات .

يراهن الحوثيون وعلي عبد الله صالح ومعهم من يدعمهم في طهران على تحولات شبيهة بتلك التي حصلت في سوريا تقوي موقعهم في أي اتفاق نهائي . جرائم الحرب التي لم تبرى القوانين الدولية ايا من طرفي النزاع اليمني من ارتكابها اضافة إلى تعاظم وجود الجماعات الإرهابية في اليمن ، قد تصبح من العوامل الرئيسية الداعية إلى وقف القتال والعودة إلى طاولة المباحثات، حتى لا تتحول اليمن إلى ليبيا ثانية .

لقد بنت ايران استراتجية تنفيذ مشروعها السياسي في المنطقة على قراءة صحيحة للمعطيات الانفة الذكر، معتمدة على قوى محلية متفانية في خدمة هذا المشروع الذي حصنته بغطاء دولي من روسيا والصين في حين اختارت المملكة السعودية الانكفاء الى الصف الثاني مطمأنة الى غطاء حليفها الاميركي .، لتجد نفسها الان مضطرة الى تولي المواجهة من الصف الاول عندما بدل الحليف اولوياته .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى